الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

أتاتورك وفلسطين والمقدّسات الإسلامية… بين الميدان والوثائق المُسرّبة

عبد الناصر القادري *

عند التاسعة وخمس دقائق من صباح يوم 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1938، تُوفي مصطفى كمال أتاتورك، مؤسّس الجمهورية التركية، في لحظةٍ ما زالت تمثّل أهميّةً كُبرى لدى قسمٍ كبيرٍ من الشارع التركي، الذي يقف دقيقةَ صمتٍ سنوياً، تخليداً لذكرى وفاة الرجل الأبرز في تاريخ الدولة. وبعد قرابة عشر سنوات من ذلك التاريخ، وتحديداً في 14 مايو/ أيار 1948، أُعلِن قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين المحتلّة، فيما يُعرف بـ”النكبة”. اعترفت أنقرة بـ “إسرائيل” في 28 مارس/ آذار 1949 بحكم الأمر الواقع، وصُودِق على ذلك باعترافٍ قانوني رسمي في 12 مارس/ آذار 1950.

صورة يظهر فيها الفريق الثاني قائد الجيش مصطفى كمال باشا أتاتورك، وقائد مجموعة جيش القوقاز عزت باشا، وقائد الجيش السادس خليل باشا، في اجتماع قادة الجيش الذي عقد في حلب (24.6.1917 موقع وثائق التاريخ التركي)

بعد الحرب العالميّة الأولى عام 1914، كان يُعاد ترتيب العالم كلّه، وتشكيل دوله. إمبراطوريات صاعدة وأخرى تتراجع، قوىً تزدادُ توسّعاً وأخرى تضمحلّ وتنتهي. نجمُ كمال باشا يلمع، رجلاً طموحاً وموهوباً على درايةٍ كاملةٍ بواقعِ الدولة العثمانيّة وقوّتها، عرف كيف يقتنصُ فرصته مُغتنماً الرياح التي هبّت.

وثائقُ قليلةٌ جداً توضّح موقف مصطفى كمال باشا من قضيّة فلسطين، التي ما زالت ترسم معالم السياسات الإقليميّة والدوليّة إلى اليوم، تلك الأرض التي قاتل فيها ضدّ الاحتلال البريطاني إبّان الحرب العالميّة الأولى لإبقائها ضمن سيطرة الدولة العثمانية، التي كانت تتآكلُ شيئاً فشيئاً، مع تقدّم الإنكليز وسيطرتهم على أجزاء واسعة من الإمبراطورية مترامية الأطراف، ومدى اهتمام مؤسّس الجمهورية التركية باسمه الجديد “أتاتورك” في فلسطين، بما تحمله من رمزيّةٍ كبيرةٍ في تركيا والعالم الإسلامي كلّه.

الثابتُ تاريخياً أنّ الزعيم التركي لم يكن يريد ترك الأراضي العربيّة بسهولةٍ لبريطانيا وفرنسا، خصوصاً مع معركة الاستقلال التي خاضها لضمِّ أكبر قدر ممكن من الأراضي إلى الجمهوريّة التركيّة الوليدة. وعند البحث في تاريخ أتاتورك والمنطقة العربيّة، في الأرشيفَين العثماني والتركي، تُشير المصادرُ إلى أنّ الدولة العثمانيّة خاضتْ معاركَ في عدّة جبهاتٍ خلال الحرب العالمية الأولى، كان مصطفى كمال باشا حاضراً في العديد منها، وهي “الجبهة الشرقية (القوقاز)، وجبهة جاليبولي، والجبهة الغربية (غاليسيا، رومانيا، مقدونيا)، والجبهة الجنوبية (قناة السويس، فلسطين، سورية، الحجاز، اليمن، العراق).

ويُؤكّد مؤرخون أتراك أنّ مصطفى كمال باشا خدم قائدَ فرقةٍ، وقائدَ فيلقٍ، وقائدَ جيشٍ في جبهاتٍ متعدّدةٍ، أهمّها جاليبولي والقوقاز، وفي فلسطين وسورية، وقبل ذلك في ليبيا أيضاً .

قائد معركة العثمانيين الأخيرة في فلسطين:

مع اشتدادِ ساحاتِ الحرب، وبدء الجيش البريطاني بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية، أسّستِ الدولة العثمانية، بقيادة وزير الحربية أنور باشا، مجموعةَ “جيوش يلدريم”، للقتال في الجبهاتِ المُختلفة، بما في ذلك فلسطين، وعيّنت الجنرال الألماني إريش فون فالكنهاين قائداً ميدانياً لها. في الوقت نفسه، عيّن أنور باشا، مصطفى كمال باشا قائداً للجيش السابع في فلسطين تحت إمرة فالكينهاين، مع طلب التعاون معه في معركةٍ ستكون الأكبر في تاريخ الدولة العثمانية في حدودها الجنوبيّة.

صطفى كمال أتاتورك مع قيادات عسكرية في إزمير (الأناضول)

لم يكن مصطفى كمال باشا وحيداً هنا، بل ضمّت المعركة كلّاً من عصمت إينونو (رئيس وزراء تركيا ورئيسها لاحقاً)، ومصطفى فوزي جاقماق، وعلي فؤاد، ورفعت بيلي، وفخر الدين ألتاي باشا، الذين سيشكّلون فرقة الاستقلال الوطني التي ستؤسّس الجمهورية التركية بشكلها الحالي. كان مصطفى كمال باشا يرى أنّ الدفاع أفضل من الهجوم، إلّا أنّ اشتداد الخلافات بينه وبين فالكينهاين وصلت طريقاً مسدوداً، وأرسل خطاباً يشرح فيه رؤيته في وثيقةٍ ما زالت موجودة في الأرشيف التركي إلى اليوم، قال فيها: “مسؤوليتنا العسكرية في كلّ من سورية (تشمل سورية والأردن وفلسطين ولبنان) والحجاز يجب أن تكون في يد أحد أبنائنا، القيادة على جبهة سيناء يجب أن تكون لواحد منا. إنّ الطريقة التي يقود بها الألمان المعركة تتعارض مع مصالح بلدنا. نحن لسنا ضعفاء لدرجة أنّنا لا نستطيع أن نقرّر بأنفسنا في معركة الحياة أو الموت هذه” . ثمّ استقال مصطفى كمال باشا من منصبه وعاد إلى إسطنبول.

أدّت هزائم جيوش يلدريم المتتالية في السويس المصريّة وغزّة الفلسطينيّة إلى استبدال المشير ليمان فون ساندرس بفالكينهاين، بتاريخ 25 فبراير/ شباط 1918، وفي 7 أغسطس/ آب 1918عيّن مصطفى كمال مجدّداً قائداً للجيش من السلطان محمد السادس.

هاجم البريطانيون الجيش العثماني في غزّة بقصفٍ عنيفٍ من البرّ والجوّ والبحر، واستخدم البريطانيون الدبّابات للمرّة الأولى، وتكبّد الجيش العثماني خسائرَ فادحةً لأنّه لم يعد يتمتّع بقدراتٍ كافيةٍ من الناحية الفنيّة.

خاضَ الجيش العثماني معارك ضارية في تخوم غزّة، وانسحب باتجاه نابلس. وحدثتْ آخر معركة ضخمة في فلسطين، حيث انسحب الجيش العثماني باتجاه درعا، إلّا أنّ القتال استمرّ وبدأ الجيش العثماني يخسر المزيد من القوات والمدن.

وصل مصطفى كمال باشا إلى دمشق مساء 29 سبتمبر/ أيلول 1918، وأرسل تقريراً إلى القيادة العامة العثمانية عن العمليات العسكريّة التي جرت في العشرة أيام الماضية منذ بداية معركة نابلس، في 19 سبتمبر/ أيلول 1918 وحتّى 29 سبتمبر/ أيلول 1918 من العام نفسه، موضّحاً أسباب الانسحاب التكتيكي الذي اتخذه بناءً على المعطيات العسكرية التي وصلته.

نص أوردته صحيفة حكومية هندية عن خطاب أتاتورك بخصوص فلسطين (صحيفة سوزجو التركية)

في 30 سبتمبر/ أيلول 1918، انسحبتْ قوات الجيش العثماني من دمشق وبدأت التحرّك نحو حلب. في 1 أكتوبر/ تشرين الأوّل 1918، دخل الإنكليز دمشق، وانتهى الحكم العثماني فيها بعد حكمٍ استمرّ 400 عام (من 1516 وحتّى 1918). مع انسحاب الجيش العثماني شمالاً تحرّكت القوّات البريطانية باتجاه حلب، ممّا شكّل تهديداً لجنوب الأناضول بشكلٍ مباشر.

كانتِ المعركة الأخيرة على الجبهة الفلسطينية صعبةً جدّاً للقوات العثمانية، إذ واجهوا ضغطاً كبيراً من القوات البريطانية. تراجعُ القوّات إلى دمشق، ثمّ حلب، كان ضرورياً للبقاء في قيد الحياة، وفق التقرير الذي أرسله أتاتورك إلى القيادة العامّة في إسطنبول. كانت الخسائر كبيرة جدّاً في معارك فلسطين والأردن وسورية، وخسرت الدولة عشرات الآلاف من جنودها بين قتلى وجرحى ومفقودين وأسرى. وفي 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1918، أشرف الجيش السابع على التصدّي الأخير للهجمات في شمال حلب، بمشاركة 2500 جندي فقط.

في المحصّلة، أدّى انهيار جبهة فلسطين وسورية إلى انهيار جبهة العراق لاحقاً، وإنهاء قدرة الدولة العثمانية في مواصلة الحرب. وسبّبت الهزائم على جميع الجبهات تكبّد الجيش العثماني خسائرَ فادحةً، ووقوع عدد كبير من جنوده في الأسر. كما قاد هذا الوضع إلى احتلال الأراضي العثمانية من الجيوش البريطانية والفرنسيّة والإيطالية والروسية واليونانية. بعد سنواتٍ قليلةٍ عملت قوات الاستقلال الوطني بقيادة مصطفى كمال باشا لشنِّ هجماتِ التحرير ضدّ الاحتلال الغربي في منطقة الأناضول، وعبّدت الطريق لتأسيس جمهوريته الجديدة.

يهود في جمهورية أتاتورك:

خاضَ مصطفى كمال باشا معاركَ ضاريةً في الأناضول والساحل الغربي للبلاد، ووسّع حكم الدولة، وعاد إلى أنقرة، ونقل العاصمة إليها، وألغى حكم السلطنة العثمانية، ثمّ أعلن قيام الجمهورية التركية عام 1923، ثمّ ألغى الخلافة الإسلامية عام 1924، ومع ازدياد قوّته ونفوذه في الدولة، لقّب نفسه بـ”أتاتورك” (أبو الأتراك). في ذلك الوقت، كانت فلسطين من نصيب بريطانيا ضمن قسمة “سايكس بيكو”، مع الأردن والعراق، وعلى الحدود الجنوبية الناشئة كانت فرنسا قد أحكمت سيطرتها على سورية بما في ذلك لبنان.

كان ترتيب البيت الداخلي وتثبيت الحكم الجديد في الجمهورية الوليدة هو الأولوية القصوى لأتاتورك، محاولاً الاستفادة من تراجع قوّة الإمبراطوريات التقليديّة الفرنسيّة والبريطانيّة وصعود نجم هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا وجوزيف ستالين في الاتحاد السوفييتي.

كانت الدولة العثمانيّة ملاذاً تاريخياً لليهود الفارّين من أوروبا وروسيا لقرونٍ طويلة، وفي زمن الجمهوريّة انخرطوا في المجتمع الجديد، وأشاد بهم أتاتورك في مؤتمر إزمير الاقتصادي في 2 فبراير/ شباط 1923، قائلاً: “لدينا بعض العناصر المخلصة التي تقاسمت المصير مع الأتراك، وهم العنصر المهيمن، خاصّة اليهود، الذين عاشوا حياةً مزدهرةً، حتّى الآن، وسيعيشون في رخاء وسعادة من الآن فصاعداً، كما أثبتوا ولاءهم لـ (هذه الأمة وهذا الوطن)”. لكن في عام 1934، وفي ظلِّ السياسات الأوروبيّة العنيفة ضدَّ اليهود لدفعهم إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة، اندلعت أعمال نهب ضدَّ اليهود في مدن جناق قلعة وكركلاريلي وأدرنة. واتخذت الدولة احتياطاتها لوضع حدٍّ لهذه الاعتداءات وأصدرت بياناتٍ تُفيد بأنّ اليهود تحت حمايتها. وعلى الرغم من هذه الإجراءات كلّها، هاجر السكّان اليهود في المنطقة إلى إسطنبول، كما رحّبت الحكومة التركية باستقبال الهاربين اليهود من ألمانيا النازية في ذلك الوقت، إلّا أنّ الهجرة كانت تتمّ إلى الأراضي الفلسطينية بكثافةٍ وبخططٍ مدروسةٍِ.

كيف كانت فلسطين في أرشيف الجمهورية؟

وفي خضمّ تلك التعقيدات الداخليّة والدوليّة، كانت المنطقة العربية على هامش اهتمام زعيم الجمهورية التركية الذي فضّل أن يكون أقرب للغرب في تلك المرحلة، رغم ما تكشفه الوثائق من تقاريرَ كانت تصل أنقرة بخصوص فلسطين.

ففي تقريرِ القنصل السابق للجمهورية التركية في القدس، حسن رشيد فولكان، المؤرّخ في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1932، كشف القنصل معلومات مهمّة عن تعدادِ العرب المسلمين واليهود والمسيحيين في فلسطين، إلى جانب الإشارة إلى زيادة أرقام الهجرة اليهودية. كان هذا التقرير قبل وفاة أتاتورك بـخمس سنوات تقريباً، وبيّن فيه القنصل أنّ “في فلسطين يوجد 800 ألف عربي، و180 ألف يهودي، و200 ألف مسيحي، وأشخاص من ديانات متنوّعة. العرب لا يرغبون في ازدياد عدد اليهود في البلاد”. متوقّعاً أن تصل أعداد اليهود إلى 500 ألف، حيث يُنقَل 15 – 20 ألف مهاجر يهودي سنوياً من دون لفت الأنظار عبر الصحافة.

وأكّد القنصل التركي السابق، أنّه يوجد في فلسطين مليونا دونم من الأراضي القابلة للزراعة، 600 ألف دونم منها فقط بأيدي اليهود. ولفت إلى أنّ سياسة البريطانيين في فلسطين جعلت اليهود أقلّ عدداً، ولكن مهيمنين اقتصادياً، ولديهم نفوذ واسع مع ضعف المسلمين العرب والمسيحيين، محذّراً من أنّه “إذا أصبح اليهود أكثر هيمنةً عدديةً وقوّةً اقتصاديةً فقد يطالبون بالاستقلال مستقبلاً”. القنصل تحدّث كذلك عن انتشار الجيش البريطاني في الأراضي الفلسطينية، موضّحاً أنّ “فلسطين تُعدّ نقطةً عسكريةً بريطانيةً تجاه مصر والحجاز والعراق، وحتّى الهند. وهي محطّة على طريق الجو إلى الهند. ومن الممكن أن تكون بدايةً لخطّ سكك حديدية يصل إلى الهند. مدينة حيفا الساحلية تُشكّل موقعاً محصّناً بشكل كبير، وسيتم نقل نفط العراق إليها”.

“لا يمكن المساس بها”… هل قال أتاتورك ذلك؟

تُظهِر وثيقةٌ أخرى مهمّةٌ من الأرشيف الوطني التركي رسالةً أرسلها وزير الداخلية آنذاك، شكري كايا، إلى رئاسة الوزراء، يُذكر فيها أنّ صحيفة The Bombay Chronicle الهنديّة نشرت في 27 يوليو/ تموز عام 1937 مقالاً بعنوان “لا يمكن المساس بفلسطين. كمال باشا يحذر أوروبا: الأتراك لن يقبلوا السيادة الأجنبية على الأراضي المقدّسة”. الصحيفة التركية Hakimiyet-i Milli نقلت عن خطابٍ لكمال أتاتورك في الجمعية الوطنية التركية الكبرى، حيث قال إنّه “إذا كانت فلسطين ستصبح مركزاً للعمليات في الطريق للجزيرة العربية، فإنّ الأتراك لن يقبلوا أيّ إساءة للعرب فيها. نحن ندرك تماماً الفوضى والاستياء الموجود بين العرب. ابتعدنا عن العرب لبضع سنوات، ولكن الآن بعدما أصبحنا واثقين من أنفسنا ونعرف قوّتنا، لن نسمح بأن تقع الأماكن المقدسة في الإسلام تحت سيطرة اليهود والمسيحيين. نقول إنّنا لن نسمح بأن تكون هذه الأماكن ملعباً للاستعمار الأوروبي. اتُّهمنا بأننا ملحدون وغير مكترثين بالإسلام، ولكنّنا على استعداد لسكب دمائنا اليوم لتحقيق آخر أمنية للنبي، وهي أن تظلّ الأراضي المقدّسة تحت السيادة الإسلامية دائماً. نحن اليوم، بفضل الله، أقوياء بما يكفي لنعلن أنّنا لن نسمح بوجود أيّ سيادة أو نفوذ أجنبي في الأراضي التي قاتل أجدادنا من أجلها تحت قيادة صلاح الدين (الأيوبي). ليس لدينا شكّ في أنّ العالم الإسلامي سيهبّ ويقوم بأفعال عند أوّل خطوة لأوروبا للسيطرة على هذه الأماكن المقدسة”.

وعن تلك الوثيقة قال المؤرّخ التركي أوميت دوغان: “بادئ ذي بدء، الوثيقة حقيقية. إنّها وثيقة مسجّلة في أرشيف الجمهورية. وينصّ محتوى الوثيقة على أنّ أتاتورك ألقى خطاباً في الجمعية الوطنية الكبرى التركية ذكر فيه أنّ الأتراك لن يسمحوا للأوروبيين بالهيمنة على فلسطين، وأنّ الأراضي المقدّسة لا يمكن التخلّي عنها لليهود، وأنّ هذا الخطاب نُشر في الصحافة التركية”.

بناءً على تصريحات أتاتورك عن فلسطين التي نقلتها صحيفة حكوميّة هندية، توجهت صحيفة The Manchester Guardian البريطانية إلى السفارة التركية، وطلبت توضيحاً مكتوباً عمّا إذا كانت هذه التصريحات قد صدرت بالفعل عن أتاتورك. أرسلت السفارة رسالة إلى وزارة الخارجية، التي أعدّت ردّاً وأرسلته إلى السفارة. وجاء الردّ للصحافي كالتالي: “مسألة تقسيم فلسطين لم تُناقش في جمعية الأمم المتحدة، ولم يُدلِ رئيس الجمهورية أتاتورك بأيّ تصريحات حول هذا الأمر في البرلمان، كما أنّ صحيفة Hakimiyet-i Milli التي يُزعَم أنّها نشرت هذه التصريحات غير موجودة في تركيا”. بعضُ المصادر أكّدت أنّ أتاتورك ذكر ذلك في البرلمان التركي، وقد حقّق الهدف المرجو من تلك التصريحات داخلياً. لكن لا يمكن التأكّد فعلياً من صحّة ذلك.

خاتمة:

لطالما عملت الدعاية الإسرائيلية على تقديم شخصيّة أتاتورك على أنّه أحد الداعمين لنشوء الدولة اليهودية من خلال تأكيد أنّ ثورته الفكرية والعلمانية القاسية كانت مشابهة لمسيرة ديفيد بن غوريون مؤسّس إسرائيل، وأوّل رئيس وزراء لها، على الرغم من إعلان قيام إسرائيل بعد وفاته بنحو عشر سنوات. كما يزعم الباحث الإسرائيلي في معهد “ميتم”، أنّ أتاتورك وبن غوريون التقيا في إسطنبول قبيل الحرب العالمية الأولى، وإن لم يكن هناك أيّ مصدر آخر يُؤكّد ذلك اللقاء، بين مؤسّس الجمهورية التركية وبن غوريون، الذي درس في جامعة إسطنبول، ثمّ اختفى بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى.

* كاتب سوري

المصدر: تلفزيون سوريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.