الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

“إيلون ماسك” الخارج عن السيطرة.. كيف يمكن كبحه؟

ياسمين عبداللطيف زرد *

نشرت منصة Substack الأمريكية تدوينة لأستاذ السياسة العامة ووزير العمل الأمريكي السابق في إدارة بيل كلينتون، روبرت رايش ROBERT REICH، تناول فيها المخاطر التي يشكلها “إيلون ماسك”، مالك منصة إكس (تويتر سابقاً)، على السياسة العالمية، ذاكراً ست طرق للسيطرة عليه، كما قدم في ختام تدوينته بعض الأدلة على جنون ماسك والتي استهدفته بشكل شخصي.. نعرض أبرز ما جاء في التدوينة كما يلي:

بدأ روبرت رايش تدوينته قائلاً: إن إيلون ماسك يستغل ثروته الهائلة ويحولها كمصدر ضخم للقوة السياسية، إلا أنها قوة غير خاضعة للمُساءلة بل وتدعم علناً الآن ترامب وغيره من المُستبدين. إذ ينفق ما يصل إلى 180 مليون دولار على تحويل برنامج تنظيم الحزب الجمهوري لمساعدة ترامب. ليس هذا فحسب، طرح ترامب وماسك فكرة (الحكم معاً) إذا فاز ترامب بولاية ثانية.

قال ماسك في محادثة مع الرئيس الأمريكي السابق في الحادي عشر من آب/ أغسطس الماضي، تم بثها على منصة إكس: «أعتقد أنه من الرائع أن يكون لدينا لجنة كفاءة حكومية. وسأكون سعيداً بالمساعدة في مثل هذه اللجنة».

في نفس المحادثة، هنأ ترامب ماسك على استعداده لطرد العمال الذين يسعوّن إلى الحصول على أجور أعلى، وظروف عمل أفضل. قال ترامب: «أنت أعظم من يقوم بفصل العمال. أعني، أرى ما تفعله. تدخل وتقول: هل تريد الاستقالة؟، وحين يُضربون عن العمل. تقول: لا بأس، إنكم جميعاً مَطرودون». في نهاية المقابلة، قال ماسك لترامب: «أعتقد أننا عند مفترق طرق، وأعتقد أننا بحاجة إلى اتخاذ الطريق الصحيح، وأعتقد أنك الطريق الصحيح».

في الوقت نفسه، يدعم ماسك القضايا اليمينية في جميع أنحاء العالم. في المملكة المتحدة، قاد اليمين المتطرف أعمال عنف؛ نهبوا وأرعبوا الأقليات بعد أن نشرت منصة إكس معلومات مُضللة حول هجوم مميت على تلميذات في المدرسة. لم يسمح ماسك لمثيري الكراهية بنشر هذه الأكاذيب فحسب، بل أعاد تغريدها ودعمها. خلال الأشهر العشرة الماضية، تنبأ ماسك- ثماني مرات على الأقل- باندلاع حرب أهلية في المستقبل تتعلق بالهجرة، وعندما اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في بريطانيا، كتب: «الحرب الأهلية حتمية». دفع ذلك مفوض الاتحاد الأوروبي إلى إرسال رسالة مفتوحة إلى ماسك يُذكره فيها بقوانين الاتحاد الأوروبي ضد تضخيم المحتوى الضار. كان رد ماسك عبارة عن ميم (سخرية): «خذ خطوة كبيرة إلى الوراء، وحرفياً فلـتـ..!» قام بشتمه.

  • • •

يصف إيلون ماسك نفسه بأنه «مدافع عن حرية التعبير»، لكنه وافق على أكثر من 80% من طلبات الرقابة من الحكومات الاستبدادية. وقبل يومين من الانتخابات التركية الأخيرة، حظر الحسابات التي تنتقد الرئيس أردوغان.

يقول ماسك أيضاً إنه سيحترم القانون أينما كان، في حين أنه يعادي قاضي المحكمة العليا البرازيلية الذي أمر وكالة الاتصالات البرازيلية بحجب الوصول إلى منصة إكس لأنها تسمح بانتشار المعلومات المضللة، وخطاب الكراهية، وتهاجم سيادة القانون، وتنتهك الاختيار الحر للشعب البرازيلي من خلال إبعاد الناخبين والناخبات عن المعلومات الحقيقية والدقيقة.

كذلك لابد من الإشارة إلى العلاقات الودية التي تربط ماسك بالحكام السلطويين. مثلاً، بعد وقت قصير من اقتراح ماسك تسليم جزيرة تايوان للحكومة الصينية، حصلت شركته لتصنيع السيارات الكهربائية «تسلا» على إعفاء ضريبي من الحكومة الصينية. كما دعم ماسك الرئيس الأرجنتيني، خافيير ميلي، الذي قدم بعد ذلك لماسك إمكانية الوصول إلى الليثيوم من بلاده، وهو مصدر بالغ الأهمية لبطاريات تسلا. دعمَ ماسك أيضاً رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، وضمن خفض التعريفات الجمركية على واردات مركبات تسلا في الهند.

  • • •

انتقل رايش إلى الجزء الثاني من تدوينته حول كيفية كبح جماح ماسك. يقول رايش إننا لسنا عاجزين عن إيقافه. وفيما يلي ست طرق للسيطرة على ماسك:

أولاً: مقاطعة شركة تسلا، حتى لا يزداد ماسك ثراءً ويصبح قادراً على إحداث المزيد من الضرر. ربما بدأت مقاطعة تسلا بالفعل؛ فقد وجد استطلاع رأي حديث أن ثلث الشعب البريطاني أصبح أقل ميلاً لشراء سيارة تسلا بسبب سلوك ماسك الأخير في دعم أعمال الشغب.

ثانياً: ينبغي على أصحاب الإعلانات مقاطعة منصة إكس، وقد نظم تحالف من كبار أصحاب الإعلانات حملة مقاطعة، ويقاضيهم ماسك الآن بموجب قانون مكافحة الاحتكار، وكتب على موقع «إكس» في إشارة إلى أصحاب الإعلانات الذين ينتقدونه وينتقدون «إكس»: «لقد حاولنا السلام لمدة عامين، والآن أصبحنا في حرب».

ثالثاً: ينبغي منع ماسك من نشر الأكاذيب والكراهية على منصته إكس. في الرابع والعشرين من آب/ أغسطس الماضي، اعتقلت السلطات الفرنسية “بافيل دوروف”، مؤسس تطبيق تيليجرام، والذي وجدته السلطات الفرنسية متواطئاً في جرائم الكراهية والتضليل. ومثله، كمثل ماسك، وصف دوروف نفسه بأنه من أنصار حرية التعبير المُطلقة. لذا ينبغي لماسك أو أي ناشر آخر للأكاذيب والكراهية أن يتحمل المسؤولية القانونية عما ينشره.

رابعاً: في الولايات المتحدة، ينبغي للجنة التجارة الفيدرالية أن تطالب ماسك بإزالة الأكاذيب التي من المرجح أن تعرض الأفراد للخطر، وإذا لم يفعل، فيجب مقاضاته بموجب المادة /5/ من قانون لجنة التجارة الفيدرالية. كما أن حقوق حرية التعبير التي يتمتع بها ماسك بموجب التعديل الأول لا تسبق المصلحة العامة. فقبل شهرين، قالت المحكمة العليا إن الوكالات الفيدرالية قد تضغط على منصات التواصل الاجتماعي لإزالة المعلومات المضللة، وهو انتصار للصالح العام.

خامساً: إن حكومة الولايات المتحدة ودافعي الضرائب يتمتعون بسلطة إضافية على ماسك. إذ يتعين على الولايات المتحدة أن تنهي عقودها مع ماسك، بدءاً بشركته «سبيس إكس».

في عام 2021، أبرمت الولايات المتحدة عقداً سرياً بقيمة 1.8 مليار دولار مع شركة سبيس إكس يتضمن إطلاق أقمار صناعية سرية وعسكرية، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال. أصبحت الأموال الآن جزءاً مُهماً من إيرادات سبيس إكس. كما تعاقد البنتاجون مع خدمة النطاق العريض (ستارلينك) التابعة لشركة سبيس إكس لتوفير خدمة الإنترنت، على الرغم من رفض ماسك في أيلول/ سبتمبر 2022 السماح لأوكرانيا باستخدام ستارلينك لشن هجوم على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم.

لذا عند اتخاذ القرار بشأن الكيانات التابعة للقطاع الخاص التي سيتم التعاقد معها، من المفترض أن تأخذ الحكومة الأمريكية في الاعتبار موثوقية المقاول. إن مزاج ماسك المتقلب والمندفع والطفولي يجعله والشركات التي يرأسها غير موثوقين. ومن المفترض أيضاً أن تنظر الحكومة فيما إذا كانت تساهم في الاحتكار. والحقيقة أن شركة سبيس إكس التي يملكها ماسك تتحول بسرعة إلى احتكار.

ويتساءل رايش، لماذا تسمح حكومة الولايات المتحدة لأقمار ماسك الصناعية وقاذفات الصواريخ التابعة له بأن تصبح ذات أهمية حيوية لأمن البلاد في حين أظهر ماسك تجاهلاً تاماً للمصلحة العامة؟ ولماذا تمنح ماسك المزيد من القوة الاقتصادية في حين يسيء استخدامها مراراً وتكراراً ويبدي احتقاره للصالح العام؟ ويجيب: لا يوجد سبب وجيه.

سادساً: التأكد من عدم انتخاب المرشح المفضل لدى ماسك للرئاسة، وهو ترامب.

  • • •

يختتم رايش رسالته قائلاً: بعد أن نشرت صحيفة الجارديان نسخة سابقة من هذه التدوينة، شن ماسك هجوماً لاذعاً علىّ، موافقاً على تغريدة وصفتني بـ«خائن للشعب الأمريكي»، ثم وصفني بـ«الوغد الصغير».

……………..

النص الأصلي

ــــــــــــــــــــــــــــ

* صحفية ومترجمة مصرية

المصدر: الشروق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.