الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

متى تتوقف المقتلة الفلسطينية؟

نبيل السهلي *

يلحظ المتابع لتطور القضية الفلسطينية استمرار الشعب الفلسطيني بكفاحه الدؤوب والمتواصل بالوسائل المتاحة والمشروعة على مدار أكثر من سبعة عقود، بهدف تحرير وطنه وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وسقط على مذبح الحرية أكثر من مائة ألف شهيد فلسطيني، فضلاً عن مليون أسير وعشرات الآلاف من الجرحى، ولكبح أهداف الفلسطينيين ارتكبت إسرائيل منذ عام 1947 وترتكب مجازر مروعة وفظيعة لإخضاعهم لكن دون جدوى.

مشاهد مثيرة:

مع استمرار المجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني على امتداد فلسطين التاريخية، وسقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين بين شهيد وجريح وأسير ومغيب قسرياً جلهم من الأطفال؛ يصرخ الشعب الفلسطيني المكلوم أوقفوا المجازر؛ نحن لسنا مجرد مادة دسمة للإعلام سواء المرئي أو المسموع وصولاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ نحن شعب يستحق الحياة، كما قال الشاعر الراحل الحاضر بيننا محمود درويش.

صور الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين ومعاناة الأطفال والجوع والتقتيل وتجريف البنى التحتية وتهديم المباني فوق رؤوس ساكنيها في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس؛ مشاهد مثيرة استخدمتها وسائل الإعلام العربية والإسلامية والغربية على مدار أكثر من عشرة شهور من المقتلة الفلسطينية، لتكون مادة دسمة للإعلام والإعلاميين والمحللين، لتشد طيفا شاسعا من المتابعين والمشاهدين، في وقت لايزال فيه الضحية الفلسطيني يئن ويتألم من استمرار المقتلة.

صحيح أن للإعلام دورا محوريا في إيصال رسائلهم للعالم لبيان همجية إسرائيل بمكوناتها المجتمعية وجيشها وحكومتها وأحزابها التي تدعو بمجملها إلى إبادة الشعب الفلسطيني وقتله وتدمير حتى الحجر الفلسطيني والأشجار وكل معالم الحياة في وطن الفلسطينيين الوحيد فلسطين بمساحتها (27009) كيلومترات مربعة؛ لكن الفلسطيني ليس سلعة استهلاكية إعلامية؛ هو إنسان في الدرجة الأولى وله حقوق كفلتها القوانين والشرائع الإنسانية الدولية.

النظم الغربية:

يتجاهل إعلاميون كثر الإشارة بالبنان وبشكل صريح إلى النظم الغربية الداعمة لعدوان إسرائيل المستمر وتقتيل الفلسطينيين وأطفالهم ونسائهم وشيوخهم، حيث لم يقتصر دعم تلك الدول للدولة المارقة إسرائيل على المنصات الإعلامية فقط، بل تجلى بما تتلقاه إسرائيل، لا سيما خلال قتلها الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزة، الضفة الغربية، والقدس والداخل الفلسطيني، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إذ شهد العالم تصاعداً في العدوان الإسرائيلي وارتكاب المجازر المروعة، ويستخدم داعمو إسرائيل الإعلام كمنصة مزيفة تُظهر في كثير من الأحيان القضايا من منظور يدافع عن الموقف الإسرائيلي، ويتجاهل الضحايا الفلسطينيين، جنباً إلى جنب مع الدعم العسكري والسيبراني والمالي بالمليارات.

ويمكن الجزم أن هذا الدعم لإسرائيل وغياب الدعم العربي والإسلامي المالي والسياسي والدبلوماسي الحقيقي للشعب الفلسطيني رفع منسوب عمليات الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين؛ وأرقام الشهداء والجرحى والمغيبين تشي إلى ذلك؛ وفي وقت انحاز فيه المزاج العام الشعبي الغربي تدريجياً إلى جانب الضحية الفلسطيني، وخاصة الطلاب في عشرات الجامعات المعروفة في أمريكا والدول الغربية وصولاً إلى أستراليا وكندا، بقيت نظم غربية وازنة على مواقفها الداعمة للمجازر الإسرائيلية واستمرارها رغم الحديث المزيف حول أهمية المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

المطلوب الآن وضع حد واجتراح سبل لإيقاف المقتلة الفلسطينية، وشهداء وجرحى وأسرى ومغيبي فلسطين ليسوا مجرد مادة دسمة للإعلام، والشعب الفلسطيني (14) مليون ونصف المليون في داخل فلسطين التاريخية والمهاجر القريبة والبعيدة يريد وقف المقتلة الفلسطينية، وهذا يتطلب نزول الشعوب العربية والإسلامية إلى ساحات وميادين المدن للضغط على النظم الحاكمة ومطالبتها بدعم حقيقي للشعب الفلسطيني لمواجهة الصلف الإسرائيلي وعمليات تقتيل الفلسطينيين، وعلى كافة الفصائل الفلسطينية الإسراع لترسيخ وحدة وطنية حقيقية بعد أن رسخها شعبهم الفلسطيني المعطاء بدماء غالية وزكية، والوقت من دم والتاريخ لا يرحم.

* كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

المصدر: القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.