ياسمين عبداللطيف زرد *
أول مواجهة لـ«كامالا هاريس» مع أنصار الشعب الفلسطيني، منذ أن أصبحت مرشحة الحزب الديمقراطي، كانت في تجمع انتخابي في ولاية ميشيجان في السابع من آب/ أغسطس الجاري. إذ بينما كانت تتحدث إلى آلاف الأشخاص المؤيدين لها، أزعج بعضهم أجواء الحفل هاتفين: «كامالا، كامالا، لا يمكنك الاختباء! لن نصوت لصالح الإبادة الجماعية!». صحيح اعترفت هاريس بحقهم في التحدث، لكن مع استمرارهم في الهتاف، فقدت صبرها قائلة: «هل تعلمون ماذا؟ إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترامب، فقولوا ذلك.. وإلا، فأنا أتحدث».
لم تكن أجواء المواجهة مفاجئة على الإطلاق، فخلال الانتخابات التمهيدية، واحتجاجًا على تعامل جو بايدن مع الحرب في غزة، وُلدت في ولاية ميشيجان حركة من الأصوات الديمقراطية تشجع على “عدم الالتزام” في الإدلاء بأصواتهم. وقد نفذ ذلك حوالى 13٪ من الناخبين والناخبات في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيجان. وكان التصويت الاحتجاجي أكثر وضوحًا في مدينة ديربورن، لأن غالبية السكان من أصل عربى.
ومع ذلك، أداء هاريس أفضل في ميشيجان، في الوقت الحالي. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا، بين الناخبات والناخبين المحتملين، تفوقها بأربع نقاط. وهناك أدلة تشير إلى أنها لا تتعرض للوم واسع النطاق مثل بايدن على إراقة الدماء في غزة.
بشكل عام، التصويت الاحتجاجي بين الناخبات والناخبين العرب الأمريكيين في ميشيجان يعود إلى ما قبل غزة، وتسير تفضيلاتهم السياسية مع حروب أمريكا على خط متوازٍ. بعبارة أوضح، فاز جورج بوش الابن بأغلبية أصوات العرب في الولاية في عام 2000، ولكن بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 وغزو العراق، انحرف العرب الأمريكيون نحو الحزب الديمقراطي. وفي الانتخابات الرئاسية الخمس التالية بدت قوة الحزب الديمقراطي بين هؤلاء الناخبين لا تتزعزع حتى الانتخابات العامة عام 2020.
لكن في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، قبل وقت طويل من اندلاع الحرب في غزة، عاد التصويت نحو الحزب الجمهوري. فقد اندلعت الحروب الثقافية في مدينة ديربورن، عندما اتضح أن مكتبة المدرسة بالمدينة تحتوي على كتب للشباب بها شخصيات مثلية الجنس مما أثار المخاوف، وتحولت اجتماعات مجلس المدرسة إلى اجتماعات عدائية.
وفي انتخابات أجريت لترسيخ حقوق الإجهاض في دستور ميشيجان، فاز التشريع بأغلبية 13 نقطة على مستوى الولاية. لكنه خسر بشكل قاطع في بعض دوائر ديربورن ومدينة هامترامك، التي تضم عددًا كبيرًا من السكان اليمنيين.
ثم جاءت الحرب في غزة. يقول “حمود” أحد سكان ميشيجان: «كانت هناك نار تغلي، وسكب أحدهم البنزين عليها. في هذه المرحلة، يُنظر إلى كل شيء من خلال عدسة غزة». ومع ذلك، ومنذ أن أصبحت هاريس المرشحة، فإن الأمور في وضع أفضل بكثير.
في حزيران/ يونيو الماضي، نحو 65% من الديمقراطيات والديمقراطيين- الذين قالوا إنهم متعاطفون مع الشعب الفلسطيني في صراعهم مع إسرائيل- صرحوا بأن لديهم وجهة نظر إيجابية لهاريس. وفي أول استطلاع أُجري بعد انسحاب بايدن، ارتفعت الآراء الإيجابية لها بين هذه المجموعة بمقدار 14 نقطة. كما حسّنت دعمها بين الديمقراطيين الأكثر تعاطفًا مع إسرائيل، حيث ارتفع تقييمهم الإيجابي لهاريس من 73% إلى 89%.
……………..
ـــــــــــــــــــ
* كاتبة ومترجمة مصرية
المصدر: الشروق