الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

حرب تيجراي.. واحدة من أكثر الصراعات دموية في هذا القرن

ياسمين عبداللطيف زرد *

قياسا على عدد الوفيات، يمكن أن تكون حرب تيجراي في إثيوبيا أكثر الصراعات المسلحة دموية في القرن الحادي والعشرين، بل وواحدة من أكثر الصراعات دموية منذ نهاية الحرب الباردة. فمنذ اندلاعه في عام 2020 حتى وقف إطلاق النار الرسمي في عام 2022، أودى الصراع بحياة ما يصل إلى 400 ألف جندي و300 ألف مدني ومدنية، هذا ما جاء في مقال الكاتب (عظيم إبراهيم Azeem Ibrahim) في موقع The National Interest.. نقدم منه ما يلي:

على الرغم من هذه المعاناة الإنسانية، إلا أن الحرب لم تحظَ بالاهتمام الدولي الذي كانت في أمس الحاجة إليه. كان العالم بعد أن يتخذ الخطوات المفترضة يمضي قدماً غير عابئ بجهوده الأولية.

بعبارة أوضح، تم حل اللجنة الدولية لخبراء حقوق الإنسان المعنية بإثيوبيا قبل اختتام عملها! وعلى الرغم من اعتراف الولايات المتحدة بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، أعادت المساعدات المالية والاقتصادية إلى الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب! وبالمثل، عاد الاتحاد الأوروبي إلى استراتيجيته التنموية التي تبلغ قيمتها 680 مليون دولار مع إثيوبيا على الرغم من غياب المُساءلة!

والنتيجة، أن الجهود الدولية للتحقق من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لم تتم متابعتها أو دعمها بشكل كافٍ. ورغم وقف الأعمال العدائية رسمياً في 2022، إلا أن أرواح الأبرياء لا تزال تُزهق، ولا يزال ملايين عديدة يواجهون انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الحملات العسكرية.

لذا يجب القيام بالتحقيق والمُساءلة ليس فقط عن الحصار المفروض على المساعدات الإنسانية الذي ساهم في مقتل مئات الآلاف من سكان تيجراي، ولكن أيضاً التحقيق والمُساءلة عن جرائم تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع مثل القتل الجماعي والاغتصاب والعنف، والتهجير القسري، والإيذاء الجسدي والتعذيب، فضلاً عن استهداف البنية التحتية المدنية الرئيسية مثل نظام الرعاية الصحية.

  • • •

قبل أيام، نشر معهد «نيو لاينز للاستراتيجية والسياسة» تقريرًا جديدًا رائدًا حول «الإبادة الجماعية في تيجراي: الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وسبل المُساءلة». قدم التقرير تحليلاً قانونياً للادعاءات ذات الصلة بالاستناد لاتفاقية الإبادة الجماعية، ووصف مسارات المساءلة التي ينبغي اعتمادها، بما في ذلك التدابير على المستويين الوطنى والدولي.

تم إعداد التقرير من قبل مجموعة من المتخصصين وذوى الخبرة في القانون الدولي في مجالات تشمل القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي. وفي حين توصلت عدة تقارير أخرى إلى استنتاجات مماثلة فيما يتعلق ببعض الادعاءات، فإن تقرير معهد «نيو لاينز» هو الأول الذى يربط هذه الادعاءات مباشرة باتفاقية الإبادة الجماعية ويدعو إلى اتخاذ إجراءات وفقاً لذلك.

يجد التقرير أن هناك أساساً معقولا للاعتقاد بأن جميع الأطراف ارتكبت جرائم حرب أثناء الصراع ضد سكان تيجراي فضلاً عن أعمال الإبادة الجماعية؛ وهم القوات الإثيوبية والقوات المتحالفة معها وعلى وجه التحديد أعضاء قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، وقوات الدفاع الإريترية، وقوات أمهرة الخاصة، من بين مجموعات أخرى.

تشمل أعمال الإبادة الجماعية هذه عمليات القتل، وإلحاق الأذى الخطير سواء كان جسدياً أو عقلياً، والتدابير المتعمدة لمنع الولادات، والفرض المتعمد لظروف الحياة التي تهدف إلى تدمير سكان تيجراي. ويخلص التقرير إلى أن بعض الأفراد أدلوا بتصريحات تصل إلى حد التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.

بصرف النظر عما إذا كان هذا السلوك من جانب القوات الإثيوبية والقوات المتحالفة قد ارتُكب كجزء من خطة أو كان مدعوماً على مستويات عليا، فإن إثيوبيا ملزمة- باعتبارها دولة طرفاً في اتفاقية الإبادة الجماعية- باتخاذ إجراءات فعالة لمنع ارتكاب هذه الأعمال ومعاقبة من يقوم بها في حال حدوثها.

  • • •

نتيجة لما سبق، فإن المجتمع الدولي مضطر إلى التحرك أمام محكمة العدل الدولية بموجب المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية. يجب على المجتمع الدولي أيضًا اتخاذ خطوات لضمان إجراء تحقيق جنائي دولي محايد ومستقل، وبالتالي ضمان تحقيق العدالة في النهاية لحقوق الإنسان المنتهكة في تيجراي.

………………

النص الأصلي

ــــــــــــــــــــــ

* كاتبة ومترجمة مصرية

المصدر: الشروق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.