الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

اغتيال هنية.. فشل أم تواطؤ من إيران؟

                          

أثارت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في قلب طهران، من قبل إسرائيل، ردود فعل وتحليلات واسعة، مع تزايد وتيرة الصراع في المنطقة، وتحذيرات متكررة من إمكانية اندلاع الحرب. وفيما تحافظ إسرائيل على حالة من التوازن، وتؤكد المستوى العسكري عدم رغبتها- وعدم رغبة الجانب الإيراني- في اندلاع مواجهة فعلية، فإن طهران عادت مجدداً لإطلاق التهديدات والوعود.

وفاة هنية مع مرافقه “وهو نائم في شقته” بقلب العاصمة الإيرانية، أثارت أيضاً الأسئلة حول مدى قدرة إيران فعلياً على المواجهة العسكرية مع إسرائيل، وحول ما إذا كانت العداوة شكلية أم حقيقية.

وحول ذلك قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، لموقع حلب اليوم، إن “حالة العداء المفترضة بين إسرائيل وإيران كانت وما زالت شكلية وغير جدية فهناك صراع مصالح بينهما لا يرتقي أبدا إلى حالة العداء”.

من جانبه أكد رامز السيد، عضو المكتب السياسي لتيار التغيير الوطني السوري، ومدير مكتب فرنسا، أن تهديدات طهران “شكلية، وستبقى كذلك وفق سياقها الذي تُقاطعه المصالحة المشتركة”، مستذكرا “التصريح الشهير لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، حين تدخلت إيران بشكل سافر لوأد الثورة السورية، حيث قال: إن الجمهورية الإيرانية الفارسية تُنقذ إسرائيل للمرة الثالثة تاريخياً، وهذا دليل قاطع على التعاون الأزلي بينهم، لذلك لا ننظر إلى تلك المهاترات الهزلية إلا بعين السخرية، ولا نُقيم لها وزناً.”

طريقة اغتيال لافتة أثارت الحديث عن “صاروخ أطلق من خارج إيران” وأصاب هنية في داخل شقته بطهران الكثير من الأسئلة، والشكوك، فمن المتابعين من رأى في ذلك ضعفاً إيرانياً، ومنهم من رأى فيه تواطؤا، في حال صحت تلك الرواية التي أكدها الطرفان الإيراني والإسرائيلي.

ورأى مظهر سعدو أن هناك تواطؤاً واضحاً من قبل طهران مع إسرائيل في العملية، حيث إن هناك- كما يقول- مصلحة إيرانية أميركية إسرائيلية باغتيال هنية و”لعل المثل الشائع الذي يقول من يتغطى بإيران سيبقى في حالة برد دائم هو ما نراه في الواقع اليوم بالعلاقة مع إيران من أي طرف.”

وأضاف “ليس معقولاً أن يتم قتل إسماعيل هنية بهذا الشكل داخل العاصمة طهران، وكان معه في الزيارة نفسها نعيم قاسم نائب حسن نصرالله وأيضاً زياد نخالة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي وسواهم الكثير، ولقد اُخْتِير قائد حركة حماس بتواطؤ أكيد من قبل نظام الإجرام في طهران.”

ولعل ترك إسماعيل هنية وهو المطلوب رقم واحد أو اثنان للإسرائيليين بدون حراسة وبدون تأمين حقيقي للمكان، يوشي بحالة من التفريط به من أجل مصالح إيران مع أميركا وإسرائيل المستقبلية، وفقاً للكاتب السوري.

من جانبه أكد السيد، وهو المعتقل السابق لدى حزب الله، والمُطلع على سياساته، أن “المشهد الحالي يقول بالحرف: بأن هناك تسهيلاً استخباراتيا إيرانيا قُدِّم لإنقاذ أزمة حزب الليكود الذي يمرُّ بأزمة سياسية وعسكرية على المستوى الدولي والإقليمي والضغط الداخلي المطالب بعودة الأسرى لدى حركة حماس بصفقة ما زالت دون تفعيل يُذكر”. ورأى في الاغتيال “هدية انتصار تُخرج حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو من أزمته، دون أي إحراجٍ للحكومة الإيرانية التي اغتالت ضيفها، وسبقت لها أن أوعزت لعاملها في لبنان أن يُرشد على مكان صالح العاروري نائب هنية”.

ونقلت قناة الميادين الإيرانية عن مصدر خاص أن العملية، “تمت عبر صاروخ أطلق من بلد إلى بلد، وليس من داخل إيران”، فيما قالت وكالة فارس الإيرانية، إن الاغتيال وقع حوالي الثانية صباحاً، حيث كان يقيم هنية في مقر خاص لقدامى المحاربين بشمال طهران.

هل ترد إيران هذه المرة؟

أطلق عدة مسؤولين إيرانيين، تهديداتهم المعتادة بالانتقام، حيث سبق ذلك اغتيال قيادي في حزب الله بضاحية بيروت الجنوبية. وقال الحرس الثوري الإيراني إنه لا يزال يدرس أبعاد الحادثة، حيث “سيعلن عن نتائج التحقيق لاحقاً.” أما عن احتمالية الرد، فيرى السيد، أنه لا بد لنا من أن نُشير إلى ذاك الانقسام الكبير في داخل المؤسسة الإيرانية وتعاظم نفوذ التيار الذي أسسه قاسم سليماني، والذي “أصبح يُشكل تهديداً توسعياً واضحاً أحرج إيران كثيراً، وبات يُشكل دولة داخل الدولة، فكانت النتائج هي تصفية رأس الهرم والكثير من أزلامه بتسهيل استخباراتي إيراني شبه مؤكد للتخلص منهم داخل الحدود الإيرانية وخارجها”.

ويعتبِر السياسي السوري أنه “لن يكون هناك سوى مزيد من الهزل والغزل الذي تحكمه المصلحة العليا على كافة الأصعدة”. وقالت صحف إسرائيلية إن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر توجيهات لوزراء الحكومة بعدم التعليق على اغتيال إسماعيل هنية، لكن وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، الذي ينتمي إلى حزب “عوتسما يهوديت” بزعامة إيتمار بن غفير، قال إن “هذه هي الطريقة الصحيحة لتطهير العالم. لا مزيد من اتفاقيات الاستسلام الوهمية ولا مزيد من الرحمة لهؤلاء المحكوم عليهم بالموت”.

من جانبه يرى الكاتب مظهر سعدو، أن الواقع “أثبت أن شعارات ما سمي بوحدة الساحات وشعار تحرير فلسطين وسوى ذلك هي أوهام“، فقد “تحطمت جميعاً على صخرة ما يسمى بالصبر الاستراتيجي الذي لا يبدو أنه سوف يتخطى ذلك باتجاه أي مجابهة الحرب حقيقية مباشرة بين الطرفين.” كما استبعد أي رد جدي وحقيقي من قبل طهران، فهي “ما زالت تحافظ على دورها الوظيفي وكذلك حلمها بقيام دولة إمبراطورية (كسرى أنوشروان) الحلم الفارسي الذي لم ينته بعد، بل ما زال يحقق منجزات على الطريق نفسه”.

وكانت حماس قد أعلنت أن مراسم تشييع رسمي وشعبي ستقام لهنية في طهران يوم غد الخميس قبل نقل الجثمان إلى الدوحة، حيث ستقام صلاة الجنازة هناك بعد صلاة الجمعة.

المصدر: حلب اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.