الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

العروبة

معقل زهور عدي

العروبة رابطة لغوية ثقافية نشأت في التاريخ الممتد منذ الفتوحات العربية الإسلامية , وكان للإسلام دور كبير في تكونها , فإذا كان عمادها اللغة , فاللغة العربية لم يكن بالإمكان انتشارها وسيادتها لولا الإسلام والقرآن , بل كان من المؤكد انقراضها أمام لهجات محلية ولغات قديمة , لقد أصبح أهل الأندلس عربا ليس بالأصل , فنسبة العرب بالنسب في الأندلس لم تزد عن 20% ولكن باللغة والثقافة والعادات التي تبدلت بعد الفتح العربي الإسلامي مطلع القرن الثامن الميلادي , وبعد أقل من مئة عام أصبح القساوسة يشتكون من تعلق الأندلسيين بالعربية , وهجرهم لغتهم الأصلية , وتفوقوا على أهل المشرق في اقتناء الكتب , والمكتبات , والأدب والشعر , والفلسفة وبرز منهم الأئمة والفلاسفة كالقرطبي وابن حزم وابن رشد وابن الطفيل , لقد أصبحوا عربا بكل ما في الكلمة من معنى ودعك من النسب , وكذا الحال بالنسبة لمصر وشمال أفريقيا .

العروبة ليست شيئا مصطنعا ولا ايديولوجيا، بل رابطة موضوعية عميقة الجذور، أما الأمة فهي الجماعة البشرية التي هي موضوع تلك الرابطة، سواء وجدت في دولة واحدة أو عدة دول.

هذه الرابطة تفتح أمامنا أفقا واسعا لبناء دولة كبرى، لسنا أقل من غيرنا، ولا يعني ذلك القفز فوق الوطنية السورية، ولا فوق مهام التغيير الديمقراطي، من البدهي أن المرحلة الحالية تستوجب استعادة الدولة السورية الديمقراطية، دولة المواطنة، ذلك هو هدف المرحلة الراهنة، لكن من يملك حق منعنا من الحلم العربي؟ لكل شعب وكل أمة الحق في الحلم القومي، ذلك شيء ومهام السياسة في المرحلة الراهنة شيء آخر. وليس هناك من داع للخلط بين الاثنين.

المصدر: صفحة معقل زهور عدي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.