الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

تحول المزاج الشعبي السوري إيجابًا نحو حماس

أحمد مظهر سعدو

تابع الشعب السوري منذ فترة تحول رأي ورؤية حركة حماس، من مؤيد جدي حقيقي للثورة السورية، ونضالات الشعب السوري، إلى حالة أخرى من الارتماء الكلي في أحضان الطغيان الاحتلالي الإيراني والأسدي، ومن ثم عودة العلاقات التي كانت متوقفة ومنقطعة، إلى سابق عهدها مع نظام بشار الأسد المجرم، والاشتغال حثيثًا، على فتح الباب (الذي كان مواربًا) على مصراعيه مع أنظمة ما يسمى محور (المقاومة والممانعة) ومنهم بالضرورة، حزب الله، ونظام بشار الأسد، وسيدهم جميعًا، وآمر مسيرتهم وسياساتهم، حكم دولة الملالي في طهران، ولعل ذاك التحول في توجهات حركة حماس، رغم كل التبريرات النفعية المصلحية، لم تجد صداها الإيجابي في حينها لدى الكتلة التاريخية للشارع السوري المكلوم، الذي لاقى ومازال يلاقي الويلات والقتل، على يد نظم الأسد وإيران وميليشيا حزب الله، وكل ميليشيات إيران وتوابعها المنخرطة في أتون حرب الإبادة ضد السوريين، التي دمرت أكثر من ٦٥ بالمئة من البنية التحتية في سورية، وهجرت أكثر من نصف الشعب السوري، بين نازح إلى الشمال السوري، أو مُهجَّر قسري إلى كل بقاع الدنيا، علاوة على استمرار الحرب/المقتلة ضد السوريين، التي خلفت حتى الآن ما يزيد عن مليون شهيد ونيف، ضحايا على مذبح الحرية والعدالة والكرامة، بيد ذاك الإيراني المجرم والأسدي المستبد و ( القروسطي).

لم يغفر الشعب السوري لحماس فعلتها وتخليها، ثم ارتمائها في أحضان أعداء السوريين، بل وبشكل أصح من يحملون المشروع الفارسي الطائفي المقيت، الذي يدمر المنطقة برمتها، وهو الذي سيطر على أربع عواصم عربية حتى الآن. لكن ما جرى لشعب فلسطين في قطاع غزة وتخلي العالم الغربي والشرقي عن الغزاويين، وتركهم لقمة سائغة أمام الإسرائيليين، قتلًا وتدميرًا في مواجهة جحافل المغول في العصر الحديث، من الصهاينة، ومن يقف معهم من الأميركان والغرب. هّذه المقتلة الفاشيستية، وحرب الإبادة الجماعية الفاقعة بحق الفلسطينيين، ومنهم بالضرورة الحمساويين، وكل المقاومين، ساهمت في تغيير فعلي للمزاج الشعبي السوري المنزعج أصلًا من سياسات حركة حماس، مما أعاد التعاطف من جديد مع الفلسطينيين، إلى واقع السوريين بكليتهم، بينما هم يجدون شعب قطاع غزة، والضفة الغربية، هذا الشعب العربي المسلم يلاقي كل هذا الكم من الموت والقتل، ويتخلى عنه النظام العربي الرسمي، ومعظم دول العالم، كما سبق وتخلت عنه كل دول محور (الممانعة والمقاومة) عبر صمتها الاستراتيجي، وحرب العواميد في جنوب لبنان، ووحدة الساحات المُدَّعاة،  ثم لعبة الطائرات المسيرة الخلبية التي خرجت من إيران، لحفظ ماء الوجه الإيراني، المسفوح على قارعة الطريق، في دمشق وسواها،  حيث لم ترد أن تعكر صفو الإسرائيليين، ولا أرادت فتح حرب مع إسرائيل، وهي التي تدرك أن التفاهم مع إسرائيل والأميركان، أفضل لها، ومن أجل إنفاذ مشروعها الصفوي الذي عملت عليه طويلًا،  منذ انتصار (ثورة الخميني) وأنجزت منه الكثير، بعد هيمنتها على صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت.

هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه أهل فلسطين، وهم جزء لا يتجزأ من أمة العرب، ومن جنوب سورية، ومن دول المسلمين، وجغرافيا مهمة من بلاد الشام. جعل المزاج الشعبي السوري ينسى الأسى الذي خلفته سياسات قادة حركة حماس، وينشغل بكل ما يستطيع في نصرة شعب فلسطين والقضية الفلسطينية، التي كانت ومازالت قضية العرب المركزية، شاء من شاء وأبى من أبى، وعينا ذلك أم لم نعيه، أدركنا ذلك أم لم ندركه.

وأعود للقول، لعل هذا التغير في المزاج الشعبي السوري، لصالح قضية فلسطين، والانحياز كلية وقوفًا مع أهل غزة ومقاوميها، هو الحالة الطبيعية لدى شعب سورية العربي الطيب، والصادق، والمنتمي بالضرورة إلى أمته، والمندمج ضمن سياقات قضايا العرب جميعًا، منذ أن وعى السوري واقع الإقليم، وواقع المحيط العربي برمته.

المصدر: موقع الوعي السوري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.