الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

لماذا يصعب ملاحظة «عدم شعبية» بايدن؟

ياسمين عبداللطيف زرد *

نشر موقع The American Enterprise Institute مقالًا للكاتب (روس دوثات Ross Douthat)، يقول فيه إنه بالرغم من أن استطلاعات الرأي بشأن أداء بايدن منخفضة، فإن هناك دائمًا صعوبة في رؤية وملاحظة أرقامه السيئة. ومع ذلك، يؤكد الكاتب أن هناك تحولًا حادثًا في تفضيلات الناخبات والناخبين المنحازين لبايدن (يتجهون نحو اليمين)، لذا فإن صعوبة ملاحظة انخفاض شعبية الرئيس الأمريكي قد لا تنقذه في انتخابات آخر العام.. نعرض من المقال ما يلي:

يُعدْ جو بايدن أحد أكثر الرؤساء الذين لا يتمتعون بشعبية في التاريخ الأمريكي الحديث. إذ في استطلاعات الرأي التي أجرتها “مؤسسة جالوب”، كانت معدلات تأييده أقل من تلك التي حصل عليها أي رئيس آخر في حملة إعادة انتخابه، من “دوايت أيزنهاور” إلى “دونالد ترامب”! ومع ذلك، هناك جو من الغموض يحيط بأرقامه المنخفضة في استطلاعات الرأي.

بعبارة أوضح، بمجرد تصفح معظم وسائل الإعلام الأمريكية، ربما (لن يلاحظ) أحد أن معدلات الموافقة على (الوظائف التي خلقها بايدن) سيئة للغاية تاريخياً، وأسوأ بكثير من معدلات ترامب في نفس المرحلة من ولايته. وبعيدًا عن القلق بشأن عمره، لا يوجد إجماع حول سبب فشل رئاسته سياسيًا.

بالنسبة للرؤساء السابقين، كان هناك تفسير واضح لما كان يحدث في عهدهم. مثلًا، كان مفهومًا أن عدم شعبية ترامب انعكاس للفوضى والجنون اللذين تحلى بهما في خطبه، وكان تراجع استطلاعات الرأي لجورج بوش الابن يدور كله حول العراق وإعصار كاترينا، وعندما كان باراك أوباما في أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي، ألقى أغلب الخبراء اللوم على معدل البطالة ورد الفعل العكسي لمشروع الرعاية الصحية “أوباما كير”، بينما عندما عانى بيل كلينتون خلال أول عامين له في السلطة، كانت هناك رواية إعلامية واضحة عن افتقاره إلى الانضباط وفضائح البيت الأبيض.

لكن مع بايدن، الوضع مختلف. فعادة ما تُقابل الانتقادات الموجهة له بالرفض الشديد (رفض انتقاد سياسته لمكافحة التضخم كمثال)، كما أن هناك تبريرات لإخفاقاته (إلقاء الكثير من اللوم على الاستقطاب الحزبي مثلًا)؛ وحتى قضية كبر العمر لم تحتل مركز الصدارة إلا في الأشهر القليلة الماضية.

في الحقيقة، تحيز وسائل الإعلام الليبرالية هي السبب في ذلك، بمعنى أن لديها رغبة في عدم النظر عن كثب في قضايا، مثل الهجرة والحدود، والتردد في التحدث بالسوء عن رئيس يُعد الحصن الوحيد ضد ترامب.

ومع ذلك، سجل بايدن فيه مشاكل كبيرة بالفعل، والاقتصاد ليس ذهبيًا كما يدعي بعض أنصاره. كما أن هناك تحولًا في تفضيلات الناخبات والناخبين الجمهوريين الذين لم يحصل بايدن على دعمهم، مقارنة بنظرائهم في سنوات كلينتون أو أوباما. أيضًا يخسر بايدن الآن العديد من أصوات الناخبات والناخبين المتأرجحين.

أما الأقليات المعتدلة سياسيًا، خاصة الأصول اللاتينية من الطبقة المتوسطة الدنيا والمجموعات الأمريكية من أصل أفريقي، يبدو الآن أنهم يتخلون عن بايدن بأعداد أكبر. واليوم، أداء الرئيس الأمريكي أسوأ بين الطبقة العاملة غير البيضاء، حيث يتقدم بست نقاط فقط، مقارنة بخريجي الجامعات البيض، حيث يتمتع بفارق 15 نقطة على ترامب.

ونظريًا، كان من المفترض أن يؤدي التمثيل العرقي في الإدارة الأمريكية إلى تهدئة مخاوف الناخبات والناخبين غير البيض. لكن عمليًا، دفعت هذه الخطوة الأشخاص غير البيض ذوي وجهات النظر المعتدلة نحو اليمين (في خط الطيف السياسي)، وليس أقل غرابة وحيرة الرجل الأبيض (الريفي) الذي يرتدي قبعة عليها شعار ترامب الشهير «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» MAGA.

إذن، هناك تحول في تفضيلات أنصار بايدن باتجاه اليمين (باتجاه ترامب)، وبلا شك صعوبة ملاحظة عدم شعبيته لا يمكنها أن تمنع طرده من المنصب في الانتخابات المقبلة.

……………..

النص الأصلي

ــــــــــــــــــــــ

* كاتبة صحفية ومترجمة مصرية

المصدر: الشروق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.