ملف في ذكرى الثورة السورية
أحمد مظهر سعدو
تعود الذكرى مرة أخرى، ويعود الأمل من جديد، من أجل إعادة بناء سورية الحرة، المنعتقة من الاستبداد الأسدي، ومن كل أصناف الطغيان والفساد والإفساد، الذي طالما عاشته سورية على مدى عقود خمسة، من حكم آل الأسد، وخطفهم للوطن السوري، وسرقة ونهب خيراته وموارده، ثم كم الأفواه، وإلغاء السياسة من المجتمع.
في هذه الذكرى المتجددة نعود إلى لقاء بعض النشطاء والنخب المنتمين إلى ثورة الحرية والكرامة، ونستمع منهم إلى رؤيتهم المستقبلية والآنية في مآلات الثورة السورية بعد 13 عامًا ونيف من عمر الثورة.
الدكتور تغلب الرحبي الطبيب والناشط قال: “عندما قام الشعب السوري بثورته ثورة الحرية والكرامة من أجل الإطاحة بنظام ديكتاتوري دموي متوحش، لم يكن بحسبانه أنه يثور ضد النظام العالمي البشع، هذا النظام الذي يعتمد على الديكتاتوريات كبديل للاستعمار القديم المباشر في نهب ثروات الشعوب. لم يعرف السوريون إلا لاحقًا أن هناك تفاهمات أميركية إيرانية إسرائيلية في المنطقة. اعتقد السوريون أن ثورتهم من أجل الحرية والديمقراطية سوف تلقى الدعم والتأييد من الديمقراطيات الغربية العريقة، والتي أظهرت في البداية الدعم والتعاطف وكذلك بدأ الدعم من الدول العربية والاسلامية ليظهر بعد ذلك ان الهدف من هذا الدعم هو احتواء الثورة تمهيدا لتصفيتها، وللحفاظ على النظام المجرم بدل الاطاحة به كما أعرب الكيان الصهيوني مرارًا عن رغبته ببقاء بشار في الحكم.” ثم قال ” الدعم الغربي كان قولًا دون فعل في حين كان الغرب، يدعم النظام بمئات الملايين من الدولارات سنويا عن طريق مساعدات الأمم المتحدة. وتوقف الجميع عن دعم الجيش الحر ليفسحوا المجال أمام الفصائل الاسلامية التي تلقت الدعم من الدول العربية لتحرف الثورة عن اهدافها الديمقراطية ولترتهن لأوامر الداعم الذي اعطى الاوامر بالانسحابات وتسليم المناطق للنظام بالتدريج مع ما رافق ذلك من تهجير وتغيير ديمغرافي.
الواقع الحالي أن سورية محتلة من قبل خمسة جيوش وعشرات الميليشيات الشيعية والقنديلية و الجولانية والفصائل التابعة لتركيا و الشعب السوري محاصر بالكامل بحيث لا يوجد جبهة واحدة ممكنة مع النظام. حتى جيش النظام تحول الى ميليشيات تابعة اما لإيران أو لروسيا.
كما جرى احتواء المعارضة في هياكل تمثل الانظمة الاقليمية والدولية وجرى تهميش الثوار وابعادهم عن ساحة الفعل.
الثورة تراجعت ولكن لا يمكن ان تخمد. هذا حراك السويداء ودرعا وادلب يعيد احياء الثورة. كما ان اي احتلال أجبني سوف يولد مقاومة لتحرير البلد وسوف يبتكر الثوار وسائل كفاحهم حسب المعطيات المتاحة مثلما ابتكرت المقاومة الفلسطينية استراتيجية الأنفاق في غزة مثلا ولا بد للثورة السورية ان تأخذ بعدها العربي فالعدو واحد في الاحواز والعراق وسورية ولبنان واليمن ولابد من مجابهة هذا العدو على كل الساحات ليتلقى الثوار دعمهم المفقود بعد الحصار المفروض على الثورة السورية من قبل جميع جيرانها. تعلمنا دروسا قاسية في هذه الثورة واهمها هو ان نتوحد وان نبتعد عن كل الاجندات الإقليمية الدولية وان نحسن التعامل معها بحيث لا نرتهن لاي منها وان نوقن ان تحرير سورية من الاحتلالات والاستبداد هو الاستحقاق الثوري الاول وتأتي بعده بقية الأهداف.”
من جهته فقد تحدث الأستاذ يحيى الخطيب رئيس الهيئة الإدارية السابق لملتقى العروبيين السوريين بقوله “ ثورة شعبنا السوري ضد طاغية الشام وبعد ثلاثة عشر عاماً من الثورة وضمن الواقع الجيوسياسي السائد بالمنطقة وما كشف عنه طوفان الأقصى بسقوط آخر أوراق التوت عن حلف (المقاولة والمماتعة) وعن الدور الوظيفي للكيان الصهيوني “إسرائيل” والذي كشف عنه بايدن بأول تصريح له بعد 7 أكتوبر “إنه لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها” وهو تكرار لما ذكره عام 1986 ” لو لم تكن هناك إسرائيل لكان على أمريكا خلق إسرائيل لحماية مصالحها في المنطقة” الدور الوظيفي والحفاظ على الأنظمة العربية الديكتاتورية المستبدة مثال نظام طاغية الشام .لذلك فإن مآل الثورة السورية ضمن الواقع السائد من أنظمة عربية وإقليمية تنظر لمصالحها باستمرار تسلطها على رقاب شعبها ونظام عالمي يسعى لأجنداته بعيداً عن المبادئ والقيم وحق تقرير المصير للشعوب، تنظر الى الثورة السورية كخطر حال نجاحها ، ورؤية الدول الغربية وأمريكا وفق مصلحة الكيان الصهيوني “إسرائيل” نرى بأن تجميد الوضع الحالي سيستمر وضمن العقوبات إلى حين التطبيع مع الكيان الصهيوني عربياً ضمن حل صفقة القرن، لذلك على شعبنا ونخبه المثقفة وخاصة جيل الشباب العمل على مراجعة فكرية وسياسية للثلاثة عشر عاماً من الثورة وإعادة النظر بطريقة التفكير وتحديد الأولويات وإزالة العقبات التي شوهت صورة ثورتنا أمام المجتمع الدولي وحولت منجزاته الى إمارات وسلطة أمر واقع ، مثل الجولاني وهتش وفصائل أبو عمشة وأبو بكر والطعمة وجاموس والبحرة والمصطفى بعد رحيل شخصيات وطنية وثورية أمثال عبد القادر الصالح وأبو الفرات والساروت وكيلو و… وتحديد الأولويات ليكون طوفان الشام يعيد أولويات شعبنا بثورته بالحرية والكرامة والدولة الديمقراطية والمواطنة كغاية، وما قام به شعبنا بالسويداء تعبير صادق لبداية المرحلة القادمة “.
أما الكاتب والناشط الأستاذ منجد الباشا فقال:” كنت ومازلت من أشد المؤمنين بهذه الثورة وانتصارها. وفي قناعتي ان الثورة السورية العظيمة جاءت متأخرة عن موعدها.. اذ كان من المفترض حسب تصوري ان تنطلق مع انطلاقة ثورات شعوب أوربا الشرقية المتحررة من اسر منظومة الاتحاد السوفييتي السابق. في التسعينات من القرن المنصرم.
لقد كانت الاشهر الاولى للثورة عام 2011 هي التعبير الناصع عن قوة وعمق وشمول هذه الثورة لكافة ارجاء الوطن السوري ارضا وشعبا…اما ما تم انتاجه لاحقا من اطر ودوائر وهيئات مدنية وعسكرية وقانونية…انما جاء ليجسد حالة ثورة مضادة. شكلت تحديا صادما ومفاجئا للثورة السورية وان هذا التحدي لم يكن سوى نتاج اعادة صياغة كيانات هذه المنطقة وفق مشروع الشرق الاوسط الجديد الاستعماري …ووفق ارهاصات بزوغ نظام دولي جديد…المشغل الاول فيه امريكا ويليها الانظمة المسيطرة في هذا النظام …الآخذ بالتهاوي” ثم أضاف:” بالرغم من الحالة الراهنة …المعبرة عن تقدم الثورة المضادة وفشل الثورة وتوجسات ضياع الوطن السوري الموحد.. الا ان ايماني راسخ بانتصار هذه الثورة العظيمة …ولو بعد حين. فقد علمنا التاريخ ان ارادة الشعوب لم تنهزم…وان النظام الدولي الاستعماري الناعم الذي تعرى تماما في ساحات غزة الشهيدة…. لابد ان يتشظى وان يبزغ نظام دولي جديد أكثر عدلا وانسانية واحتراما لحقوق الانسان ينصر الشعوب وينصر هذه الثورة العظيمة وأخواتها”.