تُتم ثورة الشعب السوري، ثورة الحرية والكرامة، عامها الثالث عشر، وهي مازالت تحمل نفس المهام، وتنتج نفس الأساسات التي قامت على هديها ومحدداتها الشعبية والوطنية أواسط شهر آذار/ مارس عام ٢٠١١، عندما قررت جموع السوريين بكافة أطيافهم أنه لا بد من كنس الاستبداد الأسدي وعودة سورية إلى وضعها الطبيعي عبر بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، بعيدًا عن سياسات القمع والكبت والاعتقال السياسي، ولعل إصرار الشعب السوري على متابعة مسار ومسيرة الثورة السورية، يرجع إلى عوامل عديدة لعل أهمها:
– إن ما قامت من أجله وعلى أساسه ثورة السوريين، مازال غير منجز، وما برح يُلح على الناس من أجل استكمال إنجازه بإسقاط الدولة الأمنية الطغيانية، التي سرقت البلد، وكمت الأفواه، وأغرقت الوطن السوري في بحر من الدماء، مازلنا نعاني من تبعاته وآلامه حتى اليوم.
– كما أن تشكل الحلف المعادي لتطلعات السوريين من نظام بشار الأسد وعصابته، مع إيران/ الملالي وميلشياتها الطائفية، إضافة إلى الاتحاد الروسي المحتل لأجزاء كبيرة من سورية، مازال هو الآخر يجثم فوق تراب الوطن، ويساهم في النهب والسطو على خيرات سورية، ويحيل الجغرافيا السورية برمتها إلى مزيد من الاحتلالات، والكثير من الفساد والإفساد، وخطف سورية، ولجم حريتها، وكبح جماح نهوضها نحو الكرامة ودولة المواطنة.
– ما يدفع السوريين أكثر نحو إنجاز مهام ثورتهم الوطنية، هو تلك الاستدارات الإقليمية العربية وغير العربية، التي تهرول جهارًا نهارًا نحو التطبيع مع نظام المقتلة الأسدية، نظام الكيماوي والكبتاغون، غير آبهة بكل الدماء السورية المراقة على يد عصابة القهر والاستلاب الأسدي، بل تشيح النظر جانبًا عن كل ذلك، وتراها تُقبل نحو إعادة تأهيل نظام الإجرام الأسدي، في وقت مازال فيه هذا النظام مستنكف عن كل حالات الدخول في الحل السياسي، ثم المماطلة والتردد في تنفيذ أي من بنود (المبادرة العربية) التي على أساسها كان قبول النظام السوري في الجامعة العربية، بعد طرده منها لأكثر من اثني عشر عامًا خلت.
– يضاف إلى ذلك أن التفاهمات السعودية/ الإيرانية التي تم التوقيع عليها منذ ما يقرب السنة، في ١٠ آذار/ مارس ٢٠٢٣ في العاصمة الصينية بكين، وبإشراف وتشجيع صيني، مازالت تسير نحو مزيد من مثل هذه التفاهمات، بالرغم من انكشاف الدور الإيراني وعريه أكثر وأكثر، خاصة بعد العدوان على غزة والموقف الإيراني المخزي من هذا العدوان، حتى أمام من كان يعتقد بجدوى العلاقة مع الإيرانيين، ومع ذلك مازالت نتائج ذلك التفاهم تلقي بظلالها على مجمل الواقع السوري، وتنعش النظام السوري وتعطيه المدد، من أجل أن يستمر في قمع وقتل السوريين، وقضم ما يستطيع من أراضٍ خارج سيطرته في الشمال السوري.
– ولعل واقع التهجير القسري الذي طال السوريين وجعلهم مشتتين بين جنبات وأصقاع العالم تتقاذفهم الأمواج المائية أحيانًا، وأمواج الصراعات الدولية والإقليمية والمصالح أحيانًا أخرى، لعل ذلك أيضًا ما يحفز السوريين نحو إصرارهم على الثورة وديمومتها، حتى تحقيق أهدافها المعلنة.
– ناهيك عن أداء المعارضة السورية بكافة ألوان الطيف السياسي والعسكري والأيديولوجي، والصراعات البينية، والمصالح والمحاصصات، والتغول على بعضها البعض، والاشتباكات المستمرة بين الفصائل العسكرية، وفقدان الأمان بين ظهرانيها، هو ما يدفع كذلك لإعادة إنتاج الثورة من جديد، والإمساك بناصية الحقيقة، التي لا بد منتصرة، عاجلًا أم آجلًا، وعوا ذلك أم لم يعوه، أدركوا ذلك أم لم يدركوه.
وإذا كانت كل محاولات السوريين لإنتاج البديل لهذه التشكيلات من المعارضة السورية الرسمية قد باءت بالفشل، نتيجة ظروفها المتعددة وتشتتها وقلة حيلتها، فإن الضرورة واحترام الدم السوري، والوطنية السورية، لا بد أن يحفز الجميع من أجل إنتاج البديل الأهم، والمُعبر عن تطلعات السوريين، والمنطلق من جوانية الواقع السوري، وجذور انطلاقة ثورته، ومصداقية التضحيات التي جاءت من كل السوريين، على مذبح الحرية والكرامة ودولة المواطنة وسيادة القانون.
كل ذلك يشير إلى أهمية المراجعة اليوم لكل مفاصل ومنحنيات وتحركات وبناءات الثورة، ولعل النقد الصريح والجريء، بات ضرورة لا ضير منها ولا مناص، لكن الطريق مازال غير مفروش بالورود، ومازالت التدخلات الدولية وكل العامل الخارجي يلعب بأدواره المصلحية، علاوة على استمرار حالات التذرر والتشظي، التي باتت مرض المعارضة السورية، وكل تشكيلاتها الرسمية وغير الرسمية، ومازال الزمن والترهل في موازاته، لا يصنع الكثير، بل إن ذلك لا بد أن يُحرض أكثر على ضرورة الإسراع في إعادة انتاج وعي سوري أفضل، يجمع الجميع، ويستوعب كل الألوان، وكل تنوعات الأثنيات والطوائف، ويعمل بموضوعية وجهد يومي لإنتاج العقد الوطني السوري الجامع، الذي لا يفرق، بل يشد أزر الجميع بالجميع، وليس ذلك مستحيلًا ، إنما لا بد من الاشتغال عليه والدفع به، نحو سورية الوطنية الديمقراطية المنتمية إلى محيطها العربي.
تم تغافل الأس الأساس و المحرك الوحيد( بعد تخلفنا ) في قمع الربيع العربي ألا و هو أمريكا و من ورائها حلفاؤها …
إيران والمافيا الروسية و النظام العربي ليسوا أكثر من أدوات لها
و برأيي المتواضع أهم تصحيح في مسار الثورة السورية رفض العمل العسكري رفضاً قاطعاً ….