بسام شلبي
يونس لم يبتلعه الحوت
لكنه تعب كثيراً
فآوى إلى الخان
ليرتاحَ قليلاً
بين قافلتين من الشهداء
محملة بما تنوء به الإبل
من صور وذكريات
وأغراض مستعملة
وبقايا ألعاب أطفال
ودفاتر قديمة..
وأرقام وأسماء
يجلس يونس
على مصطبة الخان
في الظل
يجمع ذكريات طفولته
يحشرها في حقيبة صغيرة
فمازال أمامه سفر طويل
وعواصف وأنواء
البحر من أمامه
والنهر من ورائه
وبينهما حقل ألغام
وجبال و صحراء
وكم هي غادرة
هذه الصحراء
يسترخي قليلاً
بين غارتين
من السماء
يرتل ما تيسر له
من مزامير الرؤيا
وسورة الإسراء
يجفف بمنديله الأبيض
عرق جبينه
وبقايا دم
من جروح قديمة
وجروح جديدة
وجروح ستأتي
لتفسد الراية البيضاء
يونس لم يبتلعه الحوت
لكنه اسرى ليلاً
وعرج إلى السماء
ليسلم برقية عاجلة
إلى الشهداء
ثم يعود ليؤدي
الأمانات إلى أهلها
فلا تستعجلوا
وتمدحوه بخطب
وقصائد عصماء
فهو أصم لا يسمع
وهو أمي لا يقرأ
منشوراتكم النارية
حسبه أنه يرى
وهو لا يرى شيئا
من الأشياء
أفتمارونه عما يرى
وهو لا يرى
سوى نصراً يلوح
في الآفاق
المصدر: صفحة الكاتب على وسائل التواصل