يقول المعلق الإسرائيلي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” (شيلي يحيموفيتش) إن إسرائيل في طريقها إلى تلبية شرط حركة “حماس” بالالتزام بطلب وقف إطلاق النار تمهيداً لإبرام صفقة تبادل الأسرى، ويعتبر أن الغطرسة الصبيانية والهوس بخلق “صورة انتصار” لن تتحقق قط. جاء ذلك بمقال ترجمته “مؤسسة الدراسات الفلسطينية”.
- على الرغم من كل الأهوال والفظائع والإخفاقات المريعة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، لا يوجد جبن وعمى وإخفاق أكبر وأخطر من جبن بنيامين نتنياهو في هذه الساعات. عملياً، وعلى الرغم من التصريحات المتهورة والمتغطرسة، فإن إسرائيل باتت في مراحل متقدمة من الاستجابة لشرط “حماس” من أجل إعادة المخطوفين: وقف إطلاق النار. لكن زعماءنا يفتقرون إلى الشجاعة من أجل القيام بعمل بسيط، وقول هذا علناً، وإعادة 136 مخطوفاً، ووضع حدّ لهذه المأساة الأكثر قساوةً وإذلالاً منذ قيام الدولة.
- نقول هذا مجدداً: إسرائيل في طريقها إلى وقف إطلاق النار. خفض حجم القوات هو أول دليل في الميدان، وتقليص القتال وحصره في منطقة خانيونس فقط، والتقليل من الهجمات الجوية، وتسريح الاحتياطيين، وتوزيع واسع النطاق للمساعدات الإنسانية، وإعادة مأسسة الحكم الحمساوي، وإعلان وزير الدفاع يوآف غالانت الانتقال إلى مرحلة أقل كثافة قتالية. هذا كله يؤكد أننا أصبحنا هنا. وكل ما أرادته “حماس” منذ البداية ، حصلت عليه مجاناً. هذا أمر جنوني.
- لماذا نمنح “حماس” هدية وقف القتال من دون الحصول على مقابل يُعتبر الأغلى بالنسبة إلينا؛ المخطوفون؟ الذين جرى التخلي عنهم، الجائعون، المرضى، المعرّضون للضرب. هم يموتون، الواحد تلو الآخر، سواء من المرض، أو من الجوع، بعضهم يموت على يد مَن يأسره، والبعض الآخر على يد الجنود الإسرائيليين، سواء بالصدفة، أو في عمليات فاشلة. ويجب التوضيح أن العملية الفاشلة هي التي يعود فيها الأسرى جثثاً، بدلاً من عودتهم أحياء، يضاف إلى ذلك خسارة جنود شبان شجعان، من الذين يُطلب منهم القيام بالأمر عينه، مرات ومرات، والتضحية بحياتهم من أجل حرب تنتهي بالفشل.
- وبدلاً من أن نتوقف عند هذه النقطة، وما زال لدينا بقايا زخم، ندخل في مرحلة المراوحة، ونخسر على كل الجبهات: لم نهزم “حماس”، ولم نسترجع المخطوفين. بيان الجيش الإسرائيلي أمس، الموجّه إلى عائلات المخطوفين القتلى، لا يترك مجالاً للوهم، وجاء فيه: “لا نستطيع أن نستبعد، أو أن نجزم أن هؤلاء الجنود قُتلوا اختناقاً، أو تسمماً، أو جرّاء هجوم للجيش الإسرائيلي، أو عملية قامت بها “حماس”.
- لو وُضع إطلاق سراح المخطوفين حتى آخر واحد منهم منذ البداية كهدف للحرب. لو أعلنت حكومة إسرائيل أنها ستوقف الحرب عندما يعود آخر مخطوف. ولو وضعت الحكومة أهالي المخطوفين في مراتب الشرف أمام العالم، بدلاً من إسكاتهم وكمّ أفواههم والتحريض ضدهم، لكان في إمكاننا مواصلة ضرب “حماس” مع المحافظة على الشرعية الدولية، ومن دون لاهاي، ومن دون المخاطرة بخسارة التأييد الأميركي، الذي يمكن القول إنه هو الذي أنقذنا من خراب الهيكل الثالث.
- لم نفعل ذلك، لكن ما زال هذا ممكناً، ويجب أن يحدث عبر قنوات حوار سرية وعلنية أيضاً. وكل ما هو مطلوب أن يقف رئيس الحكومة من دون خزعبلات وألاعيب، وأن يعلن أننا مستعدون لوقف إطلاق النار في مقابل كل المخطوفين. وبعد عودة المخطوف الأخير، سيبقى لنا ما يكفي من الوقت من أجل محاولة تحقيق كل الأهداف، الحقيقية منها والوهمية، لهذه الحرب المحقة التي تخسر صدقيتها كل لحظة نتخلى فيها عن المخطوفين ونتركهم يواجهون حتفهم.
- في هذه الأثناء، إن الغطرسة الصبيانية، والهوس بخلق “صورة انتصار” لن تتحقق قط، وتعامينا عن رؤية أننا نخسر في كل الساحات، وحاجة نتنياهو إلى استغلال الوقت من أجل بقائه السياسي، والتمسك بالخطاب التهديدي المتغطرس والمتعالي، الذي لا غطاء له، والذي يمثل صدى منقطعاً وحزيناً لأمجاد الماضي، كل هذا سيجعلنا نُطرد من مدينة (غزة)، ونضطر إلى أكل كل الثمار الفاسدة التي لا يمكن هضمها هذه المرة.
المصدر: “مؤسسة الدراسات الفلسطينية”