الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

صور من هدنة غزة..

أحمد دمشقي *    

لاحظنا خلال الأيام السابقة التي فرضتها الهدنة “القطرية المصرية الأمريكية” بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، ومن خلال تداول صور الأسرى المحررين من الطرفين وعند الطرفين، وعند مقارنة هذه الصور مع صور المحررين في سورية من المدنيين “الأطفال والنساء والشيوخ وبعض الشباب” الذين أطلق سراحهم نظام بشار الكيماوي عبر السنوات الأولى للثورة السورية “حيث أنه خلال السنوات الـ 5 الأخيرة لم نر أنه أطلق إلا بضعة من المعتقلين السابقين وكثير من المجرمين والمحكومين جرمياً”.

لاحظنا أنه شتان بين ممارسات العدو الصهيوني وهو الآن في أوج جبروته وعدوانيته واجرامه “والتي تشابه أعمال عصابات ما قبل نكبة فلسطين الصهيونية” داخل معتقلاته لمن يعتبرهم ألد أعدائه، وقيام دولته قائم على ابادتهم ومحو ذكراهم، وبين ممارسات عصابات الأسد التي عملت ما عملت ضد أبناء سورية والذين بغالبيتهم العظمى تم اعتقالهم على الهوية وتحت مسميات انتمائهم للمناطق الساخنة والذين بغالبيتهم من مدن الثورة السورية السلمية.

لا تزال عالقة بأذهاننا صور المفرج عنهم وهم حفاة شبه عراة وكثير منهم فقد وعيه أو ذاكرته وفقد ثلاثة أرباع وزنه- ما قبل الاعتقال- من كثرة التعذيب وقلة النوم والظروف اللاإنسانية في معتقلات بشار الكيماوي المطعمة بالخبرة “الروسية- الإيرانية” المتوحشة في هذا المجال، ومع ذلك ومع كل فظاعة الصور لم يسعَ أحد “حكومات أو منظمات أو أفراد إلا ما ندر” للعمل لإجبار الكيماوي لإفراغ السجون من بقايا المعتقلين الذين ربما ينتظرون بصيص الأمل إن كان قد كُتب لهم البقاء على قيد الحياة.

وبينما السجون الإسرائيلية سجون علنية بغالبيتها ومسموح الزيارات فيها ومسموح الدراسة والتعلم وربما ممارسة بعض الهوايات، ونحن هنا لا نُشرِّف سجون الاحتلال بقولنا هذا، بل تظل هي سجوناً لمحتل يعتقل أصحاب الأرض ويمارس ظلمه وجبروته عليهم وهم العزل والمدنيين أمامه، لكننا نحاول تسليط الضوء فقط على تعامل العدو مع “أعدائه المُفترضين” وبين تعامل نظام مع “أبناء شعبه المُفترضين أيضاً” ونرى أنه شتان بين الحالتين من حيث الكم والكيف من حيث الشكل والمضمون، من حيث مستويات الاجرام وأدواته.. إلخ.

وفي سياق آخر نقارن بين حالتين أو صورتين جرت أو تجري، الصورة الأولى: من خلال أن معتقلي حماس من الإسرائيليين الذين لقوا كافة أنواع الراحة والحماية و”الدلال” حسب المستطاع أيضاً، فيا تُرى هل عاملت حماس معتقلي “فتح” عام 2006 عند صراعها المسلح معها بنفس الإنسانية اللامتناهية حتى رعت لهم كلابهم؟.

والصورة الثانية: نستحضر أيضاً أسرى ما كان يسمى “جيش الإسلام” من خُصمائه من الفصائل الأخرى في الغوطة الشرقية الذين أفرج عن بعضهم حفاة عراة ومعطوبي الأعضاء أحياناً وقبيّل دخول النظام للغوطة بأيام قليلة، في حين أنه نفسه “جيش الإسلام” أفرج عن معتقلي النظام أو الأسرى لديه مُعززين مُكرمين صحتهم جيدة لا ينقصهم شيء عام 2018، وهنا تنطبق المقولة التي تعكس الحال التي يجب أن يكون “أصحاب القرار أو أصحاب القوة أو أصحاب الحق” عليها وهي: “بأسهم شديد بينهم ورحماء على أعدائهم”.

إن عدم ربط أحداث غزة بقصة النكبة السورية وبفظائع الأسد ومن لف لفه حتى المعارضة الملعوب بها، والذي شُرِع لقتل الإنسان السوري بلا ثمن وسكت الجميع عن ذلك، لهو من السذاجة السياسية وقصر النظر، ويدل على عدم الإلمام بما يحاك للمنطقة العربية والشعب العربي الذي يقبع بين مطرقة الصهاينة وسندان التغول الإيراني ووقوده الداعم من البيادق ممن يسموّن أنفسهم “معارضة”..

* كاتب وناشط سوري مقيم في دمشق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.