(الحرية أولاً) ينشر حصرياً الكتاب المفقود «في الفكر السياسي» بجزئيه، للمفكرين “الأربعة الكبار”، وهذه الحلقة الثامنة عشر من الجزء الأول– (10). مستقبل حركة التحرر الوطني؛ بقلم الأستاذ “الياس مرقص”
(10). مستقبل حركة التحرر الوطني
موقف ستالين
ما هو موقف ستالين من مستقبل الحركة الوطنية (القومية)?
يقول ستالين في عام ۱۹۱۳- ويكرر في عام ۱۹۲۹- «أن الأمة مقولة تاريخية لعهد الرأسمالية الصاعدة»، ولذلك «فإن سقوط الحركة الوطنية (القومية) لا يتم إلا بسقوط الرأسمالية»- ليضيف إلى هذا الكلام في عام ۱۹۲۹أن سقوط النظام الرأسمالي والأمم البرجوازية يؤدي إلى قيام الأمم الاشتراكية.
إن هذه الصيغة الستالينية «سقوط الحركة الوطنية» إن دلت على شيء، فإنما تدل على موقف ستالين الذهني والعاطفي من المسألة الوطنية: أنها في نظره، شرٌ لابد من معالجته، فهي تعكر نضال الطبقات «الخالص»، وتشوش على الصراع القائم بين البروليتاريا والبرجوازية على الصعيد المحلي والدولي.
موقف لينين
وبعد ثورة أكتوبر، طور ستالين موقفه الأصلي، وأعلن في عام 1924 أن الشعوب المستعمرة والمضطهدة تشكل احتياطياً كبيراً للثورة البروليتارية الاشتراكية. أما لينين فقد ذهب إلى ابعد من ذلك، وأكد مبدأ تحول الحركة القومية إلى حركة اشتراكية.
فقد جاء في تقريره إلى المؤتمر الثالث للكومنترن في حزيران ۱۹۲۱ ما يلي:
« يجب أن يكون واضحاً كل الوضوح أن هذه الحركة التي تقوم بها غالبية سكان العالم والتي كانت تهدف في الأصل إلى التحرر القومي، سوف تتحول، في المعارك الحاسمة القادمة من الثورة العالمية، ضد الرأسمالية وضد الامبريالية ». (حركة التحرر الوطني في الشرق، ص۱۹۹).
والواقع أن حركة ضد الرأسمالية هي حركة اشتراكية.
ولذلك، يمكن القول أن الطريق إلى الاشتراكية، بالنسبة لشعوب الشرق، ينطلق من النضال القومي.
وعلى هذا الأساس، فان لينين كان يؤكد «أن الثورات القادمة في بلدان الشرق.. ستُظهر من السمات والملامح الخاصة أكثر مما أظهرت الثورة الروسية بكثير»
وقد سخر مراراً من «فرسان الأممية الثانية» و« الأممية ½ 2» وجميع الانتهازيين والمرتدين عن الاشتراكية لأنهم كانوا يؤكدون «أن روسيا ليست ناضجة للاشتراكية» ويعلقون الثورة الاجتماعية على شرط نمو القوى المنتجة حتى تبلغ درجة معينة من التطور.
حتى أن لينين ذهب إلى تأكيد عدم حتمية المرحلة الرأسمالية في تطور بعض شعوب الشرق. بل قال بإمكان انتقال بعض هذه الشعوب من أنظمة ما قبل الرأسمالية (الاقطاعية أو النظام القبلي مثلاً) إلى النظام الاشتراكي، إذا ما توفرت لها ظروف ملائمة (راجع حركة التحرر، ص 185).
هذا كله ذو أهمية بالغة.
وهو يعني أن لينين كان ينظر إلى الحركة القومية نظرة ديالكتية تقوم على النمو والتحول، ويثق بمستقبلها العظيم.
4 – الستالينية في حيز التطبيق
يمكن القول إذاً أن لينين وستالين قد اتخذا موقفين مختلفين من مفهوم الأمة ومن طبيعة الحركة القومية ومحتواها الطبقي. ولكن لا ندري ما إذا كانت قد قامت بين الإثنين مناقشات صريحة حول هذه المواضيع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع.. الحلقة التاسعة عشر بعنوان: (11). سياسة ستالين في الداخل؛ بقلم الأستاذ “الياس مرقص”