بسام شلبي
عندما تأسس هذا الكيان كانت القاعدة الاهم بالنسبة له أن حكومته ملتزمة بحماية أي فرد منه مهما كلفها الامر حتى لو كان شن حرب من اجل فرد و حتى لو مات أو قُتل فهي ملتزمة باستعادة رفاته، وربما نتذكر كم بذلت من جهود في سبيل استعادة رفات الجاسوس “كوهين”، أما منذ العام ٢٠١٤ فقد انقلبت على هذا المبدأ المؤسس بإقرار قانون “هانيبعل” الذي يجيز للجيش تنفيذ عمليات قد تؤدي لقتل أسراها كي لا يصبحوا أداة ضغط عليها.
كذلك فعند قيامها اعتمدت مبدأ التعبئة العامة الذي يجعل من كل فرد جندي وقت النفير، أي أن مسؤولية الأمن والحماية كانت مناطة بالجميع على حد سواء وليست مسؤولية الجيش والاجهزة الأمنية فقط، وكان استثناء الحاخامات والمتدينين الذين يَدْرسون أو يُدرسون في المدارس الدينية فقد كانت نسبة قليلة جداً أواسط القرن الماضي أما الآن فقد اصبحت نسبة كبيرة غير ملزمة بهذا الانخراط العسكري، في حين أنها أصبحت منخرطة في صناعة القرار السياسي بدخولها البرلمانات و الحكومات بالأخص الحكومة الأخيرة التي بدأت الاتهامات لها بتوريط المجتمع الصهيوني بحرب دموية هي وأبنائها غير ملزمين بالمساهمة الفعلية فيها، و هذا يخلق تناقض مجتمعي كبير.
كذلك ارتفاع نسبة الشيخوخة في المجتمع يجعل من نسبة كبيرة خارج خارطة العسكرة والاحتياط، وارتفاع نسبة العرب الذين هم ممنوعون من المشاركة بل أكثر من ذلك أنهم دائماً موضع شك وريبة مما يخلق مشاكل أمنية ومجتمعية تفُت عضد الكيان.
كذلك فإن احتفاظ معظم المهاجرين الأوربيين و الأمريكان بجنسياتهم الأصلية حتى الجيل الثالث تُبين مدى الشك الدفين في مستقبل هذا الكيان ويوسع التناقض مع المهاجرين من دول عربية أو افريقية الذين تخلوا عن جنسياتهم الاصلية.
إن كل هذا الكم من المعضلات والتناقضات لا يمكن أن يُغطيه الدعم غير المحدود من الغرب وفائض القوة التي راكمته عبر عقود.
وأخيراً، أن العالم الذي تكوّن بعد الحرب العالمية الذي ولدت من رحمه قد تغير، فعندما أعلنت اعترفت بها الولايات بعد بضع دقائق وتلاها اعتراف الاتحاد السوفياتي بعد بضع دقائق أخرى مما يؤكد أن وجودها كان نقطة توافق بين القوتين المنتصرتين الأعظم وقتها واستمر هذا التوافق لعقود ولكن لا شك أن هذا يتغير الآن مع دخول قوى جديدة ولاعبين دوليين واقليمين على الخط دون توافقات مسبقة.
ولا سيما أن وجودها ودورها متناقض مع حقائق التاريخ والجغرافيا والتوازن الديمغرافي؛ إن ذلك يمكن التغلب عليه على المدى القريب لكن لا يمكن على المدى الطويل، وربما أصدق تعبير هذه الحقائق هو ما قاله بيريز يوماً: “لقد ارتعدتُ خوفاً عندما قرأت تاريخ الحروب الصليبية في المنطقة”؛ لأن التشابه بين المحاولتين كبير جداً.
المصدر: صفحة الكاتب على وسائل التواصل