الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

 الأمم المتحدة في دورتها الـ78… لا غنى عنها رغم عجزها

نبيل الخوري *

مع انعقاد الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر/ أيلول الجاري، يستعيد النقاش بشأن مصير هذه المنظمّة الدولية زخمه، في ضوء حرب أوكرانيا التي أشعلتها روسيا في 24 فبراير/ شباط 2022. هل يمكن اعتبارها اليوم مؤسّسة دولية بالية؟ غير متكيّفة مع التطورات والتحديات العالمية الجديدة؟ هل تتكرّس يوماً بعد يوم بوصفها إطاراً شكلياً للتعدّدية القطبية، ما يضاعف أكثر فأكثر من نقمة الدول الصاعدة؟ وما الفائدة من وجودها طالما أنها تعجز عن تفادي مثل تلك الحرب الكبيرة والخطيرة وغير المباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوكرانيا؟

تفرض هذه الحرب على المنظمة الدولية تحدّياً وجودياً. لا تتعلق الإشكالية هنا بدورها “الإنساني والاجتماعي والحقوقي”، فهي أثبتت، في هذه المجالات، قدرتها على “الاستجابة”، كما تظهر الباحثة عائشة البصري، في ورقة “تقييم حالة” نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في 25 أغسطس/ آب 2022. تجسّدت هذه الاستجابة من خلال أفعال وتدخلات، لم تساهم في وقف الحرب، إنما خففت من آثارها ولو نسبياً. ووجّهت رسالة مفادها بأن لا إفلات من العقاب على خلفية الجرائم المرتكبة في أوكرانيا. برزت الإشكالية مع إحجام الأمم المتحدة، سيما الأمين العام، عن القيام بدور الوساطة لتجنّب اتساع الحرب، ثم لوقف إطلاق النار وإرساء الهدنة، وبمعنى آخر مع “فشلها في الوفاء بالتزاماتها الدبلوماسية تجاه التسوية السلمية للنزاعات الدولية”، كما تلاحظ البصري.

سبب هذا التقاعس يكمن في أن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن، شأن الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا، ما يمنحها حقّ النقض، المُكرَّس منذ تأسيس الأمم المتحدة في 1945. هكذا يتسم نظام الأمن الجماعي في العالم بالمحدودية، لأنه “يمكن لامتيازات القوى العظمى أن تتفوّق على (مبدأ) المساواة في السيادة” بين جميع الدول، وفق تقرير جماعي، بإشراف الباحث باتريك ستيوارت (Stewart Patrick)، بشأن مسألة إصلاح مجلس الأمن ومواقف الدول منها، نُشِرَ في الموقع الإلكتروني لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي سنة 2023. صحيحٌ أن حقّ النقض يكفل (حتى الآن) تجَنُّب “حرب كارثية بين الدول العظمى”، لكنه يمنع مجلس الأمن من ردع أي انتهاك للقانون الدولي تقوم به الدول الخمس دائمة العضوية، ويتيح لهذه الدول “عرقلة العمل الجماعي” للأمم المتحدة و”حماية أنفسها وحلفائها من المساءلة”، عندما تنتهك القواعد الدولية، بحسب ما يورد التقرير الذي يخلص إلى أن “احتمال إلغاء هذا الامتياز ضئيل”.

أي إمكانية للإصلاح؟

يدفع هذا الواقع إلى المطالبة بإصلاح الأمم المتحدة وإلغاء حق النقض. ويذهب بعضهم إلى حد الإصرار على حرمان روسيا من مقعدها الدائم في مجلس الأمن. والحال أن انتهاك الأخيرة المبادئ المنصوص عليها في شرعة الأمم المتحدة هو الذي يبرّر مثل تلك المواقف “الراديكالية”. لقد طعنت موسكو بمبدأ حظر استخدام القوة وانتهاك السلامة الإقليمية لدولةٍ ذات سيادة، ومبدأ الامتناع عن اللجوء إلى التهديد بالقوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو ضد الاستقلال السياسي لأي دولة، أو بما لا يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة. لكن راديكالية بعضهم يقابلها الحذر لدى آخرين، مثل الباحثة، مغالي شيلبي- دين هامر (Magali Chelpi-den Hamer)، التي تعالج مسألة إصلاح المنظمة الأممية بعد حرب أوكرانيا، في مقالة لها نشرها الموقع الإلكتروني لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، الفرنسي، في 7 مارس/ آذار 2022. 

وهي تتحدّث عن ثلاثة سيناريوهات محتملة:

1). الامتناع عن القيام بأي تغييرٍ خوفاً من تصعيد كبير جداً، أي عدم المسّ بحقّ النقض وعدم تعديل طريقة عمل مجلس الأمن، مع احتمال أن يترافق ذلك مع تجدّد حالة الاستقطاب العالمي.

2). محاولة الإصلاح من خلال جعل روسيا دولة منبوذة، لكن خيارا كهذا مكلف للغاية. 

3). محاولة الإصلاح من خلال الطعن بفكرة حقّ النقض، وفتح مجلس الأمن أمام أعضاء دائمين جدد، لكن ثمن تغييرٍ كهذا غير معروف، وفق تقدير الباحثة التي تتوقع مقاومة شديدة له وتحديداً ممن لا يريد أن يخسر نفوذه، أي الدول العظمى، كما تعلّل في مقالتها.

عقبات كثيرة… وبعض التقدّم: 

تواجه مسألة إصلاح مجلس الأمن “عقبات هائلة” بحسب تقرير مؤسسة كارنيغي. وهي تتعلق بـ”العقبات الإجرائية الكبيرة التي تحول دون تعديل ميثاق الأمم المتحدة”، إضافةً إلى “مواقف الدول الأعضاء المتباينة بشأن الحجم والشروط المقبولة لأي زيادة لعدد أعضاء مجلس الأمن”. ناهيك عن الخلاف بشأن حقّ النقض وما إذا كان سيتم منح هذا الامتياز إلى أي أعضاء دائمين جدد أم لا، وفق التقرير نفسه. في الواقع، يجري التداول في زيادة ستة أعضاء دائمين، إنما من دون منحهم حق النقض: اليابان، ألمانيا، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا، ونيجيريا أو مصر، إضافةً إلى زيادة عدد الأعضاء غير الدائمين. هكذا، يمكن أن يقفز عدد أعضاء المجلس من 15 إلى 25. أكثر من ذلك، ثمّة إنجازات ذات بعد إصلاحي تم تحقيقها، تتصل خصوصاً بطريقة عمل مجلس الأمن الذي “بات فاعلاً جداً، ويجتمع يومياً في جلسات شبه رسمية، منذ نهاية الحرب الباردة”، كما يشير السفير الفرنسي الأسبق في الأمم المتحدة، جان-مارك دو لا سابليار (Jean-Marc de La Sablière)، في كتابٍ له عن المنظمة الدولية (2017). ولكن لا يمكن المبالغة في تقدير أهمية تقدّم كهذا، سيما بعد حرب أوكرانيا وتداعياتها، فهي تفرض ظروفاً غير ملائمة للأداء الأممي، وتهدّد “قدرة المجلس على العمل (…) للتوصل إلى تسوياتٍ في عالم منقسم”، وذلك نتيجة تأثير “التوتّرات بين الشرق والغرب (…) على مداولات (مجلس الأمن) اليومية، بما في ذلك إصدار البيانات الرئاسية والصحافية”، حسبما يشير تقرير كارنيغي.

التخفيف من استخدام حقّ النقض؟

تبقى مشكلة حقّ النقض التي يمكن حلها، بحسب رأي الدبلوماسي الفرنسي، من خلال إجراءات تجعل استخدامه “أصعب وأصعب”، وتتيح “إلغاءه في بعض الظروف”، خصوصاً لدى وقوع عمليات إبادة جماعية، كما تقترح فرنسا. هذا أقصى ما يمكن الوصول إليه بسبب تعنّت مواقف الدول العظمى، وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة التي كانت سبّاقة في رفض التخلي عن حق النقض منذ مؤتمر سان فرانسيسكو التأسيسي للأمم المتحدة في العام 1945، وذلك حين وجهت رسالة ضمنية إلى المعترضين، لا سيما النمساويين، مفادها بأن “لا أمم متحدة من دون حقّ النقض”، كما يشير دو لا سابليار. لكن أقصى ما يمكن أن توافق عليه الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن هو أقل من الحد الأدنى الذي يمكن أن يرضي بقية الدول، الصاعدة خصوصاً، فهذه القوى “الجديدة الصاعدة في الجنوب التي تمارس تأثيراً اقتصادياً في العالم، والتي سيكون لديها في يوم مقبل تأثير سياسي عالمي، لا يمكنها أن تقبل إذاً بنظام حوكمة للعالم في مجال السلام والأمن، يستثنيها”، وفق تحليل الدبلوماسي الفرنسي.

خطر عدم الانصياع لمجلس الأمن:

بمعنى آخر، سيكون هناك أثمان محتملة لعدم الشروع بتنفيذ أي إصلاح وتعديل واقع التمثيل العالمي في مجلس الأمن، والأخير يفتقد الشرعية في نظر عدد متزايد من اللاعبين الدوليين. ومن المرجّح ألا يظل هؤلاء متفرّجين إلى ما لا نهاية على واقع تهميشهم لصالح هيمنة “قوى غير مسؤولة وغير تمثيلية تميل إلى إساءة استخدام مناصبها بدلاً من حماية السلام”، وفق تقرير “كارنيغي”. أما رد الفعل المتوقع من الدول الناقمة، والذي يثير مخاوف، فيتمثل في “عدم الامتثال لقرارات” مجلس الأمن “بما فيها المتعلقة بالحد من الأسلحة والعقوبات”، كما يفيد التقرير نفسه. من هنا ضرورة تعديل التمثيل لتعزيز الشرعية والأداء وبالتالي الفعالية، مع أن هناك “تشكيكا بأن يتوصّل مجلس أمن مؤلف (من عدد أكبر من الأعضاء) إلى توافقاتٍ بشكلٍ أسهل من مجلس الـ15 عضواً”، وفق ما يذكر الباحث جان-ماري غوينو (Jean-Marie Guéhenno)، في ورقة بحثية له نُشِرت مطلع 2021، في مجلة “Politique étrangère”، التي يُصدرها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية. والفرضية المطروحة تفيد بأنه “إذا كان من شأن توسيع المجلس أن يجعله أكثر تمثيلاً لعلاقات القوة في العالم اليوم، إلا أنه سيجعله أيضاً أكثر تمثيلاً لانقساماته”، بحسب ما يخلُص إليه غوينو. وهذا يعني بالطبع أن منظمّة الأمم المتحدة ستبقى عاجزة عن حل بعض النزاعات الدولية سلمياً، تحديداً التي تتورّط فيها الدول الكبرى، والتي تؤثر على مصالحها.

ثمّة استعصاء إذاً في مسار إصلاح مجلس الأمن، من المرجّح أن يستفحل أكثر فأكثر، وأن ينعكس ليس على مسائل الأمن في العالم فحسب، بل كذلك على قضايا ذات مصالح مشتركة بين جميع القوى الدولية، مثل البيئة وتغيّر المناخ وانتشار الأسلحة النووية. وسيكون “من الصعب جدًا إقناع الدول العظمى بالتعاون” بشأن هذه القضايا “لأن المنافسة الأمنية الشديدة في هذا العالم متعدد الأقطاب بين تلك البلدان تطغى على حوافز التعاون”، كما يتوقّع عالم السياسية الأميركي، جون ميرشايمر (John Mearsheimer)، في حديثه لقناة “CNN – News 18″، يتمحور حول موضوع رئاسة الهند مجموعة العشرين، في سبتمبر/ أيلول الحالي.

البحث عن أفضل الممكن:

لا تبشّر التقديرات والفرضيات بالخير إذاً، بيد أن تجنّب السوء ليس مستحيلاً بالمطلق. ثمّة تقييمات لا تقلّل من شأن محدودية دور الأمم المتحدة، لكنها تروّج إمكانية إدارة الاستقطاب العالمي الحاد حالياً، بين الصين وروسيا والولايات المتحدة والغرب، على قاعدة الاكتفاء بما يمكن أن يكون أفضل الممكن. بمعنى أن الحفاظ على وجود المنظمة الدولية، على علّاتها، يبقى أخف وطأة من زوال ما تمثله من إطار تواصل بين الدول العظمى؛ تواصل يكفل عدم التصعيد وربما عدم اندلاع حرب عالمية ثالثة. ويستعرض تقرير كارنيغي بعض هذه التقييمات التي تلاحظ أن “مجلس الأمن يظل، على الرغم من كل عيوبه قوة استقرار لا غنى عنها وحجر الزاوية في النظام الدولي”، وأنه “بكل بساطة لا يوجد أي (إطار آخر) في الأفق ليحل محله”. بالطبع، دور المجلس محدود، لكنه غير “مشلول بالكامل”، كما يؤكّد السفير الفرنسي الأسبق في الأمم المتحدة، دو لا سابليار. كذلك، لا يمكن الاستهانة بدور الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولو أن سلطتها معنوية. وتزداد قيمة دورها مع إقدامها مباشرة، بعد اندلاع حرب أوكرانيا، على تبنّي إجراء جديد في إبريل/ نيسان 2023، “يخوّلها أن تجتمع، تلقائياً، في غضون عشرة أيام، بعد استخدام أيٍّ من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن حق النقض (الفيتو)، حتى يتسنّى لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التدقيق والتعليق على الفيتو”، بحسب أحد البيانات الأممية. وهذا ما يفسره الدبلوماسي الأميركي، والوكيل السابق للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، باعتباره خطوة من شأنها أن “ترفع الكلفة السياسية لاستخدام حق النقض” وأن تجعل الدولة التي تستخدمه “موضع مساءلة أمام أعضاء الأمم المتحدة ككل”، على حد قوله في ورقة له حول مسألة “الحرب والسلام والنظام الدولي بعد (حرب) أوكرانيا”، نُشِرت في الموقع الإلكتروني لمعهد بروكينغز، في 28 مارس/ آذار 2023.

صراع وتعاونٌ في آن:

ساهمت الصدمة التي أحدثتها حرب أوكرانيا، ويمكن أن تساهم، في فتح الباب أمام تحسينات طفيفة على أداء الأمم المتحدة، لكن مشروع التغيير الجذري في تركيبة عمل مجلس الأمن وطريقته سيكون شبه مستحيل. ففي ظل المناخ السياسي الدولي، الذي يتسم بتوتر وانقسام شديديْن، “من غير الممكن إنشاء أمم متحدة جديدة أو نظام عالمي جديد يقوم على تفاهمات مشتركة”، كما يلاحظ فيلتمان. لكن الدبلوماسي الأميركي يذكّر بدروس التاريخ التي تفيد بأن “الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي” تعاونا خلال حربهما الباردة “في مجال منع الانتشار النووي والقضاء على الجدري والحد من الأسلحة وتطوير عمليات السلام”. ويؤكّد أن العبرة الأساسية من ذلك “تتمثل في أن “القوى العظمى قادرة على مواجهة بعضها بعضا والتعاون في وقت واحد”. من هنا، يدعو فيلتمان إلى محاولة إصلاح مجلس الأمن، من زاوية “معالجة حالة عدم المساواة العالمية التي تؤدّي إلى قدر كبير من الاستياء المفهوم في الجنوب العالمي”. لكنه يقترح في المقابل رؤية أخرى تقوم على “رفد النظام العالمي الحالي بمؤسسات وآليات جديدة تتمتع (…) بتفويضاتٍ متنوّعة تبعاً للمشكلات التي يتعين معالجتها”. هكذا، يمكن للدول الصاعدة أن تشارك في إدارة أزمات إقليمية أو دولية كتعويض عن استثنائها من العضوية الدائمة في مجلس الأمن، أو حرمانها (لاحقاً؟) من “الفيتو”.

قد لا يكون مصير الأمم المتحدة بعد حرب أوكرانيا مشابهاً لمصير “عصبة الأمم”، التي تأسّست بعد الحرب العالمية الأولى، والتي لم تحل دون اندلاع الحرب العالمية الثانية. لكنها لن تتمكّن من تحقيق السلام المستدام في العالم. ستظلّ تحاول القيام بالمهمة. 

إلا أنه، وبسبب احتدام التنافس الدولي بين الدول العظمى، من المرجّح أن تزداد حالات فشل دبلوماسية الوقاية من الأزمات والحروب، وأن تكتفي المنظمة الدولية بإدارة الأزمات لكن من دون حلّها.

…………..

المراجع:

عائشة البصري، “استجابة الأمم المتحدة للغزو الروسي لأوكرانيا: فشل دبلوماسي وإنجازات إنسانية”، تقييم حالة”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 25 أغسطس/ آب 2022.

Jean-Marc de La Sablière, Indispensable ONU, Paris, Plon, 2017; Jean-Marie Guéhenno, “Qu’attendre de l’ONU aujourd’hui?”, Politique étrangère, 2021 (1), pp. 79-91; Jeffrey Feltman, “War, peace, and the international system after Ukraine”, Brookings Institution, March 28, 2023; Magali Chelpi-den Hamer, “La réforme tant attendue de l’ONU viendra-t-elle de la crise ukrainienne ?”, Institut de Relations Internationales et Stratégiques, 7 mars 2022; Stewart Patrick (editor), “UN Security Council Reform: What the World Thinks”, Carnegie Endowment for International Peace, 2023. John Mearsheimer, “Talks About India’s G20 Presidency”, CNN-News18, September 2023: 

https://youtu.be/L9VRqaP1Obc?si=4Ltt7q1megwqH9Hy  

ــــــــــــــــــ

* كاتب أكاديمي وباحث لبناني

المصدر: العربي الجديد  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.