ياسمين عبداللطيف زرد *
مع استمرار حصول ترامب على تقييمات مرتفعة فى استطلاعات الرأي، زار الرئيس الأسبق- باراك أوباما- نظيره الحالي بايدن في البيت الأبيض، ليبدي دعمه له، كما أعرب عن قلقه وخوفه البالغيّن حيال الانتخابات الرئاسية 2024. في ضوء ذلك، نشر مركز The American Enterprise Institute مقالاً للكاتب ماثيو كونتينيتي، ذكر فيه أن قلق أوباما غير نابع من ارتفاع نقاط ترامب في استطلاعات الرأي، بل من ازدياد حدة الغضب الأمريكي تجاه بايدن، وأن ارتفاع أرقام ترامب هو في حقيقته انعكاس لضعف بايدن… نعرض من المقال ما يلي:
فى أواخر حزيران/ يونيو الماضي، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست، التقى الرئيس الديمقراطي الأمريكي الأسبق باراك أوباما مع نظيره الحالي جو بايدن، لتناول طعام الغداء في البيت الأبيض. كان لدى باراك أوباما رسالة محددة إلى الرئيس الأمريكي؛ قال أوباما إنه سيدعم بايدن بقوة في الانتخابات الرئاسية عام 2024، ومع ذلك لم يكن هذا هو الغرض الحقيقي من اللقاء، إذ أراد أوباما من بايدن أن يفهم مخاطر إعادة المنافسة الرئاسية مع دونالد ترامب مرة أخرى، وأن ذلك يعني أن ترامب يمكن أن يكون مرشحاً صعباً أكثر مما يدركه العديد من أعضاء الحزب الديمقراطي.
يرى كاتب المقال أن أوباما محق في أن يكون غير مرتاح، إذ أظهر استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز في آب/ أغسطس الحالي أن ترامب وبايدن متعادلان تقريباً مع تفوق طفيف لبايدن، مما يعني أن لوائح الاتهام الفيدرالية والمحلية المتعددة الموجهة ضد ترامب لم تفعل شيئاً لتقليص تقدمه في استطلاعات الرأي! كما أن الأرقام المباشرة لترامب أفضل من أرقامه في انتخابات 2020 وتقريباً في نظيرتها عام 2016. وهذا يؤكد أنه قادر على المنافسة في الانتخابات العامة.
- • •
على كلٍ، صحيح أن الاستطلاعات قد تكون غير موثوقة، ويمكن أن يحدث الكثير خلال الأشهر الفاصلة. إلا أن ما يقلق أوباما لا علاقة له بنتائج الاستطلاعات، لكن شيئاً آخر يضايقه وهو مزيج اللامبالاة والعداء الذي تشعر به الناخبات والناخبون تجاه بايدن، ومع ذلك لن يعترف أوباما علناً بعيوب الرئيس الأمريكي.
في تغطية صحيفة واشنطن بوست للقاء أوباما ببايدن في البيت الأبيض، جاء أن أوباما أوضح أن مخاوفه لم تكن تتعلق بقدرات بايدن السياسية، بل تتعلق بقبضة ترامب الحديدية على الحزب الجمهوري. إلا أن هناك بعض النقاط التي ينبغي أن تستقر فوق حروفها، صحيح قد تساعد ترامب قبضته الحديدية على الحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية، وقد تساعده في كسب الأنصار، لكن الناخبات والناخبين المستقلين سيقررون الفائز في الانتخابات العامة بناء على تقييماتهم لبايدن، وبما أن قوة الأخير آخذة في الانخفاض فإن قوة ترامب الحالية تعكس في حقيقتها بكل بساطة ضعف بايدن.
وعلى الرغم من أن بايدن يتفوق بأغلبية ساحقة على منافسيه في ترشيح الحزب الديمقراطي، إلا أنه يحظى بأقل من ثلثي الأصوات الأولية. وهذه نسبة مُقلقة، لأنه يعني عدم وجود حماس. كما أن التبرعات التي يحصل عليها الحزب الديمقراطي انخفضت مقارنة بالحملة الرئاسية فى 2020. بشكل عام، لا يولي بايدن نفس الولاء والحماسة التي كان أوباما يوليها بين تياره الليبرالي، أو التي يقوم بها الآن ترامب في حزبه الجمهوري. وفي دراسة حديثة أجرتها واشنطن بوست لبيانات مكتب الإحصاء وجدت أن إقبال الناخبات والناخبين “السود” قد انخفض بمقدار 10 نقاط بين انتخابات التجديد النصفي لعام 2018 و2022، مما يعني أن السود يبتعدون عن اليسار. وكذلك حال الناخبين من أصل إسباني من كلا الجنسين.
يطمئن النقاد الليبراليون أنفسهم من خلال مقارنة بايدن برونالد ريجان. ففي فترة ولايته الأولى، كانت معدلات تأييد ريجان منخفضة. وفي الانتخابات الرئاسية لتولي فترة ثانية، حصد ريجان في موجة البيانات الاقتصادية تقييمات إيجابية وأعيد انتخابه بأغلبية ساحقة.
بايدن يريد أن يفعل الشيء نفسه. يريد أن يشير إلى بعض البيانات الجيدة: فالتضخم والبطالة وأسعار الفائدة كلها أقل اليوم مما كانت عليه قبل 40 عاماً، كما يزدهر بناء المصانع في عهده بفضل الدعم الحكومي للطاقة الخضراء وأشباه الموصلات. لذا، من المنطقي أن يكون في طريقه لتحقيق نصر سهل في إعادة انتخابه عام 2024. لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن. فأنصار بايدن في كلا الحزبين قالوا إنه أكبر من أن يخدم فترة ولاية ثانية، ولن يغير أي تقرير إيجابي عن البطالة هذا الشعور، فسن بايدن وضعفه يحد من تفاعله مع الجمهور والصحافة.
وفي الحقيقة، الأمور ليست جيدة، إذ خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للولايات المتحدة. وسعر الغاز آخذ في الارتفاع. كما أن الاحتياطي البترولي الاستراتيجي عند أدنى مستوى له منذ 40 عاماً. وبعد فترة هدوء، ارتفع تدفق الهجرة عند المعابر الحدودية غير الشرعية. والهجوم المضاد الأوكراني لم يخترق الدفاعات الروسية بعد. باختصار، بايدن يفتقر إلى التحليق بأمريكا عالياً.
- • •
كلمة أخيرة، الحزب الديمقراطي مقتنع بأن احتمالية عودة ترامب مرة ثانية ستخيف الناخبين والناخبات وتدفعهم لإعادة انتخاب بايدن، قد يكون هذا صحيحاً، لكن المؤكد- مع اقتراب 2023 من نهايتها- أن ترامب يهيمن، بايدن يكافح، وأوباما قلق.
……………….
ــــــــــــــــــــــ
* كاتبة صحفية ومترجمة مصرية
المصدر: الشروق