شعارٌ يصدحُ به الشعب السوري منذ عام 2011 رداً على شعار النظام “الأسد او نحرق البلد”، فلا بد لهذا النظام الذي أجرم بحق شعبه منذ أكثر من نصف قرن أن يرحل، عاد الشعار يتردد في أرجاء سورية في الجنوب والشمال، وكما قلنا في أكثر من مرة منذ انطلاقة الثورة السورية ضد نظام العمالة والاجرام، نظام النهب والفساد والذي فرّط بأرض الوطن وثرواته وحرم شعبه من كل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإنسانية كلها من خلال نظام قمعي أحدثه في سورية بمساعدة نازيين ومجرمي حرب وشذاذ آفاق معروفين للعالم كله، و كأن العالم المتحضر سمح لهذا النظام بجمع هذه الحثالات ليريح العالم منهم وليكونوا أداة قمعٍ لنظامٍ وظيفي له مهمات عالمية واقليمية متعددة. مارس هذا النظام الوظيفي شتى صنوف التعذيب والإذلال بحق شعبه بالإضافة لنهبٍ منهجي وفسادٍ مقونن على كافة المستويات..
مع بدء الموجة الثانية من موجات الثورة السورية في محافظات الجنوب يتحضر النظام للمواجهة مع الشعب، ولكن الوضع الخاص للمحافظتين يتطلب منه اجتراح أساليب جديدة تضمن العنف ولكن بمستويات معينة؛ محافظتي درعا والسويداء خارجتان عن سلطة النظام بشكل جزئي وهذا ما يربكه، فهو إلى الآن يطلق العنان لمرتزقته الإعلاميين لكيل الاتهامات في كل الاتجاهات، فهل تنفع مع الشعب المنتفض اتهامات الدواعش والعمالة للأمريكان! مع وجود وسائل إعلام انطلقت بعد الثورة تغطي الحدث بدقائقه، ولم تكن متاحة لثوارنا مع بدء ثورتنا وهذا تطور مهم وداعم قوي، فللإعلام دورٌ كبير ومحوري في ظل الثورة التكنولوجية الحالية.
لن يستطيع نظام الكبتاغون والحشيش أن ينجو بأفعاله للأبد، ونستطيع القول أن موجات ثورية متتالية ستستمر وتتمدد إلى أن يسقطَ هذا النظام بفعل السوريين أنفسهم، فالمجتمع الدولي والعالم الحر والأمم المتحدة وحتى الدول الإقليمية والعربية ما يهمها من النظام لا أن يُحقق مطالب شعبه بل مطالبها هي، وها هي أوربا لا تفكر بتطبيق قرار مجلس الأمن الخاص بسورية، وإنما ينحصر عملها بالجهد الانساني المتواضع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ونحسبها مُرتاحة ومُنصاعة للنظام بوقف دخول المساعدات عن طريق الحدود، وحرمان أكثر من خمسة ملايين سوري من هذه المساعدات التي بات اعتمادهم عليها يشكل أكثر من80 % من ضرورات الحياة، ومن جانب آخر يهتم الاتحاد الأوربي بحماية حدوده من غزو الكبتاغون السوري ولا يهتمون بإنهاء ظاهرة الكبتاغون بمحاسبة النظام الذي يروج لها ويجني منها مليارات الدولارات ليُمول شبيحته وميليشياته الداعمة بعد انهيار نظامه الاقتصادي التي أتى بها من كل أصقاع العالم ليُغيّر بها ديمغرافية سورية ويخلق مجتمعه المتجانس الذي يعني بمفهومه مجتماً طائفياً بامتياز!
البعض يقول أن هذه الانتفاضة ستتراجع وتنحسر بعد أيام مع توقف العمل في تلك المناطق وشح الموارد والانهيار الكبير في الاقتصاد والغلاء الفاحش، ولكن مُنظموها يتحدثون يومياً أن لا رجعة عنها وسيستمرون إلى تحقيق المطالب، ونحن نرى استمرارها وتوسعها، والمطالب ليست معيشية حياتية فحسب، بل سياسية تطالب برحيل النظام وتطبيق القرارات الدولية التي تطالب بهيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، أي نظام بديل، والذي يعني زوال هذا النظام بكل رموزه ومرتكزاته، ووضع دستور يلبي مطالبَ الشعب، وإجراء انتخابات حرة بإشرافٍ دولي، بعد الكشف عن مئات آلاف المفقودين، وإطلاق سراح مئات آلاف المعتقلين منذ اكثر من عقد من الزمن، وطبعاً ذلك يتطلب خروج كل شذاذ الآفاق الذين أتى بهم النظام بالإضافة لخروج الدول المحتلة من كل الأراضي السورية، لتبقى سورية موحدة لكل شعبها بكافة مكوناته، دولة وطنية ديمقراطية مدنية..
تحية لشعبنا الثائر القابض على الجمر في مواجهة نظام مجرم ومجتمع دولي نسي سورية وشعبها وترك هذا الشعب لمصيره ليُقارع هذه السلطة الغاشمة بصدور عارية وحناجر متعبة أضناها الظلم والقهر والجوع والخوف، ولكن لا بد لهذه الرادة الحرة من الانتصار وتحقيق مطالب الحرية والعدالة والكرامة…