تستمر الانهيارات الاقتصادية والمعيشية، وقبلها السياسية والأمنية بالتتابع، في مجمل الأراضي السورية، التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد الطغياني الطاغوتي؛ وتتحرك وتكبر كرة الثلج بتسارع كبير، معلنة تضخمها غير المعقول، كنتيجة طبيعية للفساد والإفساد الذي بات سمة عامة للأنساق العصاباتية الأسدية، عبر ما يزيد عن خمسين عامًا من حكم وسيطرة آل الأسد على الوطن السوري وخطفه باتجاه الحكم الاستبدادي المشرقي الفاشيستي، ضمن سياسات نهبوية آيلة إلى مزيد من السقوط عبر الدور الوظيفي المنوط به، والذي طالما انبثق منه وإليه نظام الدولة الأمنية بسماته الطائفية الاستبدادية المنعتقة من كل محددات دولة الحق والقانون، والمبتعدة كليًا عن أي ممارسة فعلية لسيادة الدستور أو القانون حتى أضحى الواقع السوري، والخراب الذي يعيشه المواطن السوري، حالة غاية في الصعوبة، بحيث لم يعد بالإمكان السكوت عليها، أو الصمت تجاهها، حتى من الحاضنة المجتمعية التشبيحية ذاتها للنظام السوري، وكذلك بالضرورة من مفاصل وأدوات مجتمع الطائفة، حيث ينتمي نظام القمع وكم الأفواه، ويحاول إظهار نفسه كحامي لها.
هذا هو النتاج الطبيعي للدولة الفاشلة التي أوصل نظام الأسد الوطن السوري إليها بكليته، واستمرار سياسات النهب، وبيع السيادة السورية إلى الإيرانيين تارة، وإلى الاتحاد الروسي تارة أخرى، مترافقًا مع الهبوط المدوي لليرة السورية، التي جاوزت الـ ١٣٣٠٠ للدولار الواحد، بعد أن كانت ٥٠ ليرة فقط مع مطلع عام 2011، وما أدى بعد ذلك إلى مزيد من العوز المعيشي والمجتمعي، والفقر وقلة الحيلة، حتى جاوز خط الفقر ٩٠ بالمئة في سورية، وأيضًا خط الفقر المُدقع حافة السبعين بالمئة، حسب إحصاءات أممية بحثية، وهو خط لم تصله الحالة المجتمعية السورية منذ نشأة سورية بعد (سايكس- بيكو) وحتى الآن، علاوة على فقدان الآمال لدى السوريين في أي مؤشرات وتغيرات جدية نحو إعادة بناء حياة معيشية ممكنة وقادرة على الوجود والبقاء الأفضل.
فقد بدأت تململات كثيرة تتمظهر بين الفينة والأخرى بين أنساق مجتمع الحاضنة والطائفة، بعد أن وصل الحبل إلى رقاب الناس جميعًا، خلا بعض المنتفعين والمستفيدين من حرب الأسد على الشعب السوري، وهو ما تبين عبر تصريحات ومناشدات برزت خلال الأيام الأخيرة المنصرمة في الساحل السوري، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أدت إلى جملة اعتقالات طالت بعض الأفراد من ضمن الواقع المجتمعي الحاضن للنظام وليس المعادي لسلطات الحكم العصبوية الأسدية، وهو ما يؤشر إلى اتساع رقعة الزيت التي باتت تشمل الجميع وقد تؤدي إلى مزيد من الانفجارات الشعبية داخل المؤيدين، وضمن بنيان كانت أساسية وقام على أركانها نظام القتل والعسف الأسدي.
ولعل الكثير من المتابعين والمراقبين يرون أن الانفجار الكبير داخل الحاضنة المؤيدة، أصبح قاب قوسين أو أدنى من الوقوع، إذا لم يتمكن النظام بأدواته القمعية من الإطباق على مثل هذه التحركات، كمًا للأفواه، وكبتًا للتململات، فهو لم يعد بقادر أبدًا على تحقيق أية آمال لهؤلاء من خلال إخراجهم من البئر الذي أوصلهم إليه، ضمن وضع اقتصادي لم يعد فيه قادراً على إيقاف الانهيارات المتسارعة لليرة السورية، تساوقًا مع تعثر حالة التطبيع للنظام الرسمي العربي معه، بعد أن كان منذ أشهر يطمّئن حاضنته، من أن هذا التطبيع القادم بسرعة، سينشلهم من حالة الاستنقاع الكبرى التي يعيشون فيها؛ لكن أمله قد أُحبط، إبان عجزه عن تقديم أية وعود، أو تنفيذ أية شروط للعرب، قبل المضي في فتح الأبواب الدعموية نحوه، حيث ما يزال نظام الأسد التشبيحي، غير قادر ضمن محركات دولته الفاشلة، على الوفاء بأي وعد، وأهمه بالنسبة للعرب هو إيقاف ضخ الكبتاغون والقضاء عليه، ووقف تدفق السُم القاتل نحو دول الخليج العربي.
وضمن حالة العجز الكبرى التي وصل إليها نظام الفاشيست الأسدي فإن مستقبلات وقادم الأيام لن تكون سهلة عليه، ولا على حاضنته المجتمعية، ولا التشبيحية، ولا الطائفية، ومن ثم سينعكس كل ذلك شظفًا للعيش، وفقرًا وعوزًا على كل منحنيات التجمعات السورية، في الجغرافيا التي يسيطر عليها نظام الأسد الإجرامي، ولن يكون بإمكان إيران ولا روسيا تقديم أي دعم جدي له، لأن لديها هي الأخرى مشاكلها الداخلية، والإقليمية الكبرى، التي مازالت تعجز عن حلها، فكيف ستحل مشاكل التابع الصغير بشار الأسد.