محمد عمر كرداس
في الثامن عشر من تموز/ يوليو عام 1964 انطلقت في بيروت أعمال المؤتمر التأسيسي لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي الذي كان يسمى وقتها (الاتحاد الاشتراكي العربي) وتحت شعار اسقاط الانفصال وإعادة الوحدة . تشكل المؤتمر من مندوبي الحركات والتنظيمات الناصرية التي قبلت الانضواء في تنظيم واحد ومنها حركة القوميين العرب- الفرع السوري وحركة الوحدويين الاشتراكيين التي تشكلت بعد مؤامرة الانفصال في سورية وبعض الحركات والشخصيات الناصرية المتميزة كالمرحوم نهاد القاسم والمرحوم عبد الكريم زهور وغيرهم، وكان من نتائج المؤتمر انتخاب أمانة عامة في الخارج وامانة الداخل، وأصدر المؤتمر في نهاية أعماله المنهاج المرحلي الذي يؤكد على شعاره الأساسي بإسقاط الانفصال البعثي وإعادة الجمهورية العربية المتحدة، وانتخب المؤتمر أمينا عاما هو رجل القانون الدولي ونائب رئيس الوزراء في دولة الوحدة المرحوم نهاد القاسم.
جاء المؤتمر في الذكرى السنوية الأولى للمجزرة التي ارتكبها جلاوزة البعث- الذين استولوا على السلطة بالخديعة- في شوارع دمشق، وذهب ضحيتها عدد كبير من الضباط الوحدويين جرى اعدامهم بالشوارع اغتيالاً بعد جرهم لفخ نُصب لهم، كما اعتقل وسُرح وشُرد عدد كبير من العسكريين والمدنيين، وبذلك أسس البعث لحكمه الدموي المستمر إلى الآن برعاية الدول العربية والأجنبية ودعمها كما هو معروف.
بعد أن انطلقت الثورة السورية السلمية بعد طول معاناة في آذار/ مارس 2011 استطاع النظام بإطلاق أجهزته الأمنية أولاً، ومن ثم كل المعتقلين الإرهابيين بعد عدة أشهر، وبعد آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والمشردين من لاجئين ونازحين، وبعد تدميره المدن الثائرة، استطاع أن يحوّل الثورة لمجموعات إرهابية تشاركت معه في قتل المتظاهرين وإخفائهم ومحاصرتهم أيضاً، وما رزان زيتونة ومجموعتها، وحصار الغوطة الأليم، إلا غيضٌ من فيض لما مارسه النظام وشركائه بالجريمة من حزب الله اللبناني وإيران وروسيا والميليشيات التابعة لهم من قتل ونهب وتدمير وتشريد في حق بلد يريد التخلص من الطاغية وممارساته ونهبه وسلبه، كل ذلك جرى ويجري إلى اليوم أمام أعين العرب وجامعتهم والعالم وأممه المتحدة وقواه الكبرى؛ لكن ومهما طال زمن الطغيان لابد زائل ولابد للشعب أن يصل إلى دولة الحرية والعدالة والكرامة، فقد مر على بلداننا ألواناً وأشكالاً من الطغاة والظلمة وأصحاب الأجندات الطائفية والمذهبية ولكن أين هم الآن وأين آثارهم؟ لقد بادوا وانتصر الشعب.
وفي هذه المناسبة العظيمة وهي تأسيس حزبنا، والمؤلمة بنفس الوقت لما جرى بمجزرة البعث بحق الوحدويين والوحدة قامت ثلة من ناشطي حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في المنفى بتأسيس موقع إلكتروني باسم الحرية أولاً ( وهو عنوان لنشرة سطرها أمين عام حزبنا عام 1978 الدكتور المرحوم جمال أتاسي لتكون بداية مرحلة جديدة في الحياة السياسية الحزبية المعارضة في سورية)، يُعنى الموقع الذي انطلق في 18 تموز/ يوليو عام 2020 بنشر وثائق حزبنا ومقالات أمينه العام وما نشر حولها محلياً وعالمياً لتكون محفوظة للأجيال القادمة من السوريين الذين لم يعيشوا تلك المرحلة الغنية، والتي لم تظهر للعلن إلا بعد عام 2000، ولم يُتح لها الانتشار بشكل واسع كي تطلع عليها الأجيال الشابة ولتعرف عمق المعاناة التي عانتها المعارضة السورية الوطنية الديمقراطية في ظل نظام يرفع شعارات الوحدة والتقدم ولكنه كان يجسد الثورة المضادة بكل أشكالها ضد مصلحة الشعب، وضد أي صوت وطني يطالب بالحقوق الأساسية للمواطن ويعمل لعودة السلطة إلى الجماهير خادمةً لها وليس مالكتها كملكية العبيد.
ومع كل ما جرى ويجري، ستبقى الثورة السورية من أعظم وأرقى وأكثر الثورات جماهيرية في العالم؛ ومع كل ما جرى ويجري ستنتصر هذه الثورة وسيذهب الطغاة وداعميهم إلى مزبلة التاريخ.