“شاي هار تسفي”، الباحث “الإسرائيلي” في “معهد السياسات والاستراتيجيا في جامعة ريخمان”، يستعرض في مقالة له في صحيفة “معاريف” الصهيونية، الوجهة التي سيسلكها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إقليمياً ودولياً، وينصح الدولة العبرية بالانفتاح الحذر والمتدرج مع تركيا في المرحلة المقبلة.
{• الفوز المنتظر مسبقاً لأردوغان في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية واستمرار حُكم حزب العدالة والتنمية وشركائه في البرلمان، يدلان على أن الجمهور التركي فضّل اختيار المعروف والمألوف على تغيير الاتجاه. ومعنى ذلك، على الأقل في المستقبل القريب، عدم توقُّع تغييرات بعيدة المدى في سلوك أردوغان في الساحة الداخلية، وعلى صعيد السياسة الخارجية التركية.
- أردوغان الذي بنى شهرته قبل عقدين عندما نجح في إنقاذ تركيا من أزمة اقتصادية عميقة، سيكون من الصعب عليه هذه المرة استخدام سحره وإيجاد علاج للاقتصاد الذي بات على حافة الانهيار – التضخم بلغ عشرات المئات، خسارة الليرة التركية لقيمتها، ملايين اللاجئين السوريين الذين يسكنون في الدولة، بالإضافة إلى ملايين المواطنين الذين أصبحوا من دون مأوى نتيجة الهزة الأرضية التي ضربت تركيا في شباط/فبراير وأدت إلى مقتل نحو 50 ألف شخص.
- في مواجهة هذا كله، من المنطقي أن يستغل أردوغان فوزه لمواصلة خطواته الداخلية التي قادها خلال سنوات حكمه لتغيير صورة تركيا، كي تصبح دولة إسلامية، من خلال إضعاف المعارضة، والسيطرة على مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام بصورة مطلقة.
- ومن أجل تحويل الانتباه عن الضائقة الداخلية، من المتوقع أن يركّز أردوغان جهوده على الساحة الدولية بصورة خاصة، انطلاقاً من تصوُّره أن تركيا دولة عظمى، واعتقاده أنه قادر على تحقيق مكاسب عامة واقتصادية وأمنية من الحرب في أوكرانيا، ومن التغييرات التي تحدث في الشرق الأوسط.
- من المتوقع أن يسعى أردوغان للاستفادة، بقدر المستطاع، من قدرته على المناورة بين علاقته بالرئيس بوتين، وبين العلاقات مع الغرب، وعضوية تركيا في حلف الناتو. وبعد تحرُّره من الخطاب الانتخابي، من المنتظر أن يبدي أردوغان انفتاحاً أكبر، والموافقة على انضمام السويد إلى الناتو، وقبل انعقاد مؤتمر الناتو بعد شهرين، شرط الحصول على مقابل ملموس من الغرب، وخصوصاً من الولايات المتحدة.
- مع ذلك، فإن شبكة علاقاته مع الرئيس بوتين، الذي لم يخفِ خلال المعركة الانتخابية دعمه لأردوغان، وكان أول المهنئين له على فوزه، ستظل تلقي بظلالها على علاقة الرئيس التركي بالغرب.
- في مقابل دول الشرق الأوسط، سيواصل أردوغان سياسته “الوجه الضاحك” مع الدول السّنية، والتي أدت إلى تحسين العلاقات مع السعودية والإمارات ومصر في الأعوام الأخيرة. ومن المحتمل أن يفحص أردوغان، بضغط روسي، سبل تحسين العلاقات مع الرئيس الأسد، بعد قطع العلاقات معه منذ أكثر من عقد، ومن المحتمل أن يجري ذلك في إطار صفقة واسعة تشمل أيضاً اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا.
- فيما يتعلق بإسرائيل، ازدهرت العلاقات بين الدولتين في العام الماضي نتيجة التغييرات التي طرأت على السياسة الخارجية التركية. ولقد تجلى هذا الازدهار في رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وزيادة حجم التجارة المتبادلة، والتعاون بين الأجهزة الأمنية، وإرسال شحنات مساعدة في أعقاب الهزة الأرضية. لكن مع ذلك، ستبقى المشكلة الفلسطينية وكل ما له علاقة بالسلوك حيال “حماس” والأماكن المقدسة في القدس، تشكل بؤرة للتوترات والخلافات في الرأي بين الدولتين.
- إزاء هذا، يتعين على الحكومة الإسرائيلية استغلال اللحظة المؤاتية والاستمرار في العمل، بالتدريج، على تعميق العلاقات مع تركيا. لكن يجب أن نكون حذرين حيال تعميق التعاون في مجالات أمنية حساسة بسبب هشاشة هذه العلاقات كما ثبت في العقد الماضي، بعد أحداث مرمرة [حين حاولت السفينة التركية مرمرة كسر الحصار المفروض على غزة في سنة 2010، ومنعها الجيش الإسرائيلي من ذلك بالقوة]}.
المصدر: (مؤسسة الدراسات الفلسطينية)