مقتل 528 وإصابة 4599 ونزوح 75 ألف شخص لمصر وإثيوبيا وتشاد.حيث شهدت الخرطوم غارات جوية وإطلاق نار، السبت، فيما تواصل إجلاء آلاف الأجانب من السودان مع دخول المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثالث رغم الهدنة المعلنة والجهود الدولية لوقف القتال.
غرق السودان في الفوضى منذ انفجر في منتصف أبريل (نيسان) الصراع الدامي على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ”حميدتي”.
حصاد الحرب
أوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلاً و4599 جريحاً، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة، السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك.
ونزح حوالى 75 ألف شخص إلى الدول المجاورة مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما تنظم دول أجنبية عمليات إجلاء واسعة.
في هذا السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه لاستمرار القتال فيما “ينهار البلد”، بحسب ما قال في تصريح لقناة “العربية” الإخبارية السعودية.
تبادل الاتهامات
ويتبادل طرفا النزاع الاتهامات بانتهاك الهدنة التي تم تمديدها لمدة ثلاثة أيام بوساطة دولية، وتنتهي الأحد في منتصف الليل (22.00 ت غ).
ويعاني السكان الذين يحاولون الفرار أو يقبعون في منازلهم، أزمات شاملة مع انقطاع المياه والكهرباء ونقص الغذاء.
وقال أحد سكان جنوب الخرطوم لوكالة “الصحافة الفرنسية” “استيقظنا من جديد على أصوات الطائرات الحربية ومضادات الطائرات في كل الحي”.
وأكد شاهد آخر أن المعارك مستمرة منذ الفجر، خصوصاً حول مقر القناة التلفزيونية العامة في ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم.
وأعلنت نقابة الأطباء السودانيين أن 70 في المئة من المرافق الصحية في المناطق القريبة من مواقع القتال باتت خارج الخدمة وعديد منها طاله للقصف.
تبادل الجنرالان المتصارعان، أول من أمس الجمعة، الاتهامات عبر وسائل الإعلام.
على شاشة قناة “الحرة” الأميركية، وصف البرهان قوات الدعم السريع بـ”الميليشيات التي تسعى إلى تدمير السودان”، مؤكداً تدفق “مرتزقة” من تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
أما دقلو فتحدث من جهته عبر قناة “بي بي سي” عن خصمه واصفاً إياه بـ”الخائن”، معتبراً أنه “ليس جديراً بالثقة”.
وكان البرهان ودقلو أطاحا معاً عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط الرئيس عمر البشير عام 2019.
تصعيد بلا سابق إنذار
لكن سرعان ما ظهرت خلافات بينهما وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش، قبل أن تتطور إلى صراع مسلح في 15 أبريل.
وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، إنه لم يكن هناك “أي مؤشر” الى اندلاع المعارك في 15 أبريل، خصوصاً أن طرفي النزاع كان مقرراً أن يلتقيا في اليوم المذكور.
والسبت، دعا رئيس جنوب السودان سلفا كير، وهو وسيط تاريخي في السودان، الجنرالين إلى إجراء “حوار مباشر بناء وملموس”.
وحضهما أيضاً على “عدم محاولة تعزيز مواقع”، علماً أن مراقبين عديدين لاحظوا أن أي هدنة لم تصمد لأن أياً من طرفي النزاع لا يريد أن يدع فرصة للآخر للتقدم أو استقدام تعزيزات.
وحذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، أمس السبت، من أن النزاع في السودان قد يتفاقم إلى إحدى أسوأ الحروب الأهلية في العالم في حال لم يتم وضع حد له.
ممرات إنسانية
وإذا كانت الهدنة لم تضع حداً للمعارك، فقد سمحت للممرات الإنسانية بالبقاء مفتوحة. وفي هذا السياق، أتاحت قافلة نظمتها الولايات المتحدة إجلاء مواطنين أميركيين ومن دول أخرى إلى بورتسودان (شرق).
وانطلاقاً من المكان المذكور، وصلت، السبت، سفينة تقل نحو 1900 شخص من جنسيات مختلفة إلى جدة في غرب السعودية.
وأعلنت السعودية أنه تم في الإجمال إجلاء نحو 4879 من مواطنيها ومواطني 96 دولة أخرى عبر المملكة.
مهرداد مالك زاده (28 عاماً) الذي نشأ في السودان كان من أوائل الإيرانيين الذين تم إجلاؤهم، السبت. وفي جدة وصف القصف والانفجارات اليومية في الخرطوم، قائلاً “لم نتخيل أبداً أن الوضع سيصبح متوتراً جداً”.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن أقل من 1900 بريطاني تم إجلاؤهم في 21 رحلة، بما في ذلك رحلة أخيرة كان من المقرر أن تغادر، السبت.
وأعلن بيان صادر عن الخارجية الأميركية، أن قافلة تضم مواطنين أميركيين وموظفين محليين ومواطنين من دول حليفة وصلت، السبت، إلى بورتسودان مع استمرار عملية الإجلاء من السودان الذي تعصف به الحرب.
ولم يحدد البيان الصادر عن المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر عدد الأشخاص في القافلة.
من جهتها، قالت كندا إن “نافذة الفرص تضيق”، وصرحت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند “نواصل تقييم مختلف الخيارات لإجلاء الكنديين، بما في ذلك عبر الطرق البرية والبحرية”.
وأضافت أن “أكثر من 375 كندياً” تم إجلاؤهم من السودان، ولا يزال نحو 300 آخرين ينتظرون المساعدة للخروج من البلد.
مخاوف المجاعة
يتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يواجه ملايين الأشخاص الإضافيين الجوع في أحد أفقر بلدان العالم حيث كان قرابة ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليوناً يحتاجون إلى مساعدات غذائية قبل اندلاع الحرب.
في غرب دارفور، قتل 96 شخصاً على الأقل منذ الإثنين في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وصفت الوضع بأنه “خطير”.
وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت إلى “وقف كل أعمالها تقريباً في غرب دارفور” بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.
وحذر بيرون في بيان من أن منظمته “قلقة من تأثير أعمال العنف على الذين سبق أن عانوا موجات منه.
وشهد إقليم دارفور حرباً دامية بدأت في عام 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إثنية ما أسفر عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
المصدر: اندبندنت عربية