الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

“الثامن من آذار 1963”.. حركة ثورية عسكرية سُرقت وسُرقت معها سورية

محمد عمر كرداس

بدأ صباح الثامن من آذار/ مارس عام 1963 بإذاعة البيان رقم 1 من الإذاعة السورية والذي جاء فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها المواطنون أيها العرب في كل مكان

لقد انطلق صوت الحق  يُعلن كلمة الحق في صبيحة هذا اليوم الأغر، فانهزم الباطل وتساقط دعاته على درب أمتنا الطويل وانتصرت إرادة الجيش والشعب، وانهزم عملاء الرجعية وأجراؤها، واندحر دعاة الانفصالية الذين حرفوا سورية عن طريق الوحدة الصحيح، وكرسوا الانفصال بكل مظاهره وأشخاصه، وحاولوا أن يُحلوا (الديمقراطية) محل الوحدة، فكانت ديمقراطية أعداء الشعب ودعاة الشعوبية والانتهازية…

ويختم البيان: اطمئنوا إلى رفاق السلاح ورفاق المصير، رفاق النضال على دروب النضال.

التوقيع: المجلس الوطني لقيادة الثورة

وجاء البيان رقم 2 مباشرة بعد البيان رقم 1 ونصه:

تعلَن حالة الطوارئ والأحكام العرفية في كافة أرجاء سورية حتى  إشعارٍ آخر…

في 17 نيسان/ أبريل وُقع في القاهرة ميثاق 17 نيسان/ أبريل للوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق بعد محادثات ماراتونية شملت الأطراف الثلاثة…

كان حزب البعث في سورية الجزء الأضعف في حركة الثامن من آذار/ مارس ولكنه انقض على شركائه الوحدويين مستغلاً الثقة بين الأطراف، في مجزرة رهيبة في 18 تموز/ يوليو 1963 فقتل وأعدم وسجن وأخفى الآلاف لينفرد بحكم سورية وليُجهض ميثاق 17 نيسان/ أبريل وليُعلن عن  تجربته الخاصة في حكم الحزب الواحد التي مازالت مستمرة إلى يومنا هذا بالحديد والنار بعدما أسس جمهورية الخوف والطغيان، جمهورية الفساد والإفساد، وليشكل بعد 16 تشرين ثاني/ نوفمبر 1970 نظاماً وظيفياً يراعي مصالح الدول الداعمة على حساب شعبه وقضيته، وعلى حساب مصالحه بل بالضد منها كل ذلك مقابل ضمان استمراره بحكم سورية هو وورثته الأنجاس، فما لاقته سورية على يد هذا النظام المجرم الوحشي واضح للعيان، فقد دمر سورية وشعبها وسرق ثرواتها وأظهرها بلداً مارقاً يعادي شعوب المنطقة، ويندمج مع كل الأنظمة المارقة عالمياً من إيران إلى كوريا الشمالية، ويتحالف مع النظم المعادية للشعوب كروسيا وبيلاروسيا و و….

وما جرى في العراق أيضاً على يد الطغمة نفسها ليس بالقليل، فقد سلب العراق البلد- الذي صُنف كأصل للحضارة- كل مقومات الحياة، ونهبَ وسرق، وسلمهُ الغازي المحتل لشذاذ الآفاق، مهمتهم النهب والسرقة وتحطيم تاريخ هذا البلد العريق لصالح شرذمة تعمل لصالح أعدائه المتربصين به منذ زمن طويل.

لهذا يُجمع المحللون والمطلعون على الأمور أن البعث جاء مدعوماً من الغرب الاستعماري كنظام وظيفي ينفذ سياساتهم بعد أن عجزوا هم عن ذلك.

وجاءت الثورة السورية منذ آذار/ مارس 2011 كرد طبيعي يتراكم ويتفاعل منذ آذار/ مارس 1963 على ما قام به البعث منذ ذلك الوقت، وما انهيار الدولة وتحول النظام إلى مجموعة ميلشيات ليس لها هدف إلاَ النهب والسلب بعد أن تحولت  مؤسسات الدولة إلى ركام متفسخ لاحول له ولا قوة إلا دليل على قوة وشمول هذه ثورة 2011 وتباشير انتصارها، وما المعاناة التي يعاني منها شعبنا اليوم إلا جزء من المخاض الذي سينتج عنه بزوغ حلمنا بسورية جديدة، وكما يقول غرامشي ما بين انهيار القديم وولادة الجديد تأتي مرحلة مخاض عسيرة وطويلة، فلا القديم يريد التراجع، والجديد يحاول الولادة مع آلام المخاض العسيرة والتي سينتج عنها فجراً جديداً بكل معنى الكلمة…

إن سورية الجديدة، سورية لكل السوريين، سورية الديمقراطية المنتصرة على واقعها المر، سورية التي سيبنيها شعبها، وشعبها فقط، بسواعده القوية آتية وبكل قوة مهما طالت سنوات المخاض ومهما تقاعس العرب وغير العرب عن مد يد العون لها للخلاص من عصابة الكبتاغون والبراميل والكيماوي المدعوم من قوى الشر والظلام..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.