الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

إخوان المغرب.. من القمة للقاع

عماد الدين حسين *

حينما يحقق حزب سياسي المركز الأول في كل الانتخابات البرلمانية لمدة عشر سنوات كاملة ويشكل حكومات هذا البلد طوال تلك الفترة، ثم فجأة يتعرض لهزيمة مذلة ويهبط للمركز الثامن، ويخسر مقاعده الـ ١٢٥، ولا يحقق إلا ١٢ مقعداً، فيحق للناس أن يوصفوا هذا الحدث بالزلزال أو الهزيمة المذلة والنكراء والكاسحة.

هذا الأمر حصل يوم الأربعاء في 08 أيلول/ سبتمبر في المغرب، حينما استيقظ الجميع، صباح اليوم التالي الخميس على نتائج الانتخابات النيابية، ليتفاجؤوا بأن حزب «العدالة والتنمية» الذى كان يفوز ويحقق المركز الأول في كل الانتخابات البرلمانية منذ عام ٢٠١١، قد فقد ٩٠٪ من مقاعده الـ ١٢٥ في البرلمان السابق، ولم يحصد سوى ١٣ مقعدا في الانتخابات، بل إن أمينه العام سعد الدين العثماني، لم يتمكن من تحقيق الفوز بمقعده في إحدى دوائر العاصمة الرباط، بل جاء في المركز الخامس أمام مرشحين مغمورين.

في المركز الأول جاء حزب «التجمع الوطني للأحرار»، ذو التوجهات الليبرالية محققاً ١٠٢ مقعد من بين مقاعد البرلمان الـ ٣٩٥. وهذا الحزب يقوده عزيز اخنوش، والمتوقع أن يكلفه الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة طبقاً لما ينص عليه الدستور المعدل في عام ٢٠١١، ويعطى البرلمان الحكومة صلاحيات كبيرة مقارنة بالدستور، الذى كان سائدا قبل ذلك.

في المركز الثاني جاء حزب «الأصالة والمعاصرة» بـ٨٢ مقعداً و«الحركة الشعبية» ٢٦ مقعداً، و«التقدم والاشتراكية» بـ٢٠ مقعداً ثم الاتحاد الدستوري بـ١٢ مقعداً في حين أن بقية الأحزاب الأخرى لم تحصل إلا على ١٢ مقعداً، وهو نفس العدد الذى حصل عليه حزب «العدالة والتنمية» الذى يمثل إخوان المغرب.

المفارقة أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات المهمة تجاوزت حاجز الـ٥٠٪، مقارنة بنسبة مشاركة، وصلت إلى٤٢٪ في الانتخابات الماضية التي جرت في عام ٢٠١٦.

ارتفاع نسبة المشاركة يعنى أنه لا توجد حجة يمكن أن يستخدمها الإخوان لتبرير هزيمتهم الساحقة، إضافة إلى تنافس أكثر من ٣١ حزباً وائتلافاً، تنافسوا على ٣٩٥ مقعداً في الغرفة الأولى للبرلمان (مجلس النواب)، وفى نفس الانتخابات اختار الناخبون ٦٧٨ مقعداً في المجالس البلدية.

السؤال كيف يمكن أن ينهزم حزب بهذه الصورة الغريبة، بحيث يهبط إلى المركز الثامن بعد أن كان في المركز الأول لعقد كامل؟

الحزب الإخواني يتحدث عن خروقات جرت في الانتخابات، وكذلك تغيير نظام التصويت، لكن وزارة الداخلية أكدت أن الانتخابات جرت في حيدة ونزاهة كاملة، ولم تسجل أي خروقات جدية يمكن أن تغير من جوهر النتائج.

لكن التفسير الجوهري الذى يتفق عليه غالبية المحللين في المغرب وخارجه هو أن الشعب المغربي قرر معاقبة جماعة الإخوان وحزبها بسبب الحصيلة المخجلة لهذه الجماعة طوال عشر سنوات في الحكم.

ويفترض أن الرسالة الوحيدة التي تكون قد وصلت إلى الإخوان هناك هي أن الشعب المغربي لم يعد يثق فيهم، بعد أن منحهم الثقة طوال عشر سنوات، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال، وبالتالي جاءت النتائج مفاجئة وغير متوقعة لكثيرين، حتى بالنسبة لبقية القوى السياسية والمحللين، الذين لم يتوقعوا بالفعل أن يكون التراجع بهذه الصورة الكبيرة.

هذه هي الرسالة المباشرة، للانتخابات المغربية، لكن تبقى أسئلة كثيرة تحتاج إلى مزيد من النقاش مثل، هل ستصل الرسالة للجماعة، أم يكتفون فقط بإقالة سعد الدين العثماني وبعض قادة الجماعة ويبقى السؤال الأكبر وهو: ما تأثير هذا الزلزال المغربي على مستقبل جماعة الإخوان في المنطقة والعالم؟!

* كاتب صحفي

المصدر: الشروق

التعليقات مغلقة.