منى فرح *
يستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الخميس)، في البيت الأبيض، رئيس الوزراء الإسرائيلي “نفتالي بينيت” في أول زيارة خارجية للأخير بعد تسلمه منصبه حيث يحتل برنامج إيران النووي وحزب الله (لبنان) صدارة جدول الأعمال، كما يقول الكاتب “الإسرائيلي” في موقع “المونيتور” ’’بن كاسبيت‘‘.
“كانت مصادر مُقربة من بينيت قد كشفت للصحافة في 23 آب (أغسطس) أن إسرائيل وضعت خطة استراتيجية لاحتواء إيران، وعرقلة جهودها الرامية إلى تنفيذ برنامجها النووي وكبح طموحاتها الإقليمية. وأضافت المصادر أن بينيت عازم على حشد الدعم لخريطة الطريق هذه من بايدن وإدارته.
لكن، في الفترة التي سبقت زيارة بينيت إلى البيت الأبيض، كان اهتمام وسائل الإعلام مركزاً أيضاً باتجاه فاعل إقليمي آخر مرتبط بالقضية الإيرانية، ويُزعج القيادة الإسرائيلية بالقدر ذاته: “حزب الله”، الذي أصبح – وبسرعة قياسية – يشكل تهديداً كبيراً يساوي اـلتهديد الذي تشكله إيران. فبينما تواصل إيران تقدمها البطيء نحو تطوير سلاحها النووي، يتحرك الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وبشكل أسرع بكثير، لتكديس المئات لا بل الآلاف من الصواريخ الدقيقة. وإسرائيل تعتبر أن نجاح حزب الله في بناء ترسانة عسكرية كبيرة بمثابة نقطة استراتيجية تخلل المعادلة والتوازنات، وتُمكّن “حزب الله” من إلحاق الضرر ببنيتها التحتية العسكرية والاقتصادية، وإعاقة قدرات قواتها الجوية وغيرها من الوسائل المتاحة لها.
وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى أن بحوزة نصرالله العشرات من الصواريخ الدقيقة التي تُهدد البنى التحتية الإسرائيلية، وهي مصوبة باتجاه أهدافٍ استراتيجية. وعلى الرغم من الجهود الإسرائيلية المتضافرة لعرقلة مشروع الصواريخ، فإن حزب الله ماضٍ في نقل ترسانته وبنيته التحتية وقدراته الإنتاجية من سوريا إلى لبنان.
بدأت المناقشات في إسرائيل بشأن النقطة الفاصلة التي ستدفع إلى اتخاذ إجراءات ضد هذا التهديد الذي يمثله حزب الله أثناء ولاية رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. وهي مناقشات مستمرة. وفي حين ركَّزت إسرائيل عملياتها الهجومية السابقة على استهداف تطوير الأسلحة النووية وغير التقليدية، فإنها لم تواجه قط تهديداً تقليدياً بهذا الحجم الذي تتعرض له اليوم.
إن المشاكل التي يواجهها حزب الله في الداخل اللبناني هي النقطة المضيئة الوحيدة في الأفق الإسرائيلي. ويعتقد مسؤولون في القدس أن الحزب يواجه صعوبات متزايدة على خلفية الأزمة الاقتصادية في لبنان وحقيقة أن بعض اللبنانيين يحملون حزب الله مسؤولية مباشرة عن انهيار الدولة.
في هذا الخصوص، قال الكولونيل (احتياط) “أودي إيفينتال”، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية ومساعد استخباراتي لرئيس الوزراء، إن الساحة الداخلية في لبنان أبدت ردود فعل غاضبة ووجهت انتقادات لاذعة ضد وابل الصواريخ التي أطلقهها حزب الله على إسرائيل في 6 آب (أغسطس) الماضي.
ووفقاً لتحليل إيفينتال، فإنه في أعقاب تلك الإنتقادات، بما في ذلك الإدانات التي أدلى بها كل من البطريرك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، اضطر نصرالله إلى إلقاء خطاب اعتذار يشرح فيه منطق أفعال حزبه. كما اضطر لاستخدام نفوذه في وسائل الإعلام من أجل إقناع الجمهور اللبناني اليائس بأهمية وجود ودور حزب الله.
لسوء حظ نصرالله، ليس كل اللبنانيين مقتنعين بأنه لن يجر الدولة المنهارة إلى صدام عنيف مع إسرائيل. ويخشى نصرالله أن تستغل إسرائيل الوضع الداخلي المتردي في لبنان لتغيير المعادلة الاستراتيجية وقواعد اللعبة مع حزبه، بحسب إيفينتال.
في محادثاته المرتقبة يوم (الخميس) مع بايدن وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، من المتوقع أن يُسلط بينيت الضوء على وجوب منافسة إيران في موضوع تلبية احتياجات لبنان من الوقود والطاقة والغاز والسيولة، وأهمية التفوق على إيران في هذا السباق.
وفي ما يتعلق بهذا الهاجس الإيراني، فإن إسرائيل تراقب عن كثب قوتين متناقضتين. فمن ناحية، لدينا ناقلة نفط إيرانية تُبحر باتجاه لبنان، مع تحذير حزب الله لإسرائيل والغرب من محاولة التعرض لها أو تعطيل خط سيرها ومرورها. في موازاة ذلك، لدينا تصريحات حديثة للسفيرة الأميركية في بيروت، “دوروثي شيا”، تقول فيها إن الولايات المتحدة تحاول مساعدة لبنان في توفير احتياجاته من الطاقة، وذلك بتأمين نقل الغاز الطبيعي من مصر إلى الشمال اللبناني عبر الأردن وسوريا.
إسرائيل بدورها تشجع، وبحماسة شديدة، المبادرة الأميركية لتخفيف محنة لبنان، خشية من البديل المتمثل في تحويل إيران إلى مُنقذ للبنان. فهذا سيؤدي بدوره إلى تقوية نصرالله بشكل كبير بلا أدنى شك. هناك فكرة حسَّاسة يتم طرحها، وهي استخدام الغاز الطبيعي من الحقول البحرية الإسرائيلية. الرواسب الوفيرة التي تم اكتشافها قبالة سواحل إسرائيل في السنوات الأخيرة جعلت منها دولة مصدرة للغاز الطبيعي إلى مصر والأردن.
ترتبط إسرائيل حالياً بشبكة ضخ غاز تمتد من مصر عبر صحراء سيناء والأردن وسوريا ولبنان. صحيح أن إسرائيل تزود الأردن ومصر فقط، إلا أن أنابيب الغاز الخاصة بها موصولة بخط أنابيب الغاز العربي.
فهل تحاول الولايات المتحدة إشراك إسرائيل بالجهود الرامية إلى إنقاذ لبنان من خلال تزويده بالغاز الطبيعي؟ في الوقت الحالي، يبدو هذا الخيار خيالياً: صفقة تزيد بموجبها إسرائيل من إمداداتها لمصر بالغاز الطبيعي، وتوفر شروط دفع مريحة مدعومة من قبل الأميركيين حتى تتمكن مصر وربما الأردن أيضاً من إمداد لبنان بهذا الفائض من الغاز.
في عالم مثالي، يمكن لإشراك إسرائيل في الجهود الرامية لمساعدة لبنان أن يصنع العجائب من أجل تحسين المناخ العام في الشرق الأوسط وتقليص نفوذ حزب الله. لكن مثل هذه النتيجة ستتطلب معجزات دبلوماسية. فبينما يُعتقد أن بينيت يتلاعب بالفكرة، يبقى السؤال عن مدى استعداد الأميركيين لأخذ الموضوع بعين الاعتبار، وما إذا كان المصريون والأردنيون على استعداد للمضي قدماً. وبالطبع لم نسأل لبنان بعد عن رأيه”.
(1) ترجمة بتصرف نقلاً عن “المونيتور” على الرابط:
https://www.al-monitor.com/originals/2021/08/iran-hezbollah-lebanon-top-bennetts-agenda-biden
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتبة صحفية ومترجمة لبنانية
المصدر: بوست 180
التعليقات مغلقة.