الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

«الحرية أولاً».. بعد عامٍ على انطلاقته

     ونحن على أبواب الاحتفال بالذكرى السنوية التاسعة والسبعين لثورة 23 تموز/ يوليو 1952 المجيدة التي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، نحتفي أيضاً بمناسبتين متلازمتين مع  18 تموز/ يوليو: الأولى الذكرى السنوية السابعة والخمسين لتأسيس حزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية عام 1964؛ والثانية الذكرى السنوية الأولى لانطلاق موقع «الحرية أولاً.. والديمقراطية غايةٌ وطريق»، ذلك في وقتٍ لازال بلدنا يشهد تداعيات انطلاق ثورته اعتباراً 15 آذار 2011، وفي وقتٍ لازال العالم يغض الطرف عن جميع جرائم نظام الاستبداد القابع بدمشق وله كامل الرعاية الغربية الإمبريالية الصهيونية، وتتظاهر أنها ضده، وقد سخّرَت- حتى الآن- كل قوى الشر خاصة روسيا والصين وإيران وأذنابهم للحؤول دون سقوطه، مستثمرين معاناة شعبنا السوري وضروراته الإنسانية والحقوقية والسياسية والاقتصادية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي دفعت بهم لدعم نظام مافياوي فئوي ورعايته منذ النشأة بعد جريمتهم بفصم عرى الوحدة في 1961 ولازالوا، هذا العالم الذي يزداد نفاقاً واضطراباً بالتلازم مع أزمة صحية عالمية غير مسبوقة لازالت تتفاقم أيضاً بآثارها الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة.

     إن موقع «الحرية أولاً» وفي يوم إعلانه بتاريخ 18 تموز/ يوليو 2020 أشار إلى الهدف منه، ولماذا؟ بالقول: «لماذا (الحرية أولاً) والآن؟» وأضاف: (من المعروف أن الوثائق المكتوبة هي المصدر الأول لأيّ بحث تاريخي، بل هي شاهد العيَان الذي ينقل تفاصيل الحدَث التاريخي، بزمانه ومكانه وأشخاصه وجزئياته، والوثيقة هي تسجيلٌ ثابت للحدث ساعة حدوثه، بما يحفظ تفصيلات الموضوع ويحميها من عوامل التغيير والزيادة أو النقص الذي يطرأ نتيجة لتبَدُّل الأفكار والتوجهات، وتأويلات المتأخرين وتحريفاتهم، إمّا قصداً نتيجة الأهواء الشخصية، أو بدون قصد نتيجة الجهل أو نتيجة النسيان الذي هو من طبيعة كل نفس بشرية. وباعتبار أن التجميع المنظم للوثائق، الخاصة بمرحلة هامة من تاريخ سورية السياسي، الممتدة منذ 1964 وهي تاريخ تأسيس حزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية، إضافة لمرحلة ذات صلة، خاصةً منذ ما بعد الاستقلال، يتطلب كادر معني بهذا التوثيق، لذلك كان إنشاء هذا الموقع وباسم ” الحرية أولاً ” تتويجاً لأهمية الحرية بشكلٍ عام، و تيمناً بأحد أهم الدراسات التي سطرها الدكتور جمال الأتاسي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي، بهذا الاسم في النصف الثاني من عقد السبعينات من القرن العشرين). وبيّن أنه (في الذكرى السنوية الأولى للمجزرة بحق الوحدويين، وفي يوم الثامن عشر من تموز عام 1964، تداعى ممثلو أربع تشكيلات ناصرية في سورية تمثل الاتحاد الاشتراكي العربي والجبهة العربية المتحدة والوحدويين الاشتراكيين والقوميين العرب؛ اندمجت بمؤتمر في بيروت واتفقوا على تشكيل تنظيم سياسي باسم الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية، أسوة بتنظيم الاتحاد الاشتراكي الذي تشكل في مصر بعد الانفصال وبعد الاتحاد القومي، وصدر عن هذا الاجتماع الذي سمي المؤتمر التأسيسي للاتحاد الاشتراكي العربي في سورية، بياناً كان هدفه الأول والوحيد “اسقاط الانفصال وإعادة الوحدة”. وانتخب المؤتمر مكتباً سياسياً له بمثابة قيادة أسندت أمانته العامة إلى الأخ الدكتور «نهاد القاسم». تتالت المؤتمرات السنوية عام 65 و66 للمؤتمر الثاني والثالث، ففي أيار/مايو 1965عقد الاتحاد الاشتراكي العربي مؤتمره الثاني في القاهرة ونقل مقره من بيروت للقاهرة، واستقال الأمين العام، وألغي المكتب السياسي، وأُقرت صيغة جديدة تقوم على وجود أمانة عامة للاتحاد تقع تحت اشرافها ثلاث قيادات، منها قيادة تنظيم داخل الاقليم السوري، وتم انتخاب أمانة عامة مؤلفة من أمين عام وأمينين مساعدين، وخرج عنه نظام داخلي ومنهاج مرحلي، وأسّندت أمانته العامة إلى الأخ «جاسم علوان». وفي أيلول/ سبتمبر من عام 1966 انعقد المؤتمر الثالث في القاهرة- بشكل استثنائي- بدعوة من الأمانة العامة لمعالجة أزمة تنظيمية سببتها بقايا حركة القوميين العرب؛ واستمر البعث يمارس غيه وعسّفه ضد كل أبناء الشعب، ثم حدثت هزيمة حزيران التي أرهقت الأمة وتبدلت الأولويات، فحل الهدف المرحلي مكان الأهداف الاستراتيجية، وهو هدف إزالة اثار عدوان 1967، وعلى صعيد الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية، خرجت مجموعات ودخلت أخرى تحت وطأة ظروف النشأة). و(شكل المؤتمر الرابع للاتحاد الذي عقد صيف عام 68 في الداخل السوري لأول مرة نقلة نوعية، وأتى بعده اعتقال القيادة على خلفية إقامة جبهة وطنية بين الأحزاب المعارضة للضغط على الحكم البعثي الفئوي، من أجل حشد الجهود لإزالة آثار العدوان؛ وبهذا المؤتمر أصبحت قيادة الحزب كلها في الداخل، وانتخب الدكتور جمال الأتاسي أميناً عاماً، وتبنى المؤتمر نظاماً داخلياً وفق أنضج التجارب الحزبية اليسارية حينها، وأخذ صيغة الحزب لأول مرة وأصبح الاسم: حزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية وشعاره «حرية ــ اشتراكية ــ وحدة». اعتُبر التقرير الصادر عن المؤتمر- الرابع- بمثابة إعادة تأسيس للاتحاد، فقد أجاب على الأسئلة المطروحة عالمياً وقومياً وداخلياً، وعرج على أزمات الاتحاد منذ تأسيسه إلى أن استقر وضعه التنظيمي، وانتخب قيادة جديدة، وأنهى أعماله بالطلب من لجنته المركزية تعميم تقرير عن أعماله مع نظامه الداخلي، وبقيت أسماء اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية سرية). ثم (صُدمت شعوب الأمة العربية في 28 أيلول عام 1970 بغياب جمال عبد الناصر، إثر مؤتمر للقمة، عمل فيه على وقف مذبحة الفلسطينيين في الأردن على يد عملاء المخابرات الصهيوأميركية).

     لقد استمر الموقع ومنذ يوم إنشائه بنشر الوثائق الأصلية لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي- الحزب الذي كان منذ أيامه الأولى في طليعة القوى السياسية الوحدوية الوطنية والقومية التي قاومت الاستبداد في سعيها للتغيير الوطني الديمقراطي- خاصة النشرات الحزبية وكل ما كتبه المرحوم الدكتور جمال الأتاسي من تحاليل سياسية ودراسات وطنية وقومية.. والتي لما تنتهي بعد، وسيبقى الموقع وفياً لما أعلنه يوم انطلاقته بنشر الوثائق والكتب والدراسات الوطنية والقومية وكل ما يتعلق بالشأن الوطني السوري أولاً ثم ما يتعلق بالشأن القومي، مع احترام أصول مهنية النشر والسياسة التحريرية المتعارف عليها، مستعيناً بكل الكفاءات الخيرة والخبرات التي ارتضت التعاون مع الموقع، وكذلك نشر خيرة ما يُكتب من مقالات وتحاليل ودراسات تتعلق بالأحداث السياسية ذات الصلة وكتب وتحقيقات وتقارير فضلاً عن الحوارات ومتابعة الكثير من الأفكار- التي تخدم أهداف الموقع وطنياً وقومياً- على مواقع التواصل الاجتماعي المعنية والمهتمة بالشأن الوطني السوري والقومي العربي.

     إن الموقع سيبقى وفياً لأهداف إنشائه، التوثيقية منها وكذلك الخاصة بالتغيير الوطني الديمقراطي، والتمسك بثوابت الثورة السورية وتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة لجميع المواطنين بلا استثناء، مع السعي الدائم للتطور وفتح آفاق فكرية وسياسية توثيقية جديدة.

التعليقات مغلقة.