الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

 بوصلة لا تشير إلى ثورة الحرية والكرامة: مشبوهـةٌ

  كل البوصلات القومية والإسلامية والليبرالية والماركسية التي لا تشير إلى  ثورة الحرية والكرامة في سورية انحيازًا صريحًا لا لبس فيه، بالإضافة للقدس، مشبوهةٌ ومشبوهةٌ جدًا، وكل من يدعو للتضامن مع نظام القتل الأسدي واعتباره نظامًا وطنيًا تجب إعادة العلاقات السياسية معه، ومع إيرانه، مشبوهٌ هو الآخر، وكل من يتماهى مع نظام الملالي في إيران، دون الوقوف مع الشعوب العربية المظلومة والمقهورة في سورية واليمن والعراق ولبنان وسواها، مدانٌ ومشبوه، وهو الذي لم يرَ بعد ما فعل هؤلاء بشعب سورية، شعب الثورة السورية، المنتفض منذ ما يزيد عن عشر سنوات، في وجه الاستبداد والاحتلال الإيراني الروسي الأسدي.

وصَدق من قال إن (من ناصَر القضية الفلسطينية دون الثورة السورية وثورات الربيع العربي الأخرى، هو مخادع يبحث عن مزيد من الشهرة، لأن الحق لا يُجزّأ والبوصلة واحدة والألم متصل وما يجري في سورية ليس وجهة نظر، إنما شعبٌ خرج في وجهِ طاغيةٍ ومجرم حرب تدعمه “إسرائيل” وتثبت حكمه).

نعم إن “انتفاضة القدس”، نجحت في إعادة القضية الفلسطينية، إلى صدارة الاهتمام العربي والعالمي، بعد عقد من التهميش، توجته سنوات ترامب الأربع. لكن هذه القضية المركزية للأمة والتي أثبتت الأيام الفائتة أنها ما برحت القضية المركزية للشعوب العربية، لا يجب أن تنسينا أو تسمح للبعض منا أن يرتمي في أحضان الطاغوت الإيراني أو الأسدي، تحت أي دعوى، أو ظنًا منه أن هذا النظام المجرم الذي قتل من شعبه وشعب فلسطين على أراضيه، وخلال عشر سنوات خلت، ما ينوف عن مليون إنسان مدني، ناهيكم عن تدميره البنية التحتية للسوريين والفلسطينيين في مخيم اليرموك وسواه. واعتقاله ماينوف عن 900 ألف إنسان سوري وفلسطيني.

ثم يأتي بعد ذلك رأس السلطة والنظام الفلسطيني، وبعضٌ من قادة الفصائل، ودون وازع من قيم أو أخلاق ويباركون لهذا النظام الفاجر، بنتائج انتخاباته/ المهزلة، التي جاءت على أنقاض سورية، وعلى حساب الدم السوري والفلسطيني.

الحقيقة التي باتت واضحة وضوح الشمس، ولم يعد هناك أي مجال لمخاتل أن يخرج عنها، هي أن معركة الشعب السوري ضد نظامه الاستبدادي المأجور، هي في صلب معركة الدفاع عن فلسطين، وليست خارجة عنه على الإطلاق، وقد وعت ذلك جماهير انتفاضة الشعب الفلسطيني في القدس وأراضي الـ 48 وغير مكان في فلسطين وفي الشتات، فلا إمكانية في تحرير فلسطين دون الانتهاء من كنس نظم الإستبداد العربي وأولها نظام الفجور الطائفي الأسدي. الذي باع القضية وتاجر بها عبر دوره الوظيفي المعروف ـ منذ حكم أبيه المجرم الأول، في مذابح تل الزعتر وطرابلس، ومن ثم تدمير مخيم اليرموك الضحية على يد الابن.
ولعل موجات الربيع العربي (الذي تبرأ منه المؤثرون أو لم يأتوا على ذكره في أحايين كثيرة)، وكانت آخرها الموجة الثالثة في القدس قد كشفت زيّغ إيران ومشروعها الطائفي الفارسي الاستعماري الاحلالي الخبيث لاسترجاع أمجاد فارس دون الاقتراب من خط “إسرائيل” شبراً واحداً، وكذب ودجل ميليشيا حزب الله اللبناني وبنادقه المُستأجرة وصواريخه التي لم تعرف من طريق القدس سوى تجويع القرى والمدن السورية وذبح أبنائها.

نعم لقد كشف الربيع العربي أن نظام الأسد لم يمانع ولم يقاوم يومًا سوى شعبه، ولم يطلق أي رصاصة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل اعتقلَ عشرات آلاف الفلسطينيين، وقصف مخيماتهم من الجو والبحر والبر، ودمرها بكليتها، وجوَّع مخيم اليرموك حتى “أَكل أبناؤه من الفلسطينيين السوريين الحشائش والقطط والكلاب”.

ولا يمكن إلا أن نُذكِّر من لا يرون الواقع بحقيقته من أهل السياسة الفلسطينية المؤجرة للإيرانيين، كيف قتل نظام الأسد والميليشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله 4048 فلسطينياً سوريًا عبر استخدام الرصاص الحي والقصف، بينهم 620 شهيدًا تحت التعذيب في المعتقلات (منذ آذار/ مارس 2011 حتى كانون أول/ ديسمبر 2020)، وفق أرقام مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية. ومازال يوجد في سجون الأسد حتى اليوم 1797 معتقلاً فلسطينيًا سوريًا بينهم 110 نساء، و333 شخصًا في عداد المفقودين الذين لا يعرف ذويهم عنهم شيئًا.

ونؤكد من جديد أن القضية الفلسطينية كانت ولسوف تبقى قضيتنا المركزية، والوقوف إلى جانب أهلنا في فلسطين كل فلسطين، هو بالضرورة وقوف وانحياز لقضية شعبنا السوري، وليس متخارجًا عنها، لكن الاستمرار في الارتماء من بعض الساسة الفلسطينيين في أحضان النظام السوري المجرم وإيرانه الطامعة في محيطها العربي الإقليمي، لا يمكن أن يغفره لهم الشعب السوري، مهما حاولوا تبرير ذلك، أو التلطي خلف شعارات أو مصالح براغماتية باتت عاجزة عن حجب ضوء الشمس بغربال مصلحي نفعي بائس ومستهلك. ولعل من الضرورة القول إن الثورة السورية كانت ومازالت كاشفة للجميع ووضوحها الوطني والثوري العربي يفقأ العين.

التعليقات مغلقة.