اقتحمت أم سندريلّا حشدًا من أبناء المدينة، وصلت صامتةً إلى بركة الدم التي ما زالت سائلة، سجدت، غمست كفيها بالدم الحار، مسحت بهما وجهها، ثم حملت فردة (شحاطة) كزرقة البحر، وسألت: – أين ذهبت سندريلّا؟ – أخذت أم سندريلّا تخرج مع إطلالة كل صباح من بيتها، تمرُّ على المستشفيات ومخافر الشرطة وفروع الأجهزة الأمنية، فرعًا ففرعًا، وهي تضم إلى صدرها الشحاطة البلاستيكية، وكلما اقتربت من أحد المسلّحين تسأل باكيةً: – هل رأيت سندريلّا التي تنتعل فردة شحاطةٍ زرقاء؟ – هذه فردة شحاطتها الباقية. وقفت أم سندريلّا أمام أبواب المدارس، تفحصت أحذية الصبية، بحثت عن فردة الشحاطة الزرقاء، لكنها كانت تعود ليلًا لتحتضن الشحاطة وتنام، وقد هدَّها التعب والبحث المضني في أنحاء المدينة عن وحيدتها الغالية. فقدت المدينة وحدتها بعد إصابة طلقة قناص رأس سندريلّا، ابنة العاشرة، فهناك من ينادي الأم: – أم سندريلّا؛ يشفقون عليها، يقدمون لها المساعدة، وقد تجد من يبكي سرًا معها على فقيد أو حبيب، وآخرون يسكنون المدينة يتندرون على هذه الأم هازئين، ويلقبونها: – أم الشحاطة. بعد مرور عام، رأت أم سندريلّا طفلةً بعمر ابنتها، تحمل حقيبتها المدرسية، وتنتعل زوجًا من البلاستيك، إحداها زرقاء، وأخرى حمراء، فتقدمت من الطفلة، وقبلتها بحنان، وقدمت لها الفردة الزرقاء، وخاطبتها: – الآن أصبح لديك يا بنيتي فردتين من لونٍ واحد، وعادت إلى بيتها. تذكَّر أبناء المدينة هذه الأم، عندما أطلقت مديرية التربية اسم سندريلّا على إحدى مدارسها.
عبد الحفيظ الحافظ
كاتب وقاص سوري
التعليقات مغلقة.