الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

الحب في زمن الكوليرا

أحمد مظهر سعدو

هي رواية مهمة للكاتب الأميركي اللاتيني (جابرييل غارسيا ماركيز) تحت عنوان (الحب في زمن الكوليرا) والتي جاءت ضمن /307/ صفحات من القطع المتوسط .. حيث يبحر الأديب فيها عبر زمن أصر أن يسميه زمن الكوليرا، لكن هذا الإبحار العشقي، له الكثير من المحطات الحبية، والتي تنطلق من معاناة شعوب أميركا اللاتينية ضمن زمن مضى وانقضى، مع أنه باق بمكوناته الحياتية في العالم أجمع، بل وفينا نحن معشر الشرقيين الذين ما زلنا نعاني من تبعاته المميتة والقاتلة يومًا إثر يوم .

إنه عمل أدبي ملحمي رائع لا يستطيع المرء أن يمسك به، دون النفاذ إلى مواطئه، وشواطئه قاطبة، ولأن الكاتب يلاقح حيوات العشق لشخوصه في هذا العمل السردي الروائي المبدع، فهو يتوقف عند نتائج ربما كانت ملاذًا فكريًا له ضمن منعرجات المجتمع الذي يعيش فيه، وفي سياقات الحب الذي يؤمن به .. ليقول ” ما يؤلمني في الموت هو ألا أموت حبًا ” .

لذلك فهو يترك الهواء الملوث بالكوليرا يعاني من آثار حبه وليس العكس، عبر تصميمه الرائع، وهو تصميم شعب مقهور طاولته يد الغدر والصراعات، بل نالت منه يد المستبدين والطغاة، حتى بات منهكًا كجسد رجل عجوز في آخر أيامه .

وإذا كانت “فيرمينا داثا” أيقونة العشق المسجى لديه، فإن رسائله التي لاتنتهي وستبقى كما السفينة النهرية تغدو وتعود لتحافظ على لحظات الحب مستمرة في دوامة روحه التي تقاوم السلطات كل السلطات .

وبينما هو يقوم بذلك فإنما يظل متعلقًا بمقولة غريمه أن “لابد للمرء من زوجتين، واحدة ليحبها، وواحدة لتخيط له الأزرار “.

في الرواية الغابرييلية هذه ترانيم صغيرة وهامة، واستطرادات أدبية قل مثيلها لكاتب عاش حياته فقيرًا كما بدأها، وهو من يقول في ثنايا الرواية “أن من يفرطون في حب الحيوانات هم القادرون على اقتراف أبشع القساوات مع البشر، وكان يقول أن الكلاب ليست وفية وإنما هي ذليلة، وأن القطط انتهازية وخائنة”.

وهو هنا إنما يعود لإسقاطات مجتمعية ربما تكون صحيحة في بعض منها، أو هي بالضرورة من مفرزات الواقع الحياتي للناس، ليس في أميركا اللاتينية فحسب، بل في عالمنا الشرقي والعربي عامة كذلك .

أحمد مظهر سعدو

كاتب صحافي سوري، رئيس القسم السياسي في صحيفة إشراق

 

التعليقات مغلقة.