( الحرية أولاً ) ينشر حصرياً كتاب «من الأمة إلى الطائفة، سورية في حكم البعث والعسكر» بأجزائه الثلاثة كاملاً للكاتب الأستاذ: ’’ميشيل كيلو‘‘.. الحلقة الرابعة عشر: فــخ حزيران
من الأمة إلى الطائفة
سورية في حكم البعث
قراءة نقدية
ميشيل كيلو
باريس ٢٠١٧/٢٠١٩
فـخ حزيران !
ـ ١ ـ
ماذا يبقي غير الانتقال من التصعيد الى المعركة، وقد اكتملت شروطها داخلياً وعربياً ودولياً، وصار واضحاً أن هدفها سيكون مصر، التي ستتلقى ضربتها الأولى، وستتحمل عبأها الأثقل، “بعد التصفيات الواسعة التي طالت الجيش السوري وصبغته بلون طائفي غالب، و”طرد ما لا يقل عن سبعمائة ضابط وأكثر من ثلث سلك الضباط بكامله، واستبدالهم باحتياطيين كانوا إلى حد بعيد معلمي مدرسة ريفيين، أو طلاب ضباط غير مدربين تدريبا كافيا”(24)، والصراعات التي دارت يومياً داخل الجيش والحزب، وبين العسكر وقطاعات مختلفة من المجتمع السوري، وطبعت السلطة الجديدة بطابع إرعابي عزلها عن قطاعات الداخل السوري الرئيسة، بما في ذلك قطاعات بعثية وازنة، وأنهكها انصرافها للعدوين الداخلي والخارجي في آن معاً .
ـ نجحت دمشق في ادخال فورية تحرير فلسطين إلى حياة العرب اليومية. وكانت قد سعت إلى هذا خلال أول مؤتمر قمة عربي عقد يوم ١٣/١/١٩٦٤ في القاهرة بدعوة من عبد الناصر، حين استغل ممثلها اللقاء لإعلان حتمية المنازلة مع العدو، رداً على هزيمة عام ١٩٥٦. يومذاك، رأت “مصر أن الوقت لم يحن بعد للمعركة، وأن من الضروري الاتفاق على منع إسرائيل من السيطرة على مياه نهر الاردن، ببدء مشروع عربي مشترك يحول مياهه، ويستغل رافدي الحاصباني وبانياس، على أن تشرف عليه “هيئة خاصة باستغلال مياه نهر الأردن”، تؤسس في إطار جامعة الدول العربية. واقترحت إصدار قرار بدفع خطر إسرائيل سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وإنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية تُشكل في كنف الجامعة العربية، وبتنظيم الشعب الفلسطيني لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره”(25).
ـ لم يتغير موقف مصر في العام التالي، عندما أصدر عبد الناصر والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة (١٩٠٣ ـ ٢٠٠٠)، في نهاية زيارة قام بها الأخير إلى القاهرة، بياناً مشتركاً خلا من أي إشارة إلى تحرير فلسطين، وقال بـ”تأييد الجانبين لمنظمة التحرير الفلسطينية ومساعدتها على استرداد حقوق الشعب الفلسطيني كاملة”(26). كما كان عبد الناصر منهمكا خلال اعوام ١٩٦١/١٩٦٣ في تبادل رسائل مع الرئيس الأميركي جون كنيدي (١٩١٧ـ ١٩٦٣)، ناقشا فيها ما أسماه الأخير “إمكانية التوصل إلى حل مُشَرِف وإنساني لمشكلة فلسطين، والمساعدة في حل مأساة اللاجئين الفلسطينيين على أساس استرجاع ديارهم أو الحصول على تعويضات، وإيجاد حل وسط ومقبول للنزاع الناشئ بسبب مشروع تطوير مصادر مياه نهر الأردن، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة حول هذه المشكلة، وتنفيذ توصياتها لمصلحة اللاجئين إلى أقصى حد ممكن”(27). خلال المراسلات، توقف عبد الناصر أيضاً عند تعهد كنيدي بأن “تبقى الولايات المتحدة على استعداد للمساهمة داخل الأمم المتحدة وخارجها في البحث عن حلول للنزاعات التي تبدد الطاقات الثمينة لدول الشرق الأوسط، وتؤخر التقدم الاقتصادي الذي تريده جميع الشعوب الحرة بحق”(28). وتفاعل بإيجابية مع هذا الاقتراح، ورأى فيه عاملاً يتسق مع انصرافه لتنمية مصر وتحصين وضعها الذاتي، واستباق ما يمكن أن تواجهه من أخطار، بعد فشل الوحدة. كما رأى في استعداد كنيدي للتعاون في حل القضية وفق القرارات الدولية، وفي تعاونه لتنمية المنطقة اقتصادياً، ما يرفع عبء الصراع وتكلفته عن كاهل بلاده، ويسمح له بتكريس مواردها لخدمة شعبها.
ـ إلا أن الزعيم المصري بدا وكأنه تناسى أولويته هذه، وتبنى خياراً أبقى زمام المبادرة في يد عسكر دمشق وإسرائيل، وتجاهل ما أصاب سياسة أميركا من تحول بعد وفاة كنيدي وتولي جونسون الرئاسة، وما أعقب عام ١٩٦٥ من هجوم شامل على حركة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، وأبداه السوفيات من اعتراض على الحرب، خشية أن تنتهي بهزيمة، وخضوع القاهرة لمواقف أملتها راهنية المعركة.
ـ ثمة عامل شجع إسرائيل على استعجال الحرب، وأقنعها أنها ستدور على الجبهة المصرية وحدها، لأسباب عديدة منها توجس قادة العسكر الدمشقي من التعاون مع مصر جيشاً ورئاسة، وعجزهم عن خوض حرب ليسوا مؤهلين لقيادتها، وإن مُنحوا رتباً رفعتهم من نقباء ورواد إلى جنرالات كبار، لكنه لم يسبق لأي منهم أن خاض معركة، أو شارك في وضع خطة عسكرية، أو تخصص في تنظيم وتنسيق عمليات حربية كبيرة، كما يقول كمال خلف الطويل في بحثه عن اللجنة العسكرية(29)، قبل أن يؤكد “أن نقيب البارحة لواء اليوم ووزير دفاع النظام العسكري حافظ الأسد رفض تطبيق اتفاقية الدفاع المشترك”(30)، لأنه قرر مع من بقي من رفاقه في “اللجنة” عدم خوض الحرب، كما توقع جنرالات إسرائيل، الذين كرسوا قتالهم للجبهة المصرية، وقاتلوا بعد حسم معاركهم فيها، ضد وحدات الجيش الأردني في الضفة الغربية.
ـ بتحول الجيش السوري إلى ساحة صراع سياسي، ثم إلى أخوية طائفيةْ العصبية، غدت الحرب آخر رغبات قادته، الذين استخدموه بالدرجة الأولى كمصدر وأداة لسلطتهم، التي سيخسرونها إن خاضوا حرباً تدمره، بعد أن استولوا عليها بشق الأنفس، ولا يجوز أن يغامروا بالتخلي عنها من أجل فلسطين، التي يعلمون أن تحريرها احتمال مستبعد إلى درجة الاستحالة، وأن سقوطهم بعد تدمير ذراعهم العسكرية مؤكد لا ريب فيه.
ـ هذا الموقف اعتمدته قيادة مكتب “اللجنة” العسكري، الذي أخضع المعركة لحسابات فئوية ضيقة غطتها لغة ثورية متطرفة في اشتراكيتها، سوغت فيما بعد وقوف دمشق مكتوفة اليدين وتخليها عن الجولان، بينما كانت إسرائيل تفتك بالجيش المصري، وتوجه إليه ضربة أراد بها الإطاحة بعبد الناصر وقلب العالم العربي رأساً على عقب، وتدمير قدرته على النهوض من جديد، وإزالة أي تهديد يصدر عنه لواشنطن ومصالحها، وعلى رأسها المشروع الصهيوني .
ـ استغلت إسرائيل مواقف دمشق وأخطاء عبد الناصر، لتوجه إليه ضربة ساحقة أقر خصومه بعد الحرب أنها استهدفت سحقه، وتدمير مشروعه السياسي، بأبعاده الوحدوية، التي أقامت دولة جديدة أحاطت بإسرائيل عن شمالها وجنوبها، وتحدت مصالح أميركا النفطية في الخليج، وغرست بذوراً نهضوية في وعي وواقع أمة خاماً، أدخلت قطاعات واسعة منها إلى التاريخ، بعد غياب عنه دام نيفاً وألف عام، تركت بصمة إيجابية على مُواطن لطالما كان مغيباً عن شؤونه العامة والخاصة، وحمّلته رهاناً منفصلاً عن المعسكرين الرأسمالي والشيوعي .
ـ بالهزيمة، كُشِف ظهر عبد الناصر وبانت عيوب تجربته وما لحق بها من هشاشة، وأرغم على الخروج من جزيرة العرب، بعد أن استنزفته حربها وكبدته خسائر جسيمة، بينما لعب الترهل والفساد دوراً فاضحاً في انهيار جيشه، وعجزه عن خوض الحرب في سيناء.
ـ لم يكن جيش العراق أفضل حالاً، فقد تعرض لعملية تحزيب وتسييس شبيهة بتلك التي شهدها جيش سورية، وانخرط في حرب داخلية أرهقته ضد كرد العراق، بينما كان جيش الأردن يعاني من نتائج معركة السموع الرادعة، التي أعقبت مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين في انفجار لغم زُرع قربها، “واستخدمت إسرائيل خلالها دبابات ومدفعية ثقيلة في تصعيد غير مسبوق، رغم أن اتفاقية الهدنة لعام ١٩٤٨ نصت على منع إدخال اسلحتها الثقيلة إلى الضفة الغربية”(31). وقد ظهرت آثار المعركة خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي للضفة الغربية، واحتلال القدس.
ـ وكانت إسرائيل تراقب الوضع السياسي والعسكري في الدول المجاورة لفلسطين، وترى في سياسات وأنشطة “اللجنة العسكرية” تدابير مشجعة على شن حرب تقوض ما كان يسمى “الثورة القومية”، وتستكمل ما ترتب من نتائج على تهاوي المشروع الوحدوي، ونجم من انعطاف تمزيقي على انقلاب عام ١٩٦٣ بالنسبة للداخل السوري والمجال العربي، وتفيد من ظرف دولي موات، ومن ثقة جنرالاتها ومن شاركهم التخطيط في واشنطن وأجهزتها، بأن مجرياتها ونتائجها ستتطابق مع ما وضع لها من توقعات، وتوفر لها من تفوق أمدتها به تقنيات وأسلحة طورها البنتاغون في الحرب الفيتنامية، ودُرِب جيش تل أبيب عليها طيلة نيف وعامين، قبل عام ١٩٦٧ .
ـ تورط عبد الناصر في حرب جديدة، مع أنه كان متورطاً في حرب بالوكالة ضد فرنسا في الجزائر، وضد انجلترا، لمساندته من كانوا يقاتلونها في اليمن الجنوبي، وضد المملكة العربية السعودية وداعميها من بلدان الخليج في اليمن. ومع أن الحرب مع إسرائيل كانت آخر ما يحتاج إليه، فأنه انساق إليها تحت ضغط جهة كانت ثقته فيها معدومة، ويعلم أنها تتواطؤ عليه .
ـ بالتلازم مع راديكاليته “الاشتراكية”، اعتمد البعث راديكالية قومية ركزت خلال “اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك، الذي عقد بين ٢٦ و٣٠ أيار عام ١٩٦٥ في إطار جامعة الدول العربية، على تعديل معاهدة الدفاع العربي المشترك لأنها لن تحرر فلسطين، وتخلو مما يشير إلى تحرير عربستان من إيران، ولواء اسكندرون من تركيا، وجنوب اليمن المحتل من بريطانيا”(37)، ولا تتبنى استراتيجية الحروب الشعبية مضمونة الانتصار. قال أمين الحافظ، رئيس سورية في المؤتمر إنه “قدم في مؤتمر القمة الثاني الذي عقد عام ١٩٦٤ في الاسكندرية، مقترحاً حول تحرير فلسطين، لكنه شعر أن هناك تردداً لدى القادة العرب، وخاصة عبد الناصر، فأراد تشجيعهم، وأخبرهم أن إسرائيل ستنتهي في يومين أو ثلاثة، في ما لو حجزنا قوات كافية، يعني لو حشدنا مائة لواء، فإنها ستحرر فلسطين خلال يومين أو ثلاثة”(38). ثم أضاف في مؤتمر القمة الذي انعقد يوم ١١ ايلول من العام ذاته مخاطبا المؤتمر: “إن كل ما أسمعه هو مضيعة للوقت، وإن مشاكل العرب كلها تبدأ وتنتهي بإسرائيل، والقضاء عليها ممكن ومتاح، إذا استطاع العرب تجميع أربعين لواء من القوات المسلحة، يُطبِقون خطة أتعهد بتقديمها إلى المؤتمر، تضمن تحقيق ذلك في أربعة ايام”(39). هذه الخطة لم تنل موافقة “القيادة العليا للقوات العربية”، التابعة لجامعة الدول العربية، وأثارت أزمة حادة بينها وبين دمشق، لذلك لخص عبد الناصر موقفه من مزاعم صاحبها بقوله: “هذه أزمة بين بلاغة الخطابة وحدود الفعل، وإن هذا التناقض كفيل بتحويل مؤتمر القمة إلى مسرح دعائي أكثر منه اجتماعا نافعا”(40). بعد المؤتمر اتهمت دمشق عبد الناصر بمعارضة “خطتها” بسبب ضمانات أعطاها لأميركا بعدم مقاتلة العدو، مقابل تزويده بالقمح !.
ـ لم تتوقف دمشق عن التصعيد، رغم رفضها التوصل إلى تفاهم مع عسكريي وسياسيي مصر، شركائها في الحرب، وجدية تحذيرات السوفيات من تخريب التعاون بين العرب، ومن إيقاعهم في أفخاخ إسرائيل وأميركا، التي لا تساعدهم على خوض وكسب حرب في ظل تعزيز “التعاون الاميركي/الإسرائيلي، وزيادة مساعدات واشنطن لإسرائيل إلى عشرة أمثال ما كانت عليه قبل عام ١٩٦٥، ناهيك عن إمدادها بصفقات سلاح كبيرة وسرية لم يعلن عنها”(41) .
ـ استجابة لهذه التحذيرات، أرسلت دمشق مذكرة إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية تدين فيها تزويد إسرائيل بما أسمته “أحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً، التي لم تزود بها بعض جيوش أوروبا الداخلة في نطاق حلف شمال الاطلسي، مما يحمل على الاعتقاد بأن إسرائيل تمهد لعدوان جديد كما حدث عام ١٩٥٦”(42)، لكنها أبقت على عدم التنسيق مع مصر وحركة فتح، وواصلت التصعيد بلا هوادة، وبينما كان الرئيس نور الدين الاتاسي يعلن: “أن الحرب الشعبية هي شعارنا… ونريد حرباً شاملة غير محدودة تنهي الكيان الصهيوني”، بثت إذاعة دمشق تعليقات حول الاشتباكات، التي مني سلاح الجو السوري بخسائر فادحة فيها، تخبر العالم أن: “حكومة الثورة السورية لن تشكو بعد اليوم إلى الأمم المتحدة، بل ستكون إسرائيل هي التي ستشكو وتدافع، فاستراتيجيتنا ستقوم من الآن فصاعداً على الهجوم”. بدوره، هدد رئيس الوزراء السوري الدكتور يوسف زعين بـ”إحالة المنطقة كلها إلى نار، وأضاف بثقة المنتصر: إن أي تحرك من جانب الإسرائيليين سيكون فيه نهايتهم” . في الختام، أدلى وزير الدفاع وقائد سلاح الطيران اللواء حافظ الأسد بتصريح لصحيفة الثورة السورية جاء فيه: “لا بد على الأقل من اتخاد حد أدنى من الإجراءات الكفيلة بتنفيذ ضربة تأديبية لإسرائيل تردها إلى صوابها، وإن الوقت قد حان لتحرير فلسطين، وإن سلاح الجو السوري تطور تطوراً كبيراً من حيث الكمية والنوع والتدريب، وهي من أحدث الطائرات في العالم، كما ازداد عدد الطيارين وارتفع مستوى التدريب”(43). عندئذ، ما كان من رئيس الأركان اللواء أحمد سويداني إلا أن صرخ جزلاً: “إن حرب تحرير فلسطين قد بدأت”(44) .
ـ تلقفت إسرائيل هذا التصعيد بسعادة غامرة، وطبقت للتو استراتيجية لها ثلاثة أهداف، هي:
١ـ استخدام سورية كعامل إثارة يمكنها التذرع به لشن الحرب.
٢ـ التركيز على مصر بصفتها مركز الثقل الذي يجب ضربه.
٣ ـ الحصول على الضفة الغربية والقدس كجائزة.
ـ بعد التصعيد الكلامي، الذي أجج الأجواء إلى أقصى حد، تفاقم التصعيد العسكري، وألحقت آلة الحرب الاسرائيلية المزيد من الخسائر بسلاح الجو السوري، فما كان من دمشق إلا أن وسعت رقعة الاشتباكات، ونقلت القصف المدفعي من القطاع الشمالي الى الجنوبي .
ـ بإعلان اسحاق رابين (١٩٢٢ ـ ١٩٩٥) رئيس أركان جيش إسرائيل، يوم ١٢ أيار من عام ١٩٦٧: “إننا سنشن هجوماً خاطفاً على سورية، وسنحتل دمشق لنسقط نظامها ثم نعود”(45)، أبلغت دمشق الأمم المتحدة: أن اي هجمات تشنها إسرائيل ستؤدي إلى اشتعال الموقف، مهما كان الثمن”(46). وهكذا كان، فقد اشتعل الموقف، ولكن على الجبهة المصرية، التي كانت ترسل إشارات متعاقبة في جميع الاتجاهات، تؤكد أن ما اتخذته من إجراءات لا يستهدف شن حرب، كما أكد لاحقاً وزير الدفاع المصري شمس بدران (١٩٢٩ ـ ١٩٦٧) في مذكراته، بقوله: “لم يكن عبد الناصر يريد الحرب لعدة أسباب منها أن قوات كبيرة من الجيش المصري متورطة في حرب اليمن، وأنه إنما أراد التهويش على إسرائيل … وردعها فقط”(47)!.
فـخ حزيران
ـ٢ ـ
لو كان عسكر دمشق جاداً في خوض الحرب ضد إسرائيل، لرأى قرارته بدلالتها وحدها، ولاعتبرها مهمة يحدد خياراته انطلاقاً منها، ولبادر إلى تحصين أوضاعه الداخلية بالشراكة مع الداخل السوري، ولجعل حكم القانون فيصله، بدل تطييف الدولة، ولفعّل تنسيقه مع مصر، طرف الحرب الآخر، ولأعطى الأولوية في سياساته للتهدئة، تمهيداً لبناء قيادة عسكرية موحدة، ولوضع خطط مدروسة، ولعمل لتنمية ما في المجال القومي من ميول وحدوية وتعاون بين دوله دون تفريق بين دوله، ما دامت المعركة تتطلب حشد الطاقات العربية دون تمييز، وخلافات العرب المستحكمة والمتفاقمة لن تنتج غير الفشل، ولعمل أيضاً لإيجاد غطاء دولي فاعل لموقفه، والتزم بالامتناع عن خوض معارك تكتيكية بدا أن العدو سيستغلها لخوض حرب استراتيجية. لكن معركة انقلاب ١٩٦٣ لم تكن مع إسرائيل، لذلك لم يتعامل مع مصر كحليف، ومع الأردن كشريك، ولم يرَ في الدول العربية داعماً محتملاً، ولم يتوصل إلى تفاهمات معها وجمّد ميثاق الدفاع المشترك لعام ١٩٥٥، الذي عقد بعد تأسيس حلف بغداد يوم ١٢ أيار عام ١٩٥٤، وتجاهل معاهدة الدفاع المشترك لعام ١٩٦٦، التي قالت إن أي عدوان على أي من الدولتين يعتبر عدواناً على الدولة الأخرى، وأسست مجلس دفاع وقيادة مشتركة بين جيشي البلدين(48)، لكنه رفض ما أصدراه إليه من أوامر خلال الحرب .
ـ رأى عسكر اللجنة في معركتهم مع إسرائيل وسيلة لتحقيق هدفهم في المجال القومي، الذي يعجزون عن بلوغه بقدراتهم الذاتية، هو توريط مصر في حرب، إن كسبتها فاز هو بعائدها السياسي، بما أنه هو الذي دعا إليها وبدأها وحرض عليها، ودفع عبد الناصر إلى خوضها، وإن خسرتها مصر أزيحت عن موقعها القيادي في العالم العربي، وتم تقويض دورها فيه، الذي تشاركهم إسرائيل العداء له ولما يضّمره من ممكنات تتبناها قيادة كارزمية تحظى بدعم شعبي ونخبوي عابر للدول، يهدد تل أبيب كما يهدد نظام دمشق على المديين المتوسط والبعيد.
ـ لم تتقيد إسرائيل في ردها على العسكر السوري بطريقتهم في خوض اشتباكات صغيرة ومتتابعة، وإنما أخرجت خطة حربية من جعبتها كان جيشها قد تدرب عليها طيلة عقد، اعترف قائد سلاحها الجوي الجنرال مردخاي هود، بعد هزيمة العرب في حرب حزيران، وتدمير أسلحة الجو المصرية والسورية والأردنية في ساعات، أنهم: “خططوا لمدة ١٦ سنة لما تم خلال الثمانين دقيقة الأولى من الحرب. وكانوا يعيشون مع هذا المخطط، ينامون معه ويأكلون معه، ولم يتوقفوا عن تحسينه”(49) .
ـ هذا المخطط استند على ما توافقت عليه واشنطن والسعودية: تسديد ضربة لجيش مصر تكون من القوة بحيث تُحدث ارتدادات كارثية على نظامها والسوفيات، وما كان يسمى حركات التحرر الوطني في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وتلبي في الوقت نفسه حاجة واشنطن إلى التخلص من آخر زعماء حركة “الحياد الايجابي وعدم الانحياز”، المقرب من موسكو والمتمتع بشعبية عربية كاسحة، ويحاول القيام بتحديث يريد له أن يكون على مسافة من الرأسمالية الدولية والشيوعية السوفياتية، جسده من خلال مشروع سياسي/اجتماعي بأبعاد فلسطينية، اعتبرته إسرائيل تهديداً لها، أسوة بالنظم العربية التقليدية والصديقة لأميركا.
ـ بدأ العد العكسي لحرب ١٩٦٧ في الخامس من شهر نيسان، حين أعلن رئيس وزراء إسرائيل ليفي اشكول في الكنيست “إن اسرائيل قررت أن ترد بالطريقة التي تراها ملائمة على سوريا”. وبعد يومين أسقط سلاحها الجوي ست طائرات سورية، بمناسبة عيد البعث في السابع من نيسان”(50). بعد القول، تسارعت التوقعات بنشوب الحرب، وأبلغت المخابرات المركزية الرئيس جونسون باحتمال هجوم إسرائيلي على سورية. ودخل الجنرال اسحاق رابين، رئيس أركان جيش اسرائيل، على خط التهديدات يوم ١٢ ايار وأعلن عزمه على احتلال دمشق وإسقاط نظامها. في اليوم التالي استفسر المصريون عن صحة هذه الأخبار، فأبلغت محطة المخابرات السوفياتية في مصر نظيرتها المصرية بانتشار أحدَ عشر لواءً إسرائيلياً على الجبهة السورية. عندئذ، أمر المشير عبد الحكيم عامر، قائد الجيش المصري، في الرابع عشر من الشهر نفسه بوضع جميع وحدات الجيش المصري على أهبة الاستعداد”(51). بدورها، رحبت دمشق بالحرب، التي كانت تعلن يومياً توقها إلى خوضها، وتقول إنها ستكون حرباً لتحرير فلسطين، وأن جيشها قادر على حسمها. في اليوم التالي، أي في الخامس عشر من أيار، رفعت دمشق مذكرة إلى مجلس الأمن الدولي حول التهديدات الإسرائيلية، اتبعها وزير خارجيتها ابراهيم ماخوس يوم ١٨ أيار بصرخة أطلقها من القاهرة ضمنها الدعوة إلى “الجهاد ضد اسرائيل”(52). وكات القاهرة قد “أرسلت في الرابع عشر من الشهر رئيس أركان جيشها اللواء محمد فوزي إلى دمشق للتنسيق بين البلدين”(53)، فطلبت دمشق تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، رغم نفيها وجود حشود اسرائيلية على حدودها، وبررت طلبها بقول عبد الناصر بعد معركة طبرية يوم ٧ نيسان: “إذا كررت إسرائيل عملية طبريا، فإنها سترى أن الاتفاقية ليست قصاصة من ورق”(54).
ـ لم تستشر دمشق أحداً، قبل اعتماد المواجهة مع إسرائيل كاستراتيجية لن تحيد عنها(55). وتعامت عن النتائج المحتملة لقراراتها ومواقفها، فهل يعقل أنها لم تضع في حسبانها احتمالات أخرى للحرب غير سحق إسرائيل وتحرير فلسطين، وإذا كان رئيسها أمين الحافظ قد قدر أن مائة لواء ضرورية لضمان الانتصار، وكان يعلم علم اليقين أنه لا يملكها، ولا يملك عُشرها، لماذا بنى قادة دمشق موقفهم على انتصار هو خيار حتمي لا يمكن أن يوجد في الواقع أي خيار سواه؟. ولماذا رفضوا التوقف عن الانسياق إلى الحرب، وهل كانوا يغامرون عن سابق عمد وتصميم، ودون وعي، “بالثورة” التي استولوا عليها بشق الأنفس، ونظموا أوضاعهم كي لا ينتزعها منهم أو يهددها أحد، داخلياً وعربياً ودولياً؟.
ـ لم تستشر دمشق أيضاً حليفها الدولي، الاتحاد السوفياتي، الذي حذرها مرات عديدة من استفزاز إسرائيل واستعجال الحرب، ولفت نظرها إلى أن العرب ليسوا في وضع سياسي وعسكري يمكنهم من خوض حرب ناجحة، وأن الاتحاد السوفياتي لن يدعم قرار الحرب، في ظل الصراع العسكري المحتدم مع واشنطن في أكثر من مكان، وخاصة في فيتنام، وتحفظات قادة موسكو حول الحرب وتزويد العرب بالسلاح(56).
ـ حين عاد اللواء محمد فوزي من دمشق، نفى وجود حشود إسرائيلية على الحدود مع سوريا، لكن صلاح نصر رفض إيصال المعلومة إلى عبد الناصر(57)، الذي قرر إرسال جيشه إلى سيناء كإجراء رادع اعتقد أنه يستطيع السيطرة على تطوراته اللاحقة، وإقناع العالم بطابعه الوقائي وسلميته، وبأنه نشره بطريقة دفاعية في سيناء يؤكد أن هدفه لم يكن شن حرب، بل كبح السير نحوها. لهذه الغاية، عملت القيادة المشتركة للجيشين المصري والسوري، التي تولاها ضباط مصريون قادهم أمين عام الجامعة العربية المساعد للشؤون العسكرية الفريق “علي علي عامر” لتهدئة زملائهم السوريين، وكبح جماحهم .
ـ اعتقد عبد الناصر أن ما اتخذه من تدابير يكفي لنزع المبادرة من عسكر دمشق، ولمعالجة الأزمة بما له من علاقات دولية، ويعرفه الأميركيون خاصة عن ميله إلى التهدئة، ورفضه التصعيد والحرب، الذي كان قد أكده في رسائله الى الرئيس كندي عام ١٩٦٣، واتهمته الدعاية السعودية مراراً وتكراراً بانه التزم فيها بعدم شن حرب ضد إسرائيل (تبادل عبد الناصر بين عامي ١٩٦١و١٩٦٣، رسائل مع جون كنيدي رئيس الولايات المتحدة قال له في إحداها: “أحاول أن أنقل لكم فهمنا العام عن القضية، وهو أن الذي لا يملك أعطى وعداً لمن لا يستحق، وأن الطرفين استطاعا بالقوة والخداع اغتصاب حق المالك الشرعي وأخذ ما يملكه ويستحقه منه، وأن الولايات المتحدة وضعت ثقلها كله في هذه القضية في نطاق غير العدالة والقانون”(58).غير أن وسائل إعلام سورية/ خليجية كانت تشن في هذه الأثناء حملة ضارية على الزعيم المصري كجبان وعميل يحجم عن خوض حرب فورية، يؤكد ما انتاب الإسرائيليين من ذعر أنها لن تكون غير نزهة ستنتهي خلال أيام بإلقاء “اليهود” في البحر. وركزت الحملة بإلحاح على ضرورة إغلاق مضيق العقبة، لمنع السفن من الوصول إلى مرفأ “إيلات”، وقد أغلق الخليج أمام سفن إسرائيل دون غيرها، بعد نشر جيشه في سيناء، وإلقاء خطبة لإخبار العالم أن الإجراء سيُرفع بمجرد انتهاء الأزمة، وأنه تدبير وقائي ووقتي هدفه منع العدوان على سورية، وبالتالي صيانة السلام. وقد كان من الواضح لدوائر صنع القرار في العالم أن خطوة مصر محدودة، ولن توقف تجارة اسرائيل مع أفريقيا بغير السفن الاسرائيلية .
ـ كانت خطوة مصر الغلطة التي انتظرتها قيادة الجيش الإسرائيلي لشن الحرب، وتحقيق الهدف الذي انتظرته طيلة عقد ونصف: تسديد ضربة إلى جيش القاهرة تنزل هزيمة سريعة وساحقة به، لها ارتدادات وذيول كارثية على عبد الناصر ونظامه، وتستجيب في الوقت نفسه لهدف واشنطن من الحرب، الذي سبق التفاهم عليه مع تل أبيب، مقابل دعم الجيش الإسرائيلي وعدم السماح بهزيمته، وإمداده بالعون التقني والمعلوماتي اللازم لنجاح ضربة جوية شاملة تدمر الطيران المصري وهو على الأرض، وتجعل الحرب سباقاً نحو قناة السويس بين جيش تل ابيب وفلول جيش مصر المهزوم، كما قال موشي ديان وزير دفاع إسرائيل، في تقرير عن مجريات الحرب قدمه خلال اجتماع عقده مجلس وزراء العدو عشية هجوم الخامس من حزيران(59) .
ـ خلال الهجوم الجوي الاسرائيلي، اتصل قائد القوات البرية المصرية/السورية المشتركة الفريق عبد المحسن مرتجي بحافظ الأسد، فقيل له إن مكانه غير معروف، فطلب برقياً قيام سلاح الجو السوري بشن غارات على مهابط مطارات اسرائيل الحربية، لمنع طائرات العدوان من الهبوط، فرد الأسد: طائراتنا في رحلة تدريبية. بعد ساعتين، دمرت إسرائيل الطيران السوري وهو جاثم على الأرض. وبعد أربعة أيام مرت دون قتال يذكر على الجبهة السورية، كانت إسرائيل تستخدم خلالها معظم قواتها على جبهة سيناء، والضفة الغربية والقدس، وتتخذ موقفاً دفاعياً بقدرات محدودة على الجبهة السورية، أمر الأسد جيشه بتنفيذ انسحاب كيفي من الجولان، مدعياً أن إسرائيل احتلت القنيطرة، عاصمته، وستطوق الجيش وتدمره إن بقي في تحصيناته على خط الجبال المشرفة على فلسطين، وكان فيها من المواد الغذائية والذخائر ما يكفي لستة أشهر قتال، في حال تم تطويقها .
ـ عندما تساءل السوريون عن ما جري، رد من تحدث قبل أيام عن توجيه ضربة تأديبية إلى إسرائيل، وتحرير فلسطين، وزير الدفاع حافظ الأسد: هزمنا عبد الناصر، لأنه أمر جيشه بالانسحاب من سيناء، ونحن لا نستطيع مقاتلة العدو بمفردنا، وكان من واجبنا إنقاذ جيشنا.
ـ احتل العدو الجولان دون قتال، ودون خسائر تذكر، وهو يعتقد أن في الأمر خدعة، لذلك، كان بعض جنوده يحملون أعلاماً بيضاء وهم يدخلون إلى القنيطرة، لاعتقادهم أنهم ربما يكونون قد استدرجوا إلى فخ مُحّكم، أسوة بما فعله الجنرال الروسي كوتوزوف بنابليون بونابرت في موسكو .
ـ أثار تسليم القنيطرة تساؤلات خطيرة حول حقيقة ما جرى، وهوية من استولوا على السلطة في سورية، وافتعلوا حرباً دمرت الجانب العربي، وحققت هدفين إسرائيليين على درجة استثنائية من الأهمية، هما: الاستيلاء على جبهة حصينة كان اسقاطها ضرباً من الاستحالة لو قرر الجيش الدفاع عنها، اعتبرتها الأركان العامة الإسرائيلية مفتاح المشرق الاستراتيجي، الذي يضمن احتلاله أمنها وسلامها، ويضع دمشق تحت نيران مدافعها من جهة، وتدمير جيش مصر ووضع حد لمشروع الناصرية السياسي والاجتماعي، ولما سمي “الثورة العربية” من جهة أخرى.
___________
هوامش:
(24). حنا بطاطو، مرجع سابق ، الصفحة ٣٠٠.
(25). سهيل حسين الفتلاوي، جامعة الدول العربية في مواجهة العولمة، قمة عام ١٩٦٤ العربية، دار المنهل، القاهرة، الصفحة ١١٢.
(26). الموسوعة التونسية المفتوحة: مادة الحبيب بورقيبة، ٢١/٦/٢٠١٧.
(27). جون كنيدي: رسالة بتاريخ ١١ أيار إلى الرئيس جمال عبد الناصر، صفحات من التاريخ، جريدة رأي اليوم، ٢٢/١١/٢٠١٤٩.
(28). جون كنيدي، رسالة ارسلت في شهر ايار من عام ١٩٦١ إلى عبد الناصر ، ونشرتها جريدة الدستور الاردنية يوم ٢٨/٩/٢٠١٨.
(29). كمال خلف الطويل : اللجنة العسكرية ، مصدر سابق.
(30). المصدر السابق.
(31). الملك حسين : حربنا مع إسرائيل، دار النهار ١٩٦٨، الصفحة ٢٣.
(32). احمد حمدي : قصة رفض السوفييت لوحدة مصر وسوريا . موقع المصري اليوم، ٧/٩/٢٠١٥.
(33). هنري لورانس: اللعبة الكبرى، المشرق العربي والاطماع الدولية. ترجمة محمد مخلوف ، الفصل الرابع، دار قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع ١٩٩٢، الصفحة ٢٥٤.
(34). هنري لورانس: مصدر سابق، الصفحة نفسها.
(35). سامي الجندي: البعث ، مرجع سابق، الصفحة ١٤٨.
(36). نيكولاس فان دام: الصراع على السلطة في سوريا: الطائفية والاقليمية والعشائرية في السياسة، مكتبة مدبولي، القاهرة ١٩٩٥، الصفحة ٤٩ ( بالإنجليزية).
(37). موقع المقاتل، المصدر ذاته.
(38). أمين الحافظ في شهادته على العصر، تلفاز الجزيرة، الحلقة الثالثة، التي بثت يوم ٤/٦/٢٠٠١.
(39). سهيل حسين الفتلاوي : جامعة الدول العربية في مواجهة تحديات العولمة. إنشاء الجامعة واهدافها. مؤتمر القمة عام ١٩٦٤. دار المنهل، الصفحة ١١٣.
(40). المصدر ذاته.
(41). اتفاقيات التعاون العسكري بين اسرائيل والولايات المتحدة، دوافع اقامة العلاقات العسكرية الاسرائيلية / الاميركية وتطورها. موسوعة المقاتل.
(42). وثائق الامم المتحدة، شكوى سورية من انتهاك اسرائيل لاتفاقية الهدنة بتاريخ ٢٩ تموز ١٩٦٦، وثائق الامم المتحدة بين عامي ١٩٦٦و١٩٦٨، الصفحة ١٢٦.
(43). تيسير خلف: بالتفصيل: الأحداث الكاملة لهزيمة ١٩٦٧ كما رواها النظام رسميا. تلفاز سوريا، ٢٩/١/٢٠١٩.
(44). موسوعة المقاتل، مصدر سابق.
(45). مذكرات اسحاق رابين، القسم الأول، دار الجليل، عمان، طبعة عام ٢٠١٥، الصفحة ١٢٦.
(46). موسوعة المقاتل، مرجع سابق .
(47). مذكرات شمس بدران، دار النخبة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية، عمان، الصفحة ١٤.
(48). جريدة الأهرام ، العدد ٢٥١٨٢، ١١/١٠/١٩٥٥.
(49). جريدة هآرتس: حديث مع مردخاي هود، ٢٩ آذار ١٩٧٢.
(50). مذكرات اسحاق رابين : سجل الخدمة، ترجمة دار الجليل، عمان ١٩٨١،الصفحة ١٢٧.
(51). اعداد موقع” هيئة تحرير عرب ٤٨ “، مقالات واراء ، ملف خاص. ٢٣/٥/٢٠١٧.
(52). امين هويدي :حرب ١٩٦٧ اسرار وخبايا، المكتب المصري الحديث ،ص٩ ، بدون تاريخ.
(53). جيرمي بوين : ستة ايام ، كيف شكلت حرب ١٩٦٧ الشرق الاوسط. نيويورك ، مطبوعات سانت مارتين ٢٠٠٣ ، ص٣٩.
(54). هيئة البحوث العسكرية ، صفحات مضيئة من تاريخ مصر العسكري ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، طبعة عام ١٩٩٨، ص ١٨٣.
(55). شهادة الفريق امين الحافظ في الحلقة الخامسة عشرة من برنامج “شهادة على العصر”.
(56). الجنرال فالنتين فالين : حرب ١٩٦٧ وأسرار الموقف السوفييتي. برنامج رحلة في الذاكرة التلفازي، ٢٩/٦/٢٠١٢.
(57). عمرو الليثي: اختراق. موقع محرس، ١٥/١٠/٢٠١٠.
(58). موقع الدستور: تفاصيل رسائل كنيدي وعبد الناصر ، القاهرة ١٨ /١١/٢٠١٩.
(59). وثائق حرب حزيران/يونيو ١٩٦٧ في ارشيف دولة اسرائيل. مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية، ١/١١/٢٠١٨.
………………..
يتبع.. الحلقة الخامسة عشر: مجريات الحرب
«ميشيل كيلو»: كاتب وباحث ومحلل سياسي سوري
التعليقات مغلقة.