الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

يوم الأرض: فلسطيني عن فلسطيني يفرق!؟

د. شكري الهزَّيل *

عدة أيام قليلة فصلتنا عن الذكرى الـ 45  ليوم الأرض الخالد في وجدان الشعب الفلسطيني منذ انطلاقته الأولى في30 آذار عام 1976 حيث هب فلسطينيي الداخل دفاعاً عن الأرض والحقوق الفلسطينية المهضومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم الذي استباح وما زال يستبيح حتى يومنا هذا الأرض والحقوق الفلسطينية وبالتالي كان يوم الأرض الأول بمثابة استشعار فلسطيني حقيقي لمخاطر وأهداف الاحتلال التهويدية والإحلالية… يوم الارض الأول عام 1976 لم يكن سوى محطة من محطات نضالية فلسطينية كثيرة, لكن ما ميز هذا اليوم هو أنه جاء تتويجاً لتراكمات غضب ونضالات فلسطينيي الداخل الذين ضاقوا ذرعاً من ممارسات التهويد التي طالت وما زالت تطول وجودهم  الديموغرافي والجغرافي والتاريخي في وطنهم فلسطين.. نعم فلسطين ولا تلاعب في هذه الحقيقة التاريخية الدامغة والثابتة وذلك بالرغم من أنه يوجد بين ظهرانينا من خانتهم الذاكرة واستهوتهم مغريات الحياه السليبة وتأسرلوا مجاناً وتعَّبرنوا تحت حجج ومسوغات كثيره تبرر ضرورة العيش والمعاش على حساب غياب الوطن والوطنية وهؤلاء نحسبهم في الصف الآخر وليست في الصف الوطني الفلسطيني وعليه ترتب القول إننا سنتحدث عن أبطال الأحداث التاريخية وعن صانعي يوم الأرض ومجد تاريخ الشعب الفلسطيني وأول ما نُحيي ونترحم عليهم هم شهداء يوم الأرض الأول عام 1976الذين سقطوا اثناء المواجهات وهُم: 1. خير ياسين من عرابة. 2. رجا أبو ريا من سخنين. 3. خضر خلايلة من سخنين. 4. رأفت الزهيري من نور شمس. 5. حسن طه من كفر كنا. 6. خديجة شواهنة من سخنين… هذا إضافة لعشرات الجرحى والمصابين، وبلغ عدد الذين اعتقلتهم قوات الشرطة الاسرائيلية أكثر من 300 فلسطينيي.. إلى كل هؤلاء الأبطال والشهداء اللذين اعتلوا سرج التاريخ وصنعوه ورفعوا راية النضال الفلسطيني عالياً نؤدي التحية لا بل التحايا ونترحم عليهم جميعاً باسم كامل شعب جمل المحامل.. المجد والخلود للشهداء الابرار.. الفاتحة على أرواحهم الطاهرة!!

من هنا لا بد لنا أن نُحيي أبناء وبنات الشعب الفلسطيني وطناً ومهجراً وأحرار أمتينا العربية والاسلامية  بمناسبة ذكرى يوم الأرض الـ 45 وبمناسبة نضالهم المتواصل والمتعدد الاشكال ضد الغطرسة الصهيونية وعقلية الاستكبار والاحتلال وعنجهية القوه التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ليس في مناطق الضفة الفلسطينية والقدس فقط لا بل أيضاً في جميع مناطق تواجد فلسطيني الداخل من الجليل شمالا ومروراً بالمثلث الشمالي والجنوبي ومناطق الساحل وحتى النقب جنوباً الذي يتعرض فيه فلسطينيي النقب إلى أبشع أشكال الاضطهاد ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والتمييز ومحاولة محو وجود أكثر من 45 قرية عربية في النقب.. جميع مناطق التواجد الفلسطيني في الداخل تعاني من التمييز والفقر والاكتظاظ السكاني وتفشي الجريمة بسبب سياسة الدولة الاسرائيلية العنصرية لا بل إن  سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد حوَّلت رقعة سكن سكان المدن الفلسطينية “ما يسمى بالمدن المختلطة” إلى جيتو يطلقون عليه اسم “الجيتو العربي”..جيتو في الرملة واللد ويافا الخ يعيش فيه العرب على هامش مدنهم المُهَّودة الذي استولى عليها وعلى بيوتها” بيوت العائلات الفلسطينية التي تم طردها وتهجيرها قسرا عام 1948″ المستوطنين الصهاينة!!

ندرك تمام الادراك ان البعض من بيننا تعب او خانه وجدانه ودار ظهره للوطن وراح يبحث عن  مصالح عالمة الضيق  بتبرير الانكفاء والخنوع واللامبالاة وتمرير ثقافة الهزيمة والوظيفة والراتب والاستسلام لواقع مفروض بقوة الباطل وقوة القوه وليست بقوة الحق التي تعطي الفلسطيني كل الحق التاريخي في وطنه وارضه…عجيب امر سارق الدار والديار الفلسطينية ومالك اكذوبة طابو الالفي عام والحاصل على كل هذا الدعم الامبريالي لتوطيد وتأمين مكان سرقته وجريمته, لكنه لم  يشعر بالأمن والامان حتى يومنا هذا ولم يصدق حتى كذبته هو  نفسه بكونه جاء الى ارض بلا شعب  ليستوطنها ويعمرها وهي الارض التي كانت عامره بشعبها الفلسطيني وعامرة بقراها ومدنها وبواديها وساحلها وجبالها وسهولها وصحراءها وعامرة بقناديل الزيت الفلسطيني وبدلعونة فلسطين التي لم تسمع في ذلك الحين عن أشعار “بياليك” وسمفونية طابو الألفي عام ولم تصدق ما تسمعه بأن الأرض العامرة بأهلها وتخضع للاحتلال البريطاني غير مسجله في سجلات الكذب الصهيوني والامبريالي.

أرض بلا شعب.. هكذا.. الانجليز كانوا يحتلوا أرض قفراء لا يوجد فيها أي حياه وتنتظر من يبعث فيها الحياه ويحولها إلى واحات خضراء؟!.. وُجود القدس ونابلس وصفد وعكا وحيفا ويافا والناصرة وبيسان ومرج بن عامر والرملة واللد وعسقلان وغزة وبئر السبع ومئات المدن والقرى الفلسطينية الاخرى لم يكن دليلا كافيا لنفي الكذب الصهيوني والإمبريالي.. إصرار وتصميم على نفي وجود هذا الواقع  والاستمرار بالكذب  حتى يومنا هذا.. الحقيقة الدامغة هي أن  فصول النكبة وما جرى عام 1948 ما زالت متواصلة عام 2021 وتتجلى في استمرار التطهير العرقي والتطيير والتهجير القسري وهدم المنازل الفلسطينية والاستيلاء على الأرض وهذا بحد ذاته دليل قاطع على أن الأيديولوجية الصهيونية ما زالت تُنكر وجود الشعب الفلسطيني وهي مستمرة في تمرير برنامجها لصالح المشروع الاستيطاني الصهيوني.. احتلال واحلال يستهدف الوجود الفلسطيني ديموغرافيا وجغرافيا.. يريدون إنشاء جيتوات جغرافية وديموغرافية فلسطينية في مساحة علبة سردين.. علب مغلقة ومحاطة بالمستوطنات اليهودية.. لا يحق للفلسطيني أن يتوسع أو يتكاثر بالعرض على مسطحات ارضه وبلاده ولا يحق له الاحتفاظ بمناطق نفوذ لابل عليه ان يتكاثر نحو الافق و يبقى محاصر داخل قطعة جغرافية صغيرة مهما ازداد عدد السكان كثافة في المكان.. حصار جغرافي وديموغرافي مبرمج منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا..

لا يستوعب المنطق قضية الانفصام “الفلسطيني” وإشكالية مشاركة فلسطينيي الداخل في انتخابات الكنيست الصهيوني واعتبار فوز الفلسطرائيلي بمقعد داخل الكنيست انجاز يقتدى به فيما الحقيقة أنه عار مطلي بـ”نصر” مزعوم ومدعوم بوفود وجاهات مباركة لبيت “الفائز” أقل ما يقال فيها إنها فضيحة وطنية مجلجلة عمادها وقوامها حركة “إسلامية” صهيونية قام مرشحها الفائز بوصف الأسرى الفلسطينيون بـ”المخربون” وقال حرفياً في  4 شباط/ فبراير الماضي في مقابلة مع «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي حين سألوه كيف يتعاون مع نتنياهو وهو الذي يتعاطف مع الأسرى «المخربين»، حسب تعبير مراسل القناة. فأجاب: «وضع منصور عباس في خانة الداعم للإرهاب، أو في خانة من يُعانق مخربين، كما يحاولون وسمي، كذب. هذا لم يحصل على الإطلاق. من نشر أنباء حول زيارتي إلى السجن ولقائي بمخربين ومعانقتي لهم، هذا غير صحيح على الإطلاق»… الشخص نفسة تم انتخابه للكنيست بناخبين “فلسطينيون” ينتمون لحركة إسلامية صهيونية هَّمها الأول الحصول على مناصب داخل الكنيست الصهيوني وهَّمها الأخير هو مباركة عملها عبر تسيير قوافل مُهنأين ومباركين للفائز الذي وصف انبل ظاهرة نضاليه فلسطينية بـ”المخربون” وعليه ترتب القول بكل صراحة ان الفائز والناخبون والمهنأين والمشاركون في مأتم “النصر المزعوم” قد خانوا شعبهم الفلسطيني وحرقوا ثوبهم داخل التركيبة الصهيونية في الكنيست الإسرائيلي وهم لا يمتون للشعب الفلسطيني “حتى لو زعموا هذا” بأي صله لا من قريب ولا بعيد..!

فلسطيني عن فلسطيني يفرق؛ والذين يشاركون في انتخابات الكنيست ويصفون أسرى الحرية بـ” المخربون” ليسوا فلسطينيون لا بل هم فلسطرائيليون صهاينة غايتهم المشاركة في تشكيلة حكومات إسرائيلية قامت وتقوم بقتل وتجزير الشعب الفلسطيني واحتلال أرضة فلسطين وإقامة المشروع الاستيطاني الصهيوني المسمى “إسرائيل”… لا يغرنكُم لٍحاهم وصلواتهم وكلامهم المعسول: هم بالحرف الواحد ليسوا فلسطينيون والشعب الفلسطيني بأكثريته الساحقة منهم براء… الفلسطيني هو ابن وبنت فلسطين السليبة والمحتلة وهو “هي” لا يشارك في انتخابات برلمان صهيوني شَّرعَّنَّ احتلال فلسطين وطرد شعبها.. نعم فلسطيني عن فلسطيني يفرق، والفلسطرائيلي ليس فلسطيني وعضو الكنيست العربي الصهيوني ليس فلسطيني أيضاً… كفى تضليل وتجهيل وتبرير وتمرير كل أشكال الخيانات عبر آيات “قرآنية” وأحاديث ” نبوية” مزعومة.. اختشوا! ولا تمارسوا رذائل الخيانات باسم الواقعية ومصالح “شعبكم” الفلسطرائيلي.. الشعب الفلسطيني شيء وأنتم شيء آخر تماماً.. صيد المياه العكرة قد يكون وافر أحياناً لكنه متعفن وملوث!!

سنعيد لكم ما كتبناه قبل عدة أعوام  نقول فيه : ندرك ونعرف تمام المعرفة أيضاً أنه منذ أمـدٍ دخل الكثيرون من بيننا ومن بين صفوف أمتنا وشعبنا في متاهات وتعريفات التضليل حول هوية الانتساب للشعب الفلسطيني وضاع البعض في دروب الجغرافيا والديموغرافيا ومسميات الـ 67و الـ 49 ولا نقول الـ 48 لأننا تعدينا وتخطينا هذا التاريخ الرقمي منذ عقود مضت, ودخل البعض في مُهاترةٍ مع التاريخ والواقع, وحاول البعض الآخر عَقلَنَة الوهم والسراب وتدجين التاريخ والأجيال تحت مُسوغات وحجج الواقع ومستوردات البراغماتية والعقلانية والواقعية, ومحاولة نرجَسة الأمور وتثبيت الباطل ونفي الحق، حتى أصبحنا أحيانا نُكيل جوهر قضايانا بِألف مكيال (نُكران الضحية وتنكّرها لواقعها),…. يدَّعي البعض من “بيننا” أو بينهُم أنهُم مواطنون إسرائيليون’ وفلسطينيون في آن واحد والغنيمة عضوية في برلمان إسرائيلي يقر القرارات تلوى القرارات من أجل مصادرة أراضي العرب وتهويد مناطق تواجدهم في الجليل والنقب والمثلث الجنوبي والشمالي وأينما تواجد الفلسطيني في بلاده.. نحن الفلسطينيون عامه وأبناء فلسطين الداخل خاصه.

وللأسف بِتنا موضوعياً وعملياً لا نملك لا الكأس ولا نصفه ولا الشيء ولا عدمه, ولا نملك القفل ولا المفتاح، ولا حتى رَسَن واقعنا الذي ضاعت مُقوماته بين طيات وملفات “ديموقراطية” الاحتلال الاسرائيلي التي تلفّ وتدُور حول الموقع الذي تشتَمّ فيه رائحة العربي!, ومن ثم تسلك طريقاً التفافية إلى مواقع الأسياد, ولكن إذا تعلق الأمر برفاهية وراحة مواقع الأسياد تَضيق الدنيا والأرض بـديموقراطية إسرائيل وتأبى أن لا تمرّ ببلدوزوراتِها وجحافلها إلا من خلال الأراضي والبيوت العربية التي تلتهمها “الديموقراطية” في طريقها حتى تُوفر الراحة والسيادة الكاملة لأهل “الأرض الأصليين” مالِكي  حدوتة وأكذوبة طابو الألفي عام وأصحاب الحق في إزاحة ودَثر مواطني دولة ديموقراطية مزعومة لا ترى فيهم سوى عقبه أمام مشروعها الإحلالي الهادف ليس فقط للاستيلاء على الأرض، لا بل فرض وضعيّة اللاجئ على العربي الفلسطيني الذي يجب عليه أن يتسول ويتوسل ديموقراطياً البقاء في وطنه وأرضه والعيش على هامش فتات الديموقراطية الإسرائيلية…فلسطرائيلي يؤمن بأكذوبة ديموقراطية من يحتل ارض فلسطين من النهر الى البحر!!

هم يريدون الفلسطيني مجرد زول  لا حقوق له في وطنة وأرضه من جهة ومجرد إنسان مُغَّرب ومهجَّن وانتهازي من أمثال منصور عباس  يحلم بمنصب حكومي داخل المنظومة الصهيونية وآخر ما يهمه قضية الأرض من جهة ثانية وبالتالي نقول إن “اسرائيل” قد نجحت بالفعل في تحييد قسم من أبناء فلسطين الداخل عن قضيتهم وأسرلتهم إلى حد أبعد من بعيد, لكن الاحتلال ورغم عقود وجودة الطويلة لم ينجح في تحييد الأكثرية الساحقة من هذا الجزء الذي لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني عن قضاياه الوطنية وعلى رأسها الأرض لا بل إن أبناء الداخل الفلسطيني هم صانعي ومهندسي يوم الأرض الخالد.. هنالك فرق بين الفلسطينيون الموظفون في مؤسسات دولة الاحتلال وأعضاء في برلمانهم وبين الفلسطينيون الواعون لدورهم الوطني والتاريخي في فلسطين.. تحية كبيرة لشعبنا الفلسطيني في الذكرى الـ 45 ليوم الأرض الخالد والمجد والخلود للشهداء الأبرار ومليون تحية لأسرى الحرية الأبطال ومليونيه أخرى لأبناء وبنات شعبنا الصامدون في مخيمات الوطن والمهجر والقابضون على جمر مفتاح الدار والانتظار وتحية كبيرة  لشعبنا الصامد في القدس بيتا بيتاً وحارة حارة وتحية خاصة للمرابطون في الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل وتحية ل رام الله والضفة والقطاع والجليل والساحل والمثلث والنقب وتحية لكل شاب وكهل وامرأة فلسطينية تقف على خطوط المواجهات دفاعا عن الأرض الفلسطينية.

الخزي والعار لكل الأوسلويون التفريطيون وأعضاء الكنيست “العرب” الصهاينة الذين يتاجرون بفلسطين وبدينهم وملتهم من أجل البلوغ لمنصب عضوية في الكنيست الصهيوني المُقام على جماجم الشعب الفلسطيني.. لا منصبهم ولا مقامهم ولا صومهم ولا صلاتهم ولا كل مياه بحار الدنيا قادرة على تطهيرهم من نجاسة مما هم قابعون فيه من مستنقع  خياني.. فلسطيني عن فلسطيني يفرق.. إما أن تكون فلسطرائيلي أو فلسطيني.. الإمساك بالعصا من الوسط لا يجوز!… تحيه لكم أينما كنتم وتواجدتم وطناً ومهجراً وتحية لكل فلسطيني وفلسطينية وعربي وعربية يتحمل مسؤولية هويته الفلسطينية والعربية ولا يعترف بالكيان الغاصب في فلسطين.

ما ضاع حق ووراءه مطالب واحد.. الحق الفلسطيني وراءه 14 مليون مُطالب.. الأرض أرضك يا عم.. عمَّر بيتك وعيش ولا تهتم.. عاش يوم الأرض الخالد وعاشت فلسطين ارضاً وشعباً وعاشت أمتينا العربية والإسلامية وشعوبها الحية الداعمة للحق الفلسطيني !!

* كاتب فلسطيني

المصدر: أمـد للإعلام

التعليقات مغلقة.