حزب الاتحاد الاشتراكي العربي حرية * اشتراكية * وحدة
في سورية
(من وثائق المؤتمر السابع)
* * *
تقرير عن أعمال المؤتمر السابع (1985)
لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية
* * *
إن حركة التقدم العربي كحركة سياسية وثقافية عامة، وكتيار شعبي ينهض معها باتجاه تحقيق أهداف الأمة، وبناء تحررها ووحدتها ومشاركتها الفعالة في التحرر البشري والحضارة الإنسانية، هذه الحركة تمر اليوم بمرحلة تاريخية صعبة، بل بمرحلة الجمود التاريخي والضياع بعد اندحار حركة الجماهير وتشتتها وتشرذم طلائعها النضالية وتفتتها، وصعود قوى الردة والاستغلال والتابعية إلى السلطة.. إنها المرحلة النقيضة لمرحلة النهوض الناصري في الخمسينات والستينات، وقد أخذت أبعادها في السبعينات وبعد حرب تشرين، وتمركزت فيها نظم الاستبداد والاقليمية والفاشية والإرهاب البوليسي للشعب، ودمرت من خلالها جميع البنى الوطنية الاجتماعية والثقافية والسياسية التي قامت في مرحلة مضت تحت راية التحرر الوطني والوحدة القومية، لتعود قضية الثورة، الثورة العربية كثورة قومية ديمقراطية لتطرح نفسها من جديد كضرورة لا بد منها، وكنهجٍ لا بديل عنه للتصدي لهذا الواقع المتعثر وتغييره .
ولكن هذه الثورة، بعد انقطاع مسارها التاريخي وتبعثر قواها وتغلب قوى الردة عليها، تطالب أول ما تطالب ببناءٍ جديد لمنظورها وأدواتها النضالية وقواها، قيادة وقاعدة، على طريق تبدو اليوم صعبة وطويلة .
وحزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سورية، الذي يؤكد وجوده في مواجهة هذا الواقع المتعثر ومعارضته، وينادي بالثورة عليه وتغييره، ويبني تنظيمه ويتخذ مواقفه من هذا المنطلق كفصيل من فصائل هذه الثورة العربية القومية الديمقراطية، يضع بين مهامه الأساسية والأولى، الاسهام الفعال في معارضة الواقع القائم ونقده المستمر وكشف تناقضاته في سبيل خلق وعي قومي جديد بضرورة هذه الثورة ومهماتها وأهدافها، وكذلك العمل الدؤوب لتجمع قوى هذه الثورة، ولتلاقي طلائعها وتوحيد فصائلها، وأن يجعل من ذلك نهجاً له ومنهاجاً، ومن خلال هذا الدور الذي يسعى لتأديته ويدفع على طريقه كان الشعار الذي رفعه المؤتمر السابع لحزب الاتحاد مقدمةً لأعمــاله:
(( الناصرية حركة تحرر ووحدة وحركة توحيد لقوى الثورة العربية ومنهـا ننطلـق… والديمقراطية منهجنا في التفكير والممارسة وفي النضال من أجل نظام سياسي واجتماعي متحرر وعادل وعلى أسسها نبني… ))
بالانطلاق من هذا التوجه ودفعاً للعمل على طريق تلك الثورة، فلقد جاء المؤتمر السابع لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي فيما أنجزه من مهمات، وما أكده من توجهات وما اتخذه من قرارات وتوصيات، لبنة جديدة في بناء هذا الحزب، كحزب ناصري طليعي، يناضل في إطار الحركة الثورية الوطنية الديمقراطية، على الصعيدين القطري والقومي.
ولقد جرى قبل المؤتمر تمهيد له حيث طُرحت على المؤتمرات الفرعية وقواعد الحزب، مجموعة من المسائل النظرية والتنظيمية ومن الدراسات النقدية والتحليلات السياسية، وأدير الحوار من حولها في مختلف المراتب التنظيمية لبلورة التوجهات المشتركة لأعضاء الحزب حول مختلف المسائل المطروحة في ساحتي العمل الوطني والقومي .
ولقد وضعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر أمام أعضائه مجموعة التقارير والدراسات المُعدة لهذا المؤتمر اشتملت على التقرير العام للقيادة الذي جاء مراجعة نقدية لمسار الحزب منذ تشكله حتى اليوم في النواحي التنظيمية والسياسية والـفكرية، ولِما حدث من متغيرات في هذا المسار بعد المؤتمر السادس عام ۷۳، كما قُدم تقريران مكملان للتقرير العام، تناول الأول منهما المسألة الوطنية السورية وتجربة العمل الجبهوي المُعارض في إطار ((حركة التجمع الوطني الديمقراطي)) والثاني مسألة العمل القومي الموحد.. كما قُدم تقرير عـن العمل التنظيمي والمنطلقات الأساسية التي ننطلق منها، وتعليل للتعديلات التي أُدّخلت على ((النظام الداخلي)) للحزب ومشروع النظام الداخلي المعدل، وقُدم أيضاً تقـرير سياسي تناول مواقف الحزب من القضايا العربية والدولية الراهنة .
ولقد دار في الجولة الأولى من اجتماعات المؤتمر، مناقشة عامة للتقارير المُقدمة بعد تلاوتها وأوضاع الحزب ومواقفه، ولنهجه الفكري والتنظيمي، وجرت مداخلات نقدية من أعضاء المؤتمر وحددت المسائل الرئيسية التي يتوجب على المؤتمر الوقوف عندها ومعالجتها وتقديم إجابات عليها واتخاذ قرارات وتوصيات بشأنها.. وفي الجولة الثانية من اجتماعات المؤتمر، ألقى الأمين العام كلمة الافتتاح ثم تُلى التقرير السياسي، ونوقش هذا التقرير كما طُرحت ونوقشت المقترحات والانتقادات المُقدمة من أعضاء المؤتمر، واتُخذت قرارات وتوصيات بشأن كل مسألة من المسائل والمواضيع المطروحة وصوّتَ أعضاء المؤتمر عليهـا .
ولقد وضع المؤتمر نفسه منذ البداية أمام ثلاث مهمات: أولها المراجعة النقدية للتجربة الماضية وبخاصة ما مر به الحزب بعد المؤتمر السادس، محاسبةً على ما فات واستخلاصاً للدروس وتحديداً للإمكانات وما يجب أن يكون، وثانيها رسم نهج للمستقبل وتحديد القواعد التي تقوم عليها خطة عمل يسير عليهـا الحزب لأداء دوره الوطني والقومي، والإسهام في النضال من أجل التغيير الديمقراطي ومن أجل تحقيق أهداف الثورة العربية المحلية والاستراتيجية.. وثالثها اختيار القيادات التي يعتمدها الحزب لوضع توجهاته وخططه موضع التطبيـق .
ووقف أكثرية أعضاء المؤتمر، عند نقد القيادة السابقة للحزب، ومناقشة التبريرات التي قدمتها لهذا الإرجاء الطويل لدعوة المؤتمر العام للحزب للانعقاد، مشيرين إلى ما أدى إليه هذا التجاوز لأحكام النظام الداخلي من خلل في الصيغة التنظيمية للحزب، ومن غياب لدور مراتب حزبية أساسية مما انعكس سلباً على العمل الجماعي للحزب، وأخل بديمقراطية وحُسن توظيف طاقاته.. ومع كل التعليلات والتفسيرات التي قُدمت لتبرير التأجيل بعد التأجيل، فلقد أصر عدد من أعضاء المؤتمر على تسجيل نقده لهذه الظاهرة والتأكيد على ضرورة عدم تكرارها آياً ما كانت الظروف والمعوقات.
وركز عددٌ من أعضاء المؤتمر في مداخلاتهم على المسائل النظرية وأكدوا على ضرورة إعطاء إجـابات واضحة ومتكاملة حول مختلف القضايا المطروحة، وخاصة ما يتعلق منها بالوعي القومي الديمقراطي ومنهجية التفكير ونقد الواقع وتثويره لوضعه على طريق التغيير الجذري والهادف، وأعطوا الأولوية لضرورة تملُك الحزب لنظرية مطابقة توجه ممارساته ودعوته، وتعيّن المرتكزات التي ينطلق منها في تحديد منظوره الاستراتيجي والسياسي العام.. كما طالبوا بأن يُدرج بين وثائق المؤتمر المطروحة عليهم، مجموعة الدراسات والنشرات التمهيدية التي صدرت عن الحزب، بدءاً من نشرة ( ركائز على الطريق نحو مؤتمر وبرنامج ) وانتهاءً بمجموعة النشرات التي تناولت قضية الناصرية اليوم ونقد الواقع وضرورة الثورة الثقافية.. وأن تُجمع هذه الدراسات وتُستكمل، وصولاً بها إلى منهج نظري وإلى برنامج عمل استراتيجي .
وتابع المؤتمر أعماله حسب الجدول الذي أقره، وتناول بالتسلسل المواضيع التاليـة:
ا- المراجعة النقدية لمسار الحزب ومواقفه وممارساته .
۲ـ النظرية والتنظيم وتعديل النظام الداخلي .
٣- المسألة الوطنية السورية ومنهج التجمع الوطني الديمقراطي .
٤- العمل القومي في ضروراته ومرتكزاته .
٥- الموقف السياسي من القضايا العربية والدولية الراهنة .
٦- القواعد التي يقوم عليها برنامج العمل المرحلي والاستراتيجي للحزب .
————————–
يتبع.. «المراجعة النقدية لمسار الحزب ومواقفه وممارساته»
التعليقات مغلقة.