الاتحاد الاشتراكـي العربـي حرية * اشتراكية * وحدة
في سوريــة
(نشـرة داخليـة خاصة بالأعضــاء)
الدكتور جمال الأتاسي
لقد كان الرئيس السادات لأشهر خلت يكرر- عندما تصرح عليه مسائل التسوية مع إسرائيل وما ستكون عليه طبيعة العلاقات بين العرب وإسرائيل أو بين مصر وإسرائيل في ظل التسوية وبعد إنهاء حالة الحرب- أن التقرير في ذلك متروك للجيل القادم ولكنه بعد أن تطوح ما تطوح على طريق الانفتاح والتسوية والأمريكية، وبعد تمهيدات أسهم فيها هنري كيسنجر وتشاوشيسكو وشاه إيران وملك الغرب فاجأ الأمة العربية بل ولربما العالم كله بهذا العبور الجديد, واخترق إرادة الجيل كله, وتوجه مباشرة إلى إسرائيل , لينهي حالة الحرب ويفتح الجسور وليصبح له بعد “العزيز هنري” “الصديق بيغن” محاولاً أن يفرض على الأمة العربية كلها واقعاً جديداً يجرها إليه , مثلما جـرّ وراءه “نظم المواجهة” بعد اتفاقيات سيناء وفتح قناة السويس, يبدو السادات على عجلة كبيرة من أمره في هذا المسار ليصل إلى نهاية الطريق قبل أن تباغته ظروف داخلية وعربية جديدة فهو يريد أن يختصر ما يسميه بمسار السلام, وما هو إلا مسار الاستسلام والتسليم المطلق لا بوجود إسرائيل فحسب بل وبسيادتها وهيمنتها في المنطقة تضاف إلى سيادة وهيمنة الإمبريالية الأمريكية وعقد صلح وفتح الأبواب للتبادل السياسي والاقتصادي والثقافي وما يستتبع ذلك, دون أن يتحقق له بالمقابل, ما كان ينادي به السادات ( ومازال ولكن في الخطب فقط ) وتنادي به معه نظم التسوية, من انسحاب كامل من الأراضي العربية التي احتُلت في حرب حزيران, ومن إقامة دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة كتعبير عن “الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني” فالرفض الإسرائيلي لهذين المطلبين مازال رفضاً قاطعاً, وإسرائيل إذا كانت تقول بالحوار والمفاوضات من غير شروط مسبقة فهي تجاهر دائماً بأن ذلك الرفض يبقى شرطها الأول لأي تحرك نحو المفاوضات “والسلام” وهي إذا كانت تقبل ضمناً المساومة على أجزاء من الأراضي العربية التي احتلتها, مقابل ما أعطته “إدارة السادات” ومقابل ما يمكن أن تعطيه بقية “نظم التسوية” فإن رفضها للكيان الفلسطيني والدولة الفلسطينية يبقى قاطعاً, وللتغطية على ذلك الرفض وتمويهه تتحرك “إدارة السادات” بالتآمر مع “الإدارة الصهيونية” والمساندة الأردنية لإخراج صيغة للتمثيل الفلسطيني من داخل الضفة الغربية, يتمشى مع خطة التسوية, ويأتي بصيغة شكلية للكيان الفلسطيني, يظل تحت الهيمنة الصهيونية والسيادة الإسرائيلية, فبعد أن حوصرت المقاومة الفلسطينية وحُجّمت وقُتِلت, بدءاً من مجازر أيلول الأسود في الأردن, وانتهاءً بمجازر لبنان وتل الزعتر, لتطوَّع وتوضع في مسار التسوية أو لتصبح في موقع العجز والقنوط, ستتضافر اليوم الجهود الساداتية ومن معها من ورائها, لتحجيم الشعب الفلسطيني نفسه داخل الأراضي المحتلة ووضعه في الطريق الذي يريده له اتفاق “بيغن السادات” .
أشياء كثيرة يمكن أن تلحظ وأن تقال عن المسار الساداتي الجديد, بعد هذا “الوفاق مع إسرائيل” وعن الخطوات المتلاحقة التي يتسارع فيها, وبشكل أخذ يطرح شيئاً من الإحراج على السياسة الأمريكية نفسها, فهذه السياسة تدعم السادات وإلى اقصى الشوط, أي إلى إقامة صلح منفرد بينه وبين اسرائيل, ولكن هذه القفزات البهلوانية السريعة من السادات تقلقلها بعض الشيء, لما تسببه من إحراج للنظم العربية, التي تندفع معها في مسار التسوية كالعربية السعودية والأردن, أو لما يمكن أن تسببه من إحراج للنظام السوري, بعد أن كان قد سار شوطاً كبيراً معها في هذا المسار .
فالواقع أن الصلح المنفرد أصبح معقوداً بين السادات وإسرائيل في حيثياته كلها, ولو أنه لم يأخذ بعد صيغته الرسمية والقانونية, والواقع أيضاً أن جسور الانفتاح أقيمت بين القاهرة وتل ابيب, تمهد لها الاتصالات البرقية والهاتفية ومندوبو الصحافة والإعلام, وأصبح محظورا على أجهزة الإعلام المصرية أن تتحدث عن إسرائيل إلا بلغة المودة وكأن زيارة السادات “الميمونة” للقدس لم تحل عقداً نفسية فحسب, بل وحولت إسرائيل من استعمار استيطاني صهيوني هدفه السيطرة والتوسع، إلى دولة محبة للسلام, ومقابل ذلك فإن نظام السادات وأجهزته, يضيقون الخناق على المعارضة الجماهيرية داخل مصر, ويخنقون أصوات قوى الوطنية والتقدم التي تقف في وجه سياسة الانفراد والتفريط والاستسلام التي يسير فيها السادات, بل وهو يشتُم هذه القوى ويتهمها بالعمالة بل ويشتُم جماهير الأمة العربية كلها, ويحرض أشد النعرات الإقليمية داخل مصر, لتصبح الوطنية في مفهوم السادات والطبقة التي تسانده, التسليم للإمبريالية والسير في ركابها, ومصالحة إسرائيل والتحالف معها, أما الاتحاد السوفيتي, فإن السادات لا يكتفي بقطع جميع الجسور معه, والانحياز ضده, وضد منظمة الدول الاشتراكية إلا رومانيا الوسيطة بين نظم حرب تشرين و(إسرائيل ), بل لقد أصبح التنديد به واتهامه ومعاداته في كل شيء, وسواس السادات الأول الذي يتسلط عليه في كل خطاب وتصريح وفي كل موقف وإجراء .
ومع هذا كله فإن السادات مازال يكرر في أنه يعمل لتسوية شاملة ولسلامٍ دائم ويمهد الطريق لمؤتمر جنيف بعد أن أخذ كاملاً بورقة العمل الأمريكية الإسرائيلية, وبالتفسير الإسرائيلي لقرار مجلس الأمن رقم 242, ولكن الذي سيكون أمامه في لقائه الثاني مع “الإدارة الصهيونية” الذي سيتم في القاهرة, ورقة إسرائيلية جديدة لتسوية نهائية بين مصر وإسرائيل, بحيث لا تبقى لجنيف شيئاً, إلا إذا انجرت النظم المتاخمة لإسرائيل إلى المواقع الساداتية, وفي هذا السبيل أي في سبيل أن ينجر الآخرون إلى المواقع الساداتية, فإن الإدارة الأمريكية التي أصبحت اليوم تضع كل ثقلها وراء دعم نظام السادات وحمايته, وتعزيز مساره, تحاول أن تخفف من وطأة الحرج الذي سببته خطوات السادات المستعجلة والمنفردة, للنظم العربية الموالية لها, ولهذا سعت عن طريق مشاركتها ومشاركة الأمم المتحدة في لقاء القاهرة بين مصر وإسرائيل أن تخفف من مستوى هذا اللقاء ومن حسمية قراراته, لتفسح مجالاً أمام العربية السعودية ومن ورائها دول النفط معززة بالأردن المتهالك أصلاً على التسوية الأمريكية, وللنظم المتحمسة للسادات كالسودان والمملكة المغربية لكي تتحرك لرأب الصدع باسم “التضامن العربي” ولتبليغ الآخرين انجازات السادات وإيجاد غطاء جديد لمؤتمر جنيف, بحيث يجر إليه سورية إن أمكن ومعها عرفات, أو من ينوب منابه, وبحيث لا يحرج الاتحاد السوفيتي إن أمكن أيضاً, لتكون التسوية الأمريكية كاملة وشاملة ولتجري تحت راية الأمم المتحدة, وهذه أبعاد لعبة إمبريالية جديدة وفي مسار التسوية ذاته، وليأخذ الانسحاق العربي والتفتت أبعاده الشاملة, فماذا يكون في مواجهة ذلك؟؟ . أين غضّبة الجماهير وحركتها التي كانت تملأ الساحات وتزلزل النظم وتتحدى الإرهاب والبطش في مواجهة مواقف وإجراءات أقل خطورة بما لا يقاس من هذا الذي يجري اليوم بالنسبة لقضية الأمة العربية؟
أين هي قوى التصدي ومن الذي يقود التصدي, وهل أن التحرك الذي ينطلق اليوم لحبك صيغة تحالف آخر بين النظم العربية المعارضة جزئياً أو كلياً لمسيرة السادات الأخيرة, أو لما يسمى بجبهة الرفض, قادر على إحباط اللعبة, أو قادر على اتخاذ موقف تصدٍّ حقيقي؟؟
نحن لا يقلقنا أن تنشق النظم العربية إلى موقفين متعارضين وإلى معسكرين, بل أصبح من المطلوب أن تنشق, فهذه أمامنا ثمرات التضامن الكاذب بفعل ثروات النفط وفي ظل الانفتاح على الإمبريالية الأمريكية ولا بد من العودة إلى تضامن من تجمعهم وحدة الهدف والطريق, وليس يهمنا اليوم أن ندين مسار التسوية فحسب ونكشف أبعاده المدمرة, ولا أن نندد بطريق السادات ومعطياته فحسب ولقد كنا نتخذ مواقفاً دائماً ضد ذلك المسار, ولقد كنا أول من كشف طريق السادات وأدانه منذ خطواته الأولى في الانحراف عن طريق عبد الناصر, بل ومنذ حركته “التصحيحية” أو ثورته المضادة للثورة, التي انفتح بها على البرجوازية والإقليمية وعلى الإمبريالية في 15 مايو عام 1971 وأخذنا موقفاً قاطعاً ضد تحولاته وانحرافاته بعد حرب تشـــــــــرين .
ولكننا ونحن ندين نظام السادات في تحولاته الداخلية والعربية والدولية, كنا ندين مساراً كاملاً مشت فيها نظم أخرى كانت تحمل لواء التقدم وانحرفت هي أيضاً وتحولت بأموال النفط وبالانفتاح على الإمبريالية, كما غرقت مثله وأكثر في الفساد والاستبداد لتسحق إرادة الجماهير الوطنية وتبعدها عن أهدافها, وهي التي كنا ومازلنا نشملها باسم نظم التسوية, وهي اليوم لا تستطيع التنصل من مسؤوليتها عن الأوضاع العربية المتردية التي تقف عليها اليوم, ولا عن النتائج التي انتهى إليها نظام السادات, فهو في تحركاته الأخيرة واستعجالاته لم يزد عن أن كشف أمام الجميع, المآل الذي ينتهي إليه السير في ركاب الإمبريالية الأمريكية, فحبّك التحالف معها, ومع امتداداتها في الواقع العربي عبر الرجعية العربية ونظم النفط, ينتهي لا إلى التسليم بالوجود الصهيوني على الأرض العربية بل وبالانفتاح لها والتحالف معها, وفتح الأبواب أمام امتدادها في الوجود العربي لتزيده تفتتاً وغرقاً ولتسد الطريق أمام نهوض الأمة العربية وتحررها وتقدمها ووحدتها .
ولم يقتصر النقد ولا يجوز أن يقتصر أيضاً, على نظم التسوية ومسارها, بل وكنا نتوجه بالنقد أيضاً إلى النظم العربية المنعزلة على إقليميتها أو المبتعدة عن أخذ دورها في قضايا المصير العربي الواحد, إلى النظم الرافضة أو المسماة بنظم الرفض, والتي كان رفضها أشبه ما يكون بالهروب أو التستر وراءه المزاودة, ولم تكن تبني نفسها بناءً قومياً وحدوياً ولا تبني علاقتها بجماهيرها وبحركة التقدم, بناءً ديمقراطياً يعزز وطنيتها وصمودها, أو يجعلها مرتكزاً لتطلعات الجماهير العربية كقوة صمود وكمراكز صمود يستند إليهــا .
والآن ها هو السادات بعد عبوره إلى إسرائيل وتبادل العبور الودي وفتح الجسور معها والوضع الذي وضع فيه كبرى الدول العربية وما أحال إليه دور مصر, يضعنا أمام مرحلة جديدة أصبحت ملامحها بارزة أمامنا بكل معطياتها, ولا يغير منها إذا ما تراجع السادات بعض التراجع ( ولا يبدو أنه من الممكن أن يتراجع بل سيمعن في طريقه تعززه الحماية الأمريكية بل والحماية الصهيونية ) بل لن يغير منها في كثير إذا ما أحبطت أو طوقت “نتائج زيارة السادات لإسرائيل” .
نعم إنها مرحلة جديدة تفرض نفسها على الواقع العربي ولها امتداداتهـا الدوليـــة .
والتصدي لها لا يتطلب كشفاً كاملاً لأبعادها ومراجعة جذرية فحسب, بل ويتطلب تغييراً كاملاً في بناء الذات وفي بناء العلاقات بين القوى ويتطلب تطوراً استراتيجياً جديداً وكاملاً لمن يطالب نفسه بالتصدي أي للذين مازالوا يؤمنون بوجود أمتهم العربية وبأهداف جماهيرها وبقدرتها على النضال والثـــورة .
إن السادات ومن ينتصرون له ويشدون ازره, يراهنون على أن “موقف الرفض” في الوطن العربي, عاجز, وقواه قاصرة ولا يقدم مساراً بديلاً, وهذا الرهان يستند إلى واقع يتجسد في طبيعية النظم القائمة وفي طبيعية القوى الجاهزة وقدراتها، والواقع أيضاً أن السادات في مسيرته الاستسلامية التي يخرجها في لباس السلام, يحظى بدعم ويتعاطف معه من مصادر عربية ودولية متعددة, بل إن الساداتية الاستسلامية هذه أصبحت قائمة هنا في الداخل وفي داخل كل قطر عربي لو بنسب مختلفة, إنها مقيمة ومعششة هنا في داخل نظامنا السوري وفي العديد من مواقعه ومقوماته, وفي العثرات الكبرى التي تتعثر فيها أوضاعنا, من خلال التحول والانفتاح الذي سار موازياً لمسار نظام السادات, بل وفاقه أيضاً في بعض النواحي انها مقيمة ومعششة في قلب طبقة لا تهمها إلا مصالحها الجشعة المشدودة إلى الإمبريالية وعلاقاتها وأسواقها, وإلى دول النفط وأموالها, والتي ماتت قيمها الوطنيـة والقوميــة .
والأخطر من ذلك أن هذه الساداتية أخذت تفعل فعلها في قطاعات من جماهير شعبنا التي خنقها الظلم وفتتها الاستبداد وأنهكها الاستغلال والجوع وامتهان الكرامة, ليسود عند بعضها الشك في أي مخرج قريب, بحيث أصبح يتطلع إلى مسار التسوية والاستسلام بكثير من اللامبالاة, بل وتحدوها الرغبة في أن تنتهي وبسرعة هذه اللعبـة .
وأمام هذا كله لا بد من القول: ليس بالرفض وحده تعيش الجماهير وتتحرك قواها للنضال وتتوحد, وإنما أولاً باسترداد حريتها وكرامتها ووراء قيادات تجسد الحرية والصدق والكرامة، ليس بالرفض لمسار السادات وخطواته أو ما يشبه الرفض وبتصالح نظم على مثل هذا الرفض وتحالفها فحسب, تنهض هذه النظم من كبوتها وإقليميتها وتنهض وراءها الجماهير وتنطلق بإراداتها وطاقاتها النضالية, وإنما بوضوح الطريق والهدف, وإنما بتغيير العلاقة بين الحاكمين والمحكومين وبتغيير العلاقات بين البشر أي بتغيير طبيعية النظم التي تريد أن تقود وأن تقف وتتصدى, لا تغيير مواقفها المعلنة فحسب, وإنما بتغيير تركيبها ومنهجها وسياساتها الفعلية داخلياً وعربياً ودولياً وليس برفع الشعارات الديمقراطية الجبهوية وحدها, من قطرية وقومية, وبهذه النماذج الكاذبة أو الهزيلة المتحققة لذلك عبر النظم القائمة وفي إطارها, يمكن أن يتحقق تماسك وطني أو قومي لقوى التحرر والتقدم ونهوض لحركة الجماهير, بل لا بد أن يتجسد العمل الجبهوي قطرياً وقومياً كعمل وطني ديمقراطي يجسد ارادة الجماهير وحريتها, وتتخذ فيه القوى الوطنية الديمقراطية كلها مواقفها وحرية التعبير والعمل والتنظيـم ….
والنظام الذي كان في مسار التحول ويريد أن يضع نفسه اليوم في موقع الصمود والتصدي وأن ينادي الآخرين لمساندته ومساعدته في عثاره والالتفاف من حوله لا بد أن يغير أولاً طبيعته وتركيبته ومساره وأن يكون قادراً في أدنى الحدود على مراجعة نفسه وتصحيح مساره والاعتراف بأنه كان في مساره منحرفـاً وخاطئـاً .
لقد كان عزوف الجماهير وعدم استجابتها لنداءات السلطات السورية وأجهزة إعلامها لتحريك مسيراتها والتعبير عن نقمتها ضد سفرة السادات إلى إسرائيل, كاشفاً جديداً, كما كان كاشفاً في مناسبات عديدة سبقت وانتخابات … أنها لا تثق بهذا النظام ولا بصدق مواقفه وبياناته, وقد خبرته من قبل في تغيراته وتحولاته, بعد حملاته ضد السادات وضد اتفاقية سيناء وبعد أن ضرب مدافع كثيرة في “حـرب الجولان” .
إن الجماهير لن تمشي بعد اليوم وراء شعارات إلا إذا امتلأت بمضامينها، وأنها لن تلتف حول قيادة ما لم تكن هذه القيادة مؤمنة فعلاً بحرية الجماهير وإرادتها ومجسِّدة لتطلعاتها وأهدافها ومطلِقـة لمبادرتهــا .
إنهـا لمرحلة أخذت أبعادهـا وتكشفت معطياتهـا, ولا يكون التصدي لهـا من مواقـع الرفض الهـارب أو العاجـز أو المتريث والمنتظر, ولا يكون التصدي لها بأية حـال من مواقع الفساد والاهتراء والاقليمية ونظم الاستبداد والعصبيــات .
إنها لمرحلة لا يقـوى على الوقوف أمامهـا, وعلى التصدي للمهمـات الثوريـة حقاً التي تطرحها على قوى النضال العربي, إلا استراتيجية جديـة وبعيدة المـدى, تأخـذ أبعادهــا الوطنية والقومية والعالمية الكاملة .
وإذا ما أكدنا كما تؤكد قوى ومنظمات أخرى غيرنا على الطريق الوطني الديمقراطي في التغيير وفي بناء جبهة الصمود قطرياً أولاً ثم قومياً, فإن هذه الطريق لا تقوده العناصر أو المجموعات التي شبعت حتى التخمة تقلباً وتحولاً وانتهازاً, ولا تبنى تحت مظلة نظم استبدادية وفردية أياً كانت المواقف التي تقفها اليوم أو الوعود التي تبذلهــا .
إن الطريق الوطني الديمقراطي الذي ننشده لبناء تماسك جماهير أمتنا من جديد وتصديها وحركة نضالها, هو الطريق الثوري, فلا بد أن يستند إلى وعي ثوري وإلى مواقف جذرية وأن تنهض به قيادات جماعية يتجسد في عناصر الطهر الثوري والالتزام المطلق بحرية الجماهير وأهدافهــا .
أوائل كانون أول 1977 اللجنـــة التنفيـــذيــة
التعليقات مغلقة.