آلاء العابد *
أطلقت تسمية ثورات الربيع العربي على ثورات انطلقت في بلدان عربية بين العام 2010-2011 ضد الظلم والاستبداد الذي تعاني منه تلك البلدان.
قبل عشر سنوات قام شخص يدعى محمد البوعزيزي من تونس بحرق نفسه احتجاجاً على حجز السلطات التونسية بضاعته لتندلع بعدها أولى ثورات الربيع العربي الثورة التونسية التي توسعت بعدها وأيقظت أحلام الشعور بالحرية والديمقراطية التي طالما حلمت بها الشعوب العربية لتشمل بعدها عدة دول منها مصر وليبيا واليمن وسورية.
احتجاجات بالآلاف والمظاهرات السلمية والهتاف بسقوط الأنظمة الديكتاتورية، مشاهد لم يعتد المواطن العربي على رؤيتها من قبل.
بداية الحلم: تونس مهد الثورات الحديثة
البداية كانت من تونس الخضراء عندما قام البوعزيزي بحرق نفسه لتندلع بعدها احتجاجات لتشمل تونس بالكامل في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 رحل بعدها بن علي ليكون أول رئيس تتم الإطاحة به من خلال ثورة شعبية.
مقاطع فيديو انتشرت بعدها لتصدم العالم العربي بأكمله عبر شخص ينادي مهللاً بأن بن علي قد هرب. انتقلت الاحتجاجات بعدها إلى العاصمة المصرية حيث امتدت المظاهرات إلى القاهرة تطالب بسقوط النظام وفي 11 شباط / فبراير حدث مالم يكن متوقعاً إذ قدم حسني مبارك استقالته متنحياً عن منصبه بعد حكم دام لأكثر من 30 عام.
انتقلت بعدها العدوى إلى ليبيا واليمن وسورية، وخرجت مظاهرات بالآلاف مطالبة بسقوط الأنظمة الديكتاتورية فيها.
سقط نظام القذافي في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 ليعلن مقتله بيد الثوار وليتنازل بعدها علي عبد الله صالح عن رئاسة اليمن في 27 فبراير/ شباط 2012.
في عام واحد تقريباً سقطت 4 أنظمة ديكتاتورية في الوطن العربي والناجي الوحيد من السقوط هو نظام بشار الأسد بالرغم من الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري من اعتقالات وتهجير إلا أن بشار الأسد لم يتنازل عن الحكم بل استمر في قتل السوريين بمساندة روسيا وإيران إلى يومنا هذا.
اليوم وبعد مرور عشر سنوات يبدو المشهد أكثر ظلاماً بالنسبة للكثيرين على مختلف المستويات منها السياسية والاجتماعية وحتى المعيشية والفكرية.
تمكنت الثورات المضادة من إقناع الناس بفشل الربيع العربي وبأنه جاء للتخريب ونشر الفوضى لا أكثر، ومع عدم توحيد المعارضة وتشرذمها وتوجيه الاتهامات لبعضها البعض بالخيانة وبالعمالة للدول الأجنبية فقدت الشعوب آمالها بالخلاص من عبوديتها، فالبلدان التي قامت بها ثورات الربيع العربي تراجعت وبل فشلت ثوراتها ولم ينجح من التجربة سوى التجربة التونسية نوعاً ما.
أما مصر فبعد مرور سنة واحدة تقريباً استطاع حكم العسكر بقيادة انقلاب عسكري على أول رئيس مصري منتخب عبر انتخابات حرة نزيهة محمد مرسي والاطاحة به ليتسلم بعدها عبد الفتاح السيسي زمام الأمور.
أما في ليبيا واليمن وسورية فاندلعت بعد قيام الثورات حرب أدت إلى تهجير وخراب معظم المدن ولم تستقر الأوضاع فيها إلى يومنا هذا بل تحولت إلى حروب بالوكالة لحساب دول أجنبية تتصارع من أجل مصالحها في هذه الدول بل فتحت الباب أيضاً على التدخلات الأجنبية لتثبيت حكم الحاكم المستبد على الشعوب الذي ثارت عليه كما هو الحال في سورية عندما استطاعت روسيا تثبيت النظام السوري إلى يومنا هذا ومنعه من الانهيار والسقوط.
تحول العالم العربي خلال العشر سنوات التي مضت إلى ساحة مستباحة للتدخلات الأجنبية فالقواعد الأميركية ما تزال موجودة في أرجاء الوطن العربي بل زادت خلال السنوات الماضية وتمكنت روسيا أيضاً من بناء قواعد عسكرية لها في ليبيا وسورية، وأصبح لإيران تواجدًا عسكريًا ونفوذًا سياسيًا في العراق وسورية ولبنان.
عشر سنوات مضت أصبح فيها الوطن العربي أكثر سوءاً إلى الآن من قتل وتهجير وخراب في معظم بلاده لكن ليس بصحيح أن ثورات الربيع العربي/ الموجة الأولى قد فشلت لأن مشوار الحرية طويل ومكلف بالنسبة للشعوب التي تتطلع للعيش بحرية وكرامة ومن أجل ضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة بعيداً عن الاعتقال والقتل والدمار.
لو كانت ثورات الربيع العربي قد فشلت وليس منها أمل لما خرج المتظاهر من جديد في لبنان والعراق والجزائر والسودان.
آمال وتطلعات كثيرة للشعوب من أجل العيش بكرامة في أوطانهم فمشوار التحرر من الأنظمة الفاسدة يحتاج إلى سنوات، ومن يظن أن التغيير قد يكون في ليلة أو ضحاها يكون واهمًا والمثال الأكبر الثورة الأميركية استمرت لأكثر من 18 سنة والثورة الفرنسية 10 سنوات في تحقيق آمال وتطلعات شعوبها.
من حق شعوب المنطقة العربية أيضاً العيش بحرية وكرامة بعيداً عن الاعتقالات والتهجير والقتل فالشعوب تغيرت ولم تستطع الديكتاتوريات في عالمنا العربي إرجاع الزمن إلى ما قبل 2011 والحكم بيد من حديد من جديد مهما طال ليل الظلم والطغيان فمآل أحلام الشعوب لابد أن تتحقق.
* كاتبة سورية
المصدر: إشراق
التعليقات مغلقة.