بلال التليدي *
مر عقد كامل على رحيل المفكر والفيلسوف المغربي الدكتور محمد عابد الجابري، (27 كانون أول / ديسمبر 1935 ـ 3 أيار / مايو 2010)، ولا يزال سؤال النهوض الفكري العربي الذي اشتغل عليه الجابري في حوالي 30 مؤلفاً في قضايا الفكر المعاصر، يؤرق المفكرين والساسة العرب والمسلمين.
يعتبر مؤلف “نقد العقل العربي” الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات أوروبية وشرقية، أهم إرث معرفي للجابري، الذي حاول فيه تقديم قراءة معاصرة للتاريخ الفكري والديني والسياسي في العالم العربي.. وعلى الرغم من أنه ليس الوحيد الذي اشتغل على التراث، إلا أن جرأته ووضوحه فضلاً عن خلفيته العلمية المركبة جعلت من قراءته للتراث نموذجاً متميزا..
“عربي21″، تفتح بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الدكتور محمد عابد الجابري، حواراً فكرياً حول الإرث الفكري والفلسفي له، وأيضاً حول الملفات التي اشتغل عليها وعلى رأسها مفهوم الكتلة التاريخية.
الكاتب والباحث المغربي بلال التليدي، يدشن هذا الملف بورقة خاصة بـ “عربي21″، تتناول أبرز معالم فكر الجابري من مدخل الحاجة إلى استئناف مطلبه المتصل بالكتلة التاريخية.
أسئلة باقية:
تحل الذكرى العاشرة على وفاة المفكر المغربي محمد عابد الجابري، أحد أعمدة الفكر العربي، الذين بصموا بكتاباتهم وحضورهم الفكري الوازن، تاريخ الفكري العربي، في أجواء مشحونة بالخلاف والتوتر وتراجع كل الأسئلة المرتبطة بالمشترك العربي، وتواري الانشغالات النهضوية، وما يرتبط بها من هموم الوحدة والتنمية والتحرر، وبروز مؤشرات خطيرة على مزيد من التفكك العربي، والإعلان عن مبادرات أمريكية صهيونية مدعومة عربياً، تبصم على التطبيع مع سياسات قتل ما تبقى من الحد ألأدنى المشترك عربياً.
تحل هذه الذكرى، فتطرح من جديد راهنية أفكار الجابري، وراهنية الأسئلة التي انشغل بها، وأيضاً راهنية المساهمات التي قدمها في مختلف القضايا التي تهم مستقبل العالم العربي، وهموم الدمقرطة والحرية وحقوق الإنسان في هذه المنطقة، كما تساءلَ المثقفين والسياسيين، عن مدى الحاجة إلى إعادة طرح مشاريع الجابري ورؤاه الجريئة على طاولة الحوار وإعادة النظر، ليس بقصد استئناف الانشغال بقضية النهوض العربي في هذه الشروط السياسية الصعبة التي يمر منها العالم العربي، ولكن، بقصد البحث فيها عن إمكانية للخروج من هذه الشروط وبناء شروط أخرى تعيد للعالم العربي لحمته، وتوفر له ظروفاً أفضل لإعادة تعريف مصالحه الحيوية وتموقعاته السياسية في الخارطة الدولية.
مر عقد من الزمن على وفاة المفكر والفيلسوف المغربي الدكتور محمد عابد الجابري، الرجل الذي خلف وراءه ثروة فكرية ونقدية كبيرة، اشتغلت على موضوعات عدة، معرفية تراثية، حاولت تفكيك النظم المعرفية التي تنتظم العقل العربي (بيانية وعرفاينة وبرهانية)، وفكرية نهضوية حاولت التأسيس لفكرة النهوض الحضاري وتحديد الانطلاقات التراثية الصحيحة التي ينبغي البناء عليها، ونظرية فلسفية حاولت بجهد معرفي التحرر من أسر الإيديولوجية الماركسية، والتحليق بحرية كبيرة بين مخرجات الفكر الإنساني. وفلسفية علمية، حاولت تأطير تاريخ العلوم وفلسفتها برؤية تفسيرية، فضلا عن مخرجات فكرية سياسية حاولت الاشتغال على سؤال الدمقرطة وتفكيك السلطوية وكل ما يعيق مسار الأمة نحو التقدم، ومحاولات تأريخية جادة، حاولت أن تقدم قراءة ناطقة لتطور تاريخ الحركة الديمقراطية في المغرب من زاوية شاهد عليها، هذا فضلا عن دراسة الحركة الإصلاحية المغربية في القرن التاسع عشر وسؤال الاتصال والانفصال عن النهضة المشرقية، ودراسة تاريخ الحركة الوطنية ونموذجها في تطوير السلفية وغير ذلك من الموضوعات التي انشغل بها الباحث.
ومع هذا التعدد والثراء في إنتاجات الدكتور محمد عابد الجابري، إلا أن ما يجمع تلاوينها المختلفة، هو الاشتغال على سؤال النهضة، ومحاولة التأسيس لفكر النهضة من داخل التراث الإسلامي والبحث عن انطلاقة صحيحة من هذه الأرضية، والمساهمة في تفكيك الإشكالات المعاصرة من نفس الزاوية، وطرح أفق للتحرر والتقدم، يصهر مكونات الطيف النضالي في “كتلة تاريخية” تجمع الإسلاميين والوطنيين والقوميين واليساريين وغيرهم من الأطياف التي تتقاسم معهم الأهداف الوطنية الكبرى.
من نقد العقل العربي إلى البحث عن انطلاقة نهضوية صحيحة:
كثيرون هم الذين اشتغلوا في كتبهم وأبحاثهم على نقد الثقافة العربية، وبعضهم كان موجهاً بفكرة مسبقة ترى أن جذور التخلف ثاوية في هذه الثقافة، وأنه ما لم نتحرر منها ونعلن القطيعة معها، فإننا سنبقى نراوح المكان. ولذلك لا نستغرب شيوع عناوين فكرية بارزة غطت ما يقرب عقداً من الزمن حاولت أن تشتغل على تفكيك الثقافة العربية من الداخل، ومحاولة نسبة كل أعطاب التخلف إليها.
المثير في مجهود المفكر محمد عابد الجابري رحمه الله، أنه اشتغل في مشروعه الضخم نقد العقل العربي (أربعة أجزاء) على تفكيك النظم المعرفية الثلاثة التي تنتظمه (النظام البياني، والنظام العرفاني، والنظام البرهاني)، وعلى تخريج قواعد العقل العربي في النظم المعرفية الثلاثة. وعلى الرغم من نقده الحاد للنظام العرفاني (اتهمه بالتسويغ لاستقالة العقل العربي)، ومحاولته بيان محدودية النظام البياني المعتمد على اللغة والقياس، إلا أنه لم يساير فكرة القطيعة مع الثقافة والتراث العربيين، وأعلن منذ البدء اعتقاده بفكرة الانتظام في التراث العربي بدل القطيعة معه، بما يعني ذلك الإيمان بالإمكان والرصيد الذي يتوفر عليه هذا التراث وهذه الثقافة العربية، والذي يمكن من الانطلاقة النهضوية الصحيحة.
والمثير حقا، أن الدكتور محمد عابد الجابري، حتى وهو ينتقد محدودية النظام البياني، وبشكل خاص القواعد البيانية التي أسس لها الإمام الشافعي في كتابه “الرسالة”، لم يعلن القطيعة مع مخرجات هذا النظام، وأعلامه ومشاريعهم الأصولية والمعرفية، بل حاول أن يستعرض التجديدات الأصولية التي حدثت في السياق التراكمي لهذا النظام البياني، فقرأ تجربة ابن تيمية الجريئة، ولو بقدر غير كاف من الحيز البحثي، واعتبر في دراسته لمشروع الشاطبي، أن نظريته في المقاصد، بقدر ما تكشف وعي الشاطبي بمحدودية الرهان على اللغة والقياس لإنتاج المعرفة، بقدر ما تمثل انطلاقة نهضوية مهمة تعلي من شأن المصلحة ولو كان داخل السقف البياني، إذ تركت إنتاجات الشاطبي آثاراً كبيرة في فكر محمد عابد الجابري، وجعلته في كثير من الأحيان، يقترب لساحة الجدل مع الفكر الإسلامي المعاصر ويبني جسورا للحوار مع رموزه.
على أن أهم شيء يتميز به الدكتور محمد عابد الجابري رحمه الله، أنه بتبنيه لفكرة الانتظام في التراث العربي الإسلامي، والبحث عن انطلاقة نهضوية من أرضيته، ونقده لمنطق القطيعة مع مخرجات العقل العربي، ومحاولته بناء جوابه النهضوي اعتماداً على تراث ابن رشد، وبشكل خاص، منطقه البرهاني، سمح لكتاباته أن تخترق كل التيارات، بما في ذلك التيارات الإسلامية، التي اعترف الجابري أكثر من مرة أن أنصاره هم الأكثر قراءة لكتبه.
توقف الجابري عند أزمة العقل العربي، وحددها في منطقة التفاعلات بين نظم المعرفة الثلاث، أي ساحة العلاقة بينها، وكيف تحولت إلى ساحة هدم متبادل، أفضى تعطيل أي إمكانية لتأسيس نظام من داخل نظام، ولا للبحث عن صيغة لاشتغال لتوافق نظامين أو تعايشهما على النحو الذي اقترحه ابن رشد حين قرر بخصوصية الخطاب الحجاجي الجدلي (البياني) وخصوصية الخطاب البرهاني، وانتهى من ذلك إلى أن كل واحد منهما يقود إلى الحق بمنهجه وآلياته، وأن الحق لا يضاد الحق ولكن يعضده ويشهد له.
فقد توقف الرجل في نقده للعقل العربي على العديد من البدايات التي كان من الممكن لمشروع النهضة أن يتأسس عليها، بدءاً بمشروع ابن باجة ومرورا بمشروع ابن حزم، وانتهاء بمشروع ابن رشد، ورأى أن القاسم المشترك الذي يجمعها هو الانتصار للعقل والبرهان دون القطيعة مع النقل أو التراث، وكان يشير في قراءته لهذه المشاريع للتركيب الفلسفي أو الأصولي الذي اعتمده هؤلاء لفك سؤال موقع الدين أو النص في إنتاج المعرفة.
لم يلتفت الجابري كثيراً لنقاده، فلم يُعقب أو يرد على مساهمات الدكتور طه عبد الرحمان التي جاءت على نقيض من أعماله، ولم يدخل أبداً في سجال مع كتبه التي جاء أغلبها لنقد أعمال الجابري، في استدلالاته، ورؤيته ومنهجه في قراءة التراث. وعلى الرغم من اعتراف الدكتور طه عبد الرحمان بفضله، إلا أن الجابري لم يرد له التحية، ولو بأصغر منها، وثبت عنه في إحدى ردوده على من ذكَّره بانتقادات طه عبد الرحمان لمشروعه نقد العقل العربي: “كان حرياً عليه أن يقول أنا لا أفهم ما يقوله الجابري”.. وكذلك فعل الأمر نفسه مع المفكر العربي جورج طرابيشي، الذي خصص جزءاً كبيراً من مؤلفاته للرد على الجابري بل شغل ربع قرن من حياته في الرد على الجابري، وأنتج كتابات كثيرة في الرد عليه لا سيما كتابه “نقد، نقد العقل العربي”، فلم يُشر إليه أدنى إشارة في ردوده مع أن طرابيشي تجاسر في النقد إلى أن بلغ به حد الطعن في الأمانة العلمية للجابري، ولم يثبت عنه في تفاعله مع طرابيشي سوى رد في إحدى لقاءاته، تحدث فيه عن عدم دراية طرابيشي بالفكر الإسلامي.
وحتى المفكر المغربي، زميله في القسم الفرنسي في الفلسفة، الدكتور عبد الله العروي، فقد كان ينتقده في كتبه بحذر شديد، ويحرص على عرض أقواله ومقاربته في التحليل بطريقة نقدية تبدو في طريقة استعراضه “المحايد” لأفكار العروي كما فعل في كتابه الخطاب العربي المعاصر، حين تعرض لتاريخانية العروي، متيحاً لها مساحة كبيرة للعرض بأسلوب لا يخفي فيه انتقاده اللاذع.
بعض الأوساط المريضة داخل المثقفين كانت تميل إلى تفسير هذه السلوكات بنوع من التعالي المعرفي، في حين، أن الذين يعرفون شخصية الجابري، يدركون أنه كان يقصد أن يمضي في مشروعه وأن لا يسقط في أي سجال يجعله يغرق في بحر الردود خاصة وأنه يعلم أن جزءاً كبيراً من دوافع هذه الردود كانت نفسية أكثر منها معرفية.
ابن رشد الانطلاقة النهضوية الصحيحة أو التأسيس للتوافق:
الكثير من المثقفين يرون أن الجابري حين اختار ابن رشد واعتبر مشروعه بمثابة الانطلاقة النهضوية المجّهَضة، لم يفعل أكثر مما فعل غيره من المفكرين والمثقفين والفلاسفة المولعين بفلسفة أرسطو التي ساهم ابن رشد في تقديم ترجمة صحيحة لها، وأن طرحه يتشابه إلى حد كبير مع الطروحات الماركسية والليبرالية المعاصرة التي تحاول أن تنتصر للعقل على حساب “الهيمنة” التي تجسدها الثقافة الدينية المتمحورة حول النص أو حول تأويل غير عقلاني للنصوص.
والحقيقة أن ما لفت انتباه الجابري لـ ابن رشد، ليس فقط انتصاره للمنطق الأرسطي، ولا حتى إعلانه من شأن النظام البرهاني، ولكن الذي جعله يعتبر ابن رشد هو الجواب الواقعي للإشكالات التي يعرفها المشهد الثقافي العربي، هو كتابه: “فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من اتصال” الذي حاول فيه بيان الاختلاف الجوهري بين الخطاب الجدالي (الفقهي) والخطاب البرهاني، واعترافه ليس فقط بوحدة هدف الخطابين، بل بكونهما معاً يؤديان إليه، كل بحسب منهجه وأدواته وقواعده “ذلك أن الحق لا يضاد الحق، ولكن يعضده ويشهد له“، فاعتبر الجابري جواب ابن رشد، الذي يجعل الحقيقة البيانية تسعى لتحقيق نفس هدف الحقيقة البرهانية، جواباً مخلّصاً من الورطة المعاصرة التي وقعت فيها بعض تيارات الفكر العربي والسياسي، إذ ساد منطق الحق المطلق الذي يمتلكه هذا التيار دون الآخر، ومصادرة حق الآخر في الاختلاف معه، وحل الإقصاء محل الوفاق، فأتاح الجواب الذي وفره ابن رشد إمكانية الاختلاف في قواعد التفكير مع الوحدة في الأهداف والغايات، بل إمكانية التوافق على تحقيق الهدف، وذلك بإقرار الحق في الاختلاف في طرق التفكير، وعدم الوقوع في ورطة الصراع مع النص الديني أو مع الذين ينطلقون في تفكيرهم من أرضية المرجعية الإسلامية وأصولها ومصادرها الشرعية.
في ضرورة قيام الكتلة التاريخية وشروطها والقوى المرشحة لها:
والحقيقة أن فكرة الكتلة التاريخية تجد أصولها المعرفية فيما ذكرنا سالفاً، إذ يمثل نزع فتيل الصراع بين المكونات التي تنطلق من أرضية النص الديني (النظام البياني) والمكونات التي تنطلق من استقلال العقل عن النصوص في التفكير وتسييد المصلحة (النظام البرهاني)، وطرح فكرة إمكانية التوافق على أهداف تمثل الحق بالنسبة للطرفين، بل تمثل المخرج من أزمة السلطوية التي تمنع أي انطلاقة نهضوية صحيحة في العالم العربي.
من هذه الزاوية، حاول الجابري رحمه الله أن يطرح موضوع الكتلة التاريخية، التي تناضل بشكل جماعي من أجل الدمقرطة وتحقيق مختلف الأهداف الوطنية الكبرى، وذلك بعد أن رأى مساراً من الإحباطات التي جعلت الانتقال إلى الديمقراطية في المغرب وغيره مجرد موعد مؤجل إلى حين، كما انطلق رحمه الله من قراءة لتجربة الانتقال الديمقراطي في أمريكا اللاتينية، والذي ارتبطت بشكل مفصلي بمناهضة مشروع العولمة والهيمنة الأمريكية، إذ انتفضت الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، وتحالفت الأطروحة الدينية مع الثورية اليسارية في تركيب عملي وسياسي أنتج قوة سياسية في المنطقة استطاعت أن تؤطر الجماهير بشعارات غير محلية لمناهضة الوحش الامبريالي الكاسر.
على أن الذي زكى فكرة الكتلة التاريخية وجعلها مطلباً أساسياً في مشروعه الفكري والسياسي، هو قراءته المبكرة لأدبيات غرامشي الذي كان يفكر في طريقة للتغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في بلده إيطاليا التي كانت تمزقها الفوارق الطبقية الصارخة بين الشمال والجنوب دون الإضرار بوحدة البلاد وتماسكها، فاقترح فكرة الكتلة التاريخية التي تضم إلى جانب قوى التغيير والإصلاح في الشمال، من ماركسيين وشيوعيين وليبراليين، القوى المهيمنة في الجنوب بما فيها الكنيسة.
وقد ترسخت فكرة الكتلة التاريخية لدى الدكتور محمد عابد الجابري عند مشاهدته لأوجه الإقصاء الذي تمارسه القوى الديمقراطية واليسارية على التيارات الإسلامية من جهة، وأيضا الإقصاء الذي مارسته الثورة الإيرانية على القوى اليسارية والليبرالية، وملاحظته لأثر ذلك على مشروع النهوض، فانتهى إلى خلاصة محورية يرى فيها أن أي حركة تغيير في المجتمع العربي الراهن لا يمكن أن تضمن لنفسها أسباب النجاح، أسبابه الذاتية الداخلية وهي الأساس، إلا إذا انطلقت من الواقع العربي كما هو، وأخذت بعين الاعتبار الكامل جميع مكوناته، “العصرية” منها و”التقليدية”، النخب منه وعموم الناس، الأقليات منه، والأغلبيات، صفوف العمال وصفوف الطلاب، وقبل ذلك وبعده صفوف المساجد.
ولدى تعريفه للمفهوم الذي يتبناه الجابري للكتلة التاريخية، اعتبر أنها التي “تجمع فئات عريضة من المجتمع حول أهداف واضحة تتعلق أولا بالتحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية، السياسية والاقتصادية والفكرية، وتتعلق ثانـيا بإقامة علاقات اجتماعية متوازنة يحكمها، إلى درجة كبيرة، التوزيع العادل للثروة في إطار مجهود متواصل للإنتاج“، واعتبر أن من واجب الكتلة التاريخية أن تأخذ بعداً قومياً في جميع تنظيراتها وبرامجها ونضالاتها ما دامت مشكلة التنمية مرتبطة في الوطن العربي بقضية الوحدة العربية.
كما اعتبر أن قيام الكتلة التاريخية ينبغي أن ينبني على المصلحة الموضوعية الواحدة التي تحرك جميع التيارات التي تنجح في جعل أصدائها تتردد بين صفوف الشعب” وفسر هذه المصلحة الموضوعية بكونها: “المصلحة الموضوعية التي تعبر عنها شعارات الحرية والأصالة والديمقراطية والشورى والعدل وحقوق أهل الحل والعقد، وحقوق المستضعفين وحقوق الأقليات وحقوق الأغلبيات” وعلل ضرورة هذه التوليفة الجامعة والمستوعبة لمختلف الطيف بكون “الحق المهضوم في الواقع العربي الراهن هو حقوق كل من يقع خارج جماعة المحظوظين المستفيدين من غياب أصحاب الحق عن مراكز القرار والتنفيذ” واعتبر أنه من دون قيام كتلة التاريخية من هذا النوع لا يمكن تدشين مرحلة تاريخية جديدة يضمن لها النمو والاستمرار والاستقرار.
وأوضح الجابري في تحليل مستفيض لمبررات قيام هذه الكتلة، بأن “مهام التحرر من التبعية وإقرار الديمقراطية وتحقيق تنمية مستقلة. مهام لا يمكن، في ظل الوضعية الراهنة التي نعرفها جميعاً، لأي فصيل من فصائل القوى الوطنية القيام بها بمفرده، سواء حمل إيديولوجيا سماها يساراً أو نطق باسم الدين أو بأي شيء آخر” فاعتبر أن المخرج لا يمكن تصوره خارج “تحالف وطني جديد على شكل كتلة تاريخية تضم جميع القوى الفاعلة في المجتمع والتي من مصلحتها التغيير في اتجاه تحقيق الأهداف الوطنية”. ورشح الجابري قوى اعتبرها أساسية في تشكيل هذه الكتلة وهي:
أولاً ـ الفصائل المنحدرة من الحركة الوطنية والتنظيمات والمجموعات المرتبطة بها من نقابات عمالية وحرفية وتجارية وفلاحية وجمعيات ثقافية ومهنية ونسوية…
ثانياً ـ التنظيمات والتيارات التي تعرف اليوم باسم الجماعات الإسلامية التي يجب أن يفتح أمامها باب العمل السياسي المشروع كغيرها من التنظيمات ذات الأهداف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الواضحة التي لا تمس لا وحدة الوطن ولا وحدة الشعب ولا الوحدة الروحية للأمة ولا الانتماء العربي الإسلامي للبلد.
ثالثاً ـ القوى الاقتصادية الوطنية التي تشارك بنشاطها الصناعي والتجاري والزراعي والسياحي والمالي في خدمة اقتصاد البلاد ككل وتطويره وتنمية قدراته.
رابعاً ـ جميع العناصر الأخرى التي لها فاعلية في المجتمع بما في ذلك تلك التي تعمل داخل الهيئة الحاكمة، والمقتنعة بضرورة التغيير في اتجاه تحقيق الأهداف التاريخية المذكورة.
في راهنية فكرة الجابري:
بدون شك، ثمة بون شاسع بين ما طرحه الجابري حول ضرورة قيام الكتلة التاريخية والمهام الموكولة بها والقوى المرشحة لها والأهداف الوطنية التي تسعى لتحقيقها، وبين الواقع السياسي، الذي يعرف إحباط تجربة أخرى من تجارب الانتقال الديمقراطي، وتغول النخب المستفيدة، وتفكك القوى الوطنية والديمقراطية، واحتداد الصراع بين المكونات التي رشحها الجابري لتأسيس الكتلة التاريخية.
لكن المسافة الضوئية بين ما طرحه وبين حيثيات الواقع العربي، لا تعني أن فكرة الكتلة التاريخية هي فكرة حالمة، لا سبيل لتحقيقها، وأن مُعيقات قيامها هي أكثر من شروط تحققها في الواقع، فالذي يرصد تطورات الواقع العربي والهبات الشعبية التي عرفها في ربيعه الديمقراطي الأول، وفي الموجة الثانية من الربيع العربي، وزخم الحركات الاجتماعية التي تفجر احتجاجات متواترة في مختلف أقطار العالم العربي، ناهيك عن تعمق الفجوة بين الأقلية والمستفيدة من السلطة والثروة، والأكثرية التي لا تتوفر على شروط العيش الكريم، فضلاً عن تدني مستويات الثقة في المؤسسات، فمن يرصد هذه المؤشرات يكتشف بأن فكرة الجابري، ليست يوتيوبيا حالمة، وإنما هي فكرة تنتظر نضج شروطها الكاملة، وأن التطورات التي تجري، والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فضلاً عن موجات الحراك الذي ينطلق هنا وهناك، تنبئ بقرب النضج الكامل لهذه الشروط، وقيام كتلة تاريخية واعية بمختلف التحايلات التي تعيق الانتقال الحقيقي نحو الديمقراطية، ولا تريد أن ترتكب أي خطأ يمكن أن يمدد عمر المشروع السلطوي، ويجدد أساليبه وشرعياته.
“الكتلة التاريخية”.. هل كانت وراء الاحتفاء المشرقي بالجابري والتهميش المغربي له؟
ربما تتكرر محنة ابن حزم مغربياً كل مرة مع مفكرين كثر، فمطرب القوم لا يُطرب، وآفة العلم القرب، على حد تعبير فيلسوف الغرب الإسلامي ابن حزم، فثمة عدد من المثقفين والمفكرين المغاربة يلمع نجمهم في المشرق ولا يجدون هذا الاحتفاء في بلدهم. فهل الأمر يتعلق بمشكلة ثقافية بنيوية تتكرر مع كل المثقفين والمفكرين؟ أم يتعلق الأمر بأسباب موضوعية وسياقية تفسر لنا حالة الجابري على الأقل، الذي لقي احتفاء منقطع النظير في المشرق، في حين لم تجد أدبياته الاهتمام بها مغربياً إلا في سياق متأخر بعد أن كانت كتبه تصل من بيروت عبر مركز دارسات الوحدة العربية، وليس من الدار البيضاء أو من محراب جامعة محمد الخامس الرباط.
في البدء كان الخلاف مع الاستقلاليين:
سيكون من العسف أن نتناول هذا الإشكال دون أن نعرض للخلافات السياسية العميقة التي تركت أثرها النفسي على جيلين من أجيال من النخب السياسية، فالجابري بنفسه يحكي بتفاصيل مثيرة هذه الخلافات والتوتر الذي حصل داخل البيت الواحد (حزب الاستقلال) قبل محطة 25 كانون ثاني (يناير) 1959 التي انشق فيها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الاستقلال، وكان الجابري المثقف الكاتب في جناح المهدي بن بركة.
لا ينسى الاستقلاليون أبداً للجابري انتسابه لما كانوا يسمونه بـ”الانقلابيين”، ولن ينسوا الدور الذي كان يقوم به في مرافقة قيادات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم بعد ذلك إنتاج وتحبير الأوراق المذهبية للاتحاد الاشتراكي، وكتابة افتتاحيات الحزب في جريدته المشهورة “التحرير” ثم المحرر ثم الاتحاد الاشتراكي..
وقد كان لهذه الذاكرة المشحونة بالتوتر والخلاف، أثرها في إبعاد أجيال من الاستقلاليين عن كتابات الجابري أو أخذهم مسافة عنها، فقد سادت في السبعينيات لغة إيديولوجية حدية بين الطرفين، كان يتهم فيها اليسار الاستقلاليين بالخونة الذين باعوا المغرب للاستعمار، وكان الاستقلاليون يتهمون فيه اليسار بالانقلابين والملحدين، فأقام هذا التوتر الإيديولوجي الأعمى حاجزاً عنيفاً منع الاستقلاليين من الاقتراب من أدبيات اليسار، ومنظريهم، لا سيما منهم العروي والجابري، وحرض اليسار مناضليه على الزعيم علال الفاسي ووصفوا كتاباته بالرجعية، وكان من آثار ذلك، أن ضاقت نسبة الذين كان يُفترض فيهم أن يتابعوا كتابات الجابري ويتفاعلون معها نقدياً.
ويكفي في هذا السياق أن نستعرض نصوصاً مهمة من مذكرات العروي “خواطر الصباح” التي هاجم فيها استقلاليين بدءاً من زعيمهم علال الفاسي على هامش تقديمه لدرس حسني أمام الملك الحسن الثاني، وانتهاء ببعض قياداتهم، يعطي صورة عن أجواء هذا التوتر، فقد أورد افتتاحية عبد الجبار السحيمي في جريدة العلم التي استنكر فيها إيقاف العروي من مهمته كأستاذ في الجامعة، وأنه في اليوم ذاته التقى عبد الكريم غلاب، أحد قيادات حزب الاستقلال وكان بصدد استقلال سيارة أجرة، فعرض عليه العروي أن يحمله معه في سيارته، فرفض غلاب، وتحدث معه في أمور كثيرة، ولم يتعرض أبداً لما أشار إليه مساعده عبد الجبار السحيمي.
التوتر الخفي بين العروي والجابري:
لحد الآن لم يكتب أحد عما بين الرجلين من خلاف، فضلاً عن أن يكتب عن أسبابه، فالرجلان كانا ينتميان لمدرسة واحدة هي الأسرة الاتحادية، وكان الاثنان مقربين من الشهيد المهدي بن بركة، الذين كان يبوئهما مكانة حزبية خاصة، ويضمهما للأطر القيادية، ويرى أن الحركة الاتحادية في نضالها تحتاج إلى منظرين وكاتبين في وزن العروي والجابري. فالعروي كان مُفرنساً، والثاني كان مُعرباً تخرج من القسم العربي للفلسفة.
المعلومات التي نتوفر عليها أن وثائق الحزب وأدبياته ووثائقه الحاسمة كان الجابري هو من يضطلع بكتابتها، وإن كانت أيضاً المعطيات تفيد أن العروي كان قريباً من المهدي بن بركة إن لم يكن كاتبه الخاص حسب ما تروي بعض المرويات، لكنه اضطر إلى مغادرة سفينة السياسة والتفرغ للبحث.
رئيس الحكومة الأسبق، عبد الرحمان اليوسفي، زعيم الاتحاد الاشتراكي، كان قد صرح للقناة الثانية في برنامج “رواد” كان محوره هو محمد عابد الجابري، أن الجابري والعروي يمثلان بالنسبة إليه توأمين. والحقيقة أن وصفه كان دقيقاً، فكلاهما كان يخدم الاتحاد من نفس الموقع (الكتابة والتأليف والتحرير) لكن ضمن مشروعين مختلفين تماماً، الأول (الجابري) يحاول تأسيس النهضة عبر الانتظام في التراث، والثاني (العروي) لا يرى سبيلاً للتأسيس للنهضة سوى بالقطيعة.
يذكر المثقف الزميل حسن طارق سفير المغرب في تونس في إحدى مقالاته أنه في جنازة الجابري، تكلف صديقه الكبير عبد الرحمن اليوسفي بالإشراف على تفاصيل حفل تأبينه، وحرص كل الحرص، على حسب ما روى وزير الاقتصاد والمالية الأسبق الدكتور فتح الله ولعلو، على الاتصال بـ العروي، لدعوته إلى الحضور في لقاء الأربعينية، وأن ذلك لم يتحقق، إذ كان ذلك من عبد الرحمان اليوسفي مجرد محاولة نبيلة حسب تعبير حسن طارق.
لا نعرف بالضبط الأسباب التي جعلت العروي يتخلف عن حضور حفل التأبين الذي دعا إليه مناضل كبير من وزن عبد الرحمن اليوسفي، لكن ذلك هو أيضاً يشكل حدثاً ينضاف إلى جملة الأحداث الغامضة التي تفسر علاقة التوتر الخفية بين مثقفين كبيرين يحتفظ كل واحد منهما بجمهوره وربما بأنصاره. لكن ما هو مؤكد أن هذا الخلاف، والتوتر بين مشروعين خرجا من مصدر واحد، هو العائلة الاتحادية يفسر جزءاً من السياق المتوتر الذي يخلق أجواء الاستقطابات والخلافات التي تجعل البعض يناصر هذا المفكر والاخرين يعادونه، والعكس.
لكن طريقة الجابري في عرض كتابه الإيديولوجية المعاصرة والنقد الذكي لها والذي صاغه في طريقة استعراض العروي دون تعليق عليها يكشف جانبا من توتر العلاقة بين الرجلين.
ما علاقة توتر الرجلين بالتهميش الذي طال الجابري في بلده؟
تعمق الخلافات بين المثقفين وتعزيز حالة الانقسامية بين المثقفين، وظهور الحدية الاطصفافية، تدفع جمهوراً عريضاً من أتباع هذا المثقف إلى خوض حرب ضد الآخر، كما تدفع إلى التخندق والتخندق المضاد، وتحول الفكر الذي يفترض أن يكون ذا وظيفة إشعاعية إلى فكر طائفي تحمله جماعة ضد جماعة أخرى داخل قبائل اليسار.
هل كانت مواقفه من السلطة سبباً في تهميشه؟
يكتنف علاقة الجابري بالسلطة غموض كبير، فقد ظلت السلطة تنظر إليه باعتباره كاتب التقرير الإيديولوجي للمؤتمر التأسيسي للاتحاد الاشتراكي 1975، بل ربما ظلت تعتبره الأداة التعبيرية والنظرية للحزب منذ الزمن الذي أسسه المهدي بن بركة، وبقيت العلاقة على هذه الحال من الحذر والترقب إلى أن صار الجابري يستقبل من السلطة إشارات للاستيعاب أو الاحتواء.
يحكي الجابري في سلسلة “مواقف”، بالتفصيل هذه الإشارات، والتي تمثلت في دعوته لعضوية أكاديمية المملكة المغربية لمرتين، في سياقين زمنين مختلفين، وأنه اعتذر لمستشاري الملك عن ذلك، مبيناً في “مواقف”ـه السبب وراء ذلك، فقد كانت فكرة الأكاديمية من بنات أفكار الملك الحسن الثاني، وكان قد خاطب عبد الرحيم بوعبيد بهذه الفكرة، وحدثه عن نيته تأسيس الأكاديمية وضم عدد من المثقفين المغاربة والأجانب بها، وذكر اسم عبد الرحيم بوعبيد كأحد أهم أركانها، غير أنه أسسها واستثنى منها قيادات الاتحاد الاشتراكي. وأنه لهذا السبب رفض الدعوتين بطريقة ذكية فيها كثير من اللياقة تجنباً للحرج مع الملك الحسن الثاني.
أما الإشارة الثانية، فهو رفضه لأكثر من مرة العرض بتتويجه فائزاً بجائزة المغرب، وأنه اعتذر بلباقة شديدة، وتطور موقفه فيما بعد لرفض جوائز من أقطار عربية مختلفة خشية من أن يُتهم بازدواجية المعايير، بقبولها من خارج ورفضها من داخل.
هذا التوتر غير المعلن، كان يخفي أجواء الثقة بين السلطة والجابري، ورغبه الابتعاد من ساحتها، والبقاء في مربع المعارضة، كما كان يقول دائماً، وهو الذي يفسر جانباً من التهميش الذي لقيه لفترة طويلة من قبل السلطة ودوائرها الإعلامية قبل أن تنضج فكرة استيعابه واحتوائه ضمن هيئات أو جوائز رسمية.
والحقيقة أن هذا التوتر، رغم أجواء الانفراج التي عرفها العهد الجديد (محمد السادس) بقيت بعض مظاهره، فرغم استجابته لدعوة القناة الثانية سنة 2003، في برنامج “في الواجهة” التي كانت تسيره المرحومة عزيزة ملاك، إلا أن حضوره في الإعلام العمومي كان شبه معدوم لمدة طويلة، إلى أن جاءت وفاته، فجاءت رسالة ملكية تذكر مواصفات الفقيه، حيث سمته الرسالة الملكية التأبينية بـ “أحد كبار المفكرين المغاربة، الذين كانوا نموذجاً عالياً في العصامية والجدية والاستقامة، والعطاء الفكري المتنور، المتميز بترسيخ منهج العقلانية، وقيم الوطنية والمواطنة الحقة.
تحولاته الفكرية وموقفه من الإسلاميين:
ثمة عامل آخر زاد الأمر تعقيداً، وتسبب ربما في تهميشه أو فض بعض أشياعه عنه، وهو ما يرتبط بتحولاته الفكرية في مرحلة التسعينيات، ومواقفه المعتدلة من الحركة الإسلامية ومن اندماجها في الحياة السياسية، وإيمانه العميق بكونها تشكل فاعلاً أساسياً في الكتلة التاريخية التي كان يراهن عليها لتوطين الديمقراطية في العالم العربي. فمنذ أن ظهر كتابه “التراث والحداثة“، ثم كتابه “وجهة نظر“، وكتاباته عن الديمقراطية والانتقال الديمقراطي، بدا أنصاره بالأمس، من الجناح الإيديولوجي ينظرون بريبة إلى دعواته، ويعتبرون كتاباته بمثابة السند الذي يتكئ عليه الإسلاميون في إثبات شرعيتهم وتثبيت وجودهم السياسي وكونهم فاعلاً لا يستغنى عنه في العملية الديمقراطية.
وشخصياً كان لي لقاء قصير مع الدكتور محمد عابد الجابري في الدوحة في ندوة الإصلاح السياسي سنة 2007، وهو الذي كان يرفض في المغرب أي لقاء صحفي، جمعنا هذا اللقاء، وكان لنا مناسبة قصيرة للكلام، فتحدثنا عن كتاباته، وأين تُقرأ بكثرة أي تفسير يحمله لذلك؟ فأخبرني أن الإسلاميين هم أكثر التيارات متابعة لكتبه، وأنهم يحتفون بها أكثر من غيرهم رغم ما بيننا من خلافات كما قال.
لا يحمل تصريحه أدنى إشارة إلى وجود من أهمله، لكن لا شك أن الاحتفاء الذي استقبل به الإسلاميون لكتاباته، سيقابل بخيبة أمل فيه من قبل جزء من المناضلين الإيديولوجيين الذين ارتبطوا بكتاباته زمن تحرير بيانات الاتحاد الاشتراكي، فكيف ينعطف الجابري هذه الانعطافة ليقبل بالإسلاميين ودورهم في الانتقال الديمقراطي وهم يشكلون في المغرب معارضة لحزبهم الذي يقود الانتقال الديمقراطي؟
بلال التليدي
كاتب و باحث مغربي
المصدر: عربي 21
التعليقات مغلقة.