د. حسن حنفي *
– جمال عبدالناصر قائد وزعيم صنعته التجارب
– جمال دعا سيد قطب لرئاسة هيئة التحرير.. لكن قطب اعتذر
– عام 1966 حذّر عبدالناصر في مؤتمر المبعوثين من الهزيمة أمام اسرائيل
– كنا نشهد بناء مدرستين كل يوم للتعليم العام لمحو الأمية
– حل الأحزاب.. نشأ فراغ بين ناصر والناس، فلما استقال عام 67 خرجت ملايين الناس اليه تطلب منه البقاء
– الثورة التي تبدأ بالضباط تنتهي بالضباط المستبدين
– الحكم العسكري هو الذي ولّد الحركات السلفية
– الحرية النسبية في عهد ناصر تراجعت في عهد خلفائه
– الناصرية ما زالت قابعة في القلوب
– شتان بين الزمن الجميل حرية – اشتراكية – وحدة والزمن القبيح استبداد – فساد – تفتيت الوطن العربـي
’’ د. حسن حنفي ‘‘
ناصر ليس شخصاً، قائداً أو زعيماً. بل هو تيار وطني تحرري اشتراكي عربي. انتشر في الستينيات وسُمي فيما بعد بإسم الناصرية. وقد نشأ ناصر ونشأت الناصرية في مصر، بؤرة الوطن العربي.
لم ينشأ ناصر في أيديولوجية مسبقة كالاشتراكية أو القومية أو الماركسية، فقد نشأ وتطور مع ظروف العصر. نشأ في خضم حصار الجيش المصري في الفالوجة في فلسطين، وهزيمة الجيوش العربية عام 1948، عام النكبة. وكوّن رفاقه من الملتزمين سياسياً بتحرير مصر مثل الإخوان المسلمين والماركسيين و الوفد ومصر الفتاة. وبعد نجاح الثورة في 1952 كان مجلس قيادة الثورة يتكوّن من اثني عشر عضواً، نصفهم من الإخوان. وأقلهم من الماركسيين وباقي الاتجاهات الوطنية الأخرى. بل ان رئيس مجلس قيادة الثورة الأول الذي أصبح رئيساً للجمهورية والوصي على العرش كانا من الإخوان قبل إلغاء الملكية وتحويلها إلى جمهورية في 1954. وقد تعرفوا على مزيد من الضباط الأحرار في حرب الفدائيين في قناة السويس في 1951 مما أقلق الجيش الرابض في القناة حتى التل الكبير وقشلان قصر النيل بالطوب الأحمر. ومكانه الآن جامعة الدول العربية.
فناصر قائد وزعيم صنعته التجارب منذ حرب فلسطين 1948 حتى ثورة 1952. ووضعت المبادئ الستة للثورة: القضاء على الاستعمار، القضاء على الإقطاع، القضاء على الرأسمالية، تكوين جيش قوي، إقامة حياة ديموقراطية سليمة، والتحقيق في مقتل حسن البنا. ورفعت شعارات ((الاتحاد والنظام والعمل))، ((ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد)). وأسس هيئة التحرير كحزب للثورة بعد أن حل الأحزاب باستثناء الإخوان. ودعا سيد قطب إلى رئاستها فاعتذر. فقد بدا عليه تعاطفه مع الفكر الإسلامي منذ ((العدالة الاجتماعية في الإسلام)) 1949. ثم أسس ((الاتحاد القومي)) عندما ظهرت بوادر القومية العربية لديه ثم الاتحاد الاشتراكي عندما اختارت مصر النهج الاشتراكي. وكانت كلها تنظيمات فوقية لا شعبية لها إلا للمتسلقين والوصوليين والمتقربين للسلطة. كانت شعبية ناصر في ذلك الوقت في أدنى مستوياتها وخاصة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في 1955 دون أن يعرف الشعب أن هذه كانت بداية استيراد الأسلحة من تشيكوسلوفاكيا والمعسكر الشرقي بوجه عام.
ثم تحول ناصر إلى بطل قومي بعد تأميم قناة السويس عام 1956 والعدوان الثلاثي على مصر، وخطابه في الأزهر ((سنقاتل)) ورفضه اقتراح أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة تسليم نفسه للقوات الغازية كما فعل بيتان مع القوات النازية بتسليم باريس في مقابل عدم تحطيم ما فيها من آثار تاريخية، كنائس وقصوراً ومتاحف. وطلب الإخوان والشيوعيون الإفراج عنهم للدفاع عن بورسعيد ثم عودتهم إلى المعتقل من جديد. واستطاعت بورسعيد الصمود. ودمر اللنش البحري المصري بقيادة الضابط السوري جول جمال المدمرة ((جان دارك)) في البحر. ثم بدأت حرب الاستنزاف 1967-1970. وتم إعداد الجيش وتسليحه وتغيير قياداته حتى تم النصر في ت1/أكتوبر 1973.
وبموازاة تأميم القناة 1956 تم تمصير الشركات الأجنبية في 1957. وصدرت قوانين تموز/يوليو الاشتراكية في 1961-1962. وكانت قوانين الإصلاح الزراعي قد صدرت عدة أسابيع بعد قيام الثورة في 9/9/1952 فهزّت وجدان الفلاحين. وحررتهم من ملكية الإقطاعيين لهم مع الأرض. وطبق مبدأ ((الأرض لمن يفلحها)). كما نادى الأفغاني من قبل. ومنع امتلاك الأرض أكثر من مائة فدان للفرد الواحد بعد أن كان القطار يسير في الإقطاعيات ولا يتوقف. ولما اتسعت الفوارق بين الطبقات وبدأ النقد الذاتي للثورة الوطنية الاشتراكية، وبعد هزيمة 1967 حرر بيان 30 آذار/مارس 1968 من أجل الإعلان عن ضرورة تذويب الفوارق بين الطبقات بعد أن بدأت تتسع بشكل ملحوظ بين الفقراء وكبار رجال القطاع العام والضباط والقطاع الخاص، بحيث لا تزيد هذه الفوارق عن (1: 10) خاصة بعد نقد مؤتمر المبعوثين لناصر في الإسكندرية في صيف 1966 وتحذيره من احتمال وقوع هزيمة ثانية في حالة الصدام المسلح مع إسرائيل. وهو ما حدث بالفعل في حزيران/يونيو 1967.
وأنشأ القطاع العام الذي يوفر للشعب حاجاته الأولية مثل الحديد والصلب والأسمنت وكافة مواد البناء دون استغلال. وتم تدعيم المواد الغذائية، وإنشاء البطاقات التموينية، وشيد الإسكان الشعبي مثل مدينة العمال، وتحديد لجان الإيجارات، ومجانية التعليم العالي، والتأمين الصحي العام لكافة أفراد الشعب.
وامتدت الثورة الوطنية التي أشعلها ناصر في مصر إلى باقي أرجاء الوطن العربي، في العراق 1958، واليمن 1962، وليبيا 1969. وتحول التيار التحرري العربي إلى تيار قومي وحدوي: الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية 1958-1961، الجمهوريات العربية المتحدة بين مصر وسورية والعراق واليمن. والبقية تأتي مثل الأردن لولا وفاة ناصر في 1970. واهتزت عروش الحجاز والخليج.
وبالإضافة إلى مجانية التعليم العالي، بنيت مدرستان كل يوم للتعليم العام من أجل محو الأمية. وجمع أطفال الشوارع في المدارس، وتعليم التلاميذ الانتماء الوطني. وازدهرت الثقافة والفنون. فأنشئت عدة مجلات ثقافية ما زال يُضرب بها المثل حتى اليوم مثل ((الفكر المعاصر))، ((المجلة))، ((تراث الإنسانية))، ((الكاتب))، ((الطليعة)) لخلق ثقافة وطنية تقدمية. وازدهرت السينما والمسرح. وأنشئت فرق الفنون الشعبية. وأرسلت البعثات التعليمية إلى الخارج كما فعل محمد علي باني مصر الحديثة.
وفي السياسة الدولية أقامت مصر والهند ويوغوسلافيا، ناصر ونهرو وتيتو، كتلة عدم الانحياز أو الحياد الإيجابي. وجمعت حولها دول العالم الثالث المتحررة حديثاً في منظمة الشعوب الآسيوية الأفريقية. وأسست منظمة الوحدة الأفريقية. وأصبحت هذه الدول تكون ثلاثة أرباع الدول في الأمم المتحدة. وشقت نوعاً جديداً من السياسية الدولية لا تقوم على المصالح أو توازن القوى كما تفعل القوى الاستعمارية بل على المثالية السياسية. وهي نوع من الواقعية السياسية الجديدة القائمة على الرومانسية. شقها ناصر ونهرو وتيتو وبن بلة ونكروما وياسر عرفات وسيكوتوري وكنياتا وسوكارنو، من كل الأديان والإيديولوجيات السياسية. ورسمت صورة غيفارا على قمصان الشباب رمزاً للثورة. وتحولت الدول المتخلفة إلى دول نامية. وبرزت قضية فلسطين كقضية مركزية بعد أن تحررت الهند الصينية وجنوب أفريقيا. وبدأ التعاطف مع الصهيونية يقل تدريجياً. ويزداد التعاطف مع القضية الفلسطينية صعوداً حتى إعلان منظمة اليونسكو العام الماضي أن فلسطين أرضاً محتلة، وأن القدس عربية.
ومع ذلك، لا يوجد نظام سياسي إلا ويمكن نقده. فما أسهل النقد النظري، وما أصعب التحقيق العملي. فقد قيل عن ناصر والناصرية انها نظام حكم فردي. كل شيء بيد الرئيس بالرغم من وجود مؤسسات حزبية ودستورية وقضائية. وكل توجه سياسي بيد الرئيس، إذا أراد التوجه شرقاً اتجه الناس كلهم شرقاً. وإذا أراد أن يتجه غرباً اتجه الناس كلهم غرباً. فهو نظام أوتوقراطي. يقوم بقيام الفرد. ويسقط بسقوطه أو موته كما حدث لناصر بين 1952 و1970. فبعد أن توجه الرئيس الجديد إلى الغرب، فالرأسمالية ليست جريمة والقطاع الخاص جوهر الحياة الاقتصادية، ذهب الناس مذهب الرئيس الجديد. فالناس على دين ملوكهم. واتهم الناصريون بأنهم ماركسيون أنصار الاتحاد السوفياتي. وتمت تصفيتهم من أجهزة الدولة والإعلام فى 15 ايار/مايو 1971. كان النظام فردياً يقوم على سلطة الرجل الواحد )مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي(. فقد حلت الأحزاب القديمة كلها والتي كان لها حضور شعبي مثل الوفد والإخوان ومصر الفتاة والماركسيين (حدتو). وأصبح هناك فراغ بين القائد والشعب. ومع ذلك خرج الشعب عن بكرة أبيه ينادي ناصر بالعودة بعد الاستقالة بعد هزيمة 1967. كما تدل جنازته التي شيعتها الملايين على حبهم له. فهو قائد شعبوي إن لم يكن ديموقراطياً. وكثير من قادة المعارضة والنشطاء السياسيين في السجون. وكل من يريد شرعية لرئاسته يجعل نفسه صورة له. ويحتفل به في مولده وفي مماته. وظهر تعبير ((زوار الفجر)) في هذه الفترة وهم الشرطة السرية التي كانت تقبض على المعارضين. فإذا كان لناصر والناصرية وجه مشرق فإن لها من الجانب الآخر وجه مظلم وهي قضية الحريات العامة التي ما زالت جارية منذ أول الثورة في 1952 إلى ما بعد ثورة الشعب الكبرى في ك2/يناير 2011. فالضباط الأحرار مهما كانوا وطنيين فهم عسكريون في النهاية. يحلون كل شيء بالسلاح، من اللحوم والدواجن والأسماك والخضار والفاكهة إلى الإرعاب والمعارضة السياسية والرأي الآخر. وفرق بين الضباط الأحرار والمفكرين الأحرار. فالثورة التي تبدأ بالمفكرين الأحرار تستمر وتؤثر. فتحرير العقل قبل تحرير الجسد مثل الثورة الفرنسية. والثورة التي تبدأ بالضباط تنتهي بالضباط المستبدين. ويظل العقل محافظاً إن لم يشتد محافظة كما هو الحال في الثورات العسكرية العربية التي ولدت الحركات السلفية ومنها ((داعش)) وتنظيم الدولة. ويصعب بعد ذلك الحكم المدني بعد أن تعوّد الجميع على الحكم العسكري. وينقلب ضابط مستبد على ضابط مستبد آخر أو على حكم مدني إذا لم يستطع أن يقوم على حكم ائتلافي بين القوى السياسية المختلفة، وإلا أصبح الحكم كرة يتبادلها العسكريون في ما بينهم أو العسكريون والإسلاميون. وهم في الحقيقة ضباط دون زي عسكري. يحكمون بالأمر والنهي من ناحية وبالسمع والطاعة من ناحية أخرى.
تنقلب الناصرية على نفسها إلى ناصرية مضادة. من سياسة التحرر الوطني إلى سياسة الأحلاف والقواعد العسكرية للدول الكبرى في أراضي العرب، ومن الاستقلال الوطني إلى الغزو الداخلي، غزو العراق لإيران والكويت، وغزو قوات التحالف العربي، السعودية والخليج ومصر لليمن بدعوى الدفاع عن الشخصية أو الغزو الخارجي مثل الغزو الأميركي للعراق بدعوى تدمير الأسلحة النووية أو غزو روسيا لسورية بدعوى القضاء على المنظمات الإرعابية. كما نشأ الخلاف الحدودي بين كل دولتين عربيتين مثل اليمن والسعودية حول عسير ونجران، وبين مصر والسودان حول حلايب وشلاتين، وبين قطر والبحرين حول ما بينهما من جزر حتى استدعى الأمر إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة، وبين العراق والكويت حول شمال الكويت وجنوب العراق حول آبار النفط. وبدأت القوميات الصغرى داخل القومية العربية تدعو للانفصال مثل الأكراد في شمال العراق. والبقية تأتي مثل الأمازيغ في المغرب العربي خصوصاً الجزائر. وانفصل جنوب السودان عن شماله بحجة العرق والدين. وأحياناً تتغلب الطائفية على القومية مثل حزب الله في جنوب لبنان، والحوثيين في اليمن. وما زال التفتيت العرقي والطائفي مستمراً. والدور قادم في صفقة القرن وهي إقامة الدولة الفلسطينية فى غزة وسيناء، وتقسيم العرب إلى ثلاث عشرة ولاية عرقية وطائفية، وإسرائيل في وسطها دولة قومية يهودية. وتكسب شرعية وجود مثل باقي الدويلات في المنطقة. وتكسب الحرب بلا حرب.
وإذا كان شعار الناصرية ثلاثاً: الحرية، والاشتراكية، والوحدة بصرف النظر عن ترتيبها بينه وبين ترتيب حزب البعث العربي الاشتراكي، فإن الحرية النسبية التي كانت موجودة في عهد عبدالناصر قد قلّت شيئاً فشيئاً عند خلفائه. فازداد الاعتقال للتيار الناصري كما حدث في 15 ايار/مايو 1971، وفتحت السجون لإخراج التيار الإسلامي للاستعانة به في تصفية التيار الناصري. وبعد أن سار الخليفة الأول في تيار الصلح مع إسرائيل منذ زيارة القدس في ت2/نوفمبر 1977، واتفاقية كامب ديفيد في 1978 ومعاهدة السلام في 1979 انقلب التيار الإسلامي عليه. وتمت تصفيته بالاغتيال. وجاء الخليفة الثاني واستمرت عداوته للإسلاميين وجماعاتهم. كما استبعد الناصريين. وظل يحكم وحده عن طريق نجليه وأصدقائه وكبار رجال الأعمال حتى تم خلعه في ثورة الشعب الكبرى في ك2/يناير 2011 بفضل تجمع شعبي جمع الوطنيين والإسلاميين. تذبذبت الثورة بين الإسلاميين والعسكريين حتى سيطر عليها العسكريون. وانتهت شعارات الناصرية الثلاثة: الحرية والاشتراكية والوحدة إلى النقيض: الاستبداد، والرأسمالية الفاسدة وتفتيت الوطن العربي.
ومع ذلك ظل ناصر وبقيت الناصرية في القلوب حتى فى عهده إذا ما حاد ناصر نفسه عن الناصرية نفسها. مثال ذلك تظاهرات آذار/مارس 1968 رداً على أحكام قادة الطيران المخففة. وهم المسؤولون عن ضرب الطيران المصري وهو ما زال على الأرض. وكانوا أحد أسباب هزيمة 1967.
ثم استمرت الناصرية قابعة في القلوب ضد كل من يحيد عنها كما فعل خليفته. وبدأت باعتصام الطلاب في ميدان التحرير 1971-1972 احتجاجاً على استمرار إسرائيل في احتلال سيناء، والحديث عن الحرب من دون حرب. والدليل الأكبر هي تظاهرات الشعب 18-19 ك2/يناير 1977 عندما رفعت الحكومة أسعار المواد الغذائية. نزلت الجماهير إلى الشوارع من الإسكندرية إلى أسوان رافعة صور ناصر. واستعد الخليفة بطائرته الخاصة للهرب إلى صديقه الشاه في طهران لولا نزول الجيش. ولما شعر بخطر اليسار الذي ثار ضد ((الرأسمالية لم تعد جريمة))، وسياسة الانفتاح الاقتصادي، والانفتاح السداح مداح، أصدر قرارات ايلول/سبتمبر 1981 والتي فصل بها مئات من أساتذة الجامعات. واعتقل مثلهم من الصحافيين. ثم انقلبت الحركة الإسلامية التي دعمها ضد اليسار. وتخلصت منه في ت1/أكتوبر 1981. وعندما جاء الخليفة الثاني بدأ الإفراج عن المعتقلين السياسيين وأعاد أساتذة الجامعات والصحافيين إلى وظائفهم ولكنه استمر في سياسة الانفتاح القائم على الفساد وتهريب الأموال منه ومن أسرته وصحبه. فتفجرت الناصرية في قلوب جنود الأمن المركزي في ك2/يناير 1986 عندما كان ينظر الجندي الفقير من خلال الحوائط الزجاجية إلى الموائد الفاخرة للأغنياء ويحرسها. ثم نزل الجيش أيضاً ليجهضها. ثم اندلعت تظاهرات الجامعات فى 1991 ضد الغزو الأميركي للعراق بعد أن سمعوا عن مرور البوارج البحرية الأميركية من خلال قناة السويس لإطلاق صواريخها على العراق. وانشغل الرئيس وعائلته وصحبه بجمع الأموال وتهريبها. ودب الفساد في أجهزة الدولة. وتحول العنف الجماعي إلى عنف فردي. وظلت مصر تتفرج على إطلاق حزب الله صواريخه على إسرائيل، وإسرائيل تقصف لبنان حتى انفجر الشعب في ك2/يناير 2011 ضد الخليفة الثاني، رافعاً شعارات أربعة: الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مستعيداً شعارات الناصرية الثلاثة الأولى: حرية، اشتراكية، وحدة. وعندما أراد الرئيس الرابع إيجاد شرعية له مثل نفسه بناصر، وفي الإعلام أغاني ناصر. وشتان بين الزمن الجميل: حرية، اشتراكية، وحدة، والزمن القبيح: استبداد، وفساد، وتفتيت الوطن العربي.
د. حسن حنفي
كاتب ومفكر مصري، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة
المصدر: مجلة الشراع
التعليقات مغلقة.