منذ عام 2020 توفيت 5 شخصيات من الدائرة المقربة لعائلة الأسد، وخاصة في عهد “الأب حافظ”. وعلى الرغم من “الهالة الكبيرة” التي تحيط بأسمائها، إلا أن الكثير من “الأسرار” الخاصة بها دفنت معها دون أن تخرج على العلن، سواء من لسانها أو من جانب من عاصرها، طوال عقود.
ومن هذه الشخصيات من وصفت بأنها ضمن أركان “الحرس القديم لحافظ”، بينما قيل عن أخرى إنها كانت “خزان أسراره”، ولاسيما في أثناء توطيد حكمه في سورية، مستخدماً قبضة حديدية، ضد خصومه السياسين، وضد الكثير من السوريين، الذين أبدوا معارضتهم “جهراً أو ضمن حدود الجدران”.
وبعد استيلاء حافظ الأسد على مقاليد الحكم في 1970 عزَّز سلطته؛ وعيَّن أعضاء من طائفته العلوية في مناصب رئيسية، بينما أسس دولة بوليسية ذات حزب واحد على النمط السوفييتي، ونشر رجال مخابراته في كل مكان.
وكتب عنه الرئيس الأمريكي حينذاك بيل كلينتون، الذي التقاه عدة مرات، في مذكراته: “لقد كان رجلاً وحشياً لكن بارع، وقضى ذات مرة على قرية بأكملها لتلقين خصومه درساً”، مشيراً إلى مجزرة عام 1982 في حماة، حيث قتلت قوات الأسد الآلاف لسحق “الإخوان المسلمين”، والكثير من أبناء المدينة.
ويستعرض موقع “السورية.نت” أسماء الشخصيات الخمسة، والتفاصيل الخاصة بها، سواء في أثناء عملها وخدمتها في عهد حافظ، أو في الفترة التي تبعت وفاته في عام 2000.
“أبرز رموز الحكم”
أولى هذه الشخصيات هو عبد الحليم خدام، والذي يعرف بأنه “أبرز رموز الحكم” في عائلة الأسد الأب، وتوفي في شهر مارس/ آذار عام 2020، بعدما تعرض لأزمة قلبية، في العاصمة الفرنسية باريس.
وكان ينظر إلى خدام على أنه خليفة محتمل لحافظ الأسد، لكنه بدلاً من ذلك ساعد نجل الأسد، بشار، على إحكام قبضته على السلطة بعد أن تولى منصبه في يونيو/ حزيران عام 2000.
وفي الأيام التي أعقبت وفاة “الأسد الأب”، دفع خدام بمراسيم برفع رتبة بشار العسكرية إلى رتبة فريق (متجاوزاً رتبتي العميد واللواء) وجعله قائداً للقوات المسلحة.
عمل خدام لمدة 30 سنة في أعلى دوائر الدولة السورية في عهد حافظ الأسد وابنه بشار، بينما تولى منصب وزير الخارجية لمدة 14عاماً قبل أن يصبح نائباً للرئيس في 1984.
ولعب دوراً أيضاً في صياغة سياسات النظام السوري في لبنان، إلى أن أُجبر الأخير على سحب قواته من هناك في 2005، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري.
بعد أن ترك سورية وسافر إلى فرنسا في 2005، انتقد خدام فساد نظام الأسد في دمشق وفشله في الإصلاح، لكنه لم يحصل على “ثقة المنشقين”، بسبب عمله الطويل كشخصية بارزة في نظام الأسد، وذلك ما أشارت إليه تقارير غربية.
“حارس خزينة مال الأسد”
بعد ستة أشهر من وفاة “خدّام” توفي محمد مخلوف خال رأس النظام السوري، بشار الأسد ووالد رجل مال عائلة الأسد، رامي مخلوف، في مشفى الأسد الجامعي بالعاصمة دمشق، بعد إصابته بفيروس “كورونا”.
ومخلوف من مواليد مدينة جبلة (بستان الباشا) في محافظة اللاذقية، ولديه خمسة أولاد (رامي، إيهاب، حافظ، إياد، ابنتان).
ويوصف بأنه “الصندوق الأسود” لعائلة الأسد وركيزتها المالية، وهو والد رامي مخلوف، الذي يعتبر من أبرز رجال الأعمال التابعين لنظام الأسد.
وكان محمد مخلوف الذراع المالي لحافظ الأسد، فيما تولى نجله (رامي) المهمة في عهد بشار، قبل اندلاع الخلافات الأخيرة، في العامين الماضيين.
وفي السنوات الماضية كانت عدة مصادر إعلامية قد أشارت إلى أن محمد مخلوف يقيم في العاصمة الروسية موسكو، منذ منتصف عام 2012، حيث يدير مصالح العائلة في روسيا، ويقيم معه ابنه الثاني حافظ الذي كان رئيساً لفرع دمشق في إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة).
شغل محمد مخلوف منصب مدير المؤسسة العامة للتبغ أو ما يعرف باسم “الريجة”، في أثناء تولي حافظ الأسد كرسي الرئاسة في سورية، ليبدأ من تلك المؤسسة ممارسة الفساد على نطاق واسع، بحسب فراس طلاس ابن وزير الدفاع السوري السابق، مصطفى طلاس، الذي وصف مخلوف بـ”بطريرك العائلة”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات، منذ أغسطس / آب عام 2011، على محمد مخلوف لصلته الوثيقة بالأسد، بينما منعه من دخول الدول التابعة له.
وحاول مخلوف الطعن بالعقوبات على اعتبار أنها تخرق حقه في الخصوصية، بزعم أنها تمنعه من الحفاظ على المستوى الاجتماعي الذي اعتادت عليه عائلته، غير أن المحكمة العامة الأوروبية رفضت، عام 2015، استئنافاً قدمه محمد مخلوف ضد تلك العقوبات.
“كاتم أسرار الأسدين”
الشخصية الثالثة هي محمد ديب دعبول الملقب بـ”أبو سليم”، والشخصية التي “كتمت أسرار الأسدين الأب والابن”، على مدى عقود.
توفي دعبول في سبتمبر / أيلول 2021 بعد 50 عاماً قضاها كمدير لمكتب رئيس الجمهورية في زمن رئيس النظام السابق حافظ الأسد وابنه بشار.
ينحدر من مدينة دير عطية في منطقة القلمون بريف دمشق، وهو من مواليد عام 1935، ورافق حافظ الأسد منذ وصوله إلى السلطة في 1971.
تسلّم منصب مدير المكتب الخاص بالرئاسة حتى وفاة حافظ الأسد في عام 2000، واستمر في شغل المنصب في زمن بشار الأسد.
ويعتبر دعبول حافظ أسرار القصر الجمهوري، إذ رافق الأسدين، الأب والأبن، ونظم لقاءاتهما واجتماعاتهما مع مختلف القيادات داخل النظام.
وحسب موقع “مع العدالة” فإنه “كان يستصدر موافقات لمشاريع كان يحصل عليها من دوائر الدولة لصالح كبار التجار، ويستقطع نسبة من أرباح المشروع أو يحصل على مبالغ مالية لقاء تلك الخدمات، أو يدخل في شراكات مع هؤلاء التجار كشراكته مع حسان الحجار أحد أكبر مصدري النسيج في سورية”.
كما يعتبر وابنه سليم أول من أدخل فكرة الجامعات الخاصة إلى سورية، إذ أنشأ ابنه جامعة القلمون الخاصة في دير عطية، بعد إصدار الأسد مرسوماً خاصاً بإنشاء الجامعات.
“حارس الأسدين”
في مايو / أيار عام 2022 توفي اسم آخر من ضمن “رجالات الحرس القديم لحافظ”، وهو ذو الهمة شاليش ابن عمة رأس النظام السوري الحالي، بشار الأسد.
من مواليد القرداحة بريف محافظة اللاذقية عام 1956، وكان قد شغل منصب قائد الحرس الرئاسي في نظام الأسد من 1994 حتى 2019 عندما وضعته حكومة النظام قيد الإقامة الجبرية للاشتباه في الاختلاس.
ويتهم “شاليش” بقيامه في عدة تفجيرات في سورية، وزعزعة الاستقرار في دول عربية، بينما تتهمه المعارضة السورية بإبرامه اتفاقيات تجارية لصالح النظام السوري كالتفاف على العقوبات المغروضة عليه.
كما اتهمته تقارير غربية عام 2004 بالعمل على إخفاء أسلحة الدمار الشامل العراقية في ثلاثة مواقع في سورية.
وفي سبتمبر 2012 قالت قناة “العربية” إنها حصلت على وثائق سرية تكرر فيها اسم شاليش كمسؤول عن تنفيذ أوامر حافظ الأسد، كالوقوف وراء حريق فيلاجيو في قطر كنوع من تخفيف الضغط على النظام السوري وإحراج قطر أمام مواطنيها.
وكذلك “تفجير القزاز ومراقبة النظام الأردني وقتل المنشقين وزعزة استقرار الأردن”.
وفي عام 2011 أي في مطلع أحداث الثورة السورية وضع الاتحاد الأوروبي “ذو الهمة” والمعروف أيضاً باسم “زهير شاليش” على قوائم عقوباته، بتهمة قمع المتظاهرين.
وقبل ذلك، في 2005، كان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قد حدد ذو الهمة بموجب الأمر التنفيذي رقم “13315” لشراء أسلحة للرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، ونظامه.
“الأب الروحي للقوات الخاصة”
في غضون ذلك كانت آخر الشخصيات التي دفنت مع أسرارها هو اللواء المتقاعد، علي حيدر، إذ توفي في الخامس من شهر يوليو / تموز 2022.
يوصف حيدر بأنه “الأب الروحي للقوات الخاصة” التي تأسست في عهد حافظ الأسد، ويعد أحد أبرز أركان “الحرس القديم” للأخير.
ولمدة 20 عاماً (1968-1988) قاد حيدر الذي ينحدر ريف جبلة بمحافظة اللاذقية “القوات الخاصة”، وكان له دور في ترجيح كفة حافظ الأسد أمام أخيه رفعت، في 1983، بينما كان لقواته دوراً في أحداث مجزرة حماة، وأيضاً في لبنان كجزء من التدخل السوري في الحرب الأهلية اللبنانية.
ولد في عام 1932 في قرية حله عارا، بيت ياشوط، منطقة جبلة.
انضم إلى “حزب البعث” المؤسس من قبل ميشيل عفلق كطالب في المدرسة، وانتدب كضابط مشاة في “الجيش السوري” في عام 1952، بعد دراسته في الكلية الحربية في حمص.
وبعد وصول “حزب البعث” إلى السلطة في سورية بعد انقلاب الثامن من آذار 1963، تدرج حيدر ليصبح قائد لـ”القوات الخاصة السورية” في عام 1968، بعد تقليه لتدريب في أكاديمية القوات المحمولة جواً السوفيتية.
بقي حيدر قائداً للقوات الخاصة تحت حكم حافظ، بعد ذلك، وبرز كشخصية رئيسية في الدائرة المقربة منه، وكان واحداً من أكثر الضباط الموالين له.
وقد انهيت مهامه وأدخل للسجن في أغسطس / آب من عام 1994، دون أن تعرف الأسباب الحقيقة، فيما تشير بعض المصادر، منها كتاب “فلاحو سوريا” لحنا بطاطو إلى أن الأسباب ترتبط بـ”مخالفة الأوامر”، ليتم إطلاق سراحه بعد ذلك، ويحال إلى التقاعد.
المصدر: السورية نت
التعليقات مغلقة.