اختتمت القمة الثلاثية لرؤساء إيران وروسيا وتركيا، بالعاصمة الايرانية طهران، وناقشت مسار أستانا بشأن سورية فضلا عن عدد من القضايا، من ضمنها تطورات الملف النووي الإيراني والحرب في أوكرانيا.
وعلّق المعارض والصحافي أحمد مظهر سعدو، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، على القمة مؤكدا أن أهم ما جاء في البيان هو التوافق على تثبيت وقف إطلاق النار الهش في إدلب والذي تأسس بناءً على البروتوكول الموقع في سوتشي بتاريخ 5 مارس 2020 بين إردوغان وبوتين، وهو مسألة مهمة بالنسبة لما يناهز ثلاثة ملايين سوري يعيشون في هذه المنطقة، لكن الباب لايزال مفتوحا تحت عنوان مكافحة الإرهاب أينما كان حيث يمكن لروسيا وإيران وسمُ أي فصيل في هذه الأمكنة بالإرهاب ليتم قصفه وقصف حاضنته الشعبية المدنية كما بات يجري ويتم فعله منذ أكثر من سنتين فصولا متوالية فوق رؤوس المدنيين.
ولفت محدثنا إلى أن هذا الاجتماع على مستوى القمة الذي بات دوريا لرعاة أستانا وضامنيها لم يعد بداية ولا نهاية لحل المسألة السورية التي أضحت أكثر تعقيدا وأوسع انتشارا ضمن ظروف إقليمية ودولية غاية في التعقيد والتخلي خاصة بعد انشغال العالم بأجمعه بالحرب في أوكرانيا وتداعياتها الدولية والإقليمية .
و بخصوص سؤال المرصد عن وصف بوتين المحادثات بالجيدة، قال إن” وصف بوتين بأن المحادثات كانت مفيدة لا يخرج عن كونه تصريحا دبلوماسيا يريد منه نجاح القمة، والتي كانت في مواجهة قمة جدة الأخيرة بقيادة بايدن، لكن العوائق والخلافات بين أطراف القمة الثلاثية مازالت كثيرة وكبيرة وأولها وأهمها عدم موافقة الروس والإيرانيين على العملية العسكرية التركية المزمعة في الشمال السوري نحو تل رفعت ومنبج وهو ما جعل المواقف لا تتلاقى كليا في كثير من المسائل الأخرى المطروحة عدا المسائل الاقتصادية والتبادل التجاري الذي يصبو للوصول إلى عتبة 30 مليار دولار بين إيران وتركيا وهو مالم يصل إليه قبل ذلك قط.
من جهته، يعتقد رياض شيخ درار الرئيس المشترك بالإدارة الذاتية في حديث مع المرصد السوري ، أنّ القمة الثلاثية حدّدت مصير العملية العسكرية التي كانت مرتقبة في شمال سورية، في إشارة إلى عدم إعطاء الضوء الأخضر لتركيا وحذّرت من نتائج هذه العملية على أنقرة نفسها وعلى المنطقة بشكل عام، موضحا أن الحسابات التركية ستكون مؤجّلة تحت حجّة أن الجيش السوري إذا حضر إلى هذه المناطق وعادت قوات سوريا الديمقراطية إلى مسافة 30 كلم حسب الاتفاقات تكون قد حقّقت مبتغاها ، لافتا إلى أن أنقرة هدّدت المنطقة ومايهمّها هو تنفيذ اتفاقات أستانا التي تقوم على تسليم كافة المناطق لقوات النظام، فضلا عن مساعي تركيا لتحقيق التقارب مع النظام بشكل متدرج وبدفع من روسيا وإيران ، وهي في حرج من موقف الولايات المتحدة الأمريكية ووجودها ضمن قوات حلف شمال الأطلسي ‘الناتو’.
وفي إجابته على سؤالنا بشأن تصريح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حين قال” ناقشنا التسوية السورية وكيفية إعادة الهدوء والاستقرار إلى مع التأكيد أن المهمّة مشتركة ويجب تكثيف العمل المشترك”، قال محدثنا: “حقيقة الرئيس التركي كان القلق واضحا عليه من خلال تصريحاته وذلك يؤشر إلى عدم وجود موقف ثابت بل موقف مداهن وينتظر ردود الأفعال وحجم المكاسب التي سيحققها.. لاحظت القلق على الوفد التركي أيضا عبر كثرة الحركة بشكل ملفت للنظر بلا معنى، هذا يدلّ على أن الوفد كان غير منطقي مع نفسه وغير مقتنع ، أما إردوغان فقد خرج من اللقاء بانتقاد الولايات المتحدة التي دعاها إلى الخروج من الأراضي السورية وهو تطوّر في وجهة نظر أنقرة لاعتباره أنه لم يعلن سابقا عن ذلك برغم أن اتفاقات أستانا جميعها تنص على إخراج واشنطن من سورية..
أما بالنسبة لإيران وروسيا فتهدفان إلى إذلاله علما أن الوجود الأمريكي أيضا ضروري لأي حلّ سياسي، والمسألة لا تتلعق بإردوغان لأنه زائل في أية انتخابات بل تتعلّق بالعلاقة مع تركيا وهي علاقة استراتيجية تسعى روسيا وإيران لسحب تركيا من هذه العلاقة عبر مقايضات على الأرض في سورية.
ويعتبر شيخ رياض درار، أنّ الإدارة الذاتية نشأت للوقوف في وجه من يروجون للانفصال والتقسيم، لافتا إلى أن هذه التهم الموجّهة للإدارة جاءت للتحريض والتدخل في شؤون المنطقة، مستطردا أن الإدارة لشمال وشرق سورية نشأت في منطقة غابت فيها الدولة وأصبحت تحت سيطرة “داعش” الإرهابي وحرّرت من قبل أبناء المنطقة، وترجم ذلك في إقامة نموذج صالح للعمل في مستقبل سورية بعد التسويات والحل السياسي، وهو نموذج لسورية مصغّرة يهدف إلى إعادة البلد إلى وجه مشرق يمكن أن يعوض أبناءها عن كل المآسي التي عاشوها عقودا من الزمن، مشيرا إلى أن نموذج الإدارة حقّق المشاركة العملية والسياسية لكل أبناء المنطقة ومختلف مكوناتها وبالتالي لن يكون هناك إقصاء ولا استثناء لأي طرف بينما في نموذج الدولة السابق كانت هناك مكونات مقصية ومهملة ومهمشة.. إذن كل التهم التي توجه لهذه المنطقة زائفة ، موضحا أنّ الورقة التي يقدمها الروسي دائما بأن أمريكا تسعى إلى وجود جسم انفصالي هي ورقة سياسية نابعة من الخلافات بين موسكو وواشنطن وتستخدمها تركيا كجزء من الصراع القائم بينها وبين حزب العمال الكردستاني لأن النظام التركي يوجه رسائله إلى هذه المنطقة على أنها تتبع سياسيات ذلك الحزب وفي الحقيقة كلها أوهام أو أعمال وأقوال هدفها تبرير التدخل في المنطقة.
المصدر: المرصد السوري لحقوق الانسان
التعليقات مغلقة.