د. زكريا ملاحفجي *
خاص (الحرية اولًا)
للتعبئة العامة تبحث روسيا الاتحادية عن ذريعة ومن الأفضل أن تكون أخلاقية وقانونية على حد سواء. ونظراً إلى أن الشعب الروسي سئم الحرب يعود نظام بوتين إلى أسلوبه المفضل وهو الإرهاب واتهام آخرين بعواقبه. وهذه المرة لم تكن استثناء عندما اتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا بشن ضربات صاروخية ليلة 3 تموز/ يوليو 2022 على حي سكني في مدينة بيلغورود الروسية.
بلا شك أن روسيا هي المسؤولة عن قصف بيلغورود، وفق إعلان وزارة الخارجية الأوكرانية. ودليل على ذلك شظايا منظومة “بانتسير س1” الروسية للدفاع الجوي التي علقت في المباني المعرضة للقصف، إذ لم تمتلك وما زالت لا تمتلك أوكرانيا مثل هذه الأسلحة.
وتجدر الإشارة إلى أن أثناء قصف بيلغورود والمدن الروسية الأخرى بالقرب من الحدود مع أوكرانيا لا تدوي صفارات الإنذار أبداً في حالة تهديد غارات جوية.
على سبيل المثال، تطلق أوكرانيا صفارات الإنذار بمجرد تسجيل إطلاق صواريخ من الأراضي الروسية أو إقلاع طائرات من المطارات الروسية. يبدو أن عدم دوي صفارات الإنذار في كل مقاطعة روسية تُسمع الانفجارات فيها يعني سيطرة روسيا على التهديد ببساطة. بعبارات أخرى لا داعي لإطلاق صفارات الإنذار في حال كان صاروخاً روسياً.
ولذا، إما السلطات الروسية لا تهتم ببساطة بحياة شعبها أو أنها تريد سقوط ضحايا في صفوف السكان المدنيين، كما حدث في أواخر التسعينيات قبل بدء الحرب الشيشانية الثانية. وبالطبع، لا يحب الجانب الروسي أن يتذكر أن روسيا الاتحادية هي التي قتلت أطفالها في بيسلان في جمهورية أوسيتيا الشمالية وقتلت الناس في مسرح دوبروفكا بموسكو وقتلت مواطنيها في تفجيرات بموسكو وفولغودونسك ولم تتمكن من فعل ذلك في ريازان وشنت ضربات صاروخية على السوق والمستشفى في العاصمة الشيشانية غروزني، وقتلت المدنيين في مذبحة ساماشكي وقرية نوفي ألدي.
على كل حال ستستغل روسيا هذه الفرصة ليس فقط لشيطنة أوكرانيا مرة أخرى بل أيضاً للتستر على جرائم الحرب التي ارتكبتها، لا سيما في كريمنيشوغ ومقاطعة أوديسا في أوكرانيا. ويبدو أنه قد تتكرر مثل هذه الانفجارات في مدن روسية إذا ناسبت هذه الفكرة القيادة الروسية.
من خلال تنفيذ الضربات على بيلغورود يحل الكرملين العديد من المشاكل في آن واحد مثلاً: يلهي الانتباه العام عن الانفجارات المنهجية ذات الطبيعة العسكرية وغير العسكرية في وحدات الدعم المادي التقني للقوات الروسية، ويرهب السكان محولاً انتباههم عن إخفاقات “العملية الخاصة” والأزمة المتزايدة، ويقدم ذرائع لوقف توريد الأسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا من الشركاء الغربيين، ويفسح المجال لموجة جديدة من القصف الإجرامي لخاركيف وغيرها من المدن الأوكرانية.
د. زكريا ملاحفجي
* كاتب وباحث سوري
التعليقات مغلقة.