ابتهال أحمد عبدالغني *
نشرت مؤسسة Heritage مقالا للكاتب نايل جاردنر وفق الرابط: (https://www.heritage.org/progressivism/commentary/president-biden-has-humiliated-america) يشير فيه إلى ما ينتظر بايدن فى النصف الثانى من ولايته من عجز وعدم قدرة على تمرير سياساته وقراراته، ففى ظل فشله فى الداخل والخارج تشير الاستطلاعات إلى تراجع شعبيته وبالتالى من المحتمل أن يفقد بايدن الأغلبية فى الكونجرس مع الانتخابات القادمة فى نوفمبر… نعرض منه ما يلى.
لم تكن أبدا علامة جيدة أن يلقى رئيس أمريكى بتمثال ونستون تشرشل خارج المكتب البيضاوى فى اليوم الأول من رئاسته. ولكن هذا ما فعله بالضبط جو بايدن قبل عام، على غرار ما فعله سلفه الديمقراطى باراك أوباما.
كان من الواضح أنه نذير شؤم. رُحب ببايدن باعتباره الرجل الذى «سيعيد مكانة أمريكا فى العالم»، إلا أنه أصبح مشرفا على الانحدار الكبير لأعظم قوة فى العالم. بعد عام من توليه المنصب، يتوالى فشله فى الداخل والخارج، وقد ينتهى الأمر بأن يصبح «بطة عرجاء» فى منتصف فترة رئاسته – بمعنى أن يفقد الأغلبية فى الكونجرس ومن ثم الدعم السياسى المطلوب لتمرير سياساته ومشاريعه فى الفترة المتبقية من رئاسته.
إذا سيطر الجمهوريون على مجلسى النواب والشيوخ فى انتخابات التجديد النصفى التى ستتم هذا العام، فسيكون بايدن عمليًا عاجزًا عن مواصلة تنفيذ أجندته الداخلية وسيركز فقط على إدارة السياسة الخارجية لأمريكا، والتي يمكن وصفها بالكارثية، ففى أعقاب كارثة الانسحاب من أفغانستان، انحدرت مكانة أمريكا إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية حرب فيتنام. وبمقارنة أيام بايدن بأيام الرئيس كارتر، تبدو أيام الأخير معتدلة عن المهزلة التي نشهدها الآن.
فى الأشهر القليلة الماضية، تحدثت إلى عشرات البرلمانيين والمسئولين والدبلوماسيين فى جميع أنحاء أوروبا الذين فقدوا ببساطة الثقة فى القيادة الأمريكية. أخبرنى عضو فى البرلمان البريطانى رفيع المستوى أن سياسة بايدن الخارجية كانت «مروعة» و«عديمة الفائدة».
وهذا يأتى من أقرب صديق وحليف لأمريكا، المملكة المتحدة؛ بعدما قام بايدن بتقويض علاقات الولايات المتحدة الخاصة مع بريطانيا من خلال تبنى موقف مناهض علنى للبريكست وإلقاء محاضرة متعجرفة على بريطانيا بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية.
أما بالنسبة لأعداء أمريكا، فإنهم يرون فى بايدن لمسة ناعمة، يعد وقته فى المنصب فرصة لتحدى قوة أمريكا وتقويض القوة الاستراتيجية للبلاد. ليس من قبيل المصادفة أنه مع وجود بايدن فى البيت الأبيض، تحتشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا، وتهدد الصين علنًا بغزو تايوان، وتتسارع إيران فى بناء برنامجها النووى.
فى عهد دونالد ترامب، كان خصوم الولايات المتحدة أكثر حرصًا على عدم الدخول فى معركة كبيرة مع رئيس لا يمكن توقع رد فعله ومستعد لاستخدام القدرات العسكرية الأمريكية ــ كما فعل مع الضربة الجوية بدون طيار التى قتلت الجنرال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس الإيرانى، فى مطار بغداد.
ضعف بايدن فى السياسة الخارجية يقابله أيضا أجندة محلية غير مدروسة جيدا تصب فى مصلحة اليسار المتطرف فى الحزب الديمقراطى الذى ينتمى إليه الرئيس. تسبب التوسع الهائل فى الإنفاق الحكومى والزيادة الهائلة فى الديون الفيدرالية فى أكبر ارتفاع لنسبة التضخم منذ أربعين عاما. واجه الأمريكيون زيادة إجمالية بنسبة 7 فى المائة فى الأسعار فى العام الماضى، حيث أدت مشكلات سلسلة التوريد إلى أول نقص كبير فى المتاجر الكبرى فى الولايات المتحدة منذ عدة عقود.
مع هذه الاضطرابات الاقتصادية، تشهد المدن الكبرى فى جميع أنحاء البلاد معدلات جريمة متصاعدة، وهى نتيجة مباشرة لمبادرات «وقف تمويل الشرطة» التى يقودها الديمقراطيون، وأصبح النهب أمرًا شائعًا فى سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس لدرجة أنه لم يعد مهما ذكره على وسائل الإعلام.
أصبحت أمريكا فى عهد بايدن نموذجًا للاضطراب الاقتصادى، واضمحلال المناطق الحضرية، وتفشى الفوضى، وانتشار السياسات اليسارية المتطرفة التى تمزق نسيج الولايات المتحدة.
كانت السنة الأولى لجو بايدن فى المنصب كارثية، وأرقام الاستطلاعات حوله آخذة فى الانخفاض، وينقلب الشعب الأمريكى بشكل متزايد ضد الرئاسة الأكثر يسارية فى تاريخ الولايات المتحدة. كما شوهد فى الانتخابات الدرامية الأخيرة لحاكم فرجينيا، فإن ثورة محافظة قادمة إلى الولايات المتحدة على مستوى الولاية والكونجرس، حيث من المحتمل أن تؤدى انتخابات منتصف الولاية فى نوفمبر إلى إحداث تغيير جذرى فى ميزان القوى فى مبنى الكابيتول هيل.
سوف تتعافى الولايات المتحدة فى النهاية، ويجب عليها أن تفعل ذلك من أجل الشعب الأمريكى والعالم الحر. لكن يجب أن نتوقع ثلاث سنوات أخرى من التراجع والتقهقر المستمر مع استمرار رئاسة بايدن فى دفع البلاد نحو دوامة الانحدار والإذلال.
* كاتبة صحفية ومترجمة مصرية
المصدر: الشروق
التعليقات مغلقة.