الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

الحروب السيبرانية.. تقاطعات التكنولوجيا والأمن القومي والأسواق والحكومات وحتى الأمن الشخصي

منى فرح *

عندما دُقَّ ناقوس الخطر بشأن التهديدات السيبرانية (أو الإلكترونية)، استخدم صانعو السياسات والمحللون عادة مفردات الصراع والكارثة. الكاتبة جاكاين شنايدر (معهد هوفر- جامعة ستانفورد) تركز في مقالة نشرتها في “فورين أفيرز” على تقاطعات التكنولوجيا والأمن القومي والأسواق والحكومات وحتى الأمن الشخصي.

1- “11 أيلول السيبراني”.. تقويض ثقة الناس بالجيوش والأسواق:

جيمس آدامز، المؤسس المشارك لشركة الأمن السيبراني iDefense، كان قد حذَّر في وقت مبكر من العام 2001، من أن الفضاء الإلكتروني هو “ساحة معركة دولية جديدة”، حيث يمكن الفوز بالحملات العسكرية المستقبلية أو خسارتها. في السنوات اللاحقة، حذَّر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية من “بيرل هاربور سيبراني”، على حد تعبير وزير الدفاع آنذاك ليون بانيتا، ومن “11 أيلول/ سبتمبر سيبراني”، على حد تعبير وزيرة الأمن الداخلي آنذاك جانيت نابوليتانو. وفي عام 2015، قال جيمس كلابر، مدير المخابرات الوطنية آنذاك، إن الولايات المتحدة يجب أن تستعد لـ “كارثة سيبرانية”، وأقّر في الوقت نفسه بأن ذلك ليس السيناريو الوحيد. ورداً على هذه المخاوف، جادل مسؤولون بأن ينبغي فهم أن الفضاء الإلكتروني يمكن أن يكون “ساحة” للنزاع، وعلى الولايات المتحدة معرفة “التضاريس الرئيسية” فيها والدفاع عنها.

تقوّض الثقة.. أكبر الخسائر:

كشفت السنوات العشرون؛ التي انقضت منذ التحذير الذي أطلقه آدامز؛ أن التهديدات الإلكترونية والهجمات الإلكترونية لها أهمية كبيرة – ولكن ليس بالطريقة التي اقترحتها معظم التوقعات. لقد حصل تجسس، وسُرقت كميات كبيرة من البيانات الحسَّاسة، حتى أن عمليات انتخابية في أكثر من بلد تعرضت لخروقات بعدما تمت سرقة معلومات عن طريقة التجسس الإلكتروني. هناك شركات تكبدت خسائر بمئات مليارات الدولارات بسبب هجمات إلكترونية. ولكن في حين أن التهديد السيبراني حقيقي ومتزايد، فإن التوقعات بأن الهجمات الإلكترونية ستخلق آثاراً مادية واسعة النطاق تشبه تلك الناجمة عن التفجيرات، أو أنها ستدفع الدول إلى صراع عنيف، أو حتى ما حدث في مجال الفضاء الإلكتروني سيحدد من ربح أو خسر في ساحة المعركة لم يتم إثباته. ففي محاولاتهم تشبيه التهديد السيبراني بعالم الحرب المادية، فات صُناع السياسة أن الخطر الأكثر فداحة وغدراً الذي تشكله العمليات الإلكترونية هو أنها تتسبب في تقويض ثقة الناس في الأسواق، والحكومات، وحتى القوة الوطنية.

التشخيص الصحيح لأي تهديد يمكن أن يشكله أي هجوم سيبراني أمرٌ ضروري، على الأقل لناحية معرفة كيف يمكن للدول أن تستثمر في الأمن السيبراني بشكل صحيح وسليم. التركيز على أحداث فردية، يُحتمل أن تكون كارثية، والتفكير في الآثار المادية المُحتملة أكثر من أي شيء آخر، يعطي الأولوية دون مبرر للقدرات التي ستحمي من “الهجمات الكبيرة”: الاستجابات واسعة النطاق للهجمات الإلكترونية الكارثية، والإجراءات الهجومية التي ينتج عنها عنفٌ جسديٌ، أو فرض عقوبات فقط على أنواع الهجمات التي تتجاوز العتبة الاستراتيجية. هذه القدرات والاستجابات؛ في الغالب؛ غير فعَّالة ولا تضمن حماية الثقة التي تدعم الاقتصادات الحديثة والمجتمعات والحكومات والجيوش.

إذا كانت الثقة على المحك – وقد تآكلت بالفعل – فإن الخطوات التي يجب على الدول اتخاذها للصمود والعمل في هذا العالم الجديد مختلفة. الحل المناسب لـ”بيرل هاربور سيبراني” محتمل هو بذل الجهود من أجل ضمان عدم حدوثه من الأساس. والسبيل الوحيد للحفاظ على الثقة في العالم الرقمي اليوم؛ برغم حتمية الهجمات الإلكترونية؛ هو بناء المرونة على الصمود، وبالتالي تعزيز الثقة في أنظمة التجارة والحوكمة والقوة العسكرية والتعاون الدولي. يمكن للدول أن تطور هذه المرونة من خلال استعادة الروابط بين البشر وداخل الشبكات، وكذلك من خلال التوزيع الاستراتيجي للنظم التناظرية عند الحاجة، والاستثمار في العمليات التي تسمح بالتدخل اليدوي والبشري. مفتاح النجاح في الفضاء الإلكتروني؛ على المدى الطويل؛ ليس في هزيمة جميع الهجمات الإلكترونية ولكن في تعلم كيفية البقاء على قيد الحياة على الرغم من الاضطراب والدمار الذي قد تسببه.

لم تشهد الولايات المتحدة حتى الآن “هجمات 11 أيلول/ سبتمبر إلكترونية”، ومن غير المحتمل في المستقبل حدوث هجوم إلكتروني يتسبب في آثار مادية كارثية فورية. لكن ثقة الأميركيين بحكومتهم ومؤسساتهم، وحتى مواطنيهم آخذة في التدهور وبسرعة. وهذا يُضعف أُسُس المجتمع ذاتها. الهجمات الإلكترونية تفترس نقاط الضعف هذه، وتزرع عدم الثقة في المعلومات، وتخلق الارتباك والقلق، وتزيد من الكراهية وتساهم في انتشار المعلومات المُضللة. فبينما التتبع الرقمي للأشخاص ينمو، والروابط بين التقنيات التكنولوجية والأشخاص والمؤسسات تصبح أكثر اتساعاً وهشاشة، فإن التهديد الإلكتروني للثقة سيصبح واقعاً لا محال. هذا هو المستقبل البائس الزاحف الذي يجب على صانعي السياسة القلق بشأنه، وعمل المستحيل من أجل تفادي حدوثه.

الروابط الملزمة:

الثقة، التي تُعرّف على أنها “الإيمان الراسخ بمصداقية أو حقيقة أو قدرة أو قوة شخص ما أو شيء ما”، تلعب دوراً مركزياً في الاقتصادات (خصوصاً الحديثة) والمجتمعات والنظام الدولي. الثقة هي من يسمح للأفراد والمنظمات والدول بتفويض المهام أو المسؤوليات، وبالتالي توفير الوقت والموارد لإنجاز وظائف أخرى، أو التعاون والعمل الجماعي بدلاً من العمل الفردي. الثقة هي المادة اللاصقة التي تسمح للعلاقات المُعقدة بالاستمرار، وبالتالي تتيح للأسواق بأن تصبح “معقدة” أكثر (أي أكثر دقة من مناطق السوق البسيطة لأنها تستجيب للحواجز المادية والثقافية)، كما تسمح للحوكمة بالتوسع لتشمل عدداً أكبر من السكان أو مجموعة من القضايا. كذلك تستطيع الدول أن تُتاجر وتتعاون وتتواجد ضمن علاقات تحالف أكثر تعقيداً. وكما يقول عالم السياسة مارك وارين “إن اتساع الثقة يُسهل تنسيق الإجراءات على نطاقات كبيرة من المكان والزمان، والتي بدورها تسمح بفوائد للمجتمعات الأكثر تعقيداً وتمايزاً وتنوعاً”.

وقد أدت هذه الملحقات من الثقة دوراً أساسياً في التقدم البشري عبر كافة الأبعاد. تعمل المجتمعات البدائية والمعزولة والاستبدادية مع ما يسميه علماء الاجتماع “الثقة الخاصة”- وهي ثقة الآخرين المعروفين داخل المجتمع الضيق فقط. بينما تتطلب الدول الحديثة والمترابطة ما يسمى بـ”الثقة المُعممة”، والتي تمتد إلى ما وراء الدوائر المعروفة وتسمح للجهات الفاعلة بتفويض علاقات الثقة إلى الأفراد والمنظمات والعمليات التي لا يعرفها الموثق بشكل وثيق. “الثقة الخاصة” تؤدي إلى عدم الثقة بالآخرين، والحذر من العمليات أو المؤسسات غير المألوفة، وحصر الولاء داخل مجموعات صغيرة فقط. أما “الثقة المُعممة” فتتيح تفاعلات السوق المعقدة، والمشاركة المجتمعية، وتعزيز التجارة والتعاون بين الدول.

السوق الحديثة، على سبيل المثال، لا يمكن أن توجد بدون الثقة التي تسمح بتفويض المسؤولية إلى كيان آخر. يثق الناس في أن العُملات لها قيمة، وأن البنوك يمكنها تأمين الأصول وحمايتها، وأن سندات الدين على شكل شيكات أو بطاقات ائتمان أو قروض سيتم الوفاء بها. عندما يثق الأفراد والكيانات بالنظام المالي، تزداد الأجور والأرباح والعمالة. الثقة في القوانين المتعلقة بحقوق الملكية تسهل التجارة والازدهار الاقتصادي. والاقتصاد الرقمي يجعل هذه الثقة المعممة أكثر أهمية. لم يعد الناس يودعون الذهب في خزنة بنكية. بدلاً من ذلك، تتكون الاقتصادات الحديثة من مجموعات معقدة من المعاملات الرقمية التي يجب على المستخدمين أن يثقوا فيها ليس فقط في أن البنوك تقوم بتأمين أصولهم وحمايتها، ولكن أيضاً في أن الوسيط الرقمي- سلسلة من الآحاد والأصفار المرتبطة ببعضها البعض في رمز- يُترجم إلى قيمة فعلية يمكن استخدامها لشراء السلع والخدمات.

الثقة هي أحد المكونات الأساسية لرأس المال الاجتماعي – المعايير المشتركة والشبكات المترابطة التي، كما جادل العالم السياسي روبرت بوتنام، تؤدي إلى مجتمعات أكثر سلاماً وازدهاراً. تسمح الثقة المُعممة في قلب رأس المال الاجتماعي للناخبين بتفويض المسؤولية إلى الوكلاء والمؤسسات لتمثيل مصالحهم. يجب أن يثق الناخبون في أن الممثل المالي سوف يعزز مصالحهم، وأنه سيتم تسجيل الأصوات وفرزها بشكل صحيح، وأن المؤسسات التي تكتب وتدعم القوانين ستعمل بشكل عادل.

أخيراً، تقع الثقة في صميم كيفية توليد الدول للقوة الوطنية، وفي النهاية، كيفية تفاعلها داخل النظام الدولي. يسمح لرؤساء الدول المدنيين بتفويض قيادة القوات المسلحة للقادة العسكريين ويمكّن هؤلاء القادة العسكريين من تنفيذ سيطرة لامركزية على العمليات والتكتيكات العسكرية ذات المستوى الأدنى. من غير المرجح أن تكسب الدول التي تتميز بانعدام الثقة بين المدنيين والعسكريين حروباً، ويرجع ذلك جزئياً إلى كيفية تأثير الثقة على استعداد النظام لمنح السيطرة لمستويات أدنى من الوحدات العسكرية في الحرب. على سبيل المثال، تشير عالمة العلوم السياسية “كيتلين تالمادج” إلى أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومن أجل منع وقوع انقلاب في صفوف جيشه، عمد إلى إتباع مبدأ “التدوير” المتكرر للمهام التي كان يوكل بها ضباطه، وفرض عليهم قيود السفر وحرمهم من فرص التدريب في الخارج، وشدد على عنصر الولاء للنظام.. إلا أن هذا كله كان سبباً رئيسياً ومباشراً لإعاقة الجيش العراقي برغم أنه كان جيشاً مجهزاً بشكل جيد. الثقة تساعد الجيوش أيضاً في تجربة تقنيات جديدة والتدرب عليها، مما يزيد من احتمالية ابتكار وتطوير القوة العسكرية.

كما أن الثقة تُملي استقرار النظام الدولي. والدول تعتمد على ذلك في بناء اتفاقيات التجارة والحدّ من انتشار الأسلحة. والأهم من ذلك، تعتمد عليها للشعور بالثقة في أن الدول الأخرى لن تشن هجوماً أو غزواً مفاجئاً. إنها تمكن التعاون الدولي وتحبط سباقات التسلح من خلال تهيئة الظروف لتبادل المعلومات. فعندما تختار الدول الصراع فهي تفعل ذلك عندما تكون غير قادرة على مشاركة المعلومات المطلوبة للتعاون. وكما يقول  المثل الروسي “الثقة مهمة، لكن إثباتها أكثر أهمية”. والثقة هي التي وجهت مفاوضات واتفاقيات الحد من التسلح منذ الحرب الباردة.

باختصار، لقد أصبح العالم اليوم أكثر اعتماداً على الثقة من أي وقت مضى. هذا، إلى حد كبير، بسبب الطريقة التي انتشرت بها المعلومات والتقنيات الرقمية عبر الاقتصادات الحديثة والمجتمعات والحكومات والجيوش. طبيعتها الافتراضية تضخم الدور الذي تلعبه الثقة في الأنشطة اليومية. يحدث هذا بطرق عدة:

أولاً، يتطلب ظهور الأتمتة والتقنيات المستقلة – سواء في أنظمة المرور أو الأسواق المالية أو الرعاية الصحية أو الأسلحة العسكرية – تفويضاً للثقة حيث يثق المستخدم في أن الآلة يمكنها إنجاز المهمة بأمان وبشكل مناسب.

ثانياً، تتطلب المعلومات الرقمية أن يثق المستخدم في أن البيانات مُخزنة في المكان المناسب، وأن قيمها هي ما يعتقده المستخدم، وأن البيانات لن يتم التلاعب بها.

بالإضافة إلى ذلك، تنشئ منصات الوسائط الاجتماعية الرقمية ديناميكيات ثقة جديدة حول الهوية والخصوصية والصلاحية. كيف تثق في منشئي المعلومات أو أن تفاعلاتك الاجتماعية مع شخص حقيقي؟ كيف تثق في أن المعلومات التي تقدمها للآخرين ستبقى سرية؟ هذه علاقات معقدة نسبياً مع الثقة، وكلها نتيجة لاعتماد المستخدمين على التقنيات والمعلومات الرقمية في العالم الحديث.

تفشي الشكوك:

كل الثقة اللازمة لإجراء هذه التفاعلات والتبادلات عبر الإنترنت تخلق هدفاً هائلاً. بأكثر الطرق إثارة، تولد العمليات السيبرانية عدم ثقة في كيفية عمل النظام. على سبيل المثال، يُمكن للاستغلال، وهو هجوم إلكتروني يستفيد من ثغرة أمنية في نظام الكمبيوتر، اختراق جهاز تنظيم ضربات القلب والتحكم فيه، مما يتسبب في عدم ثقة المريض الذي يستخدم الجهاز. أو يمكن أن يسمح الباب الخلفي للرقاقة الإلكترونية للأشخاص السيئين بالوصول إلى الأسلحة الذكية، مما يؤدي إلى عدم الثقة بشأن من يتحكم في تلك الأسلحة. يمكن أن تؤدي العمليات السيبرانية إلى عدم الثقة في سلامة البيانات أو الخوارزميات التي تجعل البيانات منطقية. هل سجلات الناخبين دقيقة؟ هل نظام الإنذار الاستراتيجي المدعوم بذكاء اصطناعي يستطيع إطلاق صاروخ حقيقي، أم أنه إشارة ضوئية في رمز الكمبيوتر؟ بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي العمل في عالم رقمي إلى عدم الثقة في ملكية المعلومات أو التحكم فيها: هل صورك خاصة؟ هل المُلكية الفكرية لشركتك آمنة؟ هل أسرار الحكومة النووية بمأمن عن متناول الخصوم؟

أخيراً، تخلق العمليات الإلكترونية حالة من انعدام الثقة من خلال التلاعب بالشبكات الاجتماعية والعلاقات وتدهور رأس المال الاجتماعي. الشخصيات التي نقابلها عبر التقنية الافتراضية، والروبوتات، وحملات التضليل تؤدي إلى تعقيد ما إذا كان بإمكان الأفراد الوثوق بالمعلومات وببعضهم البعض. كل هذه التهديدات الإلكترونية لها آثار يمكن أن تقوض الأسس التي بنيت عليها الأسواق والمجتمعات والحكومات والنظام الدولي.

2- الحروب السيبرانية ضد الجيوش والمجتمعات.. تُدمّر وأكثر؟

إن الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا الرقمية مُعرض بشكل خاص لتدهور الثقة. نظراً لأن الأسواق الحديثة أصبحت أكثر ارتباطاً عبر الإنترنت، فقد نمت التهديدات الإلكترونية وانتشرت في كل مكان. وتتراوح التقديرات السنوية للتكلفة الاقتصادية الإجمالية للهجمات الإلكترونية من مئات المليارات إلى تريليونات الدولارات. لكن ليست التكلفة المالية لهذه الهجمات وحدها هي التي تهدد الاقتصاد الحديث. فالهجمات المستمرة تخلق حالة من إنعدام الثقة في سلامة النظام ككل.

لم يكن هذا واضحاً في أي مكان أكثر من استجابة الجمهور لهجوم برامج الفدية على شركة النفط الأميركية “كولونيال بايبلاين”. في أيار/ مايو 2021، قامت عصابة إجرامية، تُعرف باسم “الجانب المعتم” DarkSide بإغلاق خط الأنابيب، الذي يوفر حوالي 45 في المائة من الوقود للساحل الشرقي للولايات المتحدة، وطالبت بفدية دفعتها الشركة في النهاية. على الرغم من التأثير المحدود لهذا الهجوم على قدرة الشركة على توفير النفط لعملائها، أصيب الناس بالذعر وتوافدوا على محطات الوقود بخزانات النفط والأكياس البلاستيكية لتخزين الغاز، ما أدى إلى نقص في المضخة. هذا النوع من عدم الثقة، والفوضى التي يسببها، لا يهددان أسس الاقتصاد الرقمي فحسب، بل وأيضاً أسس الاقتصاد بأكمله.

وبالمثل، فإن عدم القدرة على حماية المُلكية الفكرية من السرقة الإلكترونية هو أمر منطقي. لقد أصبحت ممارسة سرقة الملكية الفكرية، أو الأسرار التجارية، عن طريق اختراق شبكة شركة وأخذ بيانات حساسة مشروعاً إجرامياً مربحاً؛ مشروعاً تستخدمه دول مثل الصين وكوريا الشمالية للحاق بالولايات المتحدة وغيرها من البلدان التي لديها تكنولوجيا مبتكرة ومتطورة. فقد اشتهرت كوريا الشمالية، على سبيل المثال، باختراق شبكة شركة الأدوية Pfizer في محاولة لسرقة تكنولوجيا لقاح COVID-19 الخاصة بها. واستطاعت الصين، من خلال تسللها إلى شبكة أبحاث القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية، تقليد التقدم التكنولوجي في تطوير الطائرات والصواريخ. كلما أصبحت مثل هذه الهجمات أكثر اتساعاً وتعقيداً، قلّت ثقة الشركات في أن استثماراتها في البحث والتطوير ستؤدي إلى الربح؛ وهذا سيؤدي في النهاية إلى تدمير الاقتصادات القائمة على المعرفة. وقد يكون التهديد الذي يشكله انعدام ثقة الأشخاص بالخدمات المصرفية عبر الإنترنت لا يضاهيه تهديد للثقة في أي قطاع أو مجال آخر. فإذا فقد المستخدمون ثقتهم في أن بياناتهم الرقمية وأموالهم محمية بحق، فقد ينهار النظام المالي الحديث بأكمله. وعلى العكس من ذلك، فإن التحول نحو العُملات المشفرة، التي لا يتم دعم معظمها بضمانات حكومية، سيجعل الثقة في قيمة المعلومات الرقمية أكثر أهمية.

المجتمعات والحكومات هي أيضاً عرضة لفقدان الثقة فيها. أصبحت المدارس والمحاكم والمجالس البلدية أهدافا لبرامج الفدية؛ حيث يتم قطع اتصال الأنظمة أو جعلها غير مجدية حتى تدفع الضحية. وبينما يمكن أن يؤدي التأثير المباشر لهذه الهجمات إلى تدهور مؤقت في بعض الوظائف الحكومية والاجتماعية، فإن الخطر الأكبر يتمثل في انعدام الثقة في سلامة البيانات المخزنة من قبل الحكومات؛ سواء سجلات الزواج أو شهادات الميلاد أو السجلات الجنائية أو تقسيم الممتلكات وغير ذلك؛ يمكن أن يقوض الثقة في الوظائف الأساسية للمجتمع. وقد ثبُت أن اعتماد الديموقراطية على المعلومات ورأس المال الاجتماعي من أجل بناء الثقة في المؤسسات مُعرض بشكل ملحوظ لعمليات المعلومات التي تعتمد على الإنترنت. الحملات التي ترعاها الدولة والتي تثير تساؤلات حول نزاهة بيانات الحوكمة (مثل فرز الأصوات) أو التي تقسم المجتمعات إلى مجموعات صغيرة من الثقة الخاصة تؤدي إلى ظهور نوع من القوى التي تثير الاضطرابات المدنية وتهدد الديموقراطية.

يمكن للعمليات السيبرانية أيضاً أن تُعرّض القوة العسكرية للخطر، من خلال زعزعة الثقة في الأسلحة الحديثة. مع صعود القدرات الرقمية، بدأت الدول تعتمد على الأسلحة الذكية وأجهزة الاستشعار المتصلة بالشبكة والمنصات المستقلة لجيوشها. ونظراً لأن هذه الجيوش أصبحت أكثر اعتماداً على التقنيات الرقمية، فقد أصبحت أيضاً أكثر عرضة للعمليات السيبرانية التي تُهدد موثوقية ووظائف أنظمة الأسلحة الذكية لديها. ونظراً لأن الجيوش صار بإمكانها أن تتحرك بعيداً عن ساحة المعركة، بفضل تقنية إدارة العمليات من بُعد، فإن هذه الثقة تصبح أكثر أهمية. هل يمكن للجيوش أن تضمن بأن الهجمات الإلكترونية على الأنظمة المستقلة لن تجعلها غير فعَّالة، أو الأسوأ من ذلك، أنها ستؤدي إلى قتل الأشقاء أو المدنيين؟ علاوة على ذلك، بالنسبة للجيوش شديدة الارتباط بالشبكات الإلكترونية (مثل تلك الموجودة في الولايات المتحدة)، أدت الدروس المُستفادة من عصر المعلومات المُبكر إلى مذاهب وحملات وأسلحة تعتمد على التوزيعات المعقدة للمعلومات. في ظل غياب الثقة في المعلومات أو الوسائل التي يتم من خلالها نشرها، ستصبح الجيوش في وضع حرج؛ في انتظار أوامر جديدة، وعدم التأكد من كيفية المضي قُدماً.

وتهدد هذه العوامل مجتمعة أنظمة الثقة الهشة التي يُفترض أن تعزز السلام والاستقرار العالميين. انعدام الثقة يعني فرص أقل لتطوير التجارة، وصعوبة أكبر في الحد من التسلح، وشكوك في النوايا أكثر بين الدول. إن إدخال التقنيات الإلكترونية إلى عمليات التجسس والسرقة أدى إلى تفاقم تأثيرات انعدام الثقة. من الصعب مراقبة القدرات السيبرانية الهجومية، كما أن الافتقار إلى المعايير المتعلقة بالاستخدامات المناسبة للعمليات الإلكترونية يجعل من الصعب على الدول الوثوق في أن الآخرين سيستخدمون ضبط النفس. هل يستكشف المتسللون الروس شبكات القوة الأميركية لشن هجوم إلكتروني وشيك، أم أنهم يبحثون فقط عن نقاط الضعف، مع عدم وجود خطط مستقبلية لاستخدامها؟ هل العمليات الإلكترونية الأميركية “تدافع” حقاً لمنع الهجمات على الشبكات الأميركية أو تتخذها ستاراً لتبرير الهجمات الإلكترونية الهجومية على أنظمة القيادة والسيطرة الصينية أو الروسية؟ وفي الوقت نفسه، فإن استخدام المرتزقة والوسطاء وعمليات المنطقة الرمادية في الفضاء الإلكتروني يجعل فهم النوايا في غاية الصعوبة، مما يهدد الثقة والتعاون في النظام الدولي(…).

العيش مع الفشل:

حتى الآن، ركزت الحلول الأميركية على الجزء المتعلق بالفضاء السيبراني من السؤال: ردع التهديدات السيبرانية والدفاع ضدها ودحرها أثناء مهاجمتها للأهداف. لكن هذه الاستراتيجيات، التي تركز على الإنترنت، قد واجهت صعوبات؛ بل وفشلت: فالهجمات الإلكترونية في إزدياد مستمر، وفعَّالية الردع مشكوك فيها، والهجمات المضادة غير قادرة على وقف موجة الهجمات الصغيرة التي تُهدد الأُسس الرقمية الحديثة في العالم. إن المآثر الهائلة، مثل الاختراقات الأخيرة التي طالت برامج إدارة الشبكة الخاصة بـ SolarWinds وبرنامج البريد الإلكتروني الخاص بـ Microsoft Exchange Server.

يجب ألَّا يكون الهدف هو وقف جميع عمليات التطفل السيبراني؛ بل بناء أنظمة قادرة على مقاومة الهجمات الواردة (…). التأكيد على أهمية “التحصين” يجرنا إلى استراتيجية إلكترونية بديلة يكون التركيز فيها على النظام نفسه؛ سواء كان ذلك سلاحاً ذكياً أو شبكة كهربائية أو عقل ناخب أميركي. كيف يمكن للمرء أن يبني أنظمة يمكنها الاستمرار في العمل في عالم من الثقة المتدهورة؟ هنا، تقدم نظرية الشبكة – دراسة كيفية نجاح الشبكات وفشلها واستمرارها – بعض الإرشادات. فقد وجدت الدراسات التي أُجريت حول قوة الشبكة أن أقوى الشبكات هي تلك التي تتمتع بكثافة عالية من العِقَد الصغيرة والمسارات المتعددة بين العقد. يمكن للشبكات عالية المرونة أن تصمد أمام إزالة العقد والروابط المتعددة دون أن تتحلل، في حين أن الشبكات المركزية الأقل مرونة، ذات المسارات القليلة والعقد المتفرقة، لديها عتبة حرجة أقل بكثير للتدهور والفشل. إذا كانت الاقتصادات والمجتمعات والحكومات والنظام الدولي ستنجو من التآكل الخطير للثقة، فستحتاج إلى المزيد من الروابط، وإلى اعتماد أقل على العقد المركزية، وطرق جديدة لإعادة تكوين مكونات الشبكة حتى أثناء تعرضها للهجوم. ستؤدي هذه الصفات معاً إلى ثقة عامة في سلامة الأنظمة. إذن، كيف يُمكن للدول أن تبني مثل هذه الشبكات؟

أولاً، على المستوى التقني، يجب أن تعطي الشبكات وهياكل البيانات التي تدعم الاقتصاد والبنية التحتية الحيوية والقوة العسكرية الأولوية للمرونة. وهذا يتطلب شبكات لا مركزية كثيفة، وهياكل سحابية مختلطة، وتطبيقات زائدة عن الحاجة، وعمليات نسخ احتياطي. هذا ينطوي على التخطيط والتدريب لفشل الشبكة حتى يتمكن الأفراد من التكيف والاستمرار في تقديم الخدمات حتى في خضم حملة إلكترونية هجومية. وهذا يعني الاعتماد على النسخ الاحتياطية المادية لأهم البيانات (مثل الأصوات) والخيارات اليدوية لأنظمة التشغيل عند عدم توفر الإمكانات الرقمية. بالنسبة لبعض الأنظمة شديدة الحساسية (على سبيل المثال، القيادة والسيطرة النووية)، فقد تنتج تلك الخيارات التناظرية مرونة ملحوظة، حتى عندما تكون أقل كفاءة.

ثانياً؛ يحتاج المستخدمون إلى الوثوق في أن القدرات والشبكات الرقمية قد تم تصميمها لتتحلل بأمان، بدلاً من الفشل الذريع. إن ما يجب أن يقود تصميم القدرات والشبكات الرقمية هو التمييز بين الثقة الثنائية (أي الثقة في أن النظام سيعمل بشكل مثالي أو عدم الوثوق بالنظام على الإطلاق) وبين سلسلة متصلة من الثقة (الثقة في النظام ليعمل بنسبة معينة بين صفر و100 بالمائة). لن تؤدي اختيارات التصميم هذه إلى زيادة ثقة المستخدمين فحسب، بل وأيضاً ستقلّل من الحوافز التي تدفع الجهات الفاعلة الإجرامية والجهات الحكومية لشن هجمات إلكترونية.

ثالثاً؛ إن جعل البنية التحتية الحيوية والقوة العسكرية أكثر مرونة في مواجهة الهجمات الإلكترونية سيكون له آثار إيجابية على الاستقرار الدولي. تكون البنية التحتية والسكان الأكثر مرونة أقل عرضة للتأثيرات المنهجية طويلة الأمد للهجمات الإلكترونية لأنها يمكن أن تتعافى بسرعة. هذه المرونة، بدورها، تقلّل من الحوافز التي تدفع الدول إلى توجيه ضربات استباقية لخصم عبر الإنترنت، لأنها ستشكك في فعالية هجماتها الإلكترونية وقدرتها على إكراه السكان المستهدفين. في مواجهة هجوم صعب ومكلف وغير فعَّال، من غير المُرجح أن يجني المعتدون فوائد مواجهة الهجوم السيبراني في المقام الأول. علاوة على ذلك، فإن الدول التي تركز على بناء المرونة والمثابرة في قواتها العسكرية المحصنة رقمياً أقل عرضة لمضاعفة الضربة الأولى أو العمليات الهجومية، مثل الضربات الصاروخية بعيدة المدى. تشير المعضلة الأمنية إلى أنه عندما تركز الدول على الدفاع أكثر من التركيز على الهجوم، فمن غير المرجح أن تتورط في صراعات ناجمة عن عدم الثقة وعدم اليقين.

الموارد البشرية:

ومع ذلك، فإن الحل التقني ليس سوى جزءاً من الحل. إن أهم علاقات يهددها الفضاء الإلكتروني هي الشبكات البشرية في المجتمع – أي الروابط التي تربط الناس كأفراد وجيران ومواطنين حتى يتمكنوا من العمل معاً. والحلول من أجل جعل هذه الشبكات البشرية أكثر ديمومة هي في الوقت نفسه أكثر تعقيداً وصعوبة من أي حلول تقنية. تستهدف عمليات المعلومات الممكّنة عبر الإنترنت الروابط التي تبني الثقة بين الناس والمجتمعات. إنهم يقوّضون هذه الروابط الأوسع نطاقاً من خلال خلق حوافز لتشكيل شبكات من الثقة الخاصة – على سبيل المثال: منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنظم مجموعات من الأفراد ذوي التفكير المماثل، أو حملات التضليل التي تروّج لانقسامات داخل المجموعة وخارجها. فقد تم تصميم الخوارزميات وصوت النقرات فقط من أجل الترويج للغضب وتحفيز الانقسامات وتقليل ثقة من هم خارج المجموعة.

يمكن للحكومات محاولة تنظيم هذه القوى على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن تلك الجيوب الإفتراضية تعكس الانقسامات الفعلية داخل المجتمع. وهناك حلقة من التعليقات: عدم الثقة الذي يتراكم عبر الإنترنت يتسرب إلى العالم الحقيقي، مما يُصنف الأشخاص من مجموعات “نحن” و”هم”. وتتطلب مكافحة هذا الأمر الاهتمام بقطاع التربية والتعليم والمشاركة المدني. بعد عامين من انتشار جائحة كورونا، وتقسيم الأميركيين إلى جيوب ومقاطعات افتراضية، حان الوقت لإعادة تنشيط المجتمعات المادية، وأحياء المناطق التعليمية والبلدات وإعادة بناء روابط الاتصال المباشر بين الناس والتي تم قطعها بحجة إنقاذ الأرواح أثناء انتشار الفيروس. الحقيقة هي أن هذه الانقسامات كانت تتفاقم في المجتمعات الأميركية حتى قبل جائحة كورونا وقبل الإنترنت. وبالتالي، فإن طريقة إعادة البناء لن تأتي من وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات أو الأدوات الرقمية. بدلاً من ذلك، سيتطلب الأمر شجاعة قادة محليين يمكنهم إعادة بناء الثقة من الألف إلى الياء، وإيجاد طرق للجمع بين المجتمعات التي انفصلت عن بعضها. سوف يستغرق الأمر المزيد من الانقطاع المتكرر عن الإنترنت، ومن المجموعات الاصطناعية للثقة الخاصة التي تشكلت هناك، من أجل إعادة الاتصال الشخصي.

العمل معاً:

هناك مقولة مفادها أن العمليات الإلكترونية تؤدي إلى الموت بألف جرح، ولكن ربما يكون أفضل تشبيه هو النمل الأبيض، المخفي في تجاويف المؤسسات، الذي يقضي تدريجياً على الهياكل المصممة لدعم حياة الناس. وقد أدى التركيز الاستراتيجي السابق على العمليات الإلكترونية الواسعة النطاق إلى قدرات إلكترونية أكبر وأفضل، لكن ذلك لم يعالج الهشاشة داخل المؤسسات والشبكات نفسها.

هل ستتسبب الهجمات الإلكترونية بآثار مادية وجسدية خطيرة، كما كان يُخشى على مدار العقدين الماضيين؟ هل استراتيجية التركيز على الثقة والمرونة ستجعل الدول أكثر عرضة للهجمات السيبرانية؟ من المستحيل بالطبع القول أنه لن ينتج عن أي هجوم إلكتروني تأثيرات مادية واسعة النطاق مماثلة لتلك التي نتجت عن هجوم “بيرل هاربور”. لكن هذا غير مرجح؛ لأن طبيعة الفضاء السيبراني، وطابعه الافتراضي العابر والمتغير باستمرار، يجعل من الصعب إحداث تأثيرات فيزيائية دائمة. الاستراتيجيات التي تركز على الثقة والمرونة من خلال الاستثمار في الشبكات والعلاقات تجعل هذه الأنواع من الهجمات أكثر صعوبة. لذلك، فإن التركيز على بناء شبكات يمكنها الصمود أمام الهجمات المتواصلة الصغيرة له نتيجة ثانوية مصادفة: مرونة إضافية ضد الهجمات لمرة واحدة واسعة النطاق. ولكن هذا ليس بالأمر السهل، وهناك مقايضة كبيرة في كل من الكفاءة والتكلفة للاستراتيجيات التي تركز على المرونة والتكرار والمثابرة على الملاءمة أو ردع التهديدات السيبرانية والتغلب عليها. والتكلفة الأولية لهذه التدابير لتعزيز الثقة تقع بشكل غير متناسب على الديموقراطيات، التي يجب أن تزرع الثقة العامة، على عكس الثقة الخاصة التي تعتمد عليها الأنظمة الاستبدادية في السلطة. قد يبدو هذا وكأنه حبة دواء يصعب ابتلاعها، خاصة وأن الصين والولايات المتحدة يبدو أنهما تتسابقان نحو علاقة تنافسية بشكل متزايد.

على الرغم من الصعوبات والتكلفة، يجب على الديموقراطيات والاقتصادات الحديثة (مثل الولايات المتحدة) إعطاء الأولوية لبناء الثقة في الأنظمة التي تجعل المجتمعات تعمل – سواء كانت الشبكة الكهربائية أو البنوك أو المدارس أو آلات التصويت أو وسائل الإعلام. وهذا يعني إنشاء خطط احتياطية وخزائن من الفشل، واتخاذ قرارات استراتيجية حول ما يجب أن يكون على الإنترنت أو رقميا وما يجب أن يظل تناظرياً أو مادياً، وبناء شبكات – عبر الإنترنت وفي المجتمع – يمكنها البقاء حتى عند مهاجمة عقدة واحدة. إذا كان لا يزال بإمكان كلمة المرور المسروقة إخراج خط أنابيب نفط أو استمرار حساب وسائل التواصل الاجتماعي المزيف في التأثير على الآراء السياسية لآلاف الناخبين، فستظل الهجمات الإلكترونية مربحة للغاية بحيث يتعذر على الأنظمة الاستبدادية والجهات الإجرامية مقاومتها. إن الفشل في بناء المزيد من المرونة – الفنية والبشرية على حد سواء؛ سيعني أن دورة الهجمات الإلكترونية وانعدام الثقة الذي تسببه ستستمر في تهديد أسس المجتمع الديموقراطي.

 (-) النص الأصلي بالإنكليزية على موقع “الفورين أفيرز“ على الرابط:

https://www.foreignaffairs.com/articles/world/2021-12-14/world-without-trust

ـــــــــــــــــــــــــ

* كاتبة صحفية ومترجمة لبنانية

المصدر: 180 بوست

التعليقات مغلقة.