الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

خطاب زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ يرسم معادلة جديدة: نعم لإسرائيل، لا لنتنياهو

أحدثت مواقف زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي “تشاك شومير” صدمة سياسية كبيرة في إسرائيل كما في أوساط المجموعات اليهودية في الولايات المتحدة. الكاتب الإسرائيلي “ألون بنكاس” يُقدم في مقالة نشرتها “هآرتس” اليوم (الجمعة 15 آذار/ مارس 2024) وجهة نظر ترجمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية كما يلي أدناه:

  • حتى عندما كان عضواً في مجلس بلدية نيويورك، اعتاد السيناتور تشاك شومير لدى افتتاح كل محاضرة، أو ظهور سياسي أمام جمهور يهودي، القول إن اسمه شومير، أصله من الكلمة العبرية “شومير”، وأنه ملتزم بمعنى اسمه، وهدفه الأساسي هو الدفاع عن شعب ودولة إسرائيل.
  • أمس، قام شومير بما التزم القيام به أعواماً طويلة، وهو الذي يشغل منصب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ. ففي رأيه، وبحسب فهمه، هو دافع ويدافع عن إسرائيل. ليس في مواجهة أعدائها، إنما يحميها من نفسها، وليس أمام العالم، بل من رئيس حكومتها. ومن وجهة نظر إسرائيل، إذا خسرت تشارلز “تشاك”، فإنها تكون قد خسرت أميركا.
  • السؤال عمّا إذا كان شومير نسّق خطابه مع البيت الأبيض، أم اكتفى بإعلام مجلس الأمن القومي، ليس مهماً، ولو كان له أهمية على المستوى السياسي. عندما يقول زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، وهو يهودي من نيويورك، ويتموضع في وسط الوسط من الحزب الديمقراطي، وداعم دائم لإسرائيل- إن رئيس حكومة إسرائيل فقد البوصلة، ويوهم جمهوره، ويسوّق رؤية قديمة، وليست منطقية، ويدفع إسرائيل إلى عزلة، ويضعها في خطر، ويضيف أنه لذلك، على إسرائيل أن يكون لديها “توجه جديد”، وأن تتوجه إلى انتخابات لأنها بحاجة إلى “قيادة جديدة”- فهذا له وزن سياسي كبير جداً. وعلى الرغم من أن خطاب شومير لا يشكل سياسة رسمية لبايدن، فإن في أقواله وقوتها ووضوحها تغييراً كبيراً في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية.
  • السؤال هو ما الدافع إلى هذا التصريح الاستثنائي؟ والأهم أنه جرى من منبر مجلس الشيوخ، بعكس الملاحظات التي تخرج كتسريب من حدث معين، على الرغم من أهميتها. أقوال شومير هي حلقة أُخرى في منظومة العلاقات المتضعضعة. إدارة بايدن لا ترى في بنيامين نتنياهو حليفاً للولايات المتحدة. نعم لإسرائيل، لكن لا لنتنياهو.
  • هذا المسار التدريجي، لكن السريع، لحالة عدم الثقة بدأ منذ سنوات. وتعاظم خلال خطاب نتنياهو الاستفزازي وغير الضروري في سنة 2015، وتحديداً في الكونغرس، ضد الرئيس أوباما والاتفاق النووي مع إيران، وتصاعد مع محاولة الانقلاب الدستوري في سنة 2023، ووصل إلى نقطة ذروة (موقتة) فيما تراه الإدارة عدم اعتراف نتنياهو بالجميل لقاء المساعدة والدعم اللذين حصل عليهما منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وأيضاً المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة التي يدفع بها نتنياهو، ويخطط لها منذ تشرين الثاني/ نوفمبر.
  • وعلى الرغم من التصعيد الذي يطرحه الخطاب، فإنه لا يزال خطاباً صادراً عن سيناتور، على الرغم من أهميته، وليس تغييراً في السياسة العملية من طرف إدارة بايدن. إلا إن الخطاب عكس إلى حد بعيد جداً خيبة أمل بايدن بشأن 3 نقاط أساسية، اتضح أنها خاطئة فيما يتعلق بإسرائيل.
  • النقطة الأولى، نحن في الإدارة نعرف نتنياهو ونستطيع التعامل معه. هو يتحدث بلغتنا، نعرف ملفه النفسي- السياسي. ميله إلى التلاعب بالمشاعر والاحتيال واللغة المزدوجة، وأكاذيبه هي بضاعة معروفة لدينا. وبسبب الأزمة الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والتعلق الكبير جداً بالمساعدات الأميركية العسكرية والسياسية، سنعرف كيف نتعامل مع نتنياهو. هذا الافتراض تبين أنه غير صحيح- قدرة نتنياهو على التمويه وافتراضه أن المواجهة ستساعده سياسياً، تتغذى من ادعاء الأميركيين أنهم يعرفون نتنياهو.
  • ثانياً، دعم بايدن وحبه وقلقه على إسرائيل قوي جداً وواضح، وكان الافتراض أنه محصّن من الدخول في مواجهة مع إسرائيل، وأنها ستعترف له بالجميل، وتتجنب معارضة المصالح الأميركية. هذا أيضاً تبين أنه غير صحيح. لنتنياهو مصلحة في المواجهة، لكي يحول السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى قصة أُخرى، وهي أنهم “يفرضون علينا دولة فلسطينية”. دعم بايدن لا يهمه قط.
  • وثالثاً، على بايدن الامتناع من مواجهة مباشرة مع إسرائيل بسبب يهود أميركا. فمنذ بداية استطلاعات الرأي في سنة 1916، وصولاً إلى سنة 1952، عندما أصبحت الاستطلاعات تجري بحسب الأصول، فإن 70% من يهود الولايات المتحدة يصوتون للديمقراطيين، وإسرائيل ليست بين القضايا الخمس التي تشغلهم.

هذه الافتراضات الثلاثة الخاطئة فكّكها “تشاك شومير” في خطاب واحد. رسالته واضحة- إن فقدتموني، فهذه إشارة إلى أنكم فقدتم جو بايدن. إن فقدتم جو بايدن، فإن وضعكم سيئ جداً. السبب وراء هذا كله هو بنيامين نتنياهو، وعليكم القيام بحساباتكم الخاصة.

المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.