الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

مخزون الحوثيين من الأسلحة الإيرانية

ياسمين عبداللطيف زرد *

رغم الهجمات الأمريكية والبريطانية المضادف الحوثي باليمن من أجل وقف نشاطاتهم في البحر الأحمر، إلا أن هجمات الجماعة- الموالية لإيران- لم تتوقف ولم تخفت وتيرتها. في ضوء ذلك، نشرت مجلة فورين بوليسي مقالاً أوردَ أبرز ما جاء في تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية الأسبوع الماضي، يشرح ما تحويه جعبة الحوثيين من أسلحة مطورة تكنولوجيا من قبل إيران، مؤكداً أن استمرار حربهم ضد السعودية في اليمن منذ عام 2015 حتى 2021، وصمودهم تحت قصف الجوية السعودية طوال هذه السنوات، يعطينا إجابة عما يمكن أن يكون عليه المخزون الحوثي، مما يعني استبعاد احتمال إنهاء التوتر بالبحر الأحمر في الأجل القريب… نعرض من المقال ما يلي:

في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت جماعة الحوثي باليمن الهجوم على السفن التجارية في البحر الأحمر احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية ضد غزة، ورغم أن الضربات الأمريكية والبريطانية على أهداف عسكرية للحوثيين، والتي بدأت في 11 كانون الثاني/ يناير الماضي، أدت إلى إتلاف ترسانة الجماعة الموالية لإيران، لكنها لم توقف أو حتى تبطئ هجماتها حتى وقتنا هذا.

الآن، هناك سؤالان رئيسيان يدوران في واشنطن بشأن التعامل مع هذه الأزمة؛ الأول هو حجم الضرر الذي يمكن أن يحدثه الحوثيون، والثاني هو المدة التي يمكنهم فيها الاستمرار في الهجوم.

بالنسبة للسؤال الأول، فعلى الجانب الاقتصادي، وقع الكثير من الضرر. إذ أحدثت هجمات الحوثيين موجات صادمة في الاقتصاد العالمي، وقامت شركات الشحن البحري بإعادة توجيه السفن لتجنب البحر الأحمر، كما حذر مسؤول كبير بالأمم المتحدة الشهر الماضي من أن التجارة البحرية عبر قناة السويس المصرية، التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، انخفضت بنسبة 42% في الشهرين الماضيين، مما يضع ضغوطاً جديدة على سلاسل الإمدادات الغذائية في وقت تعتمد فيه إفريقيا وآسيا على المساعدات الأوروبية.

هناك أيضًا تخوف جديد من أن الحوثيين قد يلجأون إلى استهداف الكابلات البحرية في المنطقة التي تحمل تقريبًا جميع البيانات والاتصالات المالية بين أوروبا وآسيا!.

ثم هناك خطر اتساع الصراع، ولا تريد الولايات المتحدة ولا إيران أن تتحول هذه الصراعات المحدودة بالوكالة حتى الآن- إلى حرب شاملة. لكن هذا لا يزيل احتمالية التصعيد إذا أخطأت ضربات الحوثيين الأهداف. وحتى الآن، تمكنت السفن الحربية الأمريكية في المنطقة من إسقاط جميع صواريخ الحوثيين والطائرات بدون طيار التي اقتربت منها. ولا شك أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيواجه موجة كبيرة من الضغوط السياسية لشن رد مدمر إذا تسببت هجمات الحوثيين في وقوع خسائر في الأرواح الأمريكية أو ضرب السفن الحربية الأمريكية.

  • • •

أما السؤال الثانى، فإلى متى يمكن للحوثيين أن يستمروا في ذلك؟ خاصة بعد أن نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا حتى الآن ثلاث جولات من الضربات المشتركة في اليمن استهدفت الترسانة العسكرية للحوثيين- وبالفعل وافقت إدارة بايدن على عدة ضربات أخرى من جانب واحد. وفي الضربة الأخيرة، أعلن الجيش الأمريكي أنه أسقط صاروخين كروز متحركين مضادين للسفن تابعين للحوثيين جاهزيّن للإطلاق، وبعد حوالي ساعتين قام بضربة ثانية ضد صاروخ كروز على الأرض كان على منصة الإطلاق.

لكن جدير بالذكر أنه لم تكن هناك أي حكومة غربية صريحة بشأن تقديرات عدد الصواريخ والطائرات بدون طيار التي يملكها الحوثيون، ومن الصعب جدًا الحصول على هذه المعلومات الدقيقة إذا لم يكن هناك تصريح أمني. ومع ذلك، صدر تقرير استخباراتي يلقي بعض الضوء على هذا الأمر.

أصدرت الذراع الاستخباراتية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية تقريراً جديداً غير سرى الأسبوع الماضي يشرح بالتفصيل ما يوجد في ترسانة الحوثيين، ومعظمها من التكنولوجيا التي يمكن ربطها بإيران، يشمل ذلك المركبات الجوية بدون طيار (UAV) التي تعمل كمفجر انتحاري عن بعد، كما ذكر التقرير أن الحوثيين لديهم طائرات تعرف باسم «صماد» أحادية الاتجاه يبلغ مداها أكثر من 1100 ميل ويمكن أن تحمل ما يتراوح بين 45 إلى 110 أرطال.

يضيف التقرير: تتمتع الطائرات بدون طيار طويلة المدى التي منحتها إيران للحوثيين بالقدرة على ضرب أهداف تصل إلى مسافة 1500 ميل، مما قد يعرض جميع القوات الأمريكية المتمركزة الآن في المنطقة والتي يبلغ عددها 30 ألف جندي وجندية تقريباً للخطر.

ومنذ عام 2015، كما يشير التقرير، زودت إيران الحوثيين بترسانة من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، بما في ذلك صاروخ «عاصف» الباليستي المضاد للسفن الذي تم إطلاقه على أهداف في البحر الأحمر، وكذلك الصاروخ الباليستي «طوفان» الذي يشبه بشكل ملحوظ الصاروخ الباليستي الإيراني شهاب 3 متوسط المدى.

  • • •

صحيح لا يوجد الكثير من المعلومات المتاحة حول الحجم الدقيق لترسانة الحوثيين، لكن حربهم المستمرة منذ سنوات ضد السعودية في اليمن توفر لمحة جزئية على الأقل عن هذا السؤال. إذ بين عام 2015 ونهاية عام 2021، أطلق الحوثيون 851 طائرة بدون طيار و430 صاروخاً وقذائف باليستية ضد أهداف سعودية، وفقاً لبيانات القوات المسلحة السعودية.

هناك أيضاً شيئان يجب أخذهما في الاعتبار؛ الأول هو أنه على الرغم من أن إمدادات الحوثيين ليست بلا حدود، فقد أظهرت الجماعة بالفعل أنها قادرة على إحداث الكثير من الضرر بعدد محدود من الضربات، وحتى ترسانة مكونة من بضع عشرات من الصواريخ وبضع عشرات من الطائرات بدون طيار يمكنها مواصلة الضغط على التجارة في البحر الأحمر، وعلى الدوريات البحرية الأمريكية فيه ولأشهر قادمة.

والثاني هو أن الحوثيين منخرطون في حرب لمدة ثماني سنوات ضد السعودية في اليمن، وقد حافظوا على ترسانتهم تحت سنوات من الضربات الجوية السعودية. يقول أحد الخبراء: «يجب أن ننظر إلى السجل السعودي. فثماني سنوات من محاولة إضعاف قدرات الحوثيين ومنعهم من تجديد أسلحتهم من خلال الحظر الصارم، لم تنجح. وإذا تكررت نفس التجربة هذه المرة، سيكون من الصعب أن نتصور أن يتغير ذلك».

  • • •

باختصار، الضربات الحوثية من جانب، والضربات الأمريكية والبريطانية المضادة من جانب آخر، ليس لها أي نهاية تلوح في الأفق حتى الآن!!

…………..

النص الأصلي

ــــــــــــــــــ

* كاتبة ومترجمة مصرية

المصدر: الشروق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.