الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

كتاب «في الفكر السياسي»؛ (الجزء الأول).. الحلقة السادسة والعشرون

 (الحرية أولاً) ينشر حصرياً الكتاب المفقود «في الفكر السياسي» بجزئيه، للمفكرين “الأربعة الكبار”، وهذه الحلقة السادسة والعشرون من الجزء الأول(18). خاتمة؛ بقلم الأستاذ “الياس مرقص”

 

(18). خاتمة

    ليست الأمة مجرد إطار لطبقات متناحرة تجمعها رابطة اللغة والأرض والسوق الاقتصادية. إنما هي واقع حياتي أساسي للإنسان يعيشه كما يعيش واقعه الطبقي.

   ولدى تحدُثنا عن مقومات الأمة، يجب أن لا يغيب عن بالنا الطابع النسبي لهذه المقومات، والطابع الديالكتي للأمة بشكل عام. فما من علامة للأمة يمكن اعتبارها علامة مطلقة، أو شرطاً لا بد منه لوجودها.

   وإن علامة اللغة- على ما تتصف به من أهمية عظمى- لا تنطبق على أكثرية الأمم الآسيوية والأفريقية.

   أما الوحدة الاقتصادية، فيجب علينا بصددها:

   أولاً- أن نستبعد التجزئة الناجمة عن التسلط والاستعمار كعامل لا يكفي لإسقاط صفة الأمة عن شعب من الشعوب.

   ثانياً- أن نفهم أن الحياة الاقتصادية المشتركة لا تعني تمركز السوق القومية  فقط. بل تعني مجموع الحياة الاقتصادية. وما تتميز به من تقسيم للعمل ودرجة معينة لتطور الإنتاج- وهذا ما يقرّر إلى حد بعيد الملامح النفسية للأمة-.

   ولذلك، فإن لكل أمة مصالحها القومية النوعية التي لا يمكن إرجاعها إلى مصلحة الطبقة البرجوازية لهذه الأمة. وهذه المصلحة النوعية الخاصة تبرز في ظل الاشتراكية، بعد سقوط البرجوازية وزوال مصلحتها الطبقية.

   وبدلاً من أن تنفي هذه المصالح النوعية للأمم الاشتراكية، فإن الأممية البروليتارية الحقة تسعى إلى حل التناقض بينها حلاً أخوياً لصالح جميع الفرقاء، باعتبار أن هذا التناقض لا يحمل طابع التنافي. إنه تناقض قابل للحل سلمياً، كالتناقض بين العمال والفلاحين، أو بين فئة وأخرى على العمال. إنه، كما يقول الصينيون، تناقض بين الأصدقاء.

   وأن هذا التناقض بين الأمم الاشتراكية لن يزول إلا بعد أن تبلغ القوى المنتجة مستوى من التطور يمكنها من تلبية كل حاجات المجتمع الإنساني وتجاوز هذه الحاجات.

   لقد ألحقت آراء ستالين ضرراً فادحاً بحركة التحرر الوطني لشعوب الشرق. وهي لم تعكس التطور الواقعي لنضال هذه الشعوب ولم تعبّر عن حاجات هذا التطور.

   إن الستالينية جعلت من شعوب المستعمرات «احتياطياً» للثورة البروليتارية العالمية، في الوقت الذي كان فيه نضال هذه الشعوب ينمو بشكل غير محدود ويصبح القوة الأساسية الضارية للثورة الاشتراكية العالمية. إن ستالين «لم يقدّر المسألة القومية حق قدرها».

وفي البلاد العربية ، أصبحت الستالينية في يد توریز وبكداش، نظریاً عملياً، أداةً معادية للثورة القومية التحررية وللسير التقدمي للتاريخ العربي المعاصر.

   إن نظرية ستالين لا يمكن أن تُسهم في تحقيق المهمة التاريخية المطروحة على الفكر العربي الثوري: دمج (أو الجمع بين) الحقيقة العامة للماركسية- اللينينية والتطبيق الملموس لنضال الشعب العربي.

   هذه المهمة، سنحاول أن نُسهم في تحقيقها في دراستنا القادمة: «الماركسية والقومية العربية».

                                          * * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع.. الحلقة السابعة والعشرون بعنوان: الاشتراكية العربية وأسطورة الخصائص؛ بقلم الدكتور “جمال الأتاسي”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.