الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

فوزي القاوقجي والموقف من ” الثورة العربية الكبرى “

معقل زهور عدي

كتب فوزي القاوقجي في مذكراته حول الثورة العربية الكبرى: ” أما الثورة هذه التي طربنا لخبر نشوبها, فلم تكن أخبارها تشجعني على الانضمام لها, لعدة أسباب, فقد علمت مع الأسف أن الأسطول الانكليزي هو الذي أسقط ثغر جدة بقنابله, كما أن قلعة الطائف قد سقطت أيضا بمدافع انكليزية أرسلت إلى الأمير عبد الله, وأن جنودا انكليزية وفرنسية قد أنزلت في ثغور جدة ورابغ وينبع والوجه وغيرها من سواحل الحجاز وأن الأسطول الانكليزي هو الذي يحمي هذه السواحل, وأن الطائرات الانكليزية هي التي تستطلع مواقع الترك في المدينة وغيرها من مدن الحجاز, وأن ضباطا من الانكليز يقومون بمهمة المستشارين العسكريين, فيقدمون الأموال الطائلة, ويبدون آراءهم في الخطط وفي توجيه القتال حسبما تتطلبه مصلحة الجيش الانكليزي في فلسطين لاحسبما تتطلبه مصلحة العرب, … وهكذا كانت دفة الجيش العربي وقيادته بأيديهم, فكنا ( والقول لفوزي باعتباره مازال في الجيش العثماني ) وكأننا نجابه جيشا انكليزيا من المستعمرات ( يقصد أن الجيش العربي كان ملحقا بالجيش الانكليزي وكأنه ليس جيشا مستقلا بقيادة مستقلة بل مجموعة جنود كأنهم الجنود الهنود الذين الذين تجندهم بريطانيا في جيشها ) .

 …..وصرت أحلل انتصار الانكليز على الترك وهل يكون في مستطاع الجيش العربي في هذه الحالة الحيلولة دون مطامع الانكليز في العراق و فلسطين, أو مطامع الفرنسيين في سورية, وهل تغضب بريطانيا حليفتها الكبرى فرنسا من أجل هذه الشرذمة العربية, وهل يحسن بنا في مثل هذه الظروف أن نستسلم لوعود وعهود اضطرت بريطانيا لقطعها للشريف حسين تحت ظروف خاصة وهي المعروفة بمكرها وخداعها , وعدم مراعاتها أي عهد لا يلائم مصلحتها؟

هذه المخاوف والاعتبارات جعلتني أرجح البقاء في صفوف الأتراك وأعتقد أنه الأهون شراً . وبالرغم من كرهي العظيم للأتراك فقد كنت أبغض وأمقت الحركة الشريفية الإنكليزية وظللت على ذلك حتى سقوط دمشق .

هكذا حلل هذا الضابط الشاب بعقله السليم وفطرته وروحه الوطنية الوضع وقت ثورة الشريف حسين واتخذ الموقف الصائب؛ فكيف عجزت النخب السياسية العربية وقتها عن ذلك التحليل المنطقي البسيط وانساقت للمكان الذي رسمته لها السياسة البريطانية بكل غباء؟

المصدر: صفحة الكاتب على وسائل التواصل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.