محمد عمر كرداس
في هذه العجالة لن أعلق على الائتلاف وانتخاباته، فقد “نفضنا” يدنا منه منذ تشكيله في قطر- كمعارضة سلمية تريد تغيير النظام بكافة رموزه ومرتكزاته- ومن هذه التوليفة لمعرفتنا أن الإخوان المسلمين هم العنصر الأساسي بتشكيله وإدارته بإجماع كبير من الدول الداعمة له في حينها كقطر وتركيا وحتى أمريكا والسعودية والقائمة تطول.
ومعروف أن الإخوان المسلمين ما دخلوا مؤسسة أو مجموعة إلاً وخربوها وخصوصاً في الثورة السورية، وأيضاً من تونس إلى ليبيا إلى مصر.. إنهم أداة تخريب تعمل لصالح أعداء الثورة بالنتيجة ولمصالح خاصة وضيقة، ومنذ عام 2005 عندما أعلنوا انضمامهم لإعلان دمشق الذي قاده رياض الترك ثم انتقلوا للتحالف مع عبد الحليم خدام الذي خدم النظام لمدة 35 عام وأعلنوا أنهم انضموا لجبهة الإنقاذ ومن ثم تخليهم بعد فترة قصيرة عن خدام ليعلنوا إيقاف معارضتهم للنظام السوري وهم يسّتجدون أن يقبل بهم النظام ويعفوا عنهم والنظام يمانع.
الآن يبدو أن روسيا وإيران وتركيا ومن ورائهم من تحت الطاولة أمريكا طبعاً مع توابعها سيُجربون أسلوباً آخر.. ولسان حالهم يقول: فلماذا لا نأتي بشخص إمعة يقبل بشروطنا للحل؟، شخصٌ اختبرناه في اللجنة الدستورية وكان متوافق مع وكلاء الحل على أن يكون هذا الحل متوافقاً مع ما يريده النظام وبنفس الوقت تنفيذاً للقرار الأممي 2254 على طريقتهم.. هذا ما يخططون له.
ولكن السؤال الآن.. لماذا يقوم صحفيون ومحللون سياسيون محسوبون على المعارضة للترويج لهكذا حل؟ لاحظتُ ذلك أمس في برنامج «ما تبقى» الذي يقدمه الصحفي الدكتور المتميز معاذ محارب على تلفزيون سورية تعليقاً على ما يجري في الائتلاف، خلال مداخلة للصحفي سامر العاني المتميز أيضاً في تحليلاته، لفت نظري قوله أن البحرة رئيس الائتلاف الجديد الذي نجح بالتوافق (وهي طريقة لا تمت للديمقراطية بصلة، وممكن أن نقول أنها طريقة نظام الإجرام بانتخاباته…) هو من الناس غير المتشنجين؟؟، فهل أصبح الوقوف عند ثوابت الشعب السوري تشنجاً!! ويتابع بأن البحرة سيكون متعاونا في “جزئية” هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحية ويمكن أن التعاون سيكون بإعطاء النظام 51% من المقاعد في الهيئة.. وهذا تكرار لجبهة النظام التقدمية التي يقودها حزب البعث التي إلى الآن لم يسمح لها بإصدار جريدة حتى موالية للنظام..
فهل هذا هو مفهوم هذه المعارضة المدجنة والمروجين لها والمرتهنة للدول الإقليمية والعالمية للقرار الأممي؟؟
إنني ومن خلال متابعتي لتلفزيون سورية ولبرنامج «ما تبقى» وأيضاً للصحافي والمحلل سامر العاني أحس بأن السيد ‘سامر’ جانبهُ الصواب هذه المرة، فهيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات هي لُب القرار الدولي والفقرة الأولى والرئيسية في هذا القرار الأممي وليست جزئية أو تفصيل، والذي سمح المجتمع الدولي لروسيا وإيران بالتلاعب به وبمضمونه واختصرته إلى لجنة دستورية لم تتمكن على مدى سنوات من إنجاز أيٍ من مهامها، وطبعاً هي وُجدت حتى لا تنجز أي مهمة من المهام الموكولة لها بتشكيلتها المعروفة، وما زاد الطين بلة أنها ستنتقل من جنيف مركز الأمم المتحدة الثاني إلى عُمان الموالية لإيران والنظام وأمريكا!، وإذا كانت هيئة الحكم الانتقالي على هذا المنوال فالجبهة “التقدمية” في دمشق تُغني عن تنفيذ القرار الدولي…
يبدو أن الدول الإقليمية والدولية وما يتبعها ويلتحق بها من معارضة فاقدة للشرعية أخذت ولايتها من الخارج وليس من الشعب السوري ستكون مطواعة أكثر فأكثر في قادم الأيام، ولكن يبقى الإخراج الدرامي لهذه المسرحية التي تتطلب مُخرجاً قادراً على التلاعب بمقدرات الشعب وهذا سيكون موجوداً عندما توضع بيده الإمكانات الضرورية للإخراج..
في عام 2011، عندما اطمئن رأس النظام أن الناتو لن يتدخل في سورية كما فعل عسكرياً في العراق واليمن لتغيير أنظمتها ولتأهيلها للفوضى وسياسياً عندما فرض تنحي بن علي ومبارك، فعل ما فعلة بالشعب من قتل وتدمير ونهب وسلب وإخفاء قسري لمئات الآلاف.. وهذا ما قاله حينها أمام قيادته القطرية وأركان نظامه الأمني فأطلق يدهم، وإلى الآن، لاستباحة كل شيء بتفويض من القوى العالمية الفاعلة.
المعارضة الحقيقية التي لا تنحني أمام المغريات أو الضغوط عليها أن تقف اليوم وأكثر من أي يوم مضى أمام ثوابت شعبنا ومطالبهُ في تحقيق الحرية والعدالة والكرامة لتقوم دولتنا الوطنية الديمقراطية، وطنٌ لجميع أبناء الشعب السوري على كامل الأرض السورية.
فتحية للقابضين على جمر الحرية، والويل لمن يُفرط في حقوقنا.. فسيحاسبه الشعب حساباً عسيراً ولو طال الزمن.