الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

ترامب وبايدن.. مرشحان لا يتمتعان بشعبية كبيرة

محمد المنشاوي *

يوم الثلاثاء الماضي، أعلن الرئيس جو بايدن أنه سيترشح لإعادة انتخابه، ويبدو أنه ترشح دون معارضة كبيرة في حزبه الديمقراطي، وهذا أمر مفهوم من منطلق ما يمكن أن يكون إعادة للانتخابات الرئاسية لعام 2020، وفي هذه الحالة سيكون من الحكمة أن يصطف أعضاء الحزب الديمقراطي خلف بايدن، إذ وافقوا على هذه الطرح خوفاً من سيناريو رئاسة ثانية لدونالد ترامب. وقبل شهرين، كان قد أعلن ترامب خوضه سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

تشير كل استطلاعات الرأي إلى غضب أغلبية الشعب الأمريكي من اضطراره الاختيار بين مرشحين انتهت صلاحيتهما السياسية ليس فقط بسبب ارتفاع معدل أعمارهما الآن، بل لغياب التجديد والبدائل. يبلغ بايدن 80 عاماً وسيخوض المنافسة الانتخابية وهو فى عمر 82 وسيُنهى فترة حكمه وهو صاحب 86 ربيعا، ويقل ترامب عن بايدن بأربع سنوات فقط، وهذا يجعلهما الأكبر في التاريخ الأمريكي وصولاً لهذا المنصب. جدير بالذكر أن أكبر رئيس سابق في الحكم كان رونالد ريجان الذي أنهى فترة حكمه الثانية عندما كان عمره 77 عاماً.

كما أن هناك مشكلة كبيرة أخرى، وهي أن بايدن لا يتمتع بشعبية كبيرة. فوفقاً لاستطلاع جديد أجرته شبكة إن بي سي نيوز، يقول 70٪ من الشعب الأمريكي إن بايدن لا ينبغي أن يترشح مرة أخرى، مع قول نصفهم تقريباً إن عمره عامل رئيسي، في حين يقول 60٪ الشيء نفسه عن ترامب.

ومع ذلك، في حين يفتقر بايدن إلى القاعدة المتحمسة التي يتمتع بها ترامب، فإنه يفتقر أيضا إلى الكراهية الساخنة التي يشعر بها الكثير من الأشخاص الليبراليين والمعتدلين تجاه ترامب.

  • • •

يريد الرئيس جو بايدن جولة إعادة لمباراة انتخابات 2020 ضد دونالد ترامب، ولا يريد بايدن الترشح والفوز بناء على سجله الخاص، وكشف حساب نجاحاته وإخفاقاته خلال فترة حكمه الممتدة لأربع سنوات. يريد بايدن الترشح والفوز منطلقاً من تأجيج الخوف بشأن ما قد يحدث إذا عاد الرئيس السابق ترامب إلى المكتب البيضاوي، وتعتمد حملة بايدن على سردية أنه «ينقذ أمريكا من فترة حكم ترامب الثانية».

على الرغم من أن كل الاستطلاعات تشير إلى رغبة الناخبات والناخبين الديمقراطيين في رؤية مرشح آخر غير الرئيس بايدن، لا يبدو أن الأخير سيواجه أي مقاومة أو منافسة لحملة ترشحه على بطاقة الحزب لانتخابات 2024. ويعد افتقار بايدن إلى معارضة كبيرة داخل حزبه أمراً محبطاً أيضاً، إذ يمثل غياب وجود منافس ديمقراطي جاد أمام بايدن على شاكلة السيناتور بيرني ساندرز أو السيناتورة إليزابيث وارين، عنصر إحباط لقواعد الحزب الشبابية، ويدفع من ينتمون للحزب الديمقراطي إلى الاصطفاف سريعاً وبقوة خلف بايدن.

ويجادل بايدن بأنه أنجز تشريع قانون إعادة بناء البنية التحتية الأمريكية بدعم الحزبين، وهو ما سيؤدى إلى ولادة طفرة صناعية جديدة في الغرب الأوسط، كما نجح في إبقاء البطالة عند أدنى مستوياتها، على الرغم من تسجيل أعلى معدلات تضخم منذ 40 عاماً.

  • • •

بعيداً عن ارتفاع شعبية ترامب السريعة والقوية بعد اتهاماته بارتكاب جرائم مالية في ولاية نيويورك، لا يُعرف بعد مصير ثلاثة تحقيقات شديدة الأهمية لترامب؛ تحقيق حول احتفاظه بوثائق سرية للغاية واختفائها في منتجعه بولاية فلوريدا، وهو ما دفع بضباط من مكتب التحقيقات الفيدرالي باقتحام المنزل واستعادة الوثائق. وتحقيق في ولاية جورجيا حول محاولة ترامب الضغط على المسؤولين المحليين لتغيير نتائج الانتخابات بالولاية في انتخابات 2020، وأخيراً، التحقيقات في دور ترامب المزعوم في هجمات 6 كانون الثاني/ يناير 2021 على مبنى الكابيتول كمحاولة لوقف التصديق على نتائج الانتخابات. ومع ذلك، لن تمنع إدانة ترامب أو حتى الحكم بسجنه حقه الدستوري في خوض الانتخابات الرئاسية القادمة!

يُعد الرئيس السابق دونالد ترامب المرشح الجمهوري الأكثر قرباً من الهزيمة في انتخابات 2024 مقارنة ببقية المرشحين الجمهوريين. لم يَعد ترامب يستفيد من مزايا عديدة خدمته في انتخابات 2016 التي فاز بها على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. ولم يعد ترامب المرشح من خارج النخبة السياسية الحاكمة، الذي لا يثقل كاهله عبء المواقف والسياسات السابقة.

ويتطلع ترامب ومستشاروه إلى نزال بايدن في انتخابات 2024، حيث يؤمن الأول أنه سيفوز إذا كانت الانتخابات نظيفة ونزيهة، وهذا يتركنا مع سيناريو كارثي آخر حال هزيمة ترامب.

قال بايدن عقب انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إنه «سيكون محظوظاً جداً إذا كان سيواجه نفس الرجل الذي ترشح ضده عام 2020 في انتخابات عام 2024».

خلال انتخابات 2016 التمهيدية داخل الحزب الجمهوري، تطلع الحزب الديمقراطي لفوز ترامب، إذ اعتبره غير كفء للغاية لإيذاء مصالحه أو لهزيمة هيلاري كلينتون.

ووسط تكرار مصطلحات مثل «الاستقطاب» و«التطرف» كواقع سياسي جديد، يبدو أن هناك حزباً واحداً إلى حد كبير يميل إلى التطرف، ألا وهو الحزب الجمهوري. فوفقاً لمركز بيو للأبحاث، تحرك أعضاء الحزب الجمهوري في الكونجرس إلى اليمين أكثر بكثير مما انتقل نظراؤهم الديمقراطيون إلى اليسار. وعلى الرغم من أن كلا الحزبين لديهما عدد أقل من المعتدلين المنتخبين مما كان عليه قبل بضعة عقود، فقد أصبح الحزب الجمهوري أكثر تشدداً وتحفظاً. إذ يعج الحزب الجمهوري بأشخاص لديهم آراء أكثر تطرفاً حتى من آراء العديد من الناخبات والناخبين المحافظين، سواء كانت القضية هي حماية البيئة، أو الإجهاض، أو امتلاك الأسلحة، أو الهجرة.

من جهة أخرى، لم تبدأ المعركة الحقيقية بعد داخل المعسكر الجمهوري، ولا نعرف بعد من سينافس ترامب بقوة داخله. في الوقت الحالي، تزداد التكهنات بأن حاكم فلوريدا “رون دي سانتيس”، الذي لم يعلن رسميا أنه سيترشح، سيخوض المواجهة. وسيمثل فوز “دي سانتيس” ببطاقة الحزب خبراً مزعجاً للمعسكر الديمقراطي خاصة وأن عُمر “دي سانتيس” يقترب من نصف عمر منافسه الرئيس جو بايدن.

* كاتب صحفي متخصص في الشؤون الأمريكية، يكتب من واشنطن

المصدر: الشروق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.