الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

“الكبتاغون” ورقة مساومة للأسد.. هل يتخلى عنها؟

باتت تجارة المخدرات وحبوب “الكبتاغون” بالنسبة للنظام السوري في الوقت الحالي ورقة مساومة و”بطاقة” يفاوض عليها دول الخليج، التي تحاول تطبيع العلاقات معه.

ورغم أن هذه الصورة كانت سائدة منذ سنوات، إلا أنها تكشفت على نحو أكبر خلال الأيام الماضية، وهو ما بدا من سلسلة البيانات الرسمية التي تضمنت عبارة “مكافحة تهريب المخدرات”، والتقارير الإعلامية التي نشرتها وسائل إعلام أجنبية.

وأصدرت البيانات خارجيات دول عربية على رأسها المملكة العربية السعودية، التي تعتبر السوق الأبرز لحبوب “الكبتاغون”، وأكثر المتضريين من هذه التجارة التي تدر المليارات على نظام الأسد.

وفي الوقت الحالي وبينما تواصل الدول العربية إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام السوري تطلق تساؤلات بشأن ملف الكبتاغون، وما إذا كان النظام السوري جاداً في تقديم أي تنازلات بخصوصه.

ولا تعتبر حبوب “الكبتاغون” ورقة مساومة فحسب، بل هي صنبور يدر القطع الأجنبي على النظام السوري بالمليارات.

“شرط للتفاوض”

مع بدء المحادثات بين نظام الأسد والسعودية كان إيقاف تهريب المخدرات على رأس قائمة المباحثات وهو ما أكدته وسائل الإعلام والبيانات الصادرة عقب الاجتماعات.

في 27 مارس/ آذار الماضي، قالت صحيفة “عكاظ” السعودية في تقرير لها إن “رئيس الأمن الوطني في سورية علي مملوك ومدير المخابرات العامة حسام لوقا، زارا الرياض، وأجريا محادثات مع مسؤولين سعوديين حول العودة التدريجية للعلاقات بين البلدين”.

وأضافت الصحيفة أن عودة العلاقات مشروطة بتعهد النظام بحزمة من الإصلاحات الداخلية والعلاقة مع المعارضة السورية، إضافة إلى “تعهد دمشق ألا تكون مصدرا لتصدير الكبتاغون إلى الأردن ودول الخليج”.

كما تطرق البيان المشترك الصادر عقب لقاء وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ووزير خارجية النظام، فيصل المقداد، خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض، إلى إيقاف تهريب المخدرات.

وأكد البيان على “أهمية تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها”.

 وفي البيان الصادر عقب اللقاء “التشاوري” الذي استضافته مدينة جدة، الجمعة الماضي، وحضره وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ومصر الأردن والعراق، أكد على “مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها”.

وتقول شبكة “CNN” الأمريكية في تقرير لها، الأسبوع الماضي، إنه “من المرجح أن يكون الكبتاغون على رأس جدول الأعمال في محاولات التطبيع”.

ونقلت الشبكة عن كبيرة المحللين في معهد “نيو لاينز” الأمريكي، كارولين روز، أن الكبتاغون أصبح “بطاقة” في محادثات التقارب بين النظام السوري ونظرائه العرب الذين يسعون للتطبيع معه.

وأضافت: “كان النظام يستفيد من قوته في تجارة الكبتاغون، مرسلاً إشارات إلى الدول التي تفكر في التطبيع بأنه يمكن أن يقلل من تجارة الكبتاغون كبادرة حسن نية”.

“شريان حياة”

على مدى السنوات الماضية، تم ضبط عشرات الشحنات من المواد المخدرة القادمة من سورية وخاصة حبوب “الكبتاغون”، في العديد من الدول خاصة المجاورة لسورية والخليجية.

كما صدرت العديد من التحقيقات التي تؤكد بأن نظام الأسد حقق من تجارة المخدرات أرباحاً بمليارات الدولارات.

 وحسب تقديرات الحكومة الخارجية البريطانية، فإن 80% من إنتاج الكبتاغون عالمياً يأتي من نظام الأسد، ويشرف ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار، شخصياً على التجارة.

 وصدرت تحقيقات ودراسات أخرى، حول تحول تجارة المخدرات إلى مصدر اقتصادي أساسي لتمويل نظام الأسد.

وحسب دراسة صادرة عن مركز “COAR” للتحليل والأبحاث (كوار)، في نهاية أبريل/ نيسان 2021، فإن “قيمة صادرات سورية السوقية من الكبتاغون فقط، أكثر من 3.46 مليار دولار أمريكي في 2020”.

 في حين أصدر “مركز الحوار السورية” ورقة بحثية عن تجارة المخدرات في سورية، في مارس/ آذار الماضي، قال فيها إن “حجم الاتجار بالمخدرات بحسب التقديرات وصلت إلى 16 مليار دولار سنوياً، وهذا ما يوازي ضعفي ميزانية حكومة نظام الأسد”.

وفي أبريل/ نيسان العام الماضي، أصدر معهد “نيو لاينز” الأمريكي تقريراً حول تجارة “الكبتاغون” في الشرق الأوسط، قال فيه إن حجم تجارة “الكبتاغون” بالتجزئة في الشرق الأوسط، خلال عام 2021 وحده، بلغ 5.7 مليار دولار.

هل يتخلى عنه؟

ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن مسؤولين مطلعين على اجتماع جدة، أن نقطة الخلاف في اجتماع جدة بين المشاركين هي “تجارة الكبتاغون لنظام الأسد”.

ونقلت عن أحد المسؤولين قوله إن “سورية أصبحت دولة مخدرات، ولا يمكن تعويض النظام عن الأموال التي يجنيها من المخدرات وهي أربعة أو خمسة مليارات دولار سنوياً”.

واستبعد خبراء لشبكة “CNN” الأمريكية تخلي الأسد عن تجارة الكبتاغون وإيقاف تصديرها بشكل كامل، في حال الاتفاق مع الدول المجاورة على إعادة العلاقات.

وتقول فاندا فيلباب براون، الزميلة بمعهد “بروكينغز” بواشنطن للشبكة، إنه “يُطلب من التاجر الرئيسي أن يوقف عمله، من المستبعد جداً أن يتخلى نظام الأسد عن مصدر دخله الحيوي”.

ويقول الخبراء للشبكة إن النظام “قد يقدم في أحسن الأحوال حلولاً تجميلية للمشكلة، واعداً بفرض قيود أكثر صرامة وإنفاذ قانون أكثر حزماً في الداخل على المنتجين والتجار، الذين ينفي النظام تورطه معهم”.

بدورها أكدت روز من معهد “نيو لاينز” على أن “النظام قد يحافظ على أعمال الكبتاغون الخاصة به كشكل من أشكال النفوذ طويل الأمد ضد جيرانه”.

كما أكد أن النظام سينكر تجارة الكبتاغون، كما سيلقي باللوم على قوى المعارضة والجهات الفاعلة غير الحكومية، في حين “يقوم بموجة من عمليات تجميلية في الداخل لإبعاد اللوم عن الحكومة”.

وحسب ما نقلت صحيفة “المدن” اللبنانية فإن “النظام السوري يجري تغييرات واسعة على مستوى مديرية الجمارك والمراكز الحدودية مع لبنان والأردن”.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من هذه التغييرات هو “إيهام” بعض الدول العربية بضبط الحدود ومكافحة تهريب المخدرات.

 

المصدر سوريا نت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.