الحرية أولاً , والديمقراطية غاية وطريق

سورية والتدخلات الأجنبية – حين تصبح الوطنية إنتقائية

معقل زهور عدي

في سورية أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية 24 قاعدة عسكرية تضم أكثر من ألفي جندي أمريكي تمتد من جنوب وشرق سورية قرب معبر التنف الحدودي إلى ريف دير الزور والحسكة والقامشلي وصولاً إلى حقول النفط في “الرميلان” مُشكلةً ما يشبه الطوق يحيط بآبار النفط والغاز وتشكل سور حماية للمناطق التي تسيطر عليها قسد, بحجة محاربة تنظيم داعش بعد الإعلان مراراً عن هزيمة ذلك التنظيم, وبسيطرتها على آبار النفط تقوم بضخ النفط السوري والتصرف فيه دون حسيب ولا رقيب, ولا بد أنها تمنح قسد حصة منه قد تذهب معظمها ثمناً للأسلحة التي تتدفق عليها باستمرار.

لا أحد يُسائل الولايات المتحدة ماذا تفعل في سورية وأين تذهب بالنفط والغاز السوريين في حين لا يجد السوريون من الوقود ما يكفيهم برد الشتاء لا في المدن ولا في القرى ولا في المخيمات .

بالنسبة لقسد فالوجود العسكري الأمريكي ليس مبرراً فقط بل هو مطلوب بشدة, هو ليس احتلالاً, وليس أجنبياً, هكذا هي وطنيتها السورية! .

وبالنسبة للنظام فالوجود العسكري الروسي ليس تدخلاً أجنبياً, ليس احتلالاً, بل هو مطلوب بشدة, وكل الأمل أن لا تضطر روسيا لسحب قواتها الجوية والبرية العاملة في سورية بسبب غرقها في الأوحال الأوكرانية .

ومثل ذلك يقال عن الميليشيات الإيرانية المنتشرة في كل الفضاء السوري, تاركةً وراءها المدن الإيرانية تغلي وتحترق بالاضطرابات, فالمُهم هو المحافظة على محاور “المقاومة” الممتدة إلى حلب على بعد أكثر من 600 كم عن حيفا وما بعد حيفا .

ينتقي كل طرف ما يحلو له من الوطنية, ويتعلق بمن يحلو له من الأجنبي ويستقدمه إلى الأرض التي يسيطر عليها ويقوم نحوه بأفضل واجبات الضيافة؛ خذوا النفط خذوا الغاز خذوا ماتريدون, سورية ترحب بكم .

مع هذا الحال هل ثمة من يصدق تلك الوطنية في حساسيتها الفائقة تجاه أحد التدخلات الأجنبية غير المستحبة؟

فجأة تحضر مفاهيم السيادة والاستقلال والكرامة والإِنتماء للوطن بل والدفاع عن الشعب، وكأن تلك المفاهيم أوراق لعب على الطاولة يتم استخدامها وسحبها بخفة حسب الطلب .

دعونا نتفق على إخراج وسحب كل الجيوش والميليشيات الأجنبية دون استثناء, حينذاك فقط سيكون للوطنية معنى, أما وطنيتكم الإنتقائية فهي غير قابلة للصرف, هي ليست سوى عملة مزيفة .

المصدر: صفحة الكاتب على وسائل التواصل

التعليقات مغلقة.